المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تأخير البيان عن وقت الحاجة] - شرح مختصر أصول الفقه للجراعي - جـ ٣

[الجراعي]

فهرس الكتاب

- ‌[تعريف المطلق]

- ‌[الفرق بين المطلق والنكرة]

- ‌[تعريف المقيّد]

- ‌[مراتب المقيَّد]

- ‌[أقسام حمل المطلق على المقيّد]

- ‌[حكم حمل المطلق علي المقيّد إذا كان بالمفهوم]

- ‌[إذا اتحد الحكم واختلف السبب]

- ‌[المطلق من الأسماء]

- ‌[تعريف المجمل]

- ‌[الإجمال في المفرد]

- ‌[الإجمال في المركب]

- ‌[الإجمال في عموم المقتضى]

- ‌مطلب: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان

- ‌[تعريف المبين]

- ‌[البيان بالأضعف]

- ‌[تأخير البيان عن وقت الحاجة]

- ‌[تعريف الظاهر]

- ‌[حكم الظاهر]

- ‌[المؤول]

- ‌[التأويلات البعيدة]

- ‌[مطلب: مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة]

- ‌[مفهوم المخالفة]

- ‌[أقسام المفاهيم]

- ‌[النسخ]

- ‌[وقوع النسخ]

- ‌ لا يجوز على الله البداء

- ‌[بيان الغاية المجهولة هل هي نسخ

- ‌[النسخ قبل التمكن من الفعل]

- ‌[نسخ إيقاع الخبر]

- ‌[النسخ إلى غير بدل]

- ‌[النسخ بأثقل]

- ‌[أنواع النسخ من حيث المنسوخ]

- ‌[نسخ الكتاب والسنة بمثلها]

- ‌[نسخ القرآن بالسنة المتواترة]

- ‌[الإجماع لا يُنسَخ ولا يُنسَخ به]

- ‌[نسخ الفحوى والنسخ بها]

- ‌[نسخ حكم المنطوق يستلزم نسخ حكم الفرع أم لا

- ‌[حكم النسخ قبل أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم الزيادة غير المستقلة على النص]

- ‌[نسخ جزء من العبادة ليس نسخًا لجميعها]

- ‌[معرفة الله لا تنسخ]

- ‌[طرق معرفة النسخ]

- ‌[شروط النسخ]

- ‌[تعريف القياس]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌تنبيهان:

- ‌[شروط علة الأصل]

- ‌[شروط الفرع]

- ‌[مسالك العلة]

- ‌[تقسيمات القياس]

- ‌ الأسئلة الواردة على القياس

- ‌تنبيهات:

- ‌[تقسيمات الاجتهاد]

- ‌[شروط المجتهد]

- ‌[تجزؤ الاجتهاد]

- ‌[المسألة الظنية]

- ‌[تقليد المفضول]

- ‌[لا يجوز تتبع الرخص]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح من جهة السند]

- ‌[الترجيح بالخارج]

- ‌[الترجيح بالقياس]

- ‌[الترجيح بحكم الأصل]

الفصل: ‌[تأخير البيان عن وقت الحاجة]

[تأخير البيان عن وقت الحاجة]

قوله: مسألة: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة (1) ، إلا عند من يقول بتكليف ما لا يطاق (2).

لأن السيد إذا قال لعبده: صلِّ الآن، والعبد لا يعرف الصلاة، فامتثاله محال، فمن يقول بتكليف المحال يُجوِّز هذا (3). ومن لا فلا.

(1) مسألة تأخير البيان عن وقت الحاجة، يفسرها السبكي بقوله:"الوقت الذي قام الدليل على إيقاع العمل بالمجمل فيه على التضييق من غير فسحة في التأخير" اهـ. صورتها: أن يقول: صلّوا غدًا، ثم لا يبين لهم في غدٍ كيف يصلّون، أو آتوا الزكاة عند رأس الحول، ثم لا يبين لهم رأس الحول كم يؤدون، ولا لمن يؤدون.

انظر: الإبهاج (2/ 215)، التحبير للمرداوي (6/ 2818). تحرير محل النزاع: اتفق العلماء على عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقد حكى هذا الاتفاق القاضي أبو بكر الباقلاني، والباجي، والسمعاني، والغزالي وغيرهم. انظر: التقريب والإرشاد للباقلاني (3/ 384)، والإشارة في أصول الفقه (365)، قواطع الأدلة للسمعاني (2/ 150)، المستصفى للغزالي (1/ 368)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 585). وإنما وقع الخلاف في جواز تأخيره من جهة العقل عند المعتزلة قال الباقلاني في التقريب (3/ 384):"فقال جميع القدرية ومن قال بقولها: إن ذلك محال في التكليف وعبث وظلم في صفحة الحكيم العلم تعالى".

(2)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (129).

(3)

القائلون بتكليف المحال هم الأشاعرة. قال الباقلاني في التقريب (3/ 385): "وقال شيخنا أبو الحسن رضي الله عنه: إن ذلك جائز من جهة العقل، وعدل وصواب منه، غير أنه لم يرد به سمع" اهـ. انظر: المعتمد للبصري (1/ 315).

ص: 67

قوله: قال أبو العباس (1): وتأخير البيان لمصلحة هو البيان الواجب أو المستحب (2).

كتأخيره (3) للأعرابي المسيء في صلاته إلى ثالث مرة (4)، ولأنه إنما يجب لخوف فوت الواجب المؤقت في وقته (5).

قوله: وفي تأخيره إلى وقت الحاجة عن إمامنا روايتان، ولأصحابنا قولان (6).

الجواز: قال به ابن حامد (7)،

(1) المسودة لآل تيمية ص (181).

(2)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (129).

(3)

أي: البيان.

(4)

الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم السلام، فقال:"ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ"، فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ"(ثلاثًا) فقال: والذي بعثك بالحق فما أحسن غير هذا فعلمني

الحديث. انظر: صحيح البخاري مع فإنه الباري (2/ 276) كتاب الأذان، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم ركعه بالإعادة برقم (793).

ومسلم (1/ 298) كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة برقم (45).

(5)

أصول ابن مفلح (3/ 1025).

(6)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (129).

(7)

نسبه إليه في العدة لأبي يعلى (3/ 725)، والمسودة لآل تيمية ص (178). وابن حامد هو: أبو عبد الله الحسن بن حامد بن مروان البغدادي الحنبلي، من أئمة الحنابلة في عصره ببغداد، درّس وأفتى، توفي سنة 403 هـ، له تهذيب الأجوبة في فقه الإمام أحمد مطبوع. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 145)، المقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 199)، والمنهج الأحمد للعليمي (2/ 314).

ص: 68

والقاضي (1)، وابن عقيل وحكاه عن جمهور (2) الفقهاء وأبو الخطاب (3) والحلواني (4) وصاحب الروضة (5)، وذكره صاحب المحرر عن أكثر الأصحاب (6) وقاله أكثر الشافعية (7)، (8)(9).

والمنع (10): قال به أبو بكر عبد العزيز (11)، وأبو الحسن (12)

(1) العدة لأبي يعلى (3/ 326).

(2)

الواضح لابن عقيل (4/ 87).

(3)

التمهيد لأبي الخطاب (2/ 290).

(4)

نسبه إليه في المسودة لآل تيمية (178)، وأصول ابن مفلح (3/ 1026)، وروضة الناظر لابن قدامة (2/ 585).

(5)

روضة الناظر لابن قدامة (2/ 585).

(6)

المسودة لآل تيمية (178).

(7)

كابن سريج والإصطخري وابن أبي هريرة، والطبري، والقفال، وهو المعتمد عند الشافعية. انظر: التبصرة للشيرازي ص (207)، المستصفى للغزالي (1/ 368)، الإحكام للآمدي (323)، البحر المحيط للزركشي (3/ 494).

(8)

المستصفى للغزالي (1/ 368)، الإحكام للآمدي (3/ 32). أبو الحسن الأشعري هو: علي بن إسماعيل الأشعري البغدادي، مؤسس مذهب الأشاعرة، تفقه على أبي بكر المروزي وابن سريج، برع في الجدل وعلم الكلام، عُرف بتقواه وكثرة عبادته، له مؤلفات كثيرة منها: اللمع في الرد على أهل الزيغ، والإبانة، توفي ببغداد سنة (324 هـ). انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (2/ 446)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (3/ 347).

(9)

البرهان للجويني (1/ 128).

(10)

أي: منع تأخير البيان إلى وقت الحاجة. انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 725)، المستصفى للغزالي (1/ 368)، منتهى السول والأمل لابن حاجب (143).

(11)

انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 725)، أصول ابن مفلح (3/ 1026)، التحبير للمرداوي (6/ 821).

(12)

العدة لأبي يعلى (3/ 725)، التمهيد لأبي الخطاب (2/ 291)، أصول ابن مفلح (1025)، التحبير للمرداوي (6/ 2821).

ص: 69

التميمي (1)، وداود وأصحابه (2)، وأكثر المعتزلة (3)، وبعض الشافعية (4).

وجه الجواز: قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (5) ثم بين صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (أن السلب للقاتل)(6)، ولأحمد (7)، وأبي داود بإسناد حسن:(أنه لم يخمِّسْه)(8).

وكذا الحجة من إطلاق الأمر بالصلاة والزكاة والحج والجهاد، ثم بيَّن ذلك.

وكذا بيعٌ ونكاح وميراث وسرقة، وكل عموم قرآن وسنة.

(1) أبو الحسن التميمي هو: عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث، فقيه حنبلي، مُطّلع على مسائل الخلاف، توفي سنة (371 هـ). انظر: تاريخ بغداد (10/ 460)، طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 121)، المقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 127).

(2)

الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (1/ 84).

(3)

المعتمد للبصري (1/ 315).

(4)

انظر: التبصرة للشيرازي (207)، الإحكام للآمدي (3/ 32)، البحر المحيط للزركشي (3/ 495).

(5)

سورة الأنفال (41).

(6)

الحديث متفق عليه من حديث أبي قتادة مرفوعًا. انظر: فتح الباري (3/ 247)، كتاب فرض الخمس، باب ومن لم يخمس الأسلاب، برقم (3142). ومسلم (3/ 1370) كتاب الجهاد، باب استحقاق القاتل سلب المقتول برقم (41).

(7)

مسند الإمام أحمد (5/ 12، 306).

(8)

سنن أبي داود (3/ 72) كتاب الجهاد، باب السلب لا يخمّس برقم (2721) من حديث عوف بن مالك الأشجعي وخالد بن الوليد بلفظ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ولم يخمّس السلب).

ص: 70

واعترض: هذه الأوامر ظاهرها متروك لتأخير البيان عن وقت الخطاب، وهو وقت الحاجة، إن كان للفور، أو للتراخي، فالفعل جائز في الوقت الثاني، فيمتنع تأخيره عنه (1).

ردَّ: الأمر - قبل بيان المأمور به - لا يجب به شيء، وهو كثير عرفًا كقول السيد:"افعل" فقط (2).

قوله: مسألة: يجوز - على المنع - تأخير إسماع المخصِّص الموجود عند الأكثر، ومنعه أبو الهذيل (3)، والجبائي (4) ووافقا على المخصِّص العقلي (5).

يعني إذ قلنا: بالمنع من تأخير البيان، فهل يجوز تأخير استماع المخصص الموجود أم لا؟ (6)(7) على الأول.

(1) انظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 164).

(2)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1029).

(3)

هو: محمد بن الهُذيل بن عبد الله العلّاف، شيخ المعتزلة وتنسب إليه الفرقة "الهذلية"، توفي سنة 235 هـ. انظر: طبقات المعتزلة ص (254)، والملل والنحل للشهرستاني ص (64).

(4)

المعتمد للبصري (1/ 330)، الأحكام للآمدي (3/ 49). والجبائي: هو محمد بن عبد الوهاب بن عبد السلام الجبّائي نسبة إلى جبّى، من قرى البصرة، شيخ المعتزلة، تنسب إليه الفرقة الجبَّائِيّة، كان فقيهًا زاهدًا، له تفسير القرآن. انظر: طبقات المعتزلة ص (287)، وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 398).

(5)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (130).

(6)

وبعبارة أخرى كما في الأحكام للآمدي (3/ 49): "الذين اتفقوا على امتناع تأخير البيان إلى وقت الحاجة، اختلفوا في جواز إسماع الله تعالى للمكلف العام، دون إسماعه للدليل المخصّص له".

(7)

انظر قول الجمهور في: المعتمد للبصري (1/ 331)، التمهيد لأبي الخطاب (2/ 307)، =

ص: 71

لنا: أن فاطمة رضي الله عنها: سمعت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (1).

وهذا تكليف عام، ولم تسمع المخصِّص مع وجوده وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(نحن معاشر الأنبياء لا نورث)(2).

وأكثر الصحابة سمعوا الأمر بقتل الكفار (3) إلى أن يُؤَدُّوا الجِزْيَة (4)، ولم يأخذ عمر الجزية من المجوس (5) حتى شهد

= الإحكام للآمدي (3/ 49)، شرح تنقيح الفصول للقرافي (286)، البحر المحيط للزركشي (3/ 495)، أصول ابن مفلح (3/ 1033)، رفع الحاجب لابن السبكي (3/ 439)، التحبير للمرداوي (6/ 2829)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 455).

(1)

سورة النساء (11).

(2)

عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها فقال أبو بكر: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) والحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه، انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري (6/ 197) كتاب فرض الخُمس، باب فرض الخمس برقم (3093). ومسلم في صحيحه (3/ 1377) كتاب الجهاد والسير، باب حكم الفيء برقم (49).

(3)

المراد به العموم في قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [سورة التوبة (29)].

(4)

الجِزْيَة: الوظيفة المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام كل عام. انظر: المغني لابن قدامة (13/ 202)، والمطلع على أبواب المقنع للبعلي ص (218).

(5)

المجوس: قوم ديانتهم المجوسية، نشأ مذهبهم في زمن شريعة موسى عليه السلام، وهم ثنويةٌ يعبدون الشمس والنار، ويقولون بإلهين للنور والظلمة، =

ص: 72

عبد الرحمن بن عوف: (أنه صلى الله عليه وسلم أخذها [منهم])(1) روراه البخاري (2).

وروى مالك في الموطأ (3)، (4) عنه، عن جعفر بن محمد (5) عن أبيه (6) أنَّ عمر ذكرهم فقال:(ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ )، فشهد عبد الرحمن أنَّه صلى الله عليه وسلم قال:

= أو الخير والشر. انظر: المنية والأمل في شرح الملل والنحل، لأحمد المرتضى ص (72)، وعقائد الثلاث والسبعين فرقة، لأبي محمد اليمني (2/ 741).

(1)

ما بين المعقوفتين في المخطوط: "منه" والمثبت هو الصحيح لأنه الذي يستقيم به المعنى، لأن اللفظ جمعٌ.

وفي الحديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر) أخرجه البخاري. انظر: فتح الباري.

(2)

انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري (6/ 257)، كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب حديث رقم (3157).

(3)

الموطأ (1/ 278) كتاب الزكاة، باب جزية أهل الكتاب والمجوس برقم (42).

(4)

مسند الإمام الشافعي ص (209)، بدائع المنن للإمام الشافعي (2/ 126).

(5)

هو: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الصادق، أبو عبد الله المدني، وثقه الشافعي وابن معين، وأبو حاتم، روى عن أبيه وروى عنه سفيان الثوري وابن عيينة، توفي سنة 148 هـ. انظر: التاريخ الكبير لابن معين (2/ 87)، وميزان الاعتدال (1/ 414)، وتهذيب التهذيب (2/ 103).

(6)

هو: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، وثقه ابن سعد والعجلي قال ابن سعد:"كان كثير الحديث"، روى عن أبيه، والحسن بن علي - جده لأمه - والحسين - جده لأبيه - وروى عنه ابن جعفر والزهري، توفي سنة 114 هـ. انظر: تهذيب الكمال للمزي (6/ 442)، تهذيب التهذيب لابن حجر (9/ 350).

ص: 73

(سُنُّوا بهم سنّة أهل الكتاب) منقطع (1).

وأيضًا: إذا ثبت تأخير البيان؛ فعدم الاستماع أولى.

قوله: مسألة: يجوز - على المنع - تأخير النبي صلى الله عليه وسلم تبليغ الحكم إلى وقت الحاجة، عند القاضي (2)، (3) ومنعه أبو الخطاب (4)، وابن عقيل (5)(6).

لنا: أنه لا يلزم منه محال، والأصل الجواز عقلًا، والأمر بالتبليغ (7) - بعد تسليم أنه للوجوب والفور - المراد به: القرآن؛ لأنه المفهوم من لفظ "المُنْزَل".

ووجه المنع: أنه يخلُ أن لا يعتقد المكلف شيئًا، وهو إهمال،

(1) قال ابن عبد البر في التمهيد لأبي الخطاب (2/ 114): "وهو منقطع، ثم قال: ولكن معناه متصل من وجوه حسان"، وقال ابن حجر في فتح الباري (6/ 261):"وهذا منقطع مع ثقة رجاله"، وكذلك في موافقة الخُبر الخبر (1/ 379)، وأورده ابن حجر في التلخيص الحبير (3/ 177) من طريق زيد بن وهب وحسّنه، وسبب الانقطاع أن أبا جعفر لم يلق عمر ولا عبد الرحمن، فولادته سنة 56 هـ بعد وفاتيهما. حيث توفي عمر رضي الله عنه سنة 23 هـ، وتوفي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه سنة 31 أو 32 هـ. وانظر: تصحيح الألباني في إرواء الغليل (5/ 88).

(2)

العدة لأبي يعلى (3/ 732).

(3)

انظر: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (144)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (285).

(4)

التمهيد لأبي الخطاب (2/ 306).

(5)

الواضح لابن عقيل (4/ 117).

(6)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (130).

(7)

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [سورة المائدة (67)].

ص: 74

بخلاف تأخير البيان، ولهذا يجوز تأخير النسخ لا تبليغ المنسوخ (1).

قوله: مسألة: يجوز - على الجواز (2) - التدريج في البيان عند المحققين (3).

لوقوعه (4)، والأصل عدم مانع.

قالوا: تخصيص بعض بذكره يوهم نفي غيره (5)، ووجوب استعمال اللفظ في الباقي، وهو تجهيل للمكلف.

ردَّ: بذكر العام بلا مخصص (6).

(1) أصول ابن مفلح (3/ 1036).

(2)

هذا تفريع على جواز إسماع بعض من البيان دون بعض. انظر: منتهى السول والأمل لابن حاجب ص (144).

(3)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (130). وانظر قول المحققين في: التقريب والإرشاد للباقلاني (3/ 417)، المستصفى للغزالي (1/ 381)، الإحكام للآمدي (3/ 50)، أصول ابن مفلح (3/ 1037)، التحبير للمرداوي (6/ 2833).

(4)

دليل الوقوع كما في قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} سورة التوبة (5). فهو عموم فقال جميع المشركين، ثم بين خروج الذمي ثم العبد ثم المرأة بالتدريج. فخرج الذمي بحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة). انظر: صحيح البخاري مع الفتح (6/ 269)، وخرجت المرأة بالحديث المتفق عليه عن ابن عمر (أن امرأة وجدت في بعض مغازي الرسول مقتولة، فأنكر رسول الله قتل النساء والصبيان). انظر: صحيح البخاري مع الفتح (6/ 148)، ومسلم في صحيحه برقم (1364)، وفي الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه (1213) عن رباح بن ربيع أنه صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا لخالد بن الوليد وقال (قل لخالد: لا يقتلنّ امرأة ولا عسيفًا). وانظر: رفع الحاجب للسبكي (3/ 442).

(5)

انظرة رفع الحاجب للسبكي (3/ 442).

(6)

أصول ابن مفلح (3/ 1037).

ص: 75

قوله: مسألة: وفي وجوب اعتقاد عموم العام، والعمل به قبل البحث عن المخصص، عن إمامنا: روايتان (1)، ولأَصحابنا: قولان.

[فقال](2) الجرجاني: إن سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم على طريق تعليم الحكم؛ وجب اعتقاد عمومه وإلا فلا (3).

الوجوب: قول أبي بكر (4)، (5) وابن عقيل (6)، وصاحب الروضة (7)، والصيرفي (8) الشافعي، والسرخسي الحنفي (9).

(1) انظر: العدة لأبي يعلى (2/ 525)، التمهيد لأبي الخطاب (2/ 65)، الواضح لابن عقيل (3/ 360)، المسودة لآل تيمية ص (109).

(2)

هكذا في المخطوط، وفي المختصر في أصول الفقه لابن اللحام:"وقال".

(3)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (130).

(4)

المراد به القاضي أبو بكر عبد العزيز غلام الخلَّال. صرح بذلك ابن تيمية في المسودة لآل تيمية ص (109). وانظر: العدة لأبي يعلى (2/ 526)، والتمهيد لأبي الخطاب (2/ 66).

(5)

العدة لأبي يعلى (2/ 526).

(6)

الواضح لابن عقيل (3/ 360).

(7)

روضة الناظر لابن قدامة (2/ 717).

(8)

انظر: التبصرة للشيرازي (120)، المستصفى للغزالي (2/ 157)، البحر المحيط للزركشي (3/ 36).

(9)

انظر: العدة لأبي يعلى (2/ 528)، المسودة لآل تيمية (109). والمراد به أبو سفيان السرخسي، أكثر من النقل عنه القاضي أبو يعلى في العدة في أكثر من 32 موضع، وابن تيمية في المسودة.

وهو أبو سفيان محمد بن أحمد بن عبد الله بن العباس العبدوسي السرخسي (455 - 528 هـ). انظر ترجمته في "التحبير في المعجم الكبير"(2/ 62) رقم (663) لعبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المرودي (ت 562 هـ) المحقق: منيرة ناجي سالم، الناشر: رئاسة ديوان الأوقاف، بغداد. ط 1، 1395 هـ، 1975 م.

ص: 76

والمنع قول أبي الخطاب (1)، (2) وغيرهما من علمائنا (3)، وأكثر الشافعية (4) وذكره بعضهم إجماعًا (5).

وجه الأول: الموجب للاستغراق لفظ العموم، والمخصص معارض الأصل عدمه.

أجاب بعض علمائنا (6): لكن النفي لا يحكم به قبل البحث، وأجاب في التمهيد (7): إنَّما يفيده؛ بشرط تجرده عن مخصص، وما نعلمه إلا أن نبحث فلا نجده.

وكذلك قال أبو العباس (8): عدم المخصِّص شرط في

(1) التمهيد لابن الخطاب (2/ 165).

(2)

نسبه إليه في المسودة لآل تيمية ص (109).

(3)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1038)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 458).

(4)

وهو قول ابن سريج، وأبي إسحاق المروزي، والأصطخري والغزالي، وهو الراجح عند الشافعية كما صرَّح بذلك الزركشي في البحر المحيط. انظر: التبصرة للشيرازي (190)، المستصفى للغزالي (2/ 157)، البحر المحيط اللزركشي (3/ 36).

(5)

لا يستقيم القول بالإجماع مع وجود القائلين بالوجوب. انظر: العدة لأبي يعلى (2/ 525)، التبصرة للشيرازي (119)، شرح مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 168)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (1/ 230)، أصول ابن مفلح (3/ 1038).

(6)

المراد به ابن تيمية كما في المسودة لآل تيمية (109).

(7)

التمهيد لأبي الخطاب (2/ 67).

(8)

هذا النص مما ذكر عن مجد الدين ابن تيمية، والمصنف ذكره عن شيخ الإسلام. انظر: المسودة لآل تيمية ص (7).

ص: 77

العموم، أو هو (1) من باب التعارض؟ فيه قولان، كما في تخصيص العلة.

وجه قول الجرجاني (2): هو أنه إذا سمعه من المعصوم على طريق تعليم الحكم؛ فالعموم واجبٌ اعتقاده، لمنع تأخير بيان التخصيص منه (3).

(1) أي: المخصص.

(2)

صرح به المصنف في أول الكتاب القسم الثاني ص (327) بأنه الجرجاني الحنفي، وذكر في المسودة لآل تيمية ص (109) أنه أبو عبد الله الجرجاني، وذكره القاضي أبو يعلى في معرض اختلاف الحنفية، فيحتمل أن يكون يوسف بن محمد الجرجاني الحنفي الذي كان حيًّا سنة 522 هـ. انظر ترجمته في: الفوائد البهية للكنوي ص (231)، وتاج التراجم ص (60)، والجواهر المضية (2/ 228)، أو هو محمد بن يحيى بن مهدي الحنفي، أحد أعلام الحنفية ومن أصحاب التخريج في المذهب، أخذ الفقه على أبي بكر الرازي الجصاص، وتفقه عليه أبو الحسين أحمد بن محمد القُدُوري، من مصنفاته: ترجيح مذهب أبي حنيفة، توفي سنة 397 هـ وقيل: 398 هـ. وهو الأقرب إلى الصواب، مع عدم الجزم لأنه سابق لأبي يعلى، ولكن هل هو الذي ينقل عنه أم لا؟ رجّح ذلك جمع من المحققين كما في: العدة لأبي يعلى (1/ 269)، وأصول ابن مفلح (1/ 220)، وغيرهما. وانظر ترجمته في: الفوائد البهية للكنوي ص (202)، والجواهر المضية (2/ 143)، وكشف الظنون (1/ 380).

(3)

لم أطلع على قوله - فيما وقفت عليه - في كتب الأحناف، وإن كان قد قال بهذا القول بعضهم كالسرخسي في أصوله (1/ 132)، وانظر: أصول البزدوي (1/ 291)، وفتح الغفار لابن نجيم (1/ 86). وانظر نسبة القول إليه في العدة لأبي يعلى (2/ 527)، والتمهيد لأبي الخطاب (2/ 67)، والمسودة لآل تيمية ص (109)، وأصول ابن مفلح (3/ 1039).

ص: 78

رُدَّ: يجوز (1).

ثمَّ: الراوي عنه مثله (2).

قوله: وهل كل دليل مع معارضه كذلك - كما هو ظاهر كلام إمامنا - أو يجب العمل بالظاهر في غير العموم جزمًا؟ قولان، وعلى منع العمل هل يشترط حصول اعتقاد جازم بعدم معارض أو يكفي غلبة الظن؟ قولان (3).

قال أبو العباس - بعد ذكر مسألة العموم المتقدمة -: "وهذا عام في الظواهر كلها من العموم والمطلق والأمر والنهي والحقائق، وهو نصٌّ (4)، وقال - فيما كتب به إلى الجوزجاني (5) -: فأمَّا من تأوَّله على ظاهره - يعني القرآن - بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من أصحابه فهو تأويل أهل البدع، لأن الآية قد تكون خاصَّة ويكون حكمها عامًّا ويكون

(1) أي: ويجوز تأخير بيان التخصيص.

(2)

هذا جواب عن بقية قولٍ للجرجاني أعرض المصنف عنه وهو: "وإن سمعه من غيره لزمه التثبت وطلب ما يقتضي تخصيصه

". انظر: العدة لأبي يعلى (2/ 527).

(3)

المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (130).

(4)

المسودة لآل تيمية ص (110).

(5)

هو: محمد بن أحمد بن أحمد الجراح الحنبلي، المعروف بابن عبد الرحيم، جليل القدر ثقة من أصحاب الإمام أحمد، وكان الإمام يكاتبه ويثني عليه. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (1/ 262)، واللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزري (1/ 308).

ص: 79

ظاهرها على العموم، وإنما قَصَدَتْ لشيء بعينه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم المُعبِّر عن كتاب الله وما أراد، وأصحابه أعلم بذلك منا لمشاهدتهم الأمرَ وما أريدَ بذلك" (1) انتهى.

وكذلك جزم به الآمدي (2)، (3).

وفي التمهيد: "جميع ذلك كمسألتنا، وإن سلَّمنا أسماء الحقائق فقط (4)، فلأنَّ لفظ العموم حقيقة فيه ما لم نجد مخصصًا، وحقيقة فيه وفي الخصوص"(5).

وأيضًا: لا يلزمه طلب ما لا يعلمه كطلب: هل بعث الله رسولًا؟ (6).

وأجاب في التمهيد: "يلزمه (7)، كما يلزمه هنا طلب المخصِّص في بلده (8). قيل له: فلو ضاق الوقت عن

(1) جاءت النسبة إليه في المسودة لآل تيمية ص (111).

(2)

الإحكام للآمدي (3/ 51).

(3)

انظر: البحر المحيط للزركشي (3/ 46).

(4)

وقال أبو الخطاب: "فالفرق أن أسماء الحقائق لا تستعمل في غيرها إلا مجازًا، فلم يجز ترك الحقيقة بغير دليل". انظر: التمهيد لأبي الخطاب (2/ 65).

(5)

لأن أسماء الحقائق لا تستخدم في غيرها إلا مجازًا. انظر التمهيد لأبي الخطاب (2/ 65).

(6)

انظر: أصول ابن مفلح (3/ 1042).

(7)

أي: يلزم المكلف السؤال عن بعثة نبي إذا سمع أنه قد بُعث نبيّ في بلده.

انظر: التمهيد لأبي الخطاب (2/ 310).

(8)

ولا يلزمه أن يجوب البلاد في طلب النبي، ولا في طلب المخصص. انظر عبارة أبي الخطّاب في التمهيد لأبي الخطاب (2/ 310).

ص: 80

طلبه؟ (1) فقال: الأشبه؛ يلزمه العمل بالعموم، وإلا لما أسمعه الله إياه قبل تمكنه من المعرفة بالمخصِّص، لأنه وقت الحاجة إلى البيان.

قال: ويحتمل، لا يعمل حتى يطلبه؛ كمجتهد ضاق وقت اجتهاده، لا يقلد غيره" (2).

قال ابن مفلح: "وظاهر كلام أصحابنا (3)، - وقاله الأكثر (4) -: يكفي بحيث يُظنُّ معه انتفاؤه، واعتبر ابن الباقلاني (5) وجماعةً: القطع (6).

(1) أي: طلب المخصوص.

(2)

التمهيد لأبي الخطاب (2/ 311).

(3)

انظر المسودة: ص (110).

(4)

انظر: الإحكام للآمدي (3/ 51)، ومنتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (144).

(5)

التقريب والإرشاد للباقلاني (3/ 425). وابن الباقلَّاني هو: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر البصري البغدادي المالكي، المعروف بالقاضي الباقلاني، لأن والده كان يبيع الباقلاء، عالم في الفقه والأصول والعربية ومناظر متميز، له ردود على كثير من الفرق، يعد من المجددين على رأس المائة الرابعة، توفي 403 هـ، من مصنفاته: في الأصول: التقريب والإرشاد طبع جزء منه بتحقيق د. عبد الحميد أبو زنيدة، وإعجاز القرآن. انظر: الديباج المذهب ص (363)، شجرة النور الزكية لمخلوف ص (211).

(6)

انظر: الإحكام للآمدي (3/ 51)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (286)، والبحر المحيط للزركشي (3/ 35).

ص: 81