الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استعملا والفساد إذا أهمل، وذلك لان النحو - على التقدير الأول - لا يشترك مع الملح في كون القليل مصلحاً والكثير مفسداً، ولكنة عبارة عن أن تراعى قواعده وأحكامه من رفع الفاعل ونصب المفعول، فإن تحقق ذلك في الكلام كان صالحاً وإن لم يتحقق كان فاسداً، إذ النحو لا يحتمل القلة أو الكثرة. ولكن الملح يتحملهما، فالقليل منه مصلح والكثير منه مفسد.
وقد يكون وجه الشبة في أحد الطرفين أدعائياً وفي الآخر حقيقياً، وذلك كأن تقول للجبان: هو أسد، وللبخيل: هو حاتم، ويكون وجه الشبه بين الطرفين في الأول: الشجاعة، وفى الثاني: الجود، وما من شك في أن الشجاعة في الجبان والجود في البخيل أمر ادعائي.
ويسمى هذا اللون من التشبيه: تشبيه التضاد، وذلك لأنك قد نزلت التضاد بين الطرفين المتضادين منزلة التناسب بينهما، واعتبرت الجبان شجاعاً، والبخيل جواداً.
ولا يكون ذلك إلا لغرض بلاغي يقصد. البليغ، كالتهكم والسخرية، أو التظرف والتلمح.
ب- وحدن الوجه أو تعدده:
وقد قسموا التشبيه بهذا الاعتبار إلى:
1 - ما كان وجه الشبة فيه شيئاً واحداً:
وهو ما لم يكن مركباً، ولا متعدداً كالحمرة والنعومة والحلاوة، في قولك:"خد كالورد" و "بشرة كالحرير" و "ريق كالعسل" وكالكرم في قولك: "محمد كالبحر" وكالهداية في قولك: "أصحاب النبي كالنجوم".
2 - ما كان وجه الشبة فيه منزلاً منزلة الواحد: وهو ما كان مركباً من متعدد تركيباً اعتبارياً
، وذلك كأن تعمد إلى عدة أمور بالشينين، فتنتزع منهما هيئة تعمهما، بحيث لا يصلح واحد منها على انفراد وجه شبه وبحيث لو حذف واحد منها، لاختل وجه الشبة وذلك كما في قول الشاعر:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
…
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
وقد عرفت أن وجه الشبه فيه هو: هيئة منتزعة من تساقط أجرام مشرقة مستطيلة الأشكال، متناثرة في جوانب شيء مظلم.
فوجه الشبه هنا كالشيء الواحد؛ لأنه مركب من تلك الهيئة التي تضامت أجزاؤها حتى صارت وحدة متكاملة بحيث لا يجوز لك أن تجعل شيئا منها وجه شبه على حدة، كما أنه لا يجوز كذلك أن تحذف شيئاً منها، ولو حذف لاختل وجه الشبة.
ومنة قول الشاعر:
وكأن أجرام النجوم لوامعاً
…
... دوُر نثرن على بساط أزرق
فوجه الشبة هو مجموع الهيئة التي ركبت من عدة أمور هي: تناثر أجرام مشرقة متلألئة فوق رقعة مبسوطة زرقاء، ولا يصح أن نجعل شيئاً منها وجه شبه على حدة كما أنه لا يصح أن تسقط شيئاً منها.
ومنة قول أمير الشعراء:
ولقد تمر على الغدير تخالهُ
…
... والنبت مرآة زهت بإطار
فقد شبه الشاعر الغدير وهو له نبات محيط به من كل جانب بمرآة زينب بإطار محيط بها، ووجه الشبه هو: الهيئة المكونة من عدة أمور هي: جسم شفاف متموج يحيط به إطار أخضر.
وقوله - أيضاً: -
ويقائق النسرين في أغصانها
…
كالدرَّ ركُب في صدور رماح
فوجه الشبة هو الهيئة المكونة من عدة أمور هي: أجسام مستطيلة، وضعت عليها أجسام صغيرة مشرقة متلألئة.
ولا يصح - بلاغة - أن تعتبر شيئاً واحداً منها وجه الشبه، كما أنه لا يصح لك أن تسقط واحداً منها.