الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحنث -وهو التعبد (1) - في غار حراء) (2).
رد: معناهُ التفكر والاعتبار، ولم يثبت عنه عبادة صوم ونحوه.
ثم: من قَبِل نفسه تَشَبّهًا بالأنبياء.
وأيضًا: لو تعبَّدَ بشرعٍ لَخَالط أهله عادة.
رد: باحتمال مانع.
وأيضًا: يعمل بما تواتر فقط، فلا يحتاج إلى مخالطة (3).
ولم يكن صلى الله عليه وسلم على ما كان عليه قومه عند أئمة الإسلام كما تواتر عنه. قال الإمام أحمد (4) -رحمهُ اللهُ تعالى-: "من زعمه فهو قول سوء"(5).
تنبيهات:
أحدها: قوله: مُتَعبّد هل هو بفتح الباء؟ على أنه اسم
(1) أشار إلى هذا المعنى ابن فارس في معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة "حنث"(2/ 88).
(2)
غار حراء: غار على جبل النور في شمال مكة، مقابل لجبل ثبير، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعبّد فيه قبل البعثة. انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة للبلادي الحربي ص (95).
(3)
أصول ابن مفلح (4/ 1439).
(4)
قال القاضي أبو يعلى في العدة لأبي يعلى (3/ 765): وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله في رواية حنبل فقال: "من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم على دين قومه، فهو قول سوء، أليس كان لا يأكل ما ذُبح على النصب".
(5)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 765)، أصول ابن مفلح (4/ 1439).
مفعول، بمعنى أن الله تعالى تعبّدَه (1)، أو بكسر الباء؟ على أنه اسم فاعل .. في المسألة قولان:
أحدهما: أنهُ بفتحِها قال في تشنيف المسامع: "هكذا ضبطَه التاج السبكي بخطة -يعني بالفتح (2) - وكذا قال جلال الدين المحلي (3) في شرحه: وفسّره أي: مُكلّفًا"، وكلام سيف الدين في هذه المسألة يدل على ذلك فإنه قال:"غير مستبعد في العقل أن يعلم الله تعالى مصلحة شخص معين في تكليفه شريعة من قبله"(4).
القول الثاني: إنه بكسْر الباء، قال القرافي (5): "وهو الصواب على أنّه اسمُ فاعِل، أمّا بفتحِها فيقتضي أن يكون الله تعالى تَعبّده بشريعةٍ سابقةٍ، وذلك يأباه ما يحكُونَه من الخلافِ،
(1) أي: "متعبَّدًا" على أنها اسم مفعول من غير الثلاثي "تعبّد". انظر: شذور الذهب لابن هشام ص (396).
(2)
انظر: تشنيف المسامع للزركشي (3/ 432).
(3)
جلال الدين محمد بن أحمد المحلي الشافعي، الإمام المفسر الأصولي المتوفى سنة 864 هـ من شيوخ المصنف. انظر: القسم الدارسي: ص: (51).
(4)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 137)، شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 352).
(5)
هو: شهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، إمام المالكية في عصره، من فحول العلماء وأذكيائهم، أصولي، وفقيه، توفي سنة 684 هـ. من مصنفاته: الذخيرة في الفقه، وله في الأصول: شرح تنقيح الفصول، ونفائس الأصول في شرح المحصول وجميعها مطبوعة. انظر: الوافي بالوفيات، للصفدي (6/ 233)، والديباج المذهب لابن فرحون ص (128)، وشجرة النور الزكية لابن مخلوف (1/ 188).
هل كان مُتعبَّدًا بشريعةِ موسى أو عيسى؟ فإن شرائع بني إسرائيل، لم تتعداهم إلى بني إسماعيل بل كلّ نبي [من](1) موسى وعيسى [عليه السلام](2) وغيرهما، إنّما كان يُبعَث إلى قومهِ فلا تتعدى رسالته قومه، حتى نقل المفسرون (3): أن موسى عليه السلام لم يبعث إلى أهل مصر بل لبني إسرائيل، ليأخذهم من القبط (4) من يد فرعون، ولذلك لما عدَّى البحر لم يرجع إلى مصر ليقيم فيها شريعتهُ، بل أعرض عنهم إعراضًا كليًّا لما أخذ بني إسرائيل، وحينئذٍ لا يكونُ الله تعالى تعبَّد محمدًا صلى الله عليه وسلم بشرعِهما ألبتة، فيبطل قولنا: إنه كان مُتعبَّدًا -بفتح الباء- بل -بكسرها- كما تقدم، وهذا بخلاف ما بعدَ نُبوّته" عليه السلام (5).
الثاني: قال القرافي: "حكاية الخلاف في أنه عليه الصلاة والسلام كان مُتعبَّدًا قبل نُبوَّته بشرع من قبله، يجب أن يكون مخصوصًا بالفروع دون الأصول، فإن قواعد العقائد، كان الناسُ في الجاهليةِ مكلَّفِين بها إجماعًا، ولذلك انعقد الإجماع على أن:
(1) ساقطة، وأثبتها ليستقيم المعنى، وهو المثبت في شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (296).
(2)
ساقطة، وأثبتها من شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (296).
(3)
انظر: تفسير البحر المحيط لأبي حيان (7/ 10)، وتفسير أبي السعود (6/ 19).
(4)
القِبْط: جمعٌ واحدها قِبطي وهم نصارى مصر. انظر: مادة "قبط" في المصباح المنير للفيومي ص (186)، وانظر: الموسوعة الميسرة للأديان بإشراف د. مانع بن حماد الجهني (2/ 1123).
(5)
انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (296).
موتاهم في النار يعذبون على كفرهم (1)؛ ولولا التكليفُ لما عُذِّبوا فهو عليه الصلاة والسلام مُتعبَّد بشرع من قبله -بفتح الباء- بمعنى مكلف، هذا لا مرية فيه، إنما الخلاف في الفروع خاصَّة؛ فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع" (2).
التنبيه الثالث: قال المازري (3) والأبياري (4) في شرح
(1) القول بانعقاد الإجماع على أن موتى الجاهلية في النار، مسألة فيها نظر: فإن بعضًا من أهل العلم ذهب إلى اعتبارهم من أهل الفترة: وهم الذين عاشوا بين رسولين، فالأول لم يكن مرسلًا إليهم، وهم لم يدركوا الرسول الثاني، وحكمهم في الدنيا أنهم كفّار، ولكن لا يُقطع بدخولهم النار، إلا ما ورد في المعيّن منهم بأحاديث خاصّة بتعذيبهم، لِعِلم الله تعالى بمصيرهم وإعلامه لنبيه صلى الله عليه وسلم بذلك. والأدلة على عدم تعذيبهم قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فلا مؤاخذة إلا بعد قيام الحجة عليهم، وقد وردت أحاديث تفيد بامتحان الله لأهل الفترة في عرصات يوم القيامة، انظر شرح الأبيّ على صحيح مسلم (1/ 166)، وطريق الهجريتين وباب السعادتين لابن القيم ص (633، 652)، وروح المعاني للآلوسي (8/ 38).
(2)
انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (297).
(3)
هو: محمد بن علي التميمي المازري، أبو عبد الله، نسبةً إلى مدينة مازر بجزيرة صقلية، فقيه مالكي، بلغ رتبة المجتهدين، وأصولي، وأديب، وطبيب، وعالم في الرياضيات، توفي سنة 536 هـ. له شرح على البرهان للجويني اسمه إيضاح المحصول من برهان الأصول، ولا يعرف عنه هل هو مخطوط؟ أم مفقود؟ وله في شرح صحيح مسلم كتاب المُعْلِم بفوائد كتاب مسلم وهو مطبوع انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ص (374)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 285).
(4)
انظر: التحقيق والبيان في شرح البرهان للأبياري، رسالة جامعية القسم الأول، ص:(688). والأبياري هو: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن علي بن عطية، شمس الدين، والأبياري نسبةً إلى بلدة أبيار بمديرية الغربية بمصر، =
البرهان (1)، وإمام الحرمين (2) والتبريزي (3): "هذه المسألة لا يظهر لها ثمرة في الأصول، ولا في الفروع ألبتة، بل يجرى مجرى
= أخذ عنه ابن الحاجب، وهو فقيه مالكي وأصولي مدقق، ومتكلم ومحدّث، توفي 616 هـ. من مصنفاته: في الأصول شرح البرهان لإمام الحرمين، سفينة النجاة في السلوك. انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ص (306)، شجرة النور الزكية لابن مخلوف (1/ 166).
(1)
شرح فيه الأبياري كتاب البرهان للجويني وسماه: "التحقيق والبيان شرح البرهان"، وقد تعجّب ابن السبكي من عدم تصدّي الشافعية لشرح البرهان، وإنما شرحه مالكيان، وكذلك شرحه مالكي ثالث وهو أبو يحيى المالكي، إذ جمع بين الشرحين، وأشار ابن السبكي إلى تحاملهما على إمام الحرمين في شرحيهما. حقق رسائل جامعية بجامعة أم القرى 1409 هـ. تحقيق: د. علي بن عبد الرحمن البسام. (من أول الكتاب - الإجماع). انظر: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (5/ 192)، ومقدمة كتاب البرهان د. عبد العظيم الديب، والفكر الأصولي د. عبد الوهاب أبو سليمان ص (287).
(2)
البرهان للجويني (1/ 3330).
(3)
انظر: تنقيح محصول ابن الخطيب للتبريزي ص (320) رسالة دكتوراة بجامعة أم القرى تحقيق د. حمزة زهير حافظ. والتبريزي هو: المظفر بن أبي محمد بن إسماعيل بن علي الزاراني نسبة إلى راران وهي قرية بأصبهان، والتبريزي نسبة إلى تبريز إحدى أقاليم أذربيجان، الشافعي، فقيه أصولي، كان إمامًا مناظرًا، تفقه في بغداد على أبي القاسم بن فضلان، وأخذ الحديث عن أبي الفرج بن كليب، رحل إلى مصر، ودرس بالناصرية واستوطنها طويلًا، ثم رحل إلى بغداد ثم إلى شيراز حيث توفي بها سنة 621 هـ. من مصنفاته: في الأصول تنقيح المحصول لابن الخطيب (محقق)، وفي الفقه له المختصر في الفقه (مخطوط). انظر: طبقات الشافعية للأسنوي (2/ 314)، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 383).
التواريخ المنقولة، ولا يترتب عليها حكم في الشريعة ألبتة" (1).
قوله: وتعبَّد بعد بعثهِ بشرع من قبله فيكونُ شرعًا لنا، نقله الجماعةُ واختاره الأكثر، ثم اعتبر القاضي وابن عقيل وغيرهما، ثبوته قطعًا، ولنا قولٌ آخر: آحادًا، وعن أحمدَ لم يتعبَّد وليس بشرع لنا (2).
فمن اختار الأول: أبو الحسن التميمي (3) والقاضي (4) وابن عقيل (5) والحلواني (6) وصاحب الروضة (7)، وقاله الحنفية (8) والمالكية (9) والشافعي (10) وأكثر أصحابه (11)، ثم منهم من خصه
(1) انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (297).
(2)
مختصر أصول الففه لابن اللحام ص (161).
(3)
وهو: أنه صلى الله عليه وسلم تعبّد بشرع من قبله فيكون شرعًا لنا. جاءت النسبة إليه في: العدة لأبي يعلى (3/ 756)، التمهيد لأبي الخطاب (2/ 411)، أصول ابن مفلح (4/ 1440).
(4)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 756).
(5)
انظر: الواضح لابن عقيل (4/ 173).
(6)
جاءت النسبة إليه في: المسودة لآل تيمية ص (193).
(7)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 517).
(8)
انظر: أصول السرخسي (2/ 99)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 129)، فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 183).
(9)
انظر: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (205)، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (295).
(10)
قال الإمام الجويني: "وللشافعي مَيْلٌ إلى هذا، وبنى عليه أصلًا من أصوله في كتاب الأطعمة، وتابعه معظم أصحابه". البرهان للجويني (1/ 331).
(11)
منهم الشيرازي، والجويني، وابن السمعاني ذكره عن أكثر الشافعية.=
بشرع كما سبق (1)، وعند علمائنا لا يختص (2)، وقاله المالكية (3) فعلى هذا هو شرع لنا ما لم ينسخ، قال القاضي: من حيث صار شرعًا لنبينا لأمر حيث كان شرعًا لمن قبله (4)، ثم اعتبر القاضي (5) وابن عقيل (6) وغيرهما ثبوته قطعًا، وقال بعض علمائنا وغيرهم: أو آحادًا (7).
والقول الثاني: اختاره أبو الخطاب (8)، والآمدي (9)، وقاله المعتزلة (10) والأشعرية (11).
وجه الأول: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (12).
رد: أراد الهدى المشترك، وهو التوحيد لاختلاف
= انظر: قواطع الأدلة للسمعاني (2/ 209)، التبصرة للشيرازي ص (285)، البرهان للجويني (1/ 331)، البحر المحيط للزركشي (6/ 42).
(1)
انظر ص (264).
(2)
انظر: العدة لأبي يعلى (4/ 173)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 517)، أصول ابن مفلح (1/ 1444)، التحبير للمرداوي (8/ 3778).
(3)
انظر: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (205).
(4)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 753)، وأصول ابن مفلح (4/ 1440).
(5)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 753).
(6)
انظر: الواضح لابن عقيل (4/ 175).
(7)
انظر: المسودة لآل تيمية ص (186)، أصول ابن مفلح (4/ 1442).
(8)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (2/ 411).
(9)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 140).
(10)
انظر: المعتمد للبصري (2/ 237).
(11)
انظر: العدة لأبي يعلى (3/ 756)، الإحكام للآمدي (4/ 140).
(12)
سورة المائدة (48).
شرائعهم، والعقل هادٍ إليه، ثم: أمر باتباعه لأمر محدد لا بالاقتداء.
أجيب: الشريعةُ من الهدى، وقد أمر بالاقتداء، وأيضًا {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} (1)، رد: أراد التوحيد، لأن الفروع ليست ملّة، ولهذا لم يَبحَث عنها، وقال:{وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (1)، وقال:{إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} (2).
ثم: أمر باتباعهما بما أُوحِي إليه.
أُجِيبَ: الفروع من الملة، كملةِ نَبيّنا صلى الله عليه وسلم لأنها دينه [عند](3) عامة المفسرين (4)، قال ابن الجوزي (5): هو الظاهر وقد أمر باتباعها مطلقًا.
وكذا {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} (6)، وأيضًا في الصحيحين (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم: قضى بالقصاص في السن، وقال:
(1) سورة النحل (123).
(2)
سورة البقرة (130).
(3)
أثبتها ليستقيم المعنى. انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1443).
(4)
انظر: معالم التنزيل للبغوي (5/ 101).
(5)
انظر: زاد المسير لابن الجوزي (4/ 504). هو: عبد الرحمن بن علي البغدادي، المتوفّى سنة 597 ص. انظر: القسم الدارسي، المبحث الثامن: مصنفاته.
(6)
سورة الشورى (13).
(7)
هذا الحديث رواه أنس بن مالك رضي الله عنه. انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري لابن حجر (8/ 274) كتاب التفسير، باب والجروح قصاص برقم (4611)، ومسلم (3/ 1302) كتاب القسامة، باب إثبات القصاص برقم (1675)(24).
(كتاب الله القصاص)(1)، وإنما هذا في التوراة، وقد قيل: إنه دخل في عموم قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (2).
واستدل برجوعه صلى الله عليه وسلم إلى التوراة في الرجم (3).
رد: لإظهار كذبهم، ولهذا لم يرجع في غيره (4).
قالوا: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (5).
رد: اختلف في شيء، فباعتياره: هي شرائع مختلفة (6).
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}
…
الآية [سورة المائدة: 45].
(2)
سورة البقرة (194).
(3)
يشير إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلًا وامرأة منهم زنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تصنعون بهما؟ قالوا: نسخم وجوههما ونخزيهما، قال: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فجاؤوا فقالوا لرجل ممن يرضون: يا أعور اقرأ، فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه، قال: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيه آية الرجم تلوح، فقال: يا محمد عليهما الرجم ولكنا نتكاتمه بيننا، فأمر بهما فرجما، فرأيته يجانئ عليهما الحجارة. انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري لابن حجر (13/ 517) كتاب التوحيد، باب ما يجوز من تفسير التوراة برقم (7543)، ومسلم في صحيحه (3/ 1326) كتاب الحدود، باب رجم اليهود برقم (1699).
(4)
انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 173)، وأصول ابن مفلح (4/ 1446)، والتحبير للمرداوي (8/ 3784).
(5)
سورة المائدة (48).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1446)، والتحبير للمرداوي (8/ 2784).
قالو: لم يذكر في خبر معاذ السابق (1).
رد: إن صح فَلذِكرِه في القرآن، أو عمّه الكتاب، أو لقلتهِ، أو لعلمهِ بعدم من يثق به.
قالوا أتاه عمر رضي الله عنه بكتاب فغضب وقال: (أمُتهوِّكُون (2) فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية)، رواه أبو بكر بن أبي عاصم (3) والبزار (4)، والإمام أحمد وزاد:(ولو كان موسى عليه السلام حيًّا ما وسعه إلا اتباعي)(5) ورواه أيضًا وفيه: (والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم)(6).
(1) انظر ص (210).
(2)
التهوّك: كالتهوّر، وهو الوقوع في الأمر بغير رَوِيّة، المتهوك: الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو التحيّز. انظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (1/ 390)، النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (5/ 282).
(3)
أخرجه أبو بكر بن عاصم عن جابر بن عبد الله بهذا اللفظ في كتاب السنة (1/ 27). والحديث حسّنه الشيخ الألباني في إرواء الغليل (6/ 34). وابن أبي عاصم هو: أبو بكر أحمد بن عمرو بن النبيل الشيباني، كان من حفّاظ الحديث والفقه، توفي 287 هـ. من مصنفاته: كتاب السنة. انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 640).
(4)
أخرجه في: كشف الأستار (1/ 78) عن جابر. والبزار: هو الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري المعروف بالبزار كان ثقة حافظًا، حدّث ببغداد ثم رحل إلى الشام وأصبهان ينشر بها العلم، توفي بالرملة سنة 292 هـ. من مصنفاته: المسند. انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 653).
(5)
أخرجه عن جابر في المسند (3/ 387).
(6)
انظر: مسند الإمام أحمد (3/ 470) عن عبد الله بن ثابت (قال: =
رد: في الأول مجالد (1)، وفي الثاني جابر الجعفي (2)، وهما ضعيفان، ثم: لم يثق به.
= جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عبد الله فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، قال: فسرى عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين).
(1)
هو أبو عمرو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي، توفي سنة 143 هـ. قال عنه يحيى بن معين: لا يُحْتَجّ به، وقال: ضعيف واهٍ الحديث، وقال ابن حجر، ليس بالقوي وضعفه جماعة، وقال: وقد تغير في آخر عمره. وقال ابن حجر في فتح الباري لابن حجر (13/ 284): رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار، ورجاله موثوقون، إلا أن في مجالدٍ ضعفًا. انظر: التاريخ ليحيى بن معين (2/ 549)، ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 438).
(2)
هو أبو عبد الله جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي، أحد علماء الشيعة، قال ابن مهدي: كان ورعًا في الحديث وقال: شعبة صدوق، وقال أبو داود: ليس عندي بالقوي، وقال النسائي: متروك، وقال ابن معين: كذّاب، وقال ابن حجر: ضعيف رافضي. توفي سنة 127 هـ وقيل: 132 هـ. انظر: التاريخ ليحيى بن معين (2/ 76)، ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 379). قال الألباني:"والحديث قوي، فإن له شواهد كثيرة أذكر بعضها" ثم ذكر ستة شواهد. وقال: "وجملة القول: إن مجئ الحديث في هذه الطرق المتباينة والألفاظ المتقاربة لما يدل على أن مجالد بن سعيد قد حفظ الحديث فهو على أقل تقدير حديث حسن .. والله أعلم". انظر: كلامه على الحديث في إرواء الغليل للألباني (6/ 34)، السنة لابن أبي عاصم (1/ 27) برقم (50)، المشكاة برقم (1775).
قوله: الاستقراءُ (1) دليل؛ لإفادته الظّن، ذكره بعض أصحابنا وغيرهم (2).
نحو الوتر يُفعل راكبًا، فليس بواجب، لاستقراءِ الواجبات، فإنا استقرأناها -أي: تَتَبعناها- فما وجدنا يُفعَل على الراحلة كما يُفعَل الوتر، مع القدرة على فعلها على الأرض (3).
قوله: مسألة: مذهب الصحابي (4) إن لم يُخالفه صحابيٌّ، فإن انتشر ولم ينكر فَسَبَق في الإجماع، وإن لم ينتشر فحجةٌ مقدَّم على القياس في أظهر الروايتين، واختاره أكثر أصحابنا، وقاله مالك والشافعي في القديم وفي الجديد أيضًا، خلافًا لأبي الخطاب وابن عقيل وأكثر الشافعية (5).
(1) الاستقراء اصطلاحًا: هو الحكم على كلي لوجوده في أكثر جزئياته، وسمى استقراء؛ لأن مقدماته لا تحصل إلا بتتبع الجزئيات. انظر: التعريفات للجرجاني ص (18)، الأخضري في السلم ص (37).
(2)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (161).
(3)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (1/ 142)، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (448)، أصول ابن مفلح (4/ 1449)، شرح المنهاج للأصفهاني (2/ 759)، التحبير للمرداوي (8/ 2788)، شرح الكوكب لابن النجار (4/ 417).
(4)
الصحابي لغة: نسبة إلى الصحابة، والصحابة مصدر ثم صارت جمعًا، مفرده: صاحب، ولم يُجمع فاعل على فَعَالة إلا هذا، وصاحبَه: عاشَرَه. انظر: مادة "صحب" في: مختار الصحاح للرازي ص (149). واصطلاحًا: عرفه المصنّف في القسم الثاني ص (74) من شرح مختصر أصول الفقه لابن اللحام (من رآى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا)، وقال ابن حجر:"وأصح ما وقفت عليه أن الصحابي هو: من لقي الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على الإسلام". انظر: الإصابة لابن حجر (1/ 158).
(5)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (161).
مذهب الصحابي إن لم يخالفه صحابي: ينقسم إلى قسمين إما أن ينتشر أو لا، فإن انتشر ولم ينكر فسبق الكلام عليه في الإجماع (1).
وإن لم ينتشر فعن أحمد روايتان:
إحداهما: حجةٌ مقدمةٌ على القياس، اختارها أبو بكر (2) والقاضي (3) وابن شهاب (4) وصاحب الروضة (5) وغيرهم (6)، وقاله إسحاق (7) أيضًا والحنفية (8) غير الكرخي، ونقله أبو يوسف وغيره
(1) انظر: شرح المختصر في أصول الفقه القسم الثاني ص (272).
(2)
المراد به أبو بكر عبد العزيز المعروف بغلام الخلّال كما جاء في: المسودة لآل تيمية ص (336)، وأصول ابن مفلح (4/ 1450)، والتحبير للمرداوي (8/ 3801).
(3)
انظر: العدة لأبي يعلى (4/ 1181).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1450)، والتحبير للمرداوي (8/ 3801). وابن شهاب هو: أبو علي الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب العكبري، فقيه، حنبلي، محدّث، أديبٌ، شاعر لازم ابن بطة، له مصنفات في الفقه، منها عيون المسائل، والفرائض، توفي بعكبري سنة 428 هـ. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 186)، المقصد الأرشد لابن مفلح (1/ 320)، المنهج الأحمد للعليمي (2/ 341).
(5)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 525).
(6)
كابن تيمية في: المسودة لآل تيمية ص (336).
(7)
انظر: التبصرة للشيرازي ص (395). وأما إسحاق فهو: ابن راهويه، إسحاق ابن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي، أبو محمد، الإمام الكبير، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، ثقة حافظ مجتهد، سمع من ابن المبارك، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهم، توفي سنة 238 هـ. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص (78)، سير أعلام النبلاء للذهبي (11/ 358)، وتقريب التهذيب لابن حجر ص (99).
(8)
أصول السرخسي (2/ 105)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 132)، فواتح الرحموت لابن عبد الشكور (2/ 186).
عن أبي حنيفة (1).
[والثانية](2): ليس بحجة ويقدم القياس عليه، اختارها الفخر إسماعيل (3) أيضًا، وقاله الشافعي في الجديد (4) أيضًا، وأكثر أصحابه (5) والكرخي (6) وعامة المعتزلة (7)،
(1) انظر: أخبار أبي حنيفة للصيمري ص (10)، وجاءت النسبة إليه في: أصول ابن مفلح (4/ 1450)، وقد ذكر البخاري في كشف الأسرار للبخاري (3/ 217) أن عمل أصحابنا -أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد- لم يستقر في هذه المسألة، ولم يثبت منهم رواية ظاهرة.
(2)
في المخطوط "والثاني"، والصواب ما أثبته لأن الضمير يعود إلى الرواية.
(3)
جاءت النسبة إليه في: المسودة لآل تيمية ص (337)، أصول ابن مفلح (4/ 1450).
(4)
اضطرب النقل عن الشافعي في هذه المسألة، وقد ردّ العلماء هذا الاضطراب إلى الاشتباه بين مسألتين هما: اعتبار قول الصحابي حجة، وجواز تقليده. انظر ذلك في: نهاية السول للأسنوي (4/ 410)، وعبارة الشافعي في الرسالة ص (597) تدل على حجية قول الصحابي، وكذا في الأم (4/ 34)، وقد أطال ابن القيم في إعلام الموقعين (4/ 104) في تحقيق مذهب الشافعي، وأنه يقول بحجية قول الصحابي في القديم والجديد، ونقل أقوالًا عن الشافعي نفسه تؤكد مذهبه. انظر: التبصرة: 395)، والإحكام للآمدي (4/ 149)، وقواطع الأدلة للسمعاني (3/ 290)، والتلخيص:(3/ 451)، وجمع الجوامع بحاشية العطار (2/ 396)، والتمهيد للأسنوي ص (496)، والبحر المحيط للزركشي (8/ 57).
(5)
منهم: إمام الحرمين، والغزالي. انظر: التلخيص: (3/ 451)، والمستصفى للغزالي (1/ 137).
(6)
انظر: أصول السرخسي (2/ 105)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 133)، الأقوال الأصولية للإمام أبي الحسن الكرخي د. حسين الجبوري ص (92).
(7)
انظر: المعتمد للبصري (2/ 336).
والأشعرية (1)، والآمدي (2)، وذكره ابن بَرهان (3) عن أبي حنيفة نفسه، لأنه لا دليل عليه والأصل عدمه.
والصحابي يجوز عليه الغلط، والخطأ، والسهو، ولم تثبت عصمته، وكيف يتصور عصمة من يجوز عليهم الاختلاف (4)، ووجه الرواية الأولى قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم (5)
(1) انظر: البحر المحيط للزركشي (6/ 54).
(2)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 149).
(3)
الوصول إلى الأصول لابن برهان (2/ 371).
(4)
أدلة القائلين أنّ مذهب الصحابي ليس بحجة. روضة الناظر لابن قدامة (2/ 526)، أصول ابن مفلح (4/ 1451).
(5)
رواه عبْد بن حميد في المنتخب برقم (782)، وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (2/ 61، 251)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 923)، ويدور كلام العلماء على هذا الحديث بين تضعيفه أو تكذيبه، وطرقه لا تتقوى ببعضها، لأن أسانيدها لا تخلو من وضّاع أو انقطاع أو في رواته مجهول أو متروك. انظر: تحفة الطالب لابن كثير ص (137)، وتخريج أحاديث مختصر المنهاج للحافظ العراقي ص (23)، والمعتبر للزركشي ص (80)، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (1/ 78، 85).
ولكن ورد في مسلم (4/ 1960) كتاب فضائل الصحابة، باب بيان أن بقاء النبي أمان لأصحابه برقم (2531) من حديث أبي بردة عن أبيه -أبي موسى الأشعري- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعدون، وأنا أمنةٌ لأصحابي، فإذا ذهبْتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون). انظر: التلخيص الحبير لابن حجر (4/ 191).
رواه عثمان الدارمي (1) وابن عدى (2)، ولا شك أن الصحابة أقرب إلى الصواب، وأبعد من الخطأ لأنهم شاهدوا التنزيل [وسمعوا](3) كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فهم أعلم بالتأويل، وأعرف بالمقاصد فيكون قولهم أولى كالعلماء مع العامة، وما ذكروه من عدم العصمة، لا يلزم فإن المجتهد غير معصوم ويلزم العامي تقليده (4).
قوله: مسألة: مذهب الصحابي فيما يخالف القياس توقيف [ظاهر الوجوب](5) عند أحمد، وأكثر أصحابه، خلافًا لابن عقيل والشافعية (6).
(1) والدارمي هو أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد السجستاني الدارمي الحافظ الفقيه، محدث هراة، أخذ عن ابن المديني والإمام أحمد وإسحاق، وأخذ الفقه عن البويطي، توفي سنة 280 هـ. من مصنفات: المسند، والرد على الجهمية. انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 621)، طبقات الشافعية لابن السبكي (2/ 53). وقد بحثت عنه في الرد على الجهمية ولم أجده، وليس للدارمي كتاب مطبوع غيره.
(2)
انظر: الكامل لابن عدي (3/ 1057).
(3)
ساقطة من المخطوط، وأثبتها ليستقيم بها المعنى، وهي مثبتة في روضة الناظر.
(4)
روضة الناظر لابن قدامة (2/ 527).
(5)
هكذا في المخطوط، وفي المطبوع وكذلك في جميع مخطوطات المختصر في أصول الفقه، والصحيح ما ورد عند ابن مفلح والمرداوي كما حرّره المصنّف في الشرح بقوله:"ظاهرًا عند أحمد". انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1456)، التحبير للمرداوي (8/ 3810).
(6)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (161).
مذهب الصحابي إذا خالف القياس فيه قولان:
أحدهما: المنع؛ لارتفاع البقية بمذهبه، لكونه لم يدون بخلاف مذهب كل من الأئمة الأربعة، لا لنقض اجتهاده عن اجتهادهم، لا سيما مع مخالفته القياس (1).
والثاني: حجة وبه قال أحمد (2)، وأكثر أصحابه (3) لأنه لا يخالف القياس إلا بدليل غيره، بخلاف ما إذا وافقه لاحتمال أن يكون عنه، فيكون القياس الحجة لا مذهبه.
وقول المصنف: توقيف، معناه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: ظاهر الوجوب عند أحمد، هذا الكلام سقط منه شيء، وصوابه فيما ظهر لى، ظاهرًا بالتنوين، لوجوب حسن الظن به، وهكذا هو في أصول ابن مفلح (4).
وقل في المسودة: إذا قال الصحابي قولًا، لا يهتدي إليه قِياسٌ، فإنه يجب العمل به، وإن خالفه قول صحابي آخر نص عليه في مواضع، وبه قالت الحنفية (5)، وقالت الشافعية (6):
(1) انظر: التبصرة للشيرازي ص (399)، والمستصفى للغزالي (1/ 271)، والبحر المحيط للزركشي (6/ 63).
(2)
انظر: المسودة لآل تيمية ص (338)، أصول ابن مفلح (3/ 1456).
(3)
انظر: العدة لأبي يعلى (4/ 1196)، أصول ابن مفلح (3/ 456)، التحبير للمرداوي (8/ 3810).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1456).
(5)
انظر: أصول السرخسي (2/ 105)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 132).
(6)
انظر: التبصرة للشيرازي ص (399)، المستصفى للغزالي (1/ 260).
[لا](1) يحمل على التوقيف بل حكمه حكم مجتهد فيه، واختاره أبو الخطاب (2) مع حكايته فيه وجهين، وابن عقيل (3)، وحكى الأول عن شيخه فقط، ومثّله بقول عمر رضي الله عنه في عين الدابة (4)، وفي حمل العاقلة دية قاتل نفسه (5)، وقول ابن عباس فيمن نذر ذبح ولده (6)، وادعى ابن عقيل أن الظاهر عدم التوقيف معه، قال أبو العباس:"وقد يقال: الأمر محتمل"(7) انتهى. فيبقى معنى كلام المصنف على ما ظهر أن مذهب الصحابي فيما يخالف القياس يحمل على التوقيف في الظاهر لا أننا نقطع بأنه توقيف، إذ لو قطعنا لم يأت فيه خلاف، لنا: وحسن الظن
(1) ساقطة من المخطوط وأثبتها من المسودة لآل تيمية ص (338).
(2)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 195).
(3)
انظر: الواضح لابن عقيل (3/ 397).
(4)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 77) باب عين الدابة برقم (18418) عن شريح أن عمر كتب إليه في عين الدابة ربع ثمنها، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (9/ 275) كتاب الديات، باب في عين الدابة برقم (7444).
(5)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (9/ 412) كتاب العقول، باب الرجل يصيب نفسه برقم (17827) عن قتادة: أن رجلًا فقأ عين نفسه (فقضى له عمر بديتها على عاقلته).
(6)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (8/ 460) في كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر لينحرن نفسه برقم (15904) عن عطاء أن رجلًا جاء إلى ابن عباس فقال: نذرت لأنحرن نفسي، فقال ابن عباس:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [سورة الأحزاب: 21]، ثم تلا {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)} [سورة الصافات: 107] ثم أمره بذبح كبش. وأخرجه البيهقي في سننه (10/ 72) كتاب الأيمان، باب ما جاء فيمن نذر أن يذبح ابنه أو نفسه.
(7)
المسودة لآل تيمية ص (338).
بالصحابي واجب لأنه لا يقول ما يخالف القياس إلا لدليل اعتمد عليه، والله تعالى أعلم.
قوله: مسألة: مذهب التابعي ليس بحجةٍ عند الأكثر وكذا لو خالف القياس، في ظاهر كلام أحمد (1) وأصحابنا خلافًا لأبي البركات (2).
مذهب التابعي ليس بحجة للتسلسل (3)، وقيل: بلى؛ كالصحابي، وأما إن خالف القياس فذكر ابن عقيل: أنه ليس بحجة محل وفاق (4)، وذكر أبو البركات (5) عن قول الحسن (6)
(1) القول الأول: أنه ليس بحجة. انظر: العدة لأبي يعلى (2/ 582)، التمهيد لأبي الخطاب (2/ 120)، الواضح لابن عقيل (3/ 398)، أصول ابن مفلح (4/ 1458)، التحبير للمرداوي (8/ 3813).
(2)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (162).
(3)
انظر: قول الجمهور في: كشف الأسرار للبخاري (3/ 225)، التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة (2/ 277)، إعلام الموقعين لابن القيم (4/ 155)، التحبير للمرداوي (8/ 3813)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (4/ 426)، فتح الغفار لابن نجيم (2/ 140).
(4)
جاءت نسبته في المسودة لآل تيمية ص (339).
(5)
المسودة لآل تيمية ص (399).
(6)
هو: أبو سعيد، الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، مولى زيد بن ثابت، ولد في زمن عمر، وسمع عثمان يخطب، شيخ أهل البصرة، وأعلم أهل زمانه، كان فقيهًا، حجة، مأمونًا، زاهدًا، عابدًا، ناسكًا، فصيحًا، من الشجعان كان كلامه يشبه كلام الأنبياء، توفي رضي الله عنه سنة 110 هـ بالبصرة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (4/ 563)، تقريب التهذيب لابن حجر ص (160).
(يَنجُس ماءٌ غَمِسَ فيه يدُ قائمٍ من نوم الليل)(1)، الظاهر أنه توقيف عن صحابي، أو نص (2)، وقاله عن قول أسد بن وداعة (3) في التخفيف: بقراءة {يس (1)} (4) عند المحتضر.
وقد احتج أحمد في أقل الحيض بقول عطاء (5): أقله يوم (6).
قوله: مسألة: الاستحسانُ: هو العدول بحكمِ المسألةِ عن نظائرِها، لدليل شرعي [خاص](7).
قال في الروضة (8) عن الاستحسان (9) له ثلاثة معان:
(1) هكذا أورده المصنف متابعة لابن مفلح، ورواية الحسن كما عند ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ (إذا أردتم أن توضَّؤُوا فلا تغمسوا أيديكم في إناء حتى تُنَقُّوها). انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 100).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1459).
(3)
هو أسد بن وداعة، شامي، من صغار التابعين، ناصبي، وثقه النسائي. توفي سنة 137 هـ. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي (2/ 207)، لسان الميزان لابن حجر (1/ 385).
(4)
سورة يس (1).
(5)
عطاء بن أبي رباح واسم رباح أسلم، أبو محمد القرشي، مولى لبني جمح، ثقة، فقيه مكة، حدث عن عائشة وابن عباس وغيرهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة 114 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (5/ 78)، وتقريب التهذيب لابن حجر ص (391).
(6)
ذكره البخاري معلّقًا في صحيحه بلفظ: "وقال عطاء: الحيض يوم إلى خمسة عشر". انظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 425). والحديث أخرجه الدارمي (1/ 172)، والدارقطني في سننه (1/ 208).
(7)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (162).
(8)
روضة الناظر لابن قدامة (2/ 531).
(9)
لغة: استفعال من الحسن، وهو عد الشيء، واعتقاده حسنًا حسيًا كان كالثوب، =
أحدها: ما ذكره المصنف (1). والثاني: أنه ما يستحسنه المجتهد بعقله (2).
الثالث: دليلٌ ينقدحُ في نفس المجتهدِ لا يقدر على التعبير عنه (3)، قال: وهذا هوسٌ؛ فإنه ما لا يُعبِّر عنه، لا يُدرى أهو وهمٌ أم تحقيق؟ فلا لد من إظهاره ليعتبر بادلة الشريعة فلتصححه أو تزيفه انتهى كما في الروضة (4).
وقيل: ترك القياس لقياس أقوى منه (5)، وأبطله في
= أو معنويًّا كالرأي. والحسن: عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه، فالاستحسان: عدُّ الشيء حسنًا. انظر: مادة "حسن" في: المصباح المنير للفيومي ص (52)، ولسان العرب لابن منظور (13/ 117).
(1)
هذا التعريف للإمام أبي الحسن الكرخي من الحنفية. قال: قطع المسألة عن نظائرها لما هو أقوى. وقد اختار هذا التعريف جمع من الأصوليين ومنهم ابن قدامة والآمدي. انظر: أصول السرخسي (2/ 199)، شرح اللمع للشيرازي (1/ 969)، بذل النظر (648)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 531)، التلويح على التوضيح للتفتازاني (2/ 81)، الإحكام للآمدي (4/ 157)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 78)، الأقوال الأصولية للإمام أبي الحسن الكرخي د. حسين الجبوري (112).
(2)
هذا تعريف الغزالي في المستصفى للغزالي (1/ 275).
(3)
انظر هذا التعريف ورَدّ العلماء عليه في: شرح اللمع للشيرازي (2/ 973)، التمهيد لأبي الخطاب (4/ 96)، المستصفى للغزالي (1/ 274)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 536)، الإحكام للآمدي (4/ 157)، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (451)، المسودة لآل تيمية ص (451)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 78)، شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 353).
(4)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 535).
(5)
ذكره القاضي أبو يعلى في العدة لأبي يعلى (5/ 1607).
التمهيد (1) وغيره (2)، بأنه لو تركه لنص [كان](3) استحسانًا.
وفي مقدمه المجرد: تَرْك قياس لما هو أولى منه، أومأ إليه أحمد (4)، وذكر الحلواني أنه: القول بأَقوى الدليلين (5). قالهُ القاضي أيضًا (6).
وقيل: "العدول عن حكمِ الدليلِ إلى العادة لمصلحة الناس، كشرب الماء من السِّقاء ودخول الحمام"(7).
قوله: وقد أطلق أحمدُ والشافعي القول به في مواضع، وقال به الحنفية، وأنكره غيرهم، وهو الأشهر عن الشافعي حتى قال:"من استحسن فقد شرع"(8).
(1) انظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 91، 93).
(2)
كالقاضي أبي يعلى في العدة لأبي يعلى (5/ 1605)، المسودة لآل تيمية ص (452)، أصول ابن مفلح (4/ 1462).
(3)
في المخطوط مطموسة ببلل وأثبته من أصول ابن مفلح (4/ 1464).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1464).
(5)
جاءت النسبة إليه في: التبصرة للشيرازي ص (492)، والإحكام للآمدي (4/ 156)، والمسودة لآل تيمية ص (454).
(6)
انظر: العدة لأبي يعلى (5/ 1605).
(7)
والصحيح أن مستنده ليس العدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة بل جريانه في زمان النبي عليه السلام أو في زمن الصحابة، مع علمهم من غير إنكار. انظر: منتهى السول والأمل لابن الحاجب ص (208)، شرح مختصر ابن الحاجب مع العضد للإيجي (2/ 288)، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 284)، رفع الحاجب للسبكي (4/ 522)، أصول ابن مفلح (4/ 1465).
(8)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (162).
قال القاضي يعقوب: "القول بالاستحسان مذهب أحمد، وهو: أن تَتْرُك حكمًا إلى حكمٍ هو أولى منه، وهذا إنما لا ينكر"(1).
قلت: وهذا الحد ذكره القاضي في العدة (2)، وأبطله في التمهيد: بأن القوة للأدلة لا للأحكام (3)، فمما أطلق الإمام أحمد القول فيه بالاستحسان قوله في رواية الميموني:
"أستحسنُ أن يتيمم لكل صلاة، والقياس أنه بمنزلةِ الماءِ حتى يُحدِث أو يَجِدَ الماء"(4). وقال في رواية بكر بن محمد (5) -فيمن غصب أرضًا فزرعها-: "الزرع لرب الأرض، وعليه النفقة، وليس هذا بشيء يوافق القياس، ولكن أستحسنُ أن يدفع إليه نفقته"(6). وقال في رواية صالح (7) في المضارب إذا خالف
(1) جاءت النسبة إلى القاضي يعقوب في: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 531).
(2)
انظر: العدة لأبي يعلى (4/ 1607).
(3)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 92).
(4)
جاء ذكر هذه الرواية في: العدة لأبي يعلى (5/ 1604)، التمهيد لأبي الخطاب (4/ 87)، المسودة لآل تيمية ص (451).
(5)
هو: بكر بن محمد النسائي البغدادي، من أصحاب الإمام أحمد المقربين الذين أكثروا عنه نقل الرواية. انظر: طبقات الحنابلة لأبي يعلى (1/ 199).
(6)
جاء ذكر الرواية في: العدة لأبي يعلى (4/ 1605)، التمهيد لأبي الخطاب (4/ 87).
(7)
صالح بن الإمام أحمد بن حنبل، أكبر أولاده، سمع من أبيه مسائل كثيرة، روى عنه أبو القاسم البغوي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وسئل عنه فقال: كتبت عنه بأصبهان وهو صدوق ثقة، تولى قضاء أصبهان وطرطوس، توفي سنة 266 هـ. مصادر الترجمة: المقصد الأرشد لابن مفلح (1/ 444).
فاشترى غير ما أمر به صاحب المال: "فالربح لصاحب المال، ولهذا أجرةُ مثله، إلا أن يكون الربح يحيط بأجرة مثله فيذهب، وكنت أذهب إلى أن الربح لصاحب المال ثم استحسنت"(1).
وقال الشافعي: "أستحسنُ في المتعة (2) ثلاثين درهمًا".
وثبوت الشفعة إلى ثلاثة أيام (3)، وترك شيء من الكتابة (4) له، وأن لا تقطع يُمنى سارق أخرج يَده اليسرى (5)، فقطعت (6)، والأشهر عن الشافعي: الإنكار (7).
(1) انظر المسألة في: العدة لأبي يعلى (5/ 1604)، المسودة لآل تيمية ص (452)، ويختلف نص الرواية في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (1/ 448) عن ما ذكره المصنف هنا.
(2)
المراد بالمتعة متعة الطلاق، الواردة في قوله تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [سورة البقرة: 236].
انظر: أحكام القرآن للشافعي (1/ 201).
(3)
انظر: الأم للإمام الشافعي (3/ 231).
(4)
قال المزني: أي ترك شيء للمكاتب من نجوم الكتابة. مختصر المزني بهامش الأم (5/ 276).
(5)
قال الآمدي في الإحكام (4/ 157): "القياس أن تُقطع يمناه، والاستحسان أن لا تقطع".
(6)
انظر: أحكام القرآن للقرطبي (1/ 201)، الإحكام للآمدي (4/ 157).
(7)
انظر: التبصرة للشيرازي ص (492)، المستصفى للغزالي (1/ 274)، الإحكام للآمدي (4/ 156)، نهاية السول للأسنوي (4/ 399)، البحر المحيط للزركشي (6/ 87). قال ابن السبكي في جمع الجوامع (2/ 253):"فإن تحقق استحسان مختلف فيه فمن قال فقد شرع". فيتوجه إنكاره عند الشافعية إذا كان بمعنى ترك القياس لما يستحسن الإنسان بغير دليل كما ذكر الشيرازي، وإلا فإن =
وقال أحمد: الحنفية تقول. "نستحسن هذا، وندعُ القياس فتدع ما نزعمه الحق بالاستحسان، وأنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيسُ عليه"(1).
قال القاضي: "هذا يدل على إبطاله"(2)، وقال أبو الخطاب:[إنما](3) أنكر استحسانًا بلا دليل، قال: ومعنى: "أذهب إلى ما جاء ولا أقيس" أي: أترك القياس بالخبر وهو الاستحسان بالدليل (4).
قوله: ولا يتحقق استحسان مختلف فيه (5).
لأن الذي عدلنا إليه، إن كان دليلًا شرعيًّا العمل به، وإن عدلنا إلى قياس أقوى من قياس، فلا خلاف أن أقوى القياسين يجب العمل به عند التعارض.
وإن قلنا: بأنه ما ينقدح في نفس المجتهد، فإن لم يتحقق كونه دليلا فمردود اتفاقًا، وإن تحقق فمعتبر اتفاقًا (6)، وإن قلنا:
= الإمام الشافعي: قد استحسن أمورًا كثيرة كما سبق في الروايات السابقة عنه. انظر: كلام د. محمد حسين هيتو بهامش التبصرة للشيرازي ص (492).
(1)
انظر هذه الرواية في: التحبير للمرداوي (8/ 3821)، العدة لأبي يعلى (5/ 1605)، التمهيد لأبي الخطاب (4/ 89)، أصول ابن مفلح (4/ 1462).
(2)
انظر: العدة لأبي يعلى (4/ 1605).
(3)
ساقطة من المخطوط، وأثبتها من التمهيد لأبي الخطاب.
(4)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 89).
(5)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (162).
(6)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 159)، وبيان المختصر للأصفهاني (3/ 284).
أن تعدل عن حكم الدليل إلى العادة، فإن ثبتت العادة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فهو ثابت بالسنة أو في زمانهم من غير إنكار فهو إجماع، والا فهو مردود، فظهر بهذا أنه لا يتحقق استحسان مختلف فيه، وإن ثبت فلا دليل عليه (1)، والأصل عدمه، وقوله تعالى:{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} (2){الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (3) لا نسلم أن هذا مما أنزل فضلًا عن كونه أحسن، ولم يفسر به أحد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن)(4) المراد به: الإجماع قطعًا (5).
قوله: مسألة: المصلحة (6) إنْ شهِد الشرعُ باعتبارها كاقتباس الحكم من معقولِ دليلٍ شرعي فقياس، أو ببطلانها، كتعيين الصوم في كفارة رمضان على الموسر، كالملك ونحوه فلغو (7).
(1) أي: على كونه حجة. انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1466).
(2)
سورة الزمر (55).
(3)
سورة الزمر (14).
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 379)، والطيالسي في مسنده ص (246)، والطبراني في الكبير (9/ 118)، والبغوي في شرح السنة (1/ 214) جميعهم عن عبد الله بن مسعود، قال في مجمع الزوائد (1/ 178):"رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله موثوقون". وفي كشف الخفا للعجلوني (2/ 263): قال: "وهو موقوف حسن". وانظر: نصب الراية (4/ 133).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (4/ 1467).
(6)
المصلحة لغة: ضد المفسدة، وهو كالمنفعة وزنا ومعنى. انظر: مادة "صلح" في المصباح المنير للفيومي ص (132)، ولسان العرب لابن منظور (2/ 516).
(7)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (162).
المصلحة: جلب مصلحةٍ، أو دفعُ مضرةٍ (1). وهي ثلاثة أقسام:
أحدها: ما شهد الشرع باعتبارها، فهذا هو القياس وهو: اقتبَاسُ الحكمِ من معقول دليل شرعي (2)، كاستفادتنا تحريم شحم الخنزير، من تحريم لحمه المنصوص عليه، وتحريم النبيذ للشدّة من تحريم الخمر.
الثاني: ما شهد ببطلانها، ومثاله ما تقدم (3) نظرًا إلى أن الكفارة وضعت للزجر، ولو أمر بالعتق لسهل عليه ولم يحصل الزجر، فهذا لا خلاف في بطلانه لمخالفة النص، وفتح هذا يؤدي إلى تغيير حدود الشرع (4).
قوله: أو لم يشهد لها ببطلان، ولا اعتبارٍ معينٍ، فهي: إما تحسيني كصيانة المرأة عن مباشرة عقد نكاحها المشعر بما لا يليق بالمروءة بتولي الولي ذلك، أو حاجيٌّ، أي: في رتبة الحاجة، كتسليط الولي على تزويج الصغيرة لحاجةِ تقييد الكفؤ خيفة فواته، ولا يصح التمسك بمجرد هذين من غير أصل (5).
(1) عرفها بهذا التعريف الغزالي وتابعه فيه ابن قدامة في الروضة. انظر: المستصفى للغزالي (1/ 284)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 537).
(2)
أي: النص أو الإجماع. انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 537).
(3)
انظر ص (182) قصة يحيى بن يحيى تلميذ الإمام مالك مع عبد الرحمن بن الحكم أحد ملوك الأندلس.
(4)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 137).
(5)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (2/ 528).
القسم الثالث: من أقسام المصلحة: ما لم يشهد لها الشرع ببطلان ولا اعتبار. وهو على ثلاثة أضرب:
أحدهما: تحسيني يعني يقع موقع التحسين والتزيين، ورعاية حسن المناهج، ومثاله: ما تقدم، فإن مباشرة المرأة نكاح نفسها مشعر بتوقان نفسها إلى الرجال، ولا يليق ذلك بالمروءة، فَفَوّض ذلك إلى الوليّ، حملًا للخلق على أحسن المناهج (1).
الضرب الثاني: حاجى ومثاله ما تقدم (2)، وهذان الضربان لا يجوز التمسك بهما من غير أصل. قال في الروضة: لا نعلم فيه خلافًا لأنه لو جاز ذلك كان وضعًا للشرع بالرأي، ولما احتجنا إلى بعثة الرسل، ولكان العامي يساوى العالم في ذلك، فإن كل أحد يعرف مصلحته (3).
قوله: أو ضروري: وهو ما عُرف التفاتُ الشارع إليه كحفظ الدّين بقتل المرتد والداعيةِ، والعقل بحد المسكرِ، والنفسِ بالقصاصِ، والنسب والعرض بحد الزنا، والقذف، والمال بقطع السارق، فليس بحجة، خلافًا لمالك وبعض الشافعية (4).
الضرب الثالث: الضروري (5)، وهو: ما عرف التفات
(1) انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 528).
(2)
تقدمت في المتن.
(3)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة -بتصرف يسير- (2/ 539).
(4)
مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (163).
(5)
وقد عرَّفها الشاطبي بأنها: ما لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامةٍ، بل على فساد =
الشرع إليه والضروريات خمسة: أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم، وعقلهم، ونسبهم، ومالهم، فقضى الشرع بقتل المرتدّ، وعقوبة المبتدع الداعي إلى البدع، صيانة لدينهم، وقضاؤه بالقصاص حفظًا للنفوس، وبحدّ الشربِ، حفظًا للعقول، وبحدّ الزنا، حفظًا للنسل والنسب، وبقَطْع السارق حِفظًا للأموال، فتفويتُ هذهِ الأصول الخمسة، والزجر عنها مستحيل (1). فذهب مالك (2) وبعض الشافعية (3) إلى أن هذه المصالح حجة (4)، لأنا قد علمنا أن ذلك من مقاصد الشرع، وكون هذه المعاني مقصودة عرف بأدلةٍ كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة، وقرائن الأحوال، فَيسمّى ذلك مصلحة مرسلة ولا نسميه قياسًا؛ لأن القياس يرجع إلى أصل معيَّن.
والصحيح أن ذلك ليس بحجة (5) لأنه ما عرف من الشارع
= وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين. انظر: الموافقات (2/ 17).
(1)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 539).
(2)
انظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (2/ 289)، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (446)، تقريب الوصول إلى علم الأصول (410).
(3)
انظر: الإحكام للآمدي (4/ 160)، البحر المحيط للزركشي (6/ 76).
(4)
نفل ابن بَرهان عن الشافعي في القديم؛ الاحتجاج بالمصلحة المرسلة، وقيدها بأن تكون المصلحة ضرورية قطعية كلية اعتبرت، وإن فات أحد هذه القيود لا يحتج بها. انظر: الوصول إلى الإصول (2/ 287)، الإحكام للآمدي (4/ 160).
(5)
انظر: المستصفى للغزالي (1/ 284)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 540)، الإحكام للآمدي (4/ 160)، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 210)، =