الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) أن يكون بين الجملتين (كمال الانقطاع) بشرط ألا يوهم الفصل خلاف المقصود، فيجب الوصل
- كما سيأتي-:
وكمال الانقطاع بين الجملتين يكون في حالتين:
الأولى: أن تختلف الجملتان خبرًا وإنشاءً، لفظًا ومعنى، نحو قول أبي العتاهية:
يا صاحب الدنيا المحب لها
…
أنت الذي لا ينقضي تعبه
فجملة النداء: إنشائية لفظًا ومعنى، وجملة:(أنت الذي لا ينقضي تعبه) خبرية لفظًا ومعنى.
ونحو قول الشاعر:
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله
…
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
فجملة النهي: (لا تحسب) إنشائية لفظًا ومعنى، وجملة:(لن تبلغ المجد) خبرية لفظًا ومعنى.
ومثله قول الآخر:
لا تسأل المرء عن خلائقه
…
في وجهه شاهد من الخبر
أو معنى فقط: كقولك: (مات فلان رحمه الله، فالجملة الأولى، وهي: (مات فلان) خبرية لفظًا ومعنى، والجملة الثانية وهي: رحمه الله خيرية لفظًا ولكنها إنشائية معنى، فالمراد منها الدعاء على معنى: اللهم ارحمه.
والثانية: ألا تكون بينهما مناسبة ما، بل يكون كل منهما مستقلاً بنفسه، كقولك:(على كاتب)(الغراب طائر)، وكما جاء في الحكم:(كفى بالمشيب داء، صلاح الإنسان في حفظ اللسان)، وإنما وجب ترك العطف في كمال الانقطاع لأن العطف يكون للجمع بين الشيئين والربط بينهما، ولا يكون ذلك في المعنيين إذا كان بينهما غاية التباين.
(3) أن تكون الجملة الثانية جوابا عن سؤال يفهم من الجملة الأولى
، فتفصل الثانية عن الأولى، كما يفصل الجواب عن السؤال، لما بينهما من الاتصال، ويقال -
حينئذ: إن بين الجملتين (شبه كمال الاتصال)، ويسمى فصل الجملة الثانية عن الأولى في هذا الموضع: استئنافًا، والجملة الثانية، تسمى: مستأنفة.
والسؤال المفهوم من الجملة الأولى: إما أن يكون عن السبب العام للحكم نحو قول الشاعر:
قال لي: كيف أنت قلت: عليل
…
سهر دائم وحزن طويل
أي: ما سبب علتك؟
وإنما كان السؤال هنا عن السبب العام دون الخاص؛ لأن العرف يقتضي أنه إذا قيل: فلان مريض، أن يكون السؤال عن السبب العام لمرضه، لا أن يقال: هل سبب علته كذا؟ حتى يكون السؤال عن السبب الخاص.
وإما أن يكون عن السبب الخاص: نحو قول الله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53]، كأنه قيل: هل النفس أمارة بالسوء؟ فقيل: إن النفس لأمارة بالسوء. فالسائل هنا قد نزل منزلة المتردد في هذا السبب الخاص؛ لأن الكلام قد تقدم فيه ما يشير إلى الخبر؛ لأن قوله -على لسان يوسف عليه السلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} يشير إلى أن النفس أمارة بالسوء، والدليل على تنزيل السائل منزلة المتردد هو: تأكيد الخبر له، والخبر هنا طلبي في معنى الإنكاري، ولهذا أكد بأكثر من مؤكد واحد، فقد أكد بإن، واللام، واسمية الجملة.
وإما أن يكون السؤال عن غير السبب العام والسبب الخاص، وذلك نحو قوله تعالى:{قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ} [هود: 69]، كأنه قيل: فماذا قال إبراهيم عليه السلام؟ فقيل: قال: سلام.
والجملة المستأنفة قد تأتي بإعادة اسم ما استؤنف الحديث عنه، كأن يقال لرجل أحسن إلى محمد:(أحسنت إلى محمد، محمد خليق بالإحسان) فتفصل الجملة الثانية عن الأولى لكون الثانية جوابًا عن سؤال نشأ عن الأولى، استشعر سؤالاً تقديره: لماذا أحسنت إليه؟ إذا كان السؤال عن السبب العام، أو: هل هو جدير