الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللّغات، ويكثر في الاستعمال فيها ما لا يكثر في غيرها، فالحاء المهملة، والظاء المعجمة مما أفردت بها العرب في لغاتها، واختصت بها دون غيرها من أرباب اللّغات؛ والعين المهملة قليلة في كلام بعض الأمم ومفقودة في كلام كثير منهم؛ وكذلك الصاد والضاد والذال المعجمة ليست في الفارسية، والثاء المثلثة ليست في الروميّة ولا في الفارسية، والفاء ليست في التركية.
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان «1» رحمه الله: ولذلك يقولون في فقيه: يقيه بالباء الموحدة المشربة الفيويّة «2» .
الجملة الثانية في حروف العربية
واعلم أنا لما كنا بحمد الله أمّة وسطا خير أمّة أخرجت للناس، وكان خير الأمور أوساطها، وكانت حروف اللّغات ما بين أربعة وعشرين حرفا إلى ستة وثلاثين كما تقدّم، كانت حروف الكلام العربيّ التي بها رقم القرآن الكريم ثمانية وعشرين حرفا في اللفظ، متوسطة بين حروف اللّغات، وهي اب ت ث إلى آخره؛ وتسمى حروف الهجاء وحروف التّهجّي؛ ويسميها سيبويه والخليل حروف العربية أي حروف اللغة العربية، وهي التي يتركّب منها الكلام العربيّ؛ وتسمى أيضا حروف المعجم، إما لأنها مقطّعة لا تفهم إلا بإضافة بعضها إلى بعض، وإما لأن منها ما ينقط النقط المعروف، أو تنقط كلّها أي تشكل، إذ النقط قد يكون بمعنى الشّكل. وقال بعض أهل اللغة:[العجم]«3» النّقط بالسواد كمثل التاء عليها نقطتان، يقال منه أعجمت الحروف، ومعناه حروف الخط المعجم. وبعضهم «4»
يجعل المعجم مصدرا بمعنى الإعجام من أعجمت الشيء إذا بيّنته فكأنها مبيّنة للكلام؛ وتكون الهمزة في أعجمت للإزالة، أي أزلت عجمته إما بنقطه أو شكله.
قال الشيخ عبد الخالق بن أبي القاسم المصريّ «1» : وإذا اعتبرت سائر اللغات بالتحقيق فلن يزيد ذلك على ثمانية وعشرين حرفا (يريد غير اللام ألف) في الحروف العربية، والقائل بذلك يجعل اللام ألف مركبا من حرفين فلا يعدّه حرفا مستقلّا.
قال علماء الحرف: وجعلت ثمانية وعشرين حرفا على عدد منازل القمر الثمانية والعشرين.
قالوا: ولما كانت المنازل القمرية يظهر منها فوق الأرض أربع عشرة منزلة ويغيب تحت الأرض أربع عشرة كانت هذه الحروف ما يظهر منها مع لام التعريف أربعة عشر بعدد المنازل الظاهرة، وهي الألف، والباء، والحاء المهملة، والخاء المعجمة، والعين المهملة، والغين المعجمة، والفاء، والقاف، والكاف، واللام، والميم، والهاء، والواو، والياء المثناة تحت. تقول الألف والباء والحاء فتظهر اللام في لفظك وكذلك في البواقي. وما يندغم منها أربعة عشر حرفا أيضا بعدد المنازل الغائبة، وهي التاء المثناة من فوق، والثاء المثلثة، والدال المهملة، والذال المعجمة، والراء والزاي، والسين المهملة، والشين المعجمة، والصاد المهملة، والضاد المعجمة، والطاء المهملة، والظاء المعجمة، والنون. تقول التاء، والثاء، والدال فتخفى في لفظك، وكذلك في البواقي.
وقد تقدّم في خبر أبي ذرّ رضي الله عنه أنها نزلت على آدم عليه السلام تسعة وعشرين حرفا عدّ منها اللام ألف وهو الموجود في التصوير فلا يعوّل إلا عليه إن صح الحديث.