الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللهذميات بمعنى الطعنات، فدل ذلك على أن المراد بالقرى: معنى يناسب هذه الطعنات، وهو تقديمها إلى الأعداء عند اللقاء.
وقد تكون القرينة في المفعولين معاً، كما في قول الحريري:
وأقرى المسامع إما نطقت
…
بياناً يقود الحرون الشموسا
والشاهد هنا قوله: "وأقرى المسامع بياناً" فأقرى: استعارة تبعية في الفعل؛ وقرينتهما: تعلق القرى بكل من: المسامع والبيان، وذلك دليل على أن المراد بالقرى: معنى يناسبهما، وهو: التقديم.
رابعاً: المجرور: وذلك بأن يكون تعلق الفعل بالمجرور غير مناسب، فيدل ذلك على أن المراد به معنى يناسب ذلك المجرور، كما ترى في قوله تعالى (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران: 21] وذلك لأن التبشير هو: إخبار بما يسر تعلقه بالعذاب، وذلك دليل على أن المراد بالتبشير معنى يناسب العذاب وهو الإنذار، أي: الإخبار بما يحزن ففي قوله تعالى "فبشرهم" استعارة تبعية قرينتها: مجرور الحرف.
2 - تقسيم التصريحية باعتبار الملائم
للاستعارة التصريحية باعتبار ذكر الملائم لأحد الطرفين أو عدم ذكره أقسام ثلاثة هي: المرشحة، والمجردة، والمطلقة.
فأما المرشحة فهي: ما ذكر معها ما يلائم المستعار منه، أي المشبه به، سواء أكان الملائم صفة نحوية كما في قولك: "سلمت على أسد حاد الأنياب متنفش اللبدة: فقد استعرت هنا الأسد للرجل الجريء، ثم وصفت المستعار منه، بما يلائمه من حدة الأنياب، وانتفاش اللبدة، ترشيحاً للاستعارة، أو كان الملائم صفة معنوية، كما في قول الشاعر:
ينازعني ردائي عبد عمرو
…
... رويدك يا أخا عمرو بن بكر
لي الشطر الذي ملكت يميني
…
ودونك فاعتجر منه بشطر
فقد استعار الرداء للسيف، ثم وصف الرداء - وهو المستعار منه - بما يلائمه من الاعتجار، وهو: لف الرأس بنحو ثوب ترشيحاً للاستعارة.
أو كان الملائم تقريباً، كما في قوله تعالى:(أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ)[البقرة: 16] فقد استعير الاشتراء "للاختيار" واشتق منه "اشتروا" بمعنى: اختاروا، ثم فرع عليه بما يلائم المستعار منه، وهو: نفي الربح والتجارة ترشيحاً للاستعارة.
وأما المجردة فهي: "ما ذكر معها ما يلائم المستعار له" سواء أكان الملائم صفة نحوية، كما في قول البحتري:
يؤدون الشحية من بعيد
…
إلى قمر من الإبوان باد
فقد استعار القمر للإنسان الجميل، ثم وصف المستعار له بما يلائمه من كونه مطلاً من الإيوان تجريداً للاستعارة، وقرينتها قوله:"يؤدون التحية من بعيد".
أو كان الملائم صفة معنوية، كما في قول كثير عزة:
خمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً
…
غلقت لضحكته رقاب المال
أي: هو كثير العطاء واسع الجود، فإذا ما تبسم لطالبي معروفه تمكنت من أيديهم رقاب أمواله وتعذر انفكاكها، كالرهن الحبيس في يد المرتهن وقد عجز الراهن عن استرداده.
وقد استعار الشاعر الرداء لسلعطاء بعد أن شبه العطاء به في الوقاية والحفظ، فالمال يصون العرض والرداء يصون السوأة، ثم وصف الرداء "بالغمر" الملائم للمستعار له وهو العطاء تجريداً للاستعارة، وقرينتها: بقية البيت من تبسم الممدوح، وحبس رقاب أمواله في أيدي طالبي معروفه، أو كان الملائم تفريعاً: كما في قولك: "رأيت غضنفرا في حومة الوغى، فلجأت إلى ظل رمحه" فقد استعير "الغضنفر" للرجل الجريء، والقرينة هي:"في حومة الوغى" ثم فرع عليه بما يلائم المستعار له وهو اللجوء إلى ظل رمحه.
وإنما سميت هذه الاستعارة مجدرة لأنها تجردت عما يقوى فيها دعوى اتحاد المشبه بالمشبه به.