الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجازه في المتعلق بالمستقبل دون الماضي (1)، ثم استدلوا عليه بأنه إذا قال بنصر: أنتم مأمورون بصوم رمضان، ثم قال: لا تصوموا رمضان جاز اتفاقًا (2)، وهذا ما وقع الخلاف بيننا وبينهم فيه، لأنه نسخ بوجوب صوم رمضان، فليس بخبر، بل هو أمر أخبر عنه، وأما مدلول الخبر، وهو وقوع الأمر، فلم ينسخ، وإنما اتفقنا على أنه يجوز أن يقول: أما أنا فافعل كذا أبدًا، ثم يقول: أردت عشرين سنة، لكنه تخصيص لا نسخ، وإذ لا خلاف محقق فلا معنى للحجاج، ذكره القطب في شرح المختصر (3)، فلو قيد الخبر بالتأبيد لم يجز، خلافًا للآمدي، لأنه إذا منع نسخ الخبر المطلق فالمقيد بالتأبيد أولى من المنع.
[النسخ إلى غير بدل]
قوله: مسألة: الجمهور (4) على جواز النسخ إلى غير
(1) من قال بمذهب التفصيل بين الماضي والمستقبل، منع النسخ في الماضي، لأنه يكون تكذيبًا، وأجازه في المستقبل، لجريانهما مجرى الأمر والنهي، لأن الكذب مخصوص بالماضي، أما المستقبل فإنه يسمى خلف الوعد، وهذا المذهب اختاره ابن عقيل، والخطَّابي، وابن القطان، وسليم الرازي، والبيضاوي. انظر: الواضح لابن عقيل (4/ 246)، والبحر المحيط للزركشي (4/ 99)، والمنهاج للبيضاوي ص (142)، والتحبير للمرداوي (6/ 3012).
(2)
شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 195).
(3)
شرح مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 195). وأما ترجمته فهو: محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي الشيرازي، قطب الدين، مفسر وفقيه وأصولي، توفي 710 هـ. له في الأصول شرح على ابن الحاجب. انظر: الدرر الكامنة لابن حجر (5/ 19).
(4)
انظر: مذهب الجمهور في: العدة لأبي يعلى (3/ 812)، وقواطع الأدلة للسمعاني (3/ 106)، =
بدل (1)(2).
= والتمهيد لأبي الخطاب (2/ 351)، وروضة الناظر لابن قدامة (2/ 313)، والإحكام للآمدي (3/ 131)، ومنتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (158)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (308)، والبحر المحيط للزركشي (4/ 93)، والإبهاج لابن السبكي (2/ 238)، أصول ابن مفلح (3/ 1134)، وفواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 69)، أمّا المانعين للنسخ إلى غير بدل فهم الظاهرية، وأكثر المعتزلة خلافًا لأبي الحسين، انظر المعتمد للبصري (1/ 384)، والعدة لأبي يعلى (3/ 783)، وذكر اللامشي في كتابه أصول الفقه ص (174): أنه مذهب بعض أهل الحديث" وهو ظاهر كلام الشافعي في الرسالة ص (109) بقوله: "ليس ينسخُ فرضٌ أبدًا إلا إذا أُثبت مكانه فرض، كما نسخت قِبلة بيت المقدس فأثبت مكانها الكعبة، وكل منسوخٍ في كتابٍ وسنَةٍ هكذا" اهـ. وممن نصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيميَّة كما في مجموع الفتاوى (13/ 185)، والشنقيطي كما في المذكرة في أصول الفقه ص (140) وذكر حقيقة الخلاف في المسألة: انظر: التقرير والتحبير للمرداوي (3/ 57)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 548)، ونشر البنود للعلوي (1/ 286).
(1)
البدل لغة: هو قيام الشيء مقام الشيء الذاهب، يقال: هذا بدل الشيء وبديله، ويقولون: بدلت الشيء إذا غيرته وإن لم تأت له ببدل. كما في معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 210)، وفي الاصطلاح له معنيان: الأول: عامٌ: وهو ردُّ الحكم إلى ما قبل شرع الحكم المنسوخ، ولو كان الإباحة الأصلية، مثاله: نسخ وجوب الصدقة عند مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإباحة أو الاستحباب، الثانى: الخاص: وهو قصر البدل على شرع حكمٍ جديدٍ ليحُلّ محل الحكم المنسوخ، مثاله: نسخ صوم عاشوراء برمضان، ولذلك وقع النزاع بين العلماء في اشتراط البدل أو عدمه في النسخ باختلاف المعنيين. انظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 193)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 197)، والنسخ في دراسات الأصوليين د. نادية العمري ص (257).
(2)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام (137). انظر: الإحكام للآمدي (3/ 137)، ومنتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (158)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 197).
لنا: أَنَّ مصالح المكلفين قد تكون فيه إن قيد باعتبار ذلك (1)، وإلا فالحكم أظهر فإنه تعالى يفعل ما يشاء [ويحكم ما يريد] (2) ووقوعه: دليل جوازه كنسخ الإمساك بعد الفطر (3)، وتحريم ادخار لحوم الأضاحي (4). قالوا: قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} (5) قلنا: الضمير للآية، والخلاف في الحكم لا
(1) انظر: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (158)، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 193).
(2)
في المخطوط مطموسة، والمثبت من بيان المختصر للأصفهاني (2/ 521).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 129)، كتاب الصوم، باب قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [سورة البقرة: 187]، برقم (1915)، من حديث البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار؛ فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، الحديث. نسخ بقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [سورة البقرة: 187]، وانظر الدليل في: المعتمد للبصري (1/ 384)، والإحكام للآمدي (3/ 137)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 193)، وأصول ابن مفلح (3/ 1134)، وتيسير التحرير (3/ 197).
(4)
أخرج مسلم في صحيحه (3/ 1562) عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث.
ثم قال بعد (كلوا وتزوَّدُوا وادخّروا)، وحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كنت قد نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي من أجل الدافَّة، فأما الآن فكلوا وتصدقوا وادخروا). انظر البخاري مع الفتح (3997، 5568)، ووجه الدلالة: أنَّ الشارع نهى عن عن ادخار لحوم الأضاحي، ثم نسخه مبيحًا له بلا بدل. انظر: المعتمد للبصري (1/ 384)، وأصول ابن مفلح (13/ 1134)، والتحبير للمرداوي (6/ 3017).
(5)
سورة البقرة (106).