الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنَّ كل واحد يوجب اختصاص بعض متناول اللفظ أنهما يفترقان من ستة وجوه (1):
أحدها: أَنَّ الناسخ يشترط تراخيه والتخصيص يجوز اقترانه.
الثاني: أنَّ النسخ يدخل في الأمر بمأمور واحد بخلاف التخصيص.
الثالث: أنَّ النسخ لا يكون إلا بخطاب، والتخصيص يجوز لأدلة العقل والشرع والقرائن.
الرابع: أن النسخ لا يدخل الأخبار والتخصيص بخلافه.
الخامس: أن النسخ لا تبقى معه دلالة اللفظ على ما تحته والتخصيص لا يُنْفَى معه ذلك.
السادس: أَنَّ النسخ في المقطوع له لا يجوز إلا بمثله، والتخصيص منه جائز بالقياس وبخبر الواحد وسائر الأدلة.
قوله: مسألة:
لا يجوز على الله البداء
، وهو: تجدُّد العلم، عند عامة العلماء وكفرت الرافضة بجوازه (2).
[لا يجوز على الله البداء]
لا يتجدَّد لله تعالى علم فإن الله سبحانه وتعالى عالم بالأشياء كلها، دقيقها وجليلها ما كان، وما يكون، وما لم يكن أَنْ لو كان كيف
(1) هذا من كلام ابن قاضي الجبل نسبه إليه المرداوي كما في التحبير للمرداوي (6/ 3005).
(2)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام (137).
كان يكون، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم السر وأخفى.
فإن البداء (1) عبارة عن: ظهور الشيء بعد خفائه، وكفرت الرافضة (2) بقولهم: إنه يجوز على الله البداء (3) -تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا- ومن افترائهم [حكايتهم](4) عن
(1) البداء في اللغة: من بدا يبدو، بُدُوًّا، وبداءً، وبداءةً. أي: ظهر، وبادي الرأي: ظاهره، وبدا له في الأمر بدوًا وبداء وبداة: نشأ له فيه رأي بعد أن لم يكن. انظر: الصحاح للجوهري (6/ 2178)، الإيضاح لمكي بن أبي طالب (98). واصطلاحًا: إرادة الشيء دائمًا، ثم الانتقال عن الدوام لأمر حادث من غير علم سابق، انظر: التعريفات للجرجاني ص (43)، وهذا مما لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، واعتبره العلماء من أصول الشيعة الرافضة. انظر معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد ص (176).
(2)
الرافضة: من الفرق الإسلامية، وسموا بذلك لرفضهم تقديم أبي بكر للإمامة، وتسمى الشيعة، لاعتقادهم بأحقية آل البيت بالإمامة، على باقي الصحابة، بما فيهم الشيخان، والإمامة عندهم من أركان الدين، ويدعون العصمة لأئمتهم، وهم فرق كثيرة تقترب وتبتعد عن الحق باختلاف عقائدهم، ومن أبرزها الإمامية الاثنا عشرية، والزيدية، والإسماعيليَّة.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 169)، الموسوعة الميسرة للأديان (2/ 1069).
(3)
انظر: الأصول من الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني (1/ 146)، وبحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي (4/ 92 - 129)، قال ابن عقيل في الواضح لابن عقيل (4/ 198) -بعد أن ساق هذه الرواية-:"وهذا تجاسر عظيم، وتهجم على الله بما لا يليق به سبحانه، والظاهر عندي أنهم في ذلك كاذبون على علي، وموسى بن جعفر".
(4)
العبارة ما بين المعقوفتين جاءت في المخطوط "حكايته" والمثبت هو الصحيح الذي يستقيم به المعنى وهو الموجود في التحبير للمرداوي (6/ 2986)، =
علي رضي الله عنه أنه قال: "لولا البداء لحدثتكم بما هو كائن إلى يوم القيامة"(1) ومن افترائهم أيضًا حكايتهم عن موسى بن جعفر (2) أيضًا وعن [جعفر](3) أنه قال: "ما بدا لله تعالى في شيء كما بدا له في إسماعيل" أي: في أمر ذبحه (4). وذكر ابن عقيل القول به أيضًا عن
= وكذلك في إحدى نسخ أصول ابن مفلح، أشار إليها المحقق في الهامش (3/ 1119).
(1)
انظر: الواضح لابن عقيل (4/ 198).
(2)
هو: أبو الحسن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب. الكاظم إمام ورع زاهد عابد، روى عنه أهل السنن، يدَّعِي الشيعة الإمامية عصمته، ابتلي وأوذي فصبر، توفي ببغداد 183 ص. انظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (13/ 27)، وفيات الأعيان لابن خلكان (5/ 308).
(3)
هكذا في المخطوط جاءت الرواية عن "علي" والمثبت من الواضح لابن عقيل (4/ 198)، وأصول ابن مفلح (3/ 1119)، والتحبير للمرداوي (6/ 2989)، فقد اتفقوا على ذلك.
(4)
مسألة الذبيح فيها ثلاثة أقوال: الأول: أنه إسحاق عليه السلام وهو عند اليهود والنصارى، وبه قال بعض الأصوليين كالقرافي، الثاني: أنه إسماعيل عليه السلام، والثالث: التوقف. والصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه السلام، لقوله تعالى:{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 101 - 102]، ثم عطف على البشارة الأولى، بقوله تعالى:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)} [الصافات: 112]، فدلَّ ذلك على أن البشارة الأولى غير المبشَّر به في الثانية، والمقرر في الأصول أن النص إذا احتمل التأسيس والتأكيد، كان حمله على التأسيس واجبًا إلا لدليل، والعطف في اللغة يقتضي المغايرة.
انظر: جامع البيان للطبري (23/ 906)، والتفسير الكبير للرازي (26/ 133)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (15/ 99)، =
المختار (1) وغيره (2) أن بعضهم جوزه فيما لم يطلعنا عليه (3)، وهو كفر أيضًا، تعالى الله عن ذلك. وقال أحمد: من قال: إن الله تعالى لم يكن عالمًا حتى خلق لنفسه علمًا فعلم به فهو كافر (4).
وقال ابن الزاغوني: البداء، هو أن يريد الشيء دائمًا ثم ينتقل عن الدوام لأمر حادث، لا بعلم سابق، قال: أو يكون سببه دالًّا على إفساد الموجب لصحة الأمر الأول، بأن يأمره لمصلحة لم تحصل، فيبدو له ما يوجب رجوعه عنه (5).
قوله: مسألة: بيان الغاية المجهولة لقوله تعالى: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (6)، اختلف كلام أصحابنا وغيرهم هل ينسخ أم لا؟ (7)
= والأجوبة الفاخرة للقرافي ص (92)، القول الفصيح في تعيين الذبيح للسيوطي رسالة في الحاوي (1/ 492)، ونشر البنود للعلوي (1/ 288).
(1)
هو: المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي. كان من كبراء ثقيف وذوي الرأي والفصاحة والشجاعة، كان يزعم أن الوحي ينزل عليه، ممن قتله مصعب بن الزبير سنة 67 هـ. انظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري (3/ 451)، سير أعلام النبلاء للذهبي (3/ 538).
(2)
وممن يقول بالبداءة أيضًا زرارة بن أعين -وله فيه شعر- وأبو الطيب. هكذا نسب القول إليهما ابن عقيل في الواضح في أصول الفقه (4/ 199)،
ونقله عن ابن تيمية في المسودة لآل تيمية ص (205).
(3)
الواضح في أصول الفقه (4/ 199).
(4)
قال الفتوحي في الكوكب المنير لابن النجار (3/ 536): "والقول بتجدد علمه جلّ وعلا كفر بإجماع أئمة أهل السنة".
(5)
جاءت النسبة عنه في: التحبير للمرداوي (6/ 2988)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 536).
(6)
سورة النساء (15).
(7)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (137).