الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتعريض في اللغة: خلاف التصريح.
واصطلاحاً: إمالة الكلام إلى عرض يدل على المقصود، أي: توجيه الكلام إلى جانب يفهم منه المعني المراد.
نقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" إذ قصد منه مشخص معين، كان من قبيل التعريض، لأن معناه: حصر الإسلام في غير المؤذى، ويلزمه: نفى الإسلام عن كل مؤذ، وهو المعنى الكنائى، وبالتعريض تستطيع النيل من الخصم والتنديد به، بما لا يخرج عن حدود الأدب، ولا يجعل له عليك سبيلاً، وتلك ميزة عظيمة للتعريض، فالتعريض إذن ليس من قبيل الحقيقة، ولا من قبيل المجاز، ولا من قبيل الكناية، لأن الحقيقة هي اللفظ المستعمل في معناه الأصلي، والمجاز هو: اللفظ المستعمل في لازم معناه فقط، والكناية: هي اللفظ المستعمل في اللازم ح جواز إرادة الأهل.
والتعريض: هو أن تفهم من اللفظ معنى بالسياق أو القرائن.
وأما التلويح: فهو كناية كثرت فيها الوسائط بين اللازم والملزوم.
وأما الرمز: فهر كناية عدمت فيها الوسائط أو قلت مع خفاء اللزوم، وأما الإيماء أو الإشارة: فهو كناية عدمت وسائطها، أو قلت مع وضوح اللزوم.
مقارنة بين الحقيقة والمجاز والكناية
أجمع البلاغيون على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، وأن الكناية أبلغ من التصريح، وأن الاستعارة أبلغ من التشبيه ومن الحجاز المرسل والكناية.
والسر في أن المجاز أبلغ من الحقيقة، وأن الكناية أبلغ من التصريح هو: أن كلا عن المجاز والكناية كدعوى الشيء ببينة.
وذلك لأنك هين تقول - مثلاً - في الاستعارة: "رأيت أسداً يمتطي صهوة جواده" إنما تريد أن تقول: رأيت رجلاً شجاعا يمتطى صهوة جواده، وهذه دعوى قام عليها دليلها وهو: إثبات معنى الأسد له، لأنه يلزم من كونه أسداً أن يكون شجاعاً للزوم الشجاعة للأسد.
ولأنك حين تقول صلا: على طويل النجاد فإنما تريد أن تقول: على طويل القامة، فهي أيضاً - دعوى قام عليها دليلها - وهو: أنه طويل النجاد؛ لأنه يلزم من كونه طويل النجاد، أن يكون طويل القامة، فكأنك قلت فيهما: رأيت رجلاً شجاعاً يمتطى مهرة جواد لأنه أسد، وعلى طويل القامة، لأنه طويل النجاد.
ولكنك إذا جئت إلى الحقيقة في كل منهما، فقلت:"رأيت رجلاً شجاعاً يمتطي صهوة جواده"، و "على طويل القامة" اا كنت قد أتت في كل متهما بد عوى لم يقم عليها دليل، وما كان مؤيدا بالدليل أبلغ وآكد مما لم يقم عليه دليل.
والسر في أن الاستعارة أبلغ من التشبيه هو أن الاستعارة نوع من المجاز المبني على دعوى اتحاد المشبه والمشبه به، والتشبيه نوع من الحقيقة، والمجاز أبلغ من الحقيقة كما عرفت.
والسر في أنها أبلغ من المجاز المرسل: هو أن فيها دعوى اتحاد المشبه والمشبه به لفظاً ومعنى، أما المجاز المرسل في نحو قولك: أمطرت السماء نباتاً، فقيه دعوى الاتحاد لفظاً فقط، حيث أطلق اللفظ على المعني المجازى، ولكن الاتحاد في المعني غير موجود، لأنه ليس بين الماء والنبات تشابه حق يدعى اتحادهما.
والسر في أنها أبلغ من الكناية هو ما يلي:
أولا: أن الاستعارة فيها جمع بين الكناية والاستعارة من حيث أن الذهن فيها ينتقل من الملزوم كالأسد إلى اللازم كالرجل الشجاع، كما ينتقل - في الكناية - من الملزوم كطول النجاد إلى اللازم كطول القامة، ومن حيث أن فيها استعمالاً للفظ في غير معناه الذي وصوله لعلاقة المشابهة.
ثانيا: أن الاستعارة مجاز بالقطع، بينما الكناية - كما يقول البلاغيون - واسطة بين الحقيقة والمجاز.
هذا والاستعارة التمثيلية أبلغ أنواع الاستعارة، لأنها توجد في الهيئات المنتزعة من أمور متعددة، ففيها اعتبارات وملاحظات تحتاج إلى حسن روية وبعد نظر ويلي هذه الاستعارة في الأبلغية: الاستعارة المكنية، لأنها تشتمل على المجاز العقلي في قرينتها.
أما الاستعارة التصريحة فهي في المرتبة الثالثة.
وبعد، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.