المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[تجزؤ الاجتهاد] قوله: مسألة: يتجزأ الاجتهاد عند الأكثر (1)، وقيل: في - شرح مختصر أصول الفقه للجراعي - جـ ٣

[الجراعي]

فهرس الكتاب

- ‌[تعريف المطلق]

- ‌[الفرق بين المطلق والنكرة]

- ‌[تعريف المقيّد]

- ‌[مراتب المقيَّد]

- ‌[أقسام حمل المطلق على المقيّد]

- ‌[حكم حمل المطلق علي المقيّد إذا كان بالمفهوم]

- ‌[إذا اتحد الحكم واختلف السبب]

- ‌[المطلق من الأسماء]

- ‌[تعريف المجمل]

- ‌[الإجمال في المفرد]

- ‌[الإجمال في المركب]

- ‌[الإجمال في عموم المقتضى]

- ‌مطلب: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان

- ‌[تعريف المبين]

- ‌[البيان بالأضعف]

- ‌[تأخير البيان عن وقت الحاجة]

- ‌[تعريف الظاهر]

- ‌[حكم الظاهر]

- ‌[المؤول]

- ‌[التأويلات البعيدة]

- ‌[مطلب: مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة]

- ‌[مفهوم المخالفة]

- ‌[أقسام المفاهيم]

- ‌[النسخ]

- ‌[وقوع النسخ]

- ‌ لا يجوز على الله البداء

- ‌[بيان الغاية المجهولة هل هي نسخ

- ‌[النسخ قبل التمكن من الفعل]

- ‌[نسخ إيقاع الخبر]

- ‌[النسخ إلى غير بدل]

- ‌[النسخ بأثقل]

- ‌[أنواع النسخ من حيث المنسوخ]

- ‌[نسخ الكتاب والسنة بمثلها]

- ‌[نسخ القرآن بالسنة المتواترة]

- ‌[الإجماع لا يُنسَخ ولا يُنسَخ به]

- ‌[نسخ الفحوى والنسخ بها]

- ‌[نسخ حكم المنطوق يستلزم نسخ حكم الفرع أم لا

- ‌[حكم النسخ قبل أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[حكم الزيادة غير المستقلة على النص]

- ‌[نسخ جزء من العبادة ليس نسخًا لجميعها]

- ‌[معرفة الله لا تنسخ]

- ‌[طرق معرفة النسخ]

- ‌[شروط النسخ]

- ‌[تعريف القياس]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌تنبيهان:

- ‌[شروط علة الأصل]

- ‌[شروط الفرع]

- ‌[مسالك العلة]

- ‌[تقسيمات القياس]

- ‌ الأسئلة الواردة على القياس

- ‌تنبيهات:

- ‌[تقسيمات الاجتهاد]

- ‌[شروط المجتهد]

- ‌[تجزؤ الاجتهاد]

- ‌[المسألة الظنية]

- ‌[تقليد المفضول]

- ‌[لا يجوز تتبع الرخص]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح من جهة السند]

- ‌[الترجيح بالخارج]

- ‌[الترجيح بالقياس]

- ‌[الترجيح بحكم الأصل]

الفصل: ‌ ‌[تجزؤ الاجتهاد] قوله: مسألة: يتجزأ الاجتهاد عند الأكثر (1)، وقيل: في

[تجزؤ الاجتهاد]

قوله: مسألة: يتجزأ الاجتهاد عند الأكثر (1)، وقيل: في باب لا مسألة (2).

لنا: من اطلع على أدلة مسألةٍ كغيره فيها ظاهرًا، واحتمالُ تعلّق ما لم يعلمه بها بعيد، كمسائل الطهارة والزكاة بالنسبة إلى الفرائض، فلا يضرّ كخفاءِ بعضها عن مجتهد مطلق (3).

يقول المانع (4): يحتمل أن يكون فيما لم يعلمه من الأدلة معارض لما علمه بخلاف من اطلعه وقول من أجازه

(1) مسألة تجزؤ الاجتهاد، بمعنى هل يصح للمجتهد أن يجتهد في بعض المسائل أو الأبواب دون البعض الآخر؟ أم يشترط للمجتهد أن يكون لديه القدرة على استنباط الأحكام في جميع أبواب الفقه؟ اختلف على أربعة أقوال: الأول: الجمهور على الجواز كما صرّح المصنف، والثاني: عدم الجواز، والثالث: الجواز في مسائل الميراث وحدها لأنها منفصلة عن غيرها، والرابع: التوقف. انظر: المعتمد للبصري (2/ 357)، التمهيد لأبي الخطاب (4/ 393)، المستصفى للغزالي (2/ 353)، المحصول للرازي (6/ 25)، الإحكام للآمدي (4/ 164)، شرح مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 290)، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 585)، البحر المحيط للزركشي (6/ 209)، أصول ابن مفلح (4/ 1469)، التحبير للمرداوي (8/ 3886)، شرح الكوكب لابن النجار (4/ 473)، فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 416)، إرشاد الفحول للشوكاني (2/ 310).

(2)

مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (164).

(3)

انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1469).

(4)

انظر أدلة القول الثاني في: البحر المحيط للزركشي (6/ 209)، تشنيف المسامع للزركشي (4/ 576)، التحبير للمرداوي (8/ 3888)، إرشاد الفحول للشوكاني (2/ 310).

ص: 411

في باب لا مسألة، لأن الباب كله مرتبط بمسائله، بخلاف من حصل مسألة فقط، فإنه يحتمل أن يكون في باقي مسائل الباب ما هو متعلق بتلك المسألة، ومعارض لها من جهة الدليل فلا يجوز (1). فالمُرجَّح الأول.

قوله: يجوز التعبد بالاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم عقلًا عند الأكثر خلافًا لأبي الخطاب (2)، وفي جوازه شرعًا أقوال ثالثها: يجوز بإذنه، ورابعها: لمن بَعُد (3).

أما جوازه عقلًا: فلأنا لو فرضنا أن الله تعالى [تَعبَّده](4) بذلك وقال له: حُكمِي عليكَ أن تجتهد وتقيس لم يلزمْ عن ذلك لذاته محالٌ، ولا معنى للجواز العقلي سوى ذلك (5).

وأما جوازه شرعًا (6) فلا شك أنّ وقوعه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره له، دليل على جوازه، لا سيما وقد أمرَ به كما يأتي: فَمِن ذلك أنّ أبا قتادة (7) قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إنّه قتلَ رجلًا)،

(1) انظرة التحبير للمرداوي (8/ 3887)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 474)، إرشاد الفحول للشوكاني (2/ 313).

(2)

التمهيد لأبي الخطاب (4/ 423).

(3)

مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (164).

(4)

في المخطوط مطموسة بسبب البلل والتصحيح من الإحكام للآمدي (4/ 165).

(5)

انظر: الإحكام للآمدي (4/ 165).

(6)

انظر قول الجمهور في المعتمد للبصري (2/ 243)، والعدة لأبي يعلى (5/ 1590)، والتبصرة للشيرازي ص (519)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (342).

(7)

أبو قتادة هو: الصحابي الحارث بن ربعي الأنصاري الخزرجي السلمي، أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم عدة سرايا، وأبلى في الجهاد والقتال جهادًا حسنًا، =

ص: 412

فقال رجل: صدَقَ، وَسَلَبه عندي فأرضِه من حقه، فقال أبو بكر (1) رضي الله عنه: لا ها الله إذًا؛ لا يعمد إلى أَسَد من أُسْدِ الله يقاتل عنِ الله ورسوله فيعطيك سلبه. فقال: (صدق) متفق عليه (2).

والمعروف لغة: لا ها الله ذا، أي: يميني (3).

ونزل بنو قريظة (4) على حكم سعد بن معاذ. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجاء، فقال:(نَزَل هؤلاء على حكمك). قال: فإني أحكم بقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم، فقال:(قضيتَ بحكم الله) متفق عليه (5).

= وهو فارس رسول الله، توفي بالمدينة 54 هـ. انظر. الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 94)، أسد الغابة لابن الأثير (1/ 391).

(1)

قال المرداوي في التحبير (8/ 3917): "وأبو بكر إنما قال ذلك اجتهادًا، وإلا لأسنده إلى النص، لأنه أدعى إلى الانقياد وأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك، وإذا ثبت هذا في الحاضر فالغائب أولى". وانظر تفصيل ذلك في: نهاية الوصول للصفي الهندي (8/ 3820)، والمعتبر للزركشي ص (242).

(2)

الحديث أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري. انظر: فتح الباري لابن حجر (6/ 246) كتاب فرض الخمس، باب من لم يخمس الأسلاب في قصة طويلة برقم (3142). ومسلم (3/ 1370) في كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب المقتول برقم (41).

(3)

انظر: مادة "لها" في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (5/ 237).

(4)

بنو قريظة: إحدى القبيلتين من يهود خيبر، كانوا يسكنون ضواحي المدينة.

انظر: تاريخ اليعقوبي (2/ 52)، وقريظة نسبةً إلى القرظ وهو نوع من الشجر يدبغ به. انظر: مادة "قرظ" في لسان العرب لابن منظور (7/ 454).

(5)

أخرجه البخاري ومسلم. انظر صحيح البخاري مع فتح الباري لابن حجر (7/ 411)، كتاب المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب برقم (3043)، =

ص: 413

وجاء صلى الله عليه وسلم رجلان، فقال لعمرو بن العاص (1):(اقض بينهما)، قال: وأنت هنا يا رسول الله؟ ! ، قال:(نعم). رواه الدارقطني من رواية فرح بن فضالة (2) ضعّفه الأكثر (3) ورواه أحمد أيضًا (4).

وله أنه صلى الله عليه وسلم: أمر معقل بن يسار (5) أن يقضي بين قوم.

= وصحيح مسلم (3/ 1388)، كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد برقم (64)، وانظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 331).

(1)

عمرو بن العاص بن وائل بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، أبو عبد الله، من دهاة العرب، صحابي جليل القدر، أسلم سنة ثمان من الهجرة، وأمّره الرسول صلى الله عليه وسلم على سريّة نحو الشام، وولاه الرسول صلى الله عليه وسلم على عُمَان، مات وهو أميرًا على مصر سنة 43 هـ. انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (3/ 266)، البداية والنهاية لابن كثير (4/ 236).

(2)

سنن الدارقطني (4/ 203) في كتاب الأقضية برقم (1)، وتتمة الحديث عن عبد الله بن عمرو: قال على ما أقضي؟ قال: إن اجتهدت فأصبت لك عشر أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد. والحديث مضطرب الإسناد. انظر: التلخيص الحبير (4/ 180). وأما ترجمته، فهو: فرج بن فضالة بن النعمان التنوخي، الشامي، مات سنة 176 هـ. انظر: الكاشف للذهبي (2/ 326)، تقريب التهذيب ص (444).

(3)

ضعفه ابن حجر في تقريب التهذيب ص (2/ 108)، والذهبي في المستدرك للحاكم (4/ 88).

(4)

انظر: مسند الإمام أحمد (4/ 205، 5/ 26). وفيه أبو داود الأعمى نفيع بن الحارث وهو كذاب. انظر: ميزان الاعتدال (4/ 272).

(5)

هو: معقل بن يسار بن عبد الله بن معبّر المزني، أبو هدمة، شهد الحديبية، وسكن البصرة وبها توفي في آخر خلافة معاوية، وقيل: في أيام خلافة يزيد. انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (3/ 485)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 576).

ص: 414

ولأبي داود (1) وابن ماجة (2) والترمذي وحسنه (3): أنه بعث إلى اليمن (4) قاضيًا (5). وسبق خَبَر معاذ (6).

ووجه الثاني: وهو المنع مطلقًا (7). أنَّ المجتهد قادر على

(1) انظر: سنن أبي داود (3/ 30) كتاب الأقضية، باب كيف القضاء برقم (3582).

(2)

انظر: سنن ابن ماجة (2/ 774) كتاب الأحكام، باب ذكر القضاة برقم (2310).

(3)

عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تستمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي). قال علي: "فما زلت قاضيًا بعد". هذا حديث حسن. انظر: سنن الترمذي (3/ 609) كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما برقم (1331).

(4)

اليمن: تسمى حديثًا بالجمهورية العربية اليمنية، دولة في شبه الجزيرة العربية على البحر الأحمر، عاصمتها صنعاء، يبلغ سكانها سبعة ملايين ونصف، اشتهرت قديمًا بمملكة سبأ، دخلها الإسلام في العام الثامن الهجري. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 448)، المنجد لليسوعي ص (621).

(5)

عن علي رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيًا، فقلت: يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء؟ فقال (إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبيّن لك القضاء) قال: فما زلت قاضيًا أو ما شككت في قضاء بعد". هذا لفظ الإمام أحمد (1/ 149) قال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات غير أنه منقطع.

(6)

انظر ص (271).

(7)

نسبه لبعض الشافعية الشيرازي في: التبصرة للشيرازي ص (519)، ونسبه لبعض المتكلمين ابن تيمية في: المسودة لآل تيمية ص (511)، ونسبه الزركشي للجبائي وأبي هاشم في البحر المحيط للزركشي (6/ 220).

ص: 415

اليقين، بمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف ما إذا عمل باجتهاده فإنه عمل بالظن، والعدول عن اليقين إلى الظن غير جائز لأنه تهاون بالأحكام.

ووجه الثالث: أنه إذا أذن له في ذلك فقد زال الحرج عنه (1).

ووجه الرابع: أن البعيد لو أخّر الحادثة إلى لقائِه لفاتت المصلحة بخلاف القريب (2).

قوله: مسأله: يجوز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الشرع عقلًا عند الأكثر (3).

لأنه إذا جاز الاجتهاد لغير النبي صلى الله عليه وسلم عقلًا فالنبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى (4).

(1) انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 589).

(2)

انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 324).

(3)

مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (164).

(4)

هذا قول الجمهور ومنهم الشافعي وأحمد وهو المختار عند ابن الحاجب قال الإمام الشافعي في الرسالة ص (107) في قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} [الرعد: 39] وقد قال بعض أهل العلم في هذه الآية -والله أعلم-: "دلالة على أن الله جعل لرسوله أن يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل به كتابًا" اهـ. وانظر: الإحكام للآمدي (4/ 165). قال القاضي أبو يعلى في العدة لأبي يعلى (4/ 1579): "وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله لما قيل له: هاهنا قومٌ يقولون: ما كان في القرآن أخذنا به، قال: ففي القرآن تحريم لحوم الأهلية؟ ! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) وما أعلمهم بما أوتي". وانظر: هذه الرواية في المسودة لآل تيمية ص (508). والحديث أخرجه أبو داود (5/ 10) في كتاب السنة، باب لزوم السنة برقم (4604) قال الترمذي عنه (5/ 38): وهو حديث حسن غريب.

ص: 416

قوله: وأما شرعًا فأكثر أصحابنا على جوازه ووقوعه (1). خلافًا: لأبي حفص العكبرى (2)، وابن حامد (3) وجوزَه القاضي في أمر الشرع فقط (4).

ووجه الأول: [لا](5) يلزم منه مُحال، والأصل مشاركته لأمته، وظاهر قوله:{فَاعْتَبِرُوا} (6){وَشَاوِرْهُمْ} (7) وطريقُ المشاورةِ الاجتهاد.

(1) انظر قول أكثر الحنابلة والجمهور في: العدة لأبي يعلى (4/ 1578)، التبصرة للشيرازي ص (521)، المستصفى للغزالي (2/ 355)، التمهيد لأبي الخطاب (3/ 412)، روضة الناظر لابن قدامة (3/ 970)، الإحكام للآمدي (4/ 165)، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 593)، البحر المحيط للزركشي (6/ 215)، المسودة لآل تيمية ص (507)، أصول ابن مفلح (4/ 1472)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 185)، التحبير للمرداوي (8/ 3890).

(2)

انظر نسبة القول للعكبري في العدة لأبي يعلى (5/ 1580)، المسودة لآل تيمية ص (507)، أصول ابن مفلح (4/ 1471)، التحبير للمرداوي (654). والعكبري هو: عمر بن إبراهيم بن عبد الله أبو حفص العكبري، صحب من فقهاء الحنابلة عمر المغازلي، وأبا بكر بن عبد العزيز، وابن شاقلا، وابن بطة، من أعرف الحنابلة بالمذهب في زمنه، توفي سنة 387 هـ. من مصنفاته: المقنع، وشرح الخرقي في الفقه، الخلاف بين أحمد ومالك. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 163)، المقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 291)، الدر المنضّد لابن كنان الحنبلي (1/ 180).

(3)

جاءت النسبة إليه في: المسودة لآل تيمية ص (507)، أصول ابن مفلح (4/ 1471).

(4)

مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (164).

(5)

ساقطة والصحيح ما أثبته ليستقيم به المعنى، وهو المثبت في أصول ابن مفلح (4/ 1472).

(6)

سورة آل الحشر (2).

(7)

سورة آل عمران (159).

ص: 417

وفي مسلم: أنه استشار في أسرى بدر فأشار أبو بكر رضي الله عنه: بالفداء فأعجبه، وعمرُ رضي الله عنه بالقتل. فجاءَ عمر من الغد وهما يَبكيان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أبكى للذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهم الفداء)(1)، فأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} (2) الآية. وأيضًا:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (3).

قال في الفنون: "وهو من أعظم دليل لرسالته؛ إذ لو كان من عنده سَتَر على نفسِه أو صوّبه لمصلحةٍ يدَّعِيها، فصار رتبة

(1) أخرجه مسلم من حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنه قال: فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر (ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ ) فقال أبو بكر: يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما ترى يا ابن الخطاب؟ ). قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكنني من فلان نسيبًا لعمر فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني من أيّ شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبكي للذي عرض عليّ صاحبك من أخذهم الفداء لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69]، فأحل الله الغنيمة لهم. صحيح مسلم (3/ 1383)، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر برقم (1763).

(2)

سورة الأنفال (67).

(3)

سورة التوبة (43).

ص: 418

لهذا المعنى، كَسَلْبِه الخط" (1).

وفي الصحيحين: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي)(2). وإنما يكون ذلك فيما لم يوح (3).

ووجه الثاني (4): قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} (5).

أجيب: ردّ على منكري القرآن.

ولأنه: لو كان مأمورًا به لأجاب عن كل واقعة (6)، ولما انتظر الوحي، ولنقل ذلك واستفاض.

(1) انظر النسبة إليه في: أصول ابن مفلح (4/ 1472)، التحبير للمرداوي (8/ 3896).

(2)

أخرجه البخاري ومسلم بنحو هذا اللفظ عن جابر مرفوعًا. انظر: صحيح البخاري (3/ 422)، كتاب الحج، باب التمتع والقران بالحج برقم (1568).

وصحيح مسلم (3/ 888)، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (147).

(3)

أصول ابن مفلح (4/ 1472)، التحبير للمرداوي (8/ 3901).

(4)

انظر هذا الدليل في العدة لأبي يعلى (5/ 1585)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (5/ 599).

(5)

سورة النجم (4).

(6)

كانتظاره صلى الله عليه وسلم للوحي في بعض الوقائع. كما في حديث جابر رضي الله عنه قال جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قُتل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال:(أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك). أخرجه الترمذي واللفظ له، انظر: سنن الترمذي (4/ 414)، كتاب الفرائض، باب ما جاء من ميراث البنات برقم (2092)، وقال الترمذي:"هذا حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل". وحسن الحديث الألباني كما في صحيح سنن الترمذي (2/ 211).

ص: 419

رد: لجواز وحي، واستفراغ وسعه فيه أو تعذره، وأما الاستفاضة فلعله لم يطلع عليه الناس (1).

ووجه قول القاضي: أن الذي تقدم غالبه في أمر الحرب (2). وأيضًا: فإنه لما نزل ببدر للحرب قال له الحباب (3)"إن كان بوحي فسمعًا وطاعة، وإن كان باجتهاد فليس هذا هو الرأي قال: بل باجتهاد؛ ورحل"(4).

ولما أراد صلح الأحزاب على شطر نخل المدينة وكتب

(1) انظر: الدليل والرد في: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 600)، وأصول ابن مفلح (4/ 1475)، والتحبير للمرداوي (8/ 3902).

(2)

وهو قول الجبائي وأبي الحسين البصري. انظر: المعتمد للبصري (2/ 242)، والمسودة لآل تيمية ص (506). والذي في العدة لأبي يعلى (5/ 1580) أن القاضي أبو يعلى صحح القول بالجواز، وانظر ردّه على من جوزه في الشرعيات بأن الشرعيات لا يقف تكليفها على المصلحة. كما في العدة لأبي يعلى (5/ 1588). وصرح في المسودة لآل تيمية ص (506): أن الجويني وأبو الخطاب ذكر في اجتهاده مسألتين وحكى الجويني عن الجبائي أنه يجوز ذلك في الآراء والحروب دون الأحكام. انظر: المعتمد للبصري (2/ 242).

(3)

الحباب بن المنذر بن الجموح بن زيد الأنصاري الخزرجي ثم السلمي، أبو عمر، شهد بدرًا وفيها مشورته للرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل استشاره يوم خيّر الرسول عند موته فقال الحباب: اختر يا رسول الله حيث اختار ربك، يعني الموت، وهو الذي قال يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرَجّب. مات في خلافة عمر رضي الله عنه. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 427)، الاستيعاب لابن عبد البر (1/ 377)، الإصابة لابن حجر (2/ 9).

(4)

أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 427)، وقال الذهبي عنه: حديث منكر.

ص: 420

بعض الكتاب بذلك جاء سعد بن معاذ وسعد بن عبادة (1) فقالا له مثل ما قاله الحباب، قال:"بل هو رأي رأيته لكم". فقالا: ليس ذلك برأي، فرجع إلى قولهما (2).

قولى: والحق أن اجتهاده عليه السلام لا يخطئ (3).

تنزيه لمنصب النبوة عن الخطأ في الاجتهاد (4)، وقيل: قد يخطئ؛ ولكنه ينبه عليه سريعًا (5) كما تقدم، ولشناعة هذا القول

(1) سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي الأنصاري الساعدي، أبو ثابت، شهد بيعة العقبة، كان من سادة الأنصار، له سياسة ووجاهة في قومه، كان حامل الراية يوم فتح مكة، وتوفي بالشام سنة 14 هـ وقيل: سنة 15 هـ. انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (2/ 161).

(2)

أخرجه الطبري في تاريخه (2/ 572). وابن كثير في البداية والنهاية (4/ 106). وأبو عبيد في الأموال ص (159)، وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 205)، وابن عبد البر في الاستيعاب لابن عبد البر (2/ 163).

(3)

مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (164).

(4)

القول الأول: وذهب إليه بعض الشافعية وبعض الحنابلة وهو عدم جواز الخطأ على النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: العدة لأبي يعلى (5/ 1586)، التبصرة للشيرازي ص (524)، التمهيد لأبي الخطاب (3/ 422)، نهاية السول للأسنوي (4/ 537)، البحر المحيط للزركشي (6/ 218).

(5)

القول الثاني: وهو ما ذهب إليه الجمهور. انظر في: العدة لأبي يعلى (5/ 1586)، التبصرة للشيرازي ص (524)، أصول السرخسي (2/ 91)، المستصفى للغزالي (2/ 355)، التمهيد لأبي الخطاب (3/ 422)، روضة الناظر لابن قدامة (3/ 974)، الإحكام للآمدي (4/ 261) شرح مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 303)، نهاية السول للأسنوي (4/ 537)، المسودة لآل تيمية ص (509)، البحر المحيط للزركشي (6/ 218)، أصول ابن مفلح (4/ 1525)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (2/ 373)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 480)، فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 273).

ص: 421

عبَّر عنه المصنف بالحق، وعبَّر التاج السبكي (1) بالصواب وكذلك البيضاوي (2)، وهو خير من قول ابن الحاجب: لا يقر على خطأ (3).

قوله: مسألة: الإجماعُ على أن المصيبَ في العقليات [واحد](4)، وأنّ النافي ملةَ الإسلام مخطئ، آثم كافرٌ، اجتهد أو لم يجتهد، وقال الجاحظ: لا إثم على المجتهد بخلاف المعاند، وزاد العنبري: كل مجتهد في العقليات مُصيب (5).

المسائل قسمان: عقليةٌ، وغير عقلية.

أما العقلية (6): فالمصيب فيها واحد (7)، ومن لم يُصادِف الواقع فهو آثم، وإن بالغ في النظر، سواء كان مدركه عقليًّا،

(1) جمع الجوامع لابن السبكي مع البناني (2/ 387).

(2)

نهاية السول للأسنوي (4/ 537).

(3)

منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (217)، شرح مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 303).

(4)

هكذا في المخطوط، وهو الموجود في جميع نسخ مختصر أصول الفقه لابن اللحام، وهي ساقطة من المطبوع.

(5)

مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (165).

(6)

المسائل العقلية: هل التي تنتصب فيها أدلة القطع على الاستدلال وتقضي إلى المطلب من غير افتقار تقدير الشرع وذلك معظم مسائل العقائد نحو إثبات العالم. انظر: التلخيص في أصول الفقه للجويني (3/ 332).

(7)

ممن نقل الإجماع الجويني والآمدي وغيرهم. انظر: التلخيص للجويني (3/ 334)، الإحكام للآمدي (4/ 178)، المسودة لآل تيمية ص (495)، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 304)، رفع الحاجب للسبكي (4/ 540)، أصول ابن مفلح (4/ 1482)، تشنيف المسامع للزركشي (4/ 576)، البحر المحيط للزركشي (6/ 236).

ص: 422

كحدوث العالم وخلق الأفعال، أو شرعيًّا كعذاب القبر، أما نافي الإسلام كاليهود والنّصارى فهم مخطئون آثمون كافرون، سواء اجتهدوا أو لا (1).

وقال الجاحظ (2)"لا إثم على المجتهد مع أنه مخطئ وتجري عليه في الدنيا أحكام بخلاف المعاند فإنه آثم"(3)، وإليه ذهب عبيد الله بن الحسين العنبري (4) الإمام المشهور. وقاله بعض علمائنا (5): وذكر الآمدي. أنه معتزلي، وزاد العنبري أن كل

(1) نقله المصنف عن تشنيف المسامع للزركشي (4/ 584)، وانظر أصل المسألة والكلام عليها في التلخيص للجويني (3/ 331).

(2)

الجاحظ: أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي البصري، تنسب إليه الفرقة الجاحظية، كان بحرًا من بحور العلم رأسًا في الاعتزال والكلام، أخذ عن القاضي أبو يوسف، والنظَّام، عاش تسعين سنة، توفي بالبصرة 255 هـ. من مصنفاته: كتاب الحيوان، البيان والتبيين، البخلاء، المحاسن والأضداد وجميعها مطبوعة. انظر: فرق طبقات المعتزلة ص (73)، بغية الوعاة للسيوطي (2/ 228).

(3)

نسبه إليه الآمدي في الإحكام للآمدي (4/ 178)، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 305)، تشنيف المسامع للزركشي (4/ 586).

(4)

عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري، أخرج له مسلم حديثًا في صحيحه في ذكر موت أبي مسلمة الأسدي، قدم بغداد أيام المهدي، ولي قضاء البصرة حتى وفاته، قال ابن حجر:"ثقة فقيه عابوا عليه مسألة تكافؤ الأدلة"، نقل عنه أنه رجع عن قوله:"أن كل مجتهد نصيب"، وقال الذهبي:"صدوق لكنه تكلم في معتقده ببدعة". توفي سنة 168 هـ. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 5)، تهذيب التهذيب لابن حجر (7/ 7)، تقريب التهذيب لابن حجر (1/ 531).

(5)

انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1484).

ص: 423