الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين الولي والزوج، ومن ثَمَّ خرج الخلاف (1)، وقد يقع من جهة التصريف كالمختار والمغتال، للفاعل والمفعول، بواسطة الإعلال لأن أصله مُخْتَيِر - بكسر الياء - للفاعل (2) وبفتحها للمفعول، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت أَلِفًا (3)، فاستوى فيه لفظ الفاعل والمفعول، والحكم في مغتال كذلك.
[الإجمال في عموم المقتضى]
قوله: مسألة: لا إجمال في إضافة التحريم إلى الأعيان (4)
(1) اختلف العلماء في المراد بهذه الآية على قولين: وسبب الاختلاف يعود إلى الإجمال في اللفظ المركب، فَمن الذي بيده عقدة النكاح؟ فالحنفية والإمام الشافعي في الجديد ورواية عن الإمام أحمد، وهو مذهب علي وعبد الله بن عمرو وجبير بن مطعم وشريح وابن المسيب والحسن وعلقمة والشعبي. أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، وقيل: إنه الأب. وإليه ذهب المالكية، والإمام الشافعي في القديم، ورواية عن الإمام أحمد، لكن ذكر أبو حفص العكبري كما في المغني لابن قدامة (10/ 162) أن الإمام أحمد رجع عن هذه الرواية. انظر: أحكام القرآن للجصاص: (1/ 440)، التفسير الكبير للرازي (6/ 123)، غرائب القرآن للنيسابوري (2/ 292)، الأم للشافعي (7/ 245، 10/ 195)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 36)، المغني لابن قدامة (10/ 160).
(2)
من أسباب الإجمال في اللفظ: التصريف في اللفظ، والتصريف هو: العلم الذي يعرف به أحوال أبنية الكلمة. انظر التعريفات للجرجاني ص (59)، والمراد به هنا في لفظ "المختار" اسم الفاعل. انظر: شرح ابن عقيل (1/ 424).
(3)
المراد به اسم المفعول.
قال ابن مالك في الألفية: -
وإن فتحت منه ما كان انكسر
…
كان اسم مفعول كمثل المنتظَر
انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (1/ 426).
(4)
انظر: كلام المصنف في شرح المختصر القسم الثاني ص (232).=
نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (1){وَأُمَّهَاتُكُمُ} (2)، خلافًا لأكثر الحنفية (3)، وأبي الفرج المقدسي (4)، ثم: هو عام عند ابن
= وانظر قول الجمهور في: العدة لأبي يعلى (1/ 145)، التبصرة للشيرازي ص (201)، المستصفى للغزالي (1/ 346)، الوصول إلى الأصول لابن برهان (1/ 283)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 572)، الإحكام للآمدي (3/ 12)، ومنتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (137)، المسودة لآل تيمية ص (181)، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (275)، البحر المحيط للزركشي (3/ 462)، أصول ابن مفلح (3/ 1001)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 419)، فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 33).
(1)
سورة المائدة (3).
(2)
(3)
القول بالإجمال نسبه السرخسي في أصوله (1/ 195) إلى مشايخ الحنفية العراقيين، ونقل عن الكرخي. انظر: أصول الجصاص: (1/ 22)، وبديع النظام (2/ 503)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه (1/ 166)، والأقوال الأصولية للإمام أبي الحسن الكرخي د. حسين الجبوري ص (42). وذكر السمرقندي واللامشي أن مشايخ الحنفية على عدم الإجمال، والصحيح عند أكثر الحنفية بأنه لا إجمال في الآية. انظر: ميزان الأصول للسمرقندي (1/ 379)، أصول الفقه للامشي ص (114)، وفواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 23).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1003)، والتحبير للمرداوي (6/ 2761). وأمَّا ترجمته فهو: عبد الواحد بن محمد - وقيل: ابن أحمد - بن علي الشيرازي الدمشقي، أبو الفرج المقدسي، أصله من شيراز أخذ الفقه عن القاضي أبي يعلى من أعيان الحنابلة، شيخ الشام في زمنه. نشر مذهب الإمام أحمد في الشام، توفي بدمشق سنة 486 هـ. من مصنفاته: في الفقه: المنتخب، وفي أصول الدين: المبهج والتبصرة. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 248)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 179)، والمنهج الأحمد للعليمي (3/ 7).
عقيل (1)، والحلواني (2)، وفي التمهيد (3)، والروضة (4)، ينصرف إطلاقه في كل عين إلى المقصود اللائق بها (5).
من قال بالإجمال: لا يصحُّ التعلق بظاهره، لأنَّ التحريم مُعلَّق بنفسِ الأمهات والميتة، وليس ذلك في مقدورنا، فلم يجز أن تحرُم علينا، ووجب أن يكون المراد تحريم فعل من أفعالنا يتعلق بالأمهات، وليس ذلك الفعل مذكورًا في الآية، وليس فعل بأولى من فعل فاحتجنا إلى بيان (6).
(1) الواضح لابن عقيل (2/ 34) وقال في (3/ 349): "ويجوز الأخذ بالعموم في المضمرات" اهـ. وذلك لأن لفظ الدم مفرد محلى "بأل" وهو يفيد العموم حيث يشمل ويعم جميع الدماء المسفوح وغير المسفوح وهذا المعنى الظاهر من اللفظ، وخصص هذا العموم بالدم المسفوح بنص ظاهر آخر وهو قوله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام (145)].
(2)
نسبه إليه في المسودة لآل تيمية ص (59)، وأمّا ترجمته فهو: أبو الفتح محمد بن علي بن محمد بن عثمان بن الموَّاق وقيل (المرّاق) الحنبلي، صحب القاضي أبا يعلى مدة يسيرة، وقرأ الفقه أصولًا وفروعًا، حتى برع على القاضي أبي يعقوب، أفتى، ودرَّس، وحدَّث، وكان زاهدًا ورعًا، له في الفقه كفاية المبتدي، ومصنف في أصول الفقه في مجلدين، توفي سنة 505 هـ. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 257)، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (1/ 106)، والمنهج الأحمد للعليمي (3/ 46).
(3)
التمهيد لأبي الخطاب (2/ 231).
(4)
روضة الناظر لابن قدامة (2/ 572).
(5)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (127).
(6)
انظر كلام المصنف عن المسألة في شرح المختصر، القسم الثاني ص (231).
ولأن الآية لو اقتضت تحريم فعل معين، لكان المراد بتحريم الأعيان كلها ذلك الفعل بعينه، ولا يختلف بحسب اختلاف الأعيان، وليس التحريم في الأمهات يفيد الفعل الذي في تحريم الميتة.
ردَّ: بل بوصف العين بالحل والحظر حقيقة، فهي محظورة علينا ومباحة، كوصفها بطهارة ونجاسة وطيب وخبث، فالعموم في لفظ التحريم.
ثم: بمنع الحاجة إلى الإضمار مع تبادر الفهم.
ثم: يضمر الجميع؛ لأن الإضمار واقع إجماعًا (1)، بخلاف الإجمال، وأكثر وقوعًا منه، ولإضماره (2) في قوله عليه السلام:(لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم، فجَمَلوها فباعوها)(3) وإلا لما لعنهم ببيعها (4)، ولو كان الإجمال أولى منه (5)، كان خلاف الأَوْلَى.
ثمَّ: بعضه أولى بالعرف (6).
قوله: مسألة: لا إجمال في نحو: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (7)،
(1) نقل الإجماع ابن مفلح في أصوله (3/ 1003)، والمرداوي في التحبير (6/ 2766).
(2)
أي: إضمار الجميع.
(3)
تقدم تخريجه ص 28.
(4)
أي: فلو لم يدل ذلك على إضمار جميع التصرفات المتعلقة بالتحريم.
(5)
أي: أولى من إضمار الكل.
(6)
أصول ابن مفلح (3/ 1003).
(7)
سورة المائدة (6).
خلافًا لبعض الحنفية (1)، وحقيقة اللفظ مسح كلِّه عند أحمد (2).
قالوا: مجمل؛ لتردده بين مسح كلِّه وبعضه (3) ، وبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله (4).
(1) انظر: أصول السرخسي (1/ 228)، وبديع النظام لابن الساعاتي (2/ 505)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه (1/ 166)، وفواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 35).
(2)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (127).
(3)
المراد في الوضوء، والنزاع في المسألة: هل يجزئ مسح بعض الرأس في الوضوء؟ وسبب الخلاف الإجمال في "الباء" في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] هل هي للتبعيض أو للإلصاق. فاختلفت الأقوال تبعًا لذلك، فبعض الحنفية وبعض الشافعية ورواية عن الإمام أحمد أن اللفظ مجمل بسبب تردده بين مسح الكل والبعض، وعليه فإنه يجزئ مسح جزء من الرأس في الوضوء. الثاني: وهو ما ذهب إليه الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وصححه المرداوي: وهو أنه لا إجمال في الآية والباء في الآية للإلصاق، وعليه فإنه لا يجزئ مسح جزء من الرأس في الوضوء. انظر: شرح فتح القدير لابن الهمام (1/ 13)، الكافي لابن قدامة ص (22)، روضة الطالبين للنووي (1/ 53)، المغني لابن قدامة (1/ 175). بل والقائلون بعدم الإجمال في قوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} متفقون على أن الباء للإلصاق، واختلافهم في اللفظ هل هو ظاهر في مسح جميع الرأس أو بعضه؟ فالجمهور منهم على أن النص ظاهر في مسح بعض الرأس، لأن عرف الاستعمال يقتضي إلصاق المسح باللمس فقط، مع قطع النظر عن الكل والبعض. ويرى بعضهم أن النص ظاهر في جميع الرأس، لأن "الباء" دخلت على المسح وقرنته بالرأس، واسم الرأس حقيقة في كله لا بعضه، ولذلك اقتضى مسح الرأس كله. انظر: الإحكام للآمدي (3/ 18)، والبحر المحيط للزركشي (3/ 464)، والتحبير للمرداوي (6/ 2768)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 424).
(4)
حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعمامته وعلى خفيه.=
ردَّ: بأَنَّ حقيقة اللفظ، مسح كله عند أحمد (1)، ومالك (2)، وأصحابهما (3)، وغيرهم (4).
لأن: الباء - لغةً - صِلَة (5)[لا](6) لإلصاق المسح به، وحقيقة الرأس كله، كآية التيمم:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} (7)، وعند الشافعي وأصحابه يكفي مسح بعضه (8)، وللمعتزلة (9) القولان: لأنه العرف نحو: مسَحت بالمنديل (10).
= انظر: صحيح مسلم (1/ 230)، كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة برقم (81).
(1)
انظر: زاد المستقنع للبهوتي (1/ 150)، والمغني لابن قدامة (1/ 175).
(2)
انظر: المدونة للإمام مالك (1/ 124)، والكافي لابن قدامة ص (22).
(3)
انظر: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (137)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 423).
(4)
الأحكام للآمدي (3/ 18)، والبحر المحيط للزركشي (3/ 464).
(5)
الصلة هو: حرف المعنى الزائد، والتعبير بهذا اللفظ للتأدّب مع كلام الله.
المعجم المفصل في النحو العربي عزيره فوَّال (1/ 579).
(6)
هكذا في المخطوط، والصواب بدونها، ليستقيم المعنى، وهو الذي جاء في أصول ابن مفلح (3/ 1004).
(7)
سورة النساء (43).
(8)
روضة الطالبين للنووي (1/ 53)، الحاوي (1/ 114).
(9)
المعتزلة: من الفرق الإسلامية، سُمُّوا بذلك لأنَّ إمامهم واصل بن عطاء اعتزل مجلس الحسن البصري، بسبب تفرُّده بالقول بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، ومن أركانهم: التوحيد، والعدل، والحساب والعقاب، ولهم منهج في التأويل يعتمد على تقديم العقل، ولذلك هم يقولون بالتحسين والتقبيح العقليين. انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي ص (15)، والملل والنِّحل للشهرستاني (1/ 81).
(10)
المعتمد لأبي الحسين البصري (1/ 308).
ردَّ: لأنه آلة، والعمل بالآلة يكون ببعضها، بخلاف مسحت بوجهي.
وأما: "الباء" للتبعيض، فلا يُعرف لغةً وأنكره أهلها (1)، وعنهم يؤخذ، فلا يقال: شهادة نفي، والمثبت عليه الدليل والأصل عدمه (2).
* * *
(1) ذكر العكبري أن "الباء" صلة، وردَّ على من قال: إنها للتبعيض بقوله: "وليس بشيء يعرفه أهل النحو" اهـ. انظر: إعراب القرآن (1/ 422)، وإملاء ما من به الرحمن للعكبري (1/ 208).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1004).