الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: ما تناول مطلقًا بصفة زائدة - وهذا التفسير أعم من الأول - كقولك: "دينار مصري" فإنه وإن كان مطلقًا في جنسه من حيث هو "دينار مصري"، لكنه مقيَّد بالنسبة إلى مطلق الدينار، وكذلك الشهران فإنهما وإن كانا مطلقين في جنس الأشهر المتتابعة، لكنهما مقيدان بالنسبة إلى مطلق الأشهر (1).
[مراتب المقيَّد]
قوله: وتتفاوت مراتبه بقلَّة القيود وكثرتها (2)، وقد يجتمعان في لفظٍ واحدٍ بالجهتين: كرقبة مؤمنة، قُيِّدت من حيث الدِّين، وأطلقت من حيث ما سواه (3).
فما كثرت قيوده كقوله تعالى: {أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} (4) أعلى رتبة مما قيوده أقل.
وقد يجتمع المطلق والمقيَّد في لفظٍ واحد لكن اعتبارًا بالجهتين، فيكون مقيدًا من وجه مطلقًا من آخر: كرقبة مؤمنة، قيدت الرقبة من حيث الدِّين، وأطلقت من حيث ما سواه من الأوصاف، كالصحة والطول والبياض وأضدادها (5).
(1) انظر: الإحكام للآمدي (3/ 4).
(2)
أي وتتفاوت مراتب المقيد.
(3)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (125).
(4)
سورة التحريم (5).
(5)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 764)، والبحر المحيط للزركشي (3/ 413)، والكوكب المنير لابن النجار (3/ 293).
قوله: مسألة: إذا ورد مطلق ومقيد:
فإن اختلف حكمهما، مثل:"أكْسُ" و "أطعم"، لم يُحمل أحدهما على الآخر بوجه اتفاقًا (1)، وإن لم يختلف حكمهما، فإن اتحد [سببهما] (2) وكانا مُثبتين - نحو: اعتق في الظهار رقبة، ثمَّ قال: اعتق رقبة مؤمنة - حمل المطلق على المقيد، ذكره أبو البركات (3) إجماعًا (4).
قلت: لكن ذكر القاضي (5)،
(1) انظر: العدة لأبي يعلى (2/ 636)، والتمهيد لأبي الخطاب (2/ 169)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (266)، والبحر المحيط للزركشي (3/ 416).
(2)
هكذا في المخطوط، وهو المثبت في جميع نسخ مخطوطات مختصر أصول الفقه لابن اللحام، وهو الصحيح الذي به يستقيم المعنى، وجاءت العبارة "سبيلهما" في المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (125).
(3)
هو: مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحرَّاني الحنبلي، جد شيخ الإسلام ابن تيمية الإمام المقرئ المحدث المفسر الأصولي النحوي، برع في الفقه حتى قيل (أُلين له الفقه كما ألين لداود الحديد). توفي سنة 653 هـ. من مصنفاته في الأحكام: المنتقى، والمحرر في الفقه، وألف المسودة في أصول الفقه وجميعها مطبوعة. انظر: المقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 162)، المنهج الأحمد للعليمي (4/ 265).
(4)
المسودة لآل تيمية ص (146)، وممن نقل الإجماع الآمدي في الإحكام (3/ 4) والباقلاني كما في التلخيص للجويني، والقاضي عبد الوهاب كما في شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (267)، وغيرهم. انظر: البحر المحيط للزركشي (3/ 418)، والتحبير للمرداوي (6/ 2721).
(5)
هو: محمد بن الحسين الفرّاء البغدادي الحنبلي، اشتهر بالقاضي أبي يعلى، شيخ الحنابلة في عصره، من أسرة علم فأبوه فقيه حنفي اهتم به، توفي ولم يبلغ أبو يعلى عشر سنين، أخذ العلم عن ابن حامد، =
وأبو الخطاب (1)، رواية عن أحمد أن المطلق لا يُحمل على المقيد (2).
ثم إن كان المقيَّد آحادًا، والمطلق تواترًا، انبنى على مسألة الزيادة على النص هل هي نسخ؟ وعلى نسخ المتواتر بالآحاد، والمنع قول الحنفية (3)، والأشهر (4) أن المقَّيد بيان للمطلق لا
= حدّث وأفتى ودرّس، كان عالمًا في الفروع والأصول، وإمامًا لا يُشق له غبار، تولى القضاء، توفي ببغداد سنة 458 هـ من مصنفاته: في الأصول: العدة في أصول الفقه (مطبوع)، والكفاية والمجرد في الفقه على مذهب الحنابلة، والأحكام السلطانية (مطبوع). انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 167)، المقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 395)، مقدمة العدة في أصول الفقه (1/ 15).
(1)
هو: محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي الحنبلي، والكلوذاني نسبةً إلى كلوذى بلدة قريبة من بغداد، أخذ العلم وتتلمذ على القاضي أبي يعلى، كان إمام الحنابلة في عصره، برع في الفقه والأصول والفرائض، تولى التدريس والإفتاء، توفي ببغداد سنة 510 هـ. من مصنفاته: التمهيد في أصول الفقه (مطبوع)، والانتصار في المسائل الكبار (طبع منه إلى كتاب الحج)، والهداية في الفقه (مطبوع). انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (1/ 97)، المقصد الأرشد لابن مفلح (3/ 20)، المنهج الأحمد للعليمي (3/ 57).
(2)
جاءت هذه الرواية في كتاب التعليق الكبير للقاضي أبي يعلى مخطوط (ج 4 ق 112)، وكتاب الانتصار في المسائل الكبار ولم أقف عليه، ولكن نسب القول إليه ابن مفلح في أصوله (3/ 988)، والمرداوي في التحبير (6/ 2722)، وانظر: القواعد والفوائد الأصوليه لابن اللحام ص (229).
(3)
انظر: أصول السرخسي (2/ 77)، فتح الغفار لابن نجيم (2/ 134)، التلويح على التوضيح للتفتازاني (2/ 36)، فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 36).
(4)
انظر: قول الجمهور في: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (136)، =