الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه الثاني: أنه إخبار بمذهب الغير مع تمكنه من الاطلاع عليه والنظر فيه، فجاز كصاحب المذهب.
ووجه الثالث: موضوع ضرورة؛ لأنه إذا عدم المجتهد لا بد من أحد يعرِّف الناس أحكام أمورهم ودينهم.
ووجه الرابع: أن المفتي ناقل مذهب غيره، كراوي الحديث، فجاز أن يكون غير مجتهد، وغير مطلع على مأخذ المجتهد (1).
تنبيه: حيث قلنا: من شرط المفتي أن يكون مجتهدًا فلا فرق بين أن يكون قاضيًا أو غيره، نعم، لنا قول: لأنه يكره للقاضي أن يفتي في مسائل الأحكام المتعلقة به دون الطهارة والصلاة ونحوهما (2)؛ لأنه يصير كالحكم منه على الخصم، فلا يمكن نقضه وقت المحاكمة إذا ترجح عنده ضده، بقول خصمه أو حجته أو قرائن حالية.
وظاهر كلام التاج السبكي: أنه لا يجوز له أن يفتي في الأحكام على هذا القول لأنه قال: وقيل: لا يفتي قاض في الأحكام (3).
[تقليد المفضول]
قوله: أكثر أصحابنا (4) على جواز تقليد المفضول مع وجود
(1) انظر: التحبير للمرداوي (8/ 4071).
(2)
جاءت النسبة لهذا القول إلى ابن المنذر في المسودة لآل تيمية ص (554).
(3)
انظر: جمع الجوامع مع شرح المحلي (2/ 302).
(4)
كالقاضي وأبي الخطاب وابن قدامة. انظر: العدة لأبي يعلى (4/ 1226)، والتمهيد لأبي الخطاب (4/ 394)، وروضة الناظر لابن قدامة (3/ 1027)، =
الأفضل. خلافًا لابن عقيل (1) وعن أحمد روايتان (2)(3).
لنا: أنهم استفتوا من الصحابة والسلف وأفتوا، وشاع ولم ينكر (4)، وقد قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} (5). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أصحابي كالنجوم)(6) الحديث.
ووجه الثاني: أنه كما لا يجوز له تقليد العامي مع وجود المجتهد، فكذا لا يجوز له تقليد المفضول مع وجود الأفضل (7).
قوله: فإن سألهما واختلفا عليه واستويا (8) عنده اتبع أيهما شاء، وقيل: الأشدُّ. وقيل: الأخفّ، ويحتمل أن يسقطا ويرجع إلى غيرهما إن وجد، وإلا فإلى ما قبل السمع (9).
= وهو مذهب الجمهور، انظر الإحكام للآمدي (4/ 237)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (442)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 251).
(1)
انظر: الواضح لابن عقيل (1/ 294).
(2)
انظر الروايتين في التمهيد لأبي الخطاب (40/ 403)، والمسودة لآل تيمية ص (462، 464)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 666)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 571).
(3)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (167).
(4)
انظر الدليل في أصول ابن مفلح (4/ 1560)، والتحبير للمرداوي (4/ 4083).
(5)
سورة النحل (43).
(6)
سبق تخريجه ص 387.
(7)
انظر: الواضح لابن عقيل (1/ 294)، والتحبير للمرداوي (8/ 4082).
(8)
تحرير النزاع في المسألة: إذا استوى عند العامي المجتهدان، فلا فضل لأحدهما على الآخر، وكل واحد منهما أفتى له بحكم مختلف عن الآخر، فأيهما يتبع؟
(9)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (168).
الأول: ظاهر رواية الحسين بن [بشار](1)، ووُجِّه أنَّ له أن يقلِّد أيهما شاء في الابتداء قبل السؤال، فكذلك بعده (2).
ووجه الثاني: وبه قال عبد الجبار وبعض الشافعية (3): إن الحق ثقيل أمريٌّ، (4) والباطل خفيف [وبيٌّ](5).
ووجه الثالث: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (6)
(1) سأله عن مسألة من مسائل الطلاق، فقال له أحمد:"إن فعل حنث، وقال: إن أفتاك مدني لا تحنث فافعل"، قال أبو يعلى (4/ 1226):"فقد سوَّغ له الأخذ بقول المدني بالإباحة، ولم يلزمه بالحظر"، والرواية تدل على أن العامي لا يلزمه الاجتهاد بل يختار. انظرها في العدة لأبي يعلى (4/ 1226، 1227، 5/ 1571)، والتمهيد لأبي الخطاب (4/ 403)، روضة الناظر لابن قدامة (3/ 1027). وفي المسودة لآل تيمية ص (463). واختلف في إيراد الرواية عن الحسين، فذكر أنه الحسين بن بشار المُخرَّمي، كما في العدة، وذكره أبو الخطَّاب في التمهيد: أنه الحسين بن يسار، والمُخرَّمي - نسبة إلى محلَّة ببغداد نزلها بعض ولد اليزيد بن المخرَّم نزلها فسمَّيَت به. انظر: معجم البلدان (5/ 71)، في حين أنه محقِّق روضة الناظر د. النملة جزم أنه الحسين بن يسار المخزومي، بل وأثبته في المتن كذلك. والصحيح أنه الحسين بن بشَّار. انظر: ترجمته في: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (1/ 142)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (1/ 344)، والمنهج الأحمد للعليمي (2/ 94).
(2)
وهذا مذهب أكثر الحنابلة ومنهم أبو الخطاب وابن مفلح. انظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 403)، أصول ابن مفلح (4/ 1562).
(3)
انظر: قواطع الأدلة للسمعاني (5/ 144)، وشرح اللمع للشيرازي (2/ 1038).
(4)
مري: من قولهم ناقة مرية، إذا درت اللبن، أي: غزيرة اللبن. انظر: مادة "مرا" في لسان العرب لابن منظور (15/ 276).
(5)
وبيٌّ: بالتخفيف من الوباء، وهو: المرض. انظر: مادة "وبأ" في المصباح المنير للفيومي ص (247).
(6)
سورة البقرة (185).
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (1). (بعثت بالحنيفية السمحة)(2).
ووجه الرابع. أنهما تعارضا فتساقطا، فإن وجد غيرهما رجع إليه، وإن لم يوجد غيرهما رجع إلى ما قبل السمع، يعني هل الأعيان على الإباحة أو الحظر؟ على ما مرَّ في موضعه (3).
قوله: مسألة: هل يلزم العامي التمذهب بمذهب يأخذ برخَصِهِ وعزائمه. فيه وجهان [قال أبو العباس: جوازه فيه ما فيه](4)(5).
أشهرهما: لا - كجمهور العلماء - فيتخيّر (6)، وعند بعض علمائنا (7) وبعض الشافعية (8) يجتهد في أصحّ المذاهب فيتّبعه، والثاني: يلزمه (9)، واختار الآمدي منع الانتقال فيما عمل به (10).
(1) سورة الحج (22).
(2)
الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1/ 385) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (287)، ورواه معلقًا في صحيحه. وانظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 93) في كتاب الإيمان، ووصله في تغليق التعليق (2/ 41).
(3)
انظر شرح مختصر أصول الفقه للجراعي، القسم الأول ص (180).
(4)
ساقطة من المخطوط، والمثبت هو الموجود في المطبوع.
(5)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (168).
(6)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 238)، والوصول إلى علم الأصول (2/ 369)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (432)، وأصول ابن مفلح (4/ 1562).
(7)
انظر: المسودة لآل تيمية ص (465).
(8)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 238)، والبحر المحيط للزركشي (6/ 320).
(9)
انظر: صفة الفتوى لابن حمدان ص (72)، وأصول ابن مفلح (4/ 1562)، والتحبير للمرداوي (4/ 4086).
(10)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 238).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (1)"في لزوم الأخذ برخصه وعزائمه طاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه، وهو خلاف الإجماع، وتوقف أيضًا في جوازه، وقال أيضًا: إن خالفه لقوة دليل، أو زيادة علم، أو تقوى، فقد أحسن ولم يقدح في عدالته بلا نزاع". وقال أيضًا: "بل يجب في هذا الحال وأنه نص أحمد"(2)، وكذا قال القدوري (3) الحنفي: ما ظَنّه أقوى، عليه [تقليده فيه](4)، وله الإفتاء به حاكيًا مذهب من قلد (5).
وذكر ابن هبيرة (6) من مكايد الشيطان أن يقيم أوثانًا في
(1) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/ 222).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1562).
(3)
الإمام أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان، البغدادي الحنفي، أبو الحسين القدوري، محدِّث صدوق، حدّث باليسير، وبرز في الفقه، انتهت إليه رئاسة المذهب الحنفي بالعراق، جريء اللسان، مديمًا لتلاوة القرآن، توفي سنة: 428 هـ. صنف المختصر في الفقه، اشتهر باسمه، وهو مطبوع. انظر: تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص (7)، الفوائد البهية للكنوي ص (130)، الطبقات السنية للتميمي (2/ 19).
(4)
هذا مما أصابه بلل ويصعب قراءته في المخطوط، والمثبت من أصول ابن مفلح (4/ 1563)، والتحبير للمرداوي (8/ 4088).
(5)
جاءت النسبة إلى معنى كلامه في تيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 255)، وانظرها نصًّا في أصول ابن مفلح (4/ 1563)، والتحبير للمرداوي (8/ 4088).
(6)
هو: يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني البغدادي الحنبلي، تقلد الوزارة في زمن المقتفي لأمر الله العباسي، عُرف عنه العدل، كان محبًّا للعلم، وهو من كبار العلماء، كانت مجالسته عامرة بالحديث والمذاكرة، توفي سنة 560 هـ. من مصنفاته: الإفصاح من معاني الصحاح وهو مطبوع. انظر ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (2/ 211)، المقصد الأرشد لابن مفلح (3/ 105).