الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقول الثاني: لأن نافيها على خلاف الأصل وهو الرِّق فَقَوِيَ على المثبت فَقُدِّم عليه، واعلم أن في بعض النسخ "ويرجّح" بالواو وفي غالبها بالفاء ولا شك أن موجب الحد الحريّة ناقل عن الأصل فبهذه الواسطة تترجح الفائدة والله أعلم.
[الترجيح بالخارج]
قوله: الخارج: يرجح المُجرَى على عمومه على المخصوص، والمتلقَّى بالقبول على ما دخله النكير، وعلى قياسه ما قلَّ نكيره على ما كثر (1).
هذا الترجيح بالأمور الخارجية، فإذا تعارض عامّان أحدهما باقٍ على عمومه، والآخر قد خُص بصورة، رُجّح المُجرَى على عمومه على المخصوص؛ لأن المخصوص قد خصَّ فاختلف بدليل وقوع الخلاف فيه، هل هو حجة أم لا؟
وكذلك إذا كان أحد النّصيْن قد تلقاه العلماء بالقبول، ولم يلحقه إنكار من أحد منهم، فهو مقدم على ما لحقه الإنكار من بعضهم؛ لأن لحوق الإنكار شبهة فالخالي منه راجح.
وعلى قياس قولنا: يقدَّم المتلقى بالقبول على ما دخله النّكير، وأن يُقَدَّم ما قلّ نكيره على ما أكثر نكيره؛ لأن الذي أنكره جماعة كثيرة ليس هو كالذي أنكره واحد أو اثنان (2).
(1) المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(2)
انظر: البلبل للطوفي ص (253)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 706).
قوله: وما عَضَده [عموم](1) كتاب، أو سنة، أو قياس شرعي، أو معنى عقلي (2).
إذا تعارض نصان [مع](3) أحدهما عموم كتاب أو عموم سنة أو قياس شرعي، أو معنى عقلي يحصل مصلحة ما، كان مقدمًا على الآخر (4)، لتجرده عن مرجِّح.
قوله: فإن عَضَد أحدهما قرآن والآخر سنة فروايتان (5).
إذ تعارض حديثان وعضد أحدهما آية والآخر حديث ففيه روايتان (6)، إحداهما: يقدم ما عضده القرآن لأن دلالته من نوعين وهما الكتاب والسنة، بخلاف الطرف الآخر، فإنّ دلالته من نوع واحد وهو الحديث.
والرواية الثانية: يُقدّم ما عضده الحديث وإن السنة مقدّمة
(1) هكذا في المخطوط، وغير موجودة في المطبوع، وموجودة في المخطوط المرفق مع الشرح، وفي مخطوطين من مخطوطات المختصر أحدها: نسخة شيستربتي، والثانية: نسخة الظاهرية.
(2)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(3)
في شرح مختصر الروضة للطوفي جاءت عبارة المخطوط "ومع".
(4)
انظر: الإحكام للآمدي (3/ 166)، ومنتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (226)، والبلبل للطوفي ص (254)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 707)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 694).
(5)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(6)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 1048)، والمسودة لآل تيمية ص (311)، أصول ابن مفلح (4/ 1610)، وغاية السول إلى علم الأصول لابن المبرد ص (454)، والتحبير للمرداوي (8/ 4207)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 698).
على الكتاب من جهة كونها مبيّنةً له (1).
قوله: وما ورد ابتداء على ذي السبب (2).
لأن الوارد على سبب يحتمل اختصاصه، بخلاف الوارد ابتداءً (3).
قوله: والعام بأنه أمسّ بالمقصود، نحو:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْن} (4) على: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} (5)(6).
إذا تعارض عامّان أحدهما أمسُّ بالمقصود وأقرب إليه، قُدّم على الآخر، مثل: قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ
(1) انظر: البلبل للطوفي ص (254)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 707).
(2)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(3)
قال الطوفي شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 708): "ويرجح ما ورد ابتداءً على غير سبب على ما ورد على سبب، لاحتمال اختصاص ذي السبب بسببه، وهذا الاحتمال معدوم فيما ورد ابتداءً، فيكون راجحًا. وقد مثّله أبو يعلى بحديث (من بدّل دينه فاقتلوه) يقدم على نهيه عن قتل النساء؛ لأنه وارد في الحربية.
انظر: العدة للقاضي أبي يعلى (3/ 1035)، واختار الآمدي وابن الحاجب تقديم ما ورد على سبب خاص إذا كان تعارضهما بالنسبة إلى ذلك السبب الخاص دون غيره لأن ترجيح ما عمل به إهمال لما لم يعمل به. الأحكام للآمدي (4/ 265)، ومنتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (226)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 316)، وانظر: أصول ابن مفلح (4/ 1612)، وغاية السول إلى علم الأصول لابن المبرد ص (454).
(4)
سورة النساء، من آية (23).
(5)
سورة النساء، من آية (3).
(6)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
الْأُخْتَيْنِ} (1). فإنه تقدّم في مسألة الجمع بينهما (2) في وطء النكاح على قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (3) فإنه أمسّ بمسألة الجمع (4).
قوله: وما عَمِل به الخلفاءُ الراشدون على غيره عند أصحابنا (5)، وأصح الروايتين عن إمامنا (6).
إذا تعارض نصَّان، وعمل بأحدهما الخلفاء الراشدون، فهل يُقدِّم على غيره أم لا؟ على روايتين (7).
إحداهما: نعم، [لورد الأمر](8) باتباعهم حيث قال عليه السلام
(1) سورة النساء، من آية (23).
(2)
انظر: شرح المختصر في أصول الفقه للجراعي، القسم الثاني ص (298).
(3)
سورة النساء، من آية (3).
(4)
قال المرداوي في التحبير (8/ 4223): "لأن المسألة الأولى قصد بيان تحريم الجمع بين الأختين في الوطء بنكاح وملك اليمين، والثانية لم يقصد بها بيان حرمة الجمع" اهـ. وانظر: أصول ابن مفلح (4/ 1614).
(5)
انظر قول الحنابلة في: العدة لأبي يعلى (3/ 1050)، والمسودة لآل تيمية ص (314)، وغاية السول في علم الأصول لابن المبرد ص (455).
(6)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(7)
انظر الروايات عن الإِمام أحمد في: العدة لأبي يعلى (3/ 1050)، والواضح لابن عقيل (5/ 101)، والتحبير للمرداوي (8/ 4212)، وغاية السول إلى علم الأصول لابن المبرد ص (455).
(8)
المثبت هو الموجود في شرح مختصر الروضة، وهو الصحيح الذي يستقيم به المعنى، والذي في المخطوط "لورود". انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 709).
(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)(1)، ولأن الظاهر أنهم لم يتركوا النص الآخر إلا لحجة.
والرواية الثانية: لا (2)، لجواز أنه لم يبلغهم وحينئذٍ لا يدل تركهم على مرجوحيته، والأول أظهر (3).
قوله: ويرجح يقول أهل المدينة عند أحمد وأبي الخطاب (4) وغيرهما (5) خلافًا للقاضي وابن عقيل، ورجح الحنفية بعمل أهل الكوفة إلى زمن أبي حنيفة (6) قبل ظهور البدع (7).
وجه ما قاله القاضي (8) وابن عقيل (9) أن الأماكن لا تأثير لهادي زيادة الظنون فلا فرق بين قول أهل المدينة وغيرهم في عدم الترجيح به.
ووجه ما قاله الإِمام أحمد: أن إطباق الجمّ الغفير على العمل
(1) أخرجه أحمد 28/ 367، 373 (17142) و (17144)، البدر المنير 9/ 582 الحديث السابع عشر.
(2)
أي: لا يكون ما عملوا به راجحًا على غيره.
(3)
انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 709).
(4)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 220).
(5)
انظر: المستصفى للغزالي (2/ 396)، والإحكام للآمدي (4/ 264)، البحر المحيط للزركشي (6/ 179).
(6)
جاءت حكاية هذا القول في: العدة لأبي يعلى (3/ 1053)، والمسودة لآل تيمية ص (313).
(7)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(8)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 1053).
(9)
انظر: الواضح لابن عقيل (5/ 101).
على وفق أحد الخبرين يفيده تقوية وزيادة ظن، فيرجَّحُ به كموافقة خبر آخر، ولأن اتفاق أهل المدينة قد اختلف في كونه إجماعًا، فإن كان [إجماعًا](1) فهو مرجح لا محالة، وإن لم يكن إجماعًا، فأدنى أحواله أن يكون مرجحًا، كالظاهر والقياس وخبر الواحد (2).
وقولهم: لا تأثير للأماكن في زيادة الظنون.
قلنا: نحن لا نرجح بالأماكن، بل يقول الجمّ الغفير من علماء أهلها، وهو مفيد لزيادة الظن، وقد علم من هذين التعليلين تعليل قول الحنفية وضده (3).
قوله: وما عضده من احتمالات الخبر بتفسير الراوي، أو غيره من وجوه الترجيحات على غيره من الاحتمالات (4).
يعني إذا كان الخبر يحتمل وجوهًا، وتَتّجِه له محامل، ففَسره الراوي على بعضها، كان ما فسّره الراوي عليه مقدمًا على باقيها، فيرجح احتمال التفرق بالأبدان في حديث:([المتبايعان] (5) بالخيار) (6) على احتمال التفرق بالأقوال، تفسير ابن عمر له بفعله
(1) المثبت من شرح مختصر الروضة، وهو الصحيح الذي تستقيم به العبارة.
(2)
انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 710).
(3)
انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 710)، والتحبير للمرداوي (8/ 4211).
(4)
المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (171).
(5)
جاء في المخطوط: "المتبايعين"، والصحيح ما أثبته، لأنه الذي يستقيم به لغةً، وهو المثبت في الحديث.
(6)
الحديث متفق عليه عن ابن عمر. انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 326) كتاب البيوع، باب كم يجوز الخيار برقم (2107)، ومسلم (3/ 1163) كتاب البيوع، باب ثبوت خيار المجلس برقم (43).