الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الأول أن يكون له معنى واحد فقط
فيكتب هكذا (زيد) إذا طلب كتابة زاي، ياء، دال.
الوجه الثاني أن يكون له أكثر من معنى واحد
فيكتب بحسب القرينة كما إذا قيل لك: اكتب شعرا! فإن دلت القرينة على أن المراد هذا اللفظ كتب هكذا (شعرا) وإلا فيكتب ما ينطبق عليه الشعر إذ هو معنى الشعر.
الضرب الثاني ما تغير عن أصله، وهو على ثلاثة أنواع
النوع الأول ما تغير بالزيادة. والزيادة تقع في الكتابة بثلاثة أحرف
الحرف الأول الألف، وتزاد في مواضع
(منها) تزاد بعد الميم في مائة فتكتب على هذه الصورة (مائة) فرقا بينها وبين «منه» وإنما كانت الزيادة من حروف العلة دون غيرها لأنها تكثر زيادتها، وكان حرف العلة ألفا لأنها تشبه الهمزة، ولأن الفتحة من جنس الألف؛ ولم تكن الزيادة ياء، لأنه يستثقل في الخط أن يجمع بين حرفين مثلين في موضع مأمون فيه اللبس، ألا ترى إلى كتابتهم خطيئة على وزن فعلية بياء واحدة ولو كتبت على صيغة لفظها، لوجب أن تكتب بياءين ياء لبناء فعلية، وياء هي صورة الهمزة؛ ولم تكن الزيادة واوا لاستثقال الجمع بين الياء والواو؛ وجعل الفرق في «مائة» ولم يجعل في «منه» لأن مائة اسم ومنه حرف والاسم أحمل للزيادة من الحرف، ولأن المائة محذوفة اللام بدليل قولهم: أمأيت الدراهم، فجعل الفرق في مائة بدلا من المحذوف مع كثرة
الاستعمال؛ ثم اختلف في المثنّى منه فقيل لا يزاد في مائتين لأن موجب الزيادة اللبس ولا لبس في التثنية، والراجح الزيادة كما في الإفراد، لأن التثنية لا تغير الواحد عما كان عليه.
أما في حالة الجمع، فقد اتفقوا على منع الزيادة فكتبوا «مئين ومئات» بغير ألف بعد الميم، لأن جمع التكسير يتغير فيه الواحد، وجمع السلامة ربما تغير فيه أيضا فغلبت.
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله: وقد رأيت بخط بعض النحاة «مأة» على هذه الصورة بألف عليها نبرة الهمزة دون ياء. قال: وكثيرا ما أكتب أنا «مئة» بغير ألف كما تكتب «فئة» لأن كتب مائة بالألف خارج عن القياس، فالذي أختاره أن تكتب بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة، أو بالياء دون الألف على وجه تسهيلها.
(ومنها) تزاد بعد واو الجمع المتطرفة في آخر الكلمة إذا اتصلت بفعل ماض أو فعل أمر مثل ضربوا واضربوا وما أشبههما، فتكتب بألف بعد الواو.
وسمّى ابن قتيبة هذه الألف ألف الفصل لأنها تفصل بين الفعل «1» كي لا تلتبس الواو في آخر الفعل بواو العطف، فإنك لو كتبت أوردوا وصدروا مثلا بغير ألف ثم اتصلت بكلام بعدها، ظن القاريء أنها واو العطف. ولمّا فعلوا ذلك في الأفعال التي تنقطع واوها عن الحرف كالفعلين المتقدّمين، فعلوا ذلك في الأفعال التي تتصل واوها بالحرف قبلها نحو كانوا وبانوا ليكون حكم هذه الواو في جميع المواضع واحدا. أما إذا لم تقع طرفا في آخر الكلام نحو: ضربوهم وكالوهم ووزنوهم، لم تلحق به الألف. فلو اتصلت واو الجمع المذكورة بفعل مضارع نحو: لن يضربوا ولن يذهبوا. فمذهب بعض البصريّين أنه لا تلحقها الألف، ومذهب الأخفش لحوقها كالماضي والأمر.
ولو اتصلت باسم نحو: ضاربوهم وضاربو زيد. فمذهب البصريين أنها لا تلحق بل يجعل الاسم تلو الواو. ومذهب الكوفيين أنها تلحق فيكتبون ضاربوا زيد وقاتلوا عمرو وهموا بألف بعد الواو في الجميع، والراجح الأول.
(ومنها) زادها الفرّاء في يدعو ويغزو في المفرد حالة الرفع خاصّة تشبيها بواو الجمع وأطلق ابن قتيبة النقل عن بعض كتّاب زمانه بأنها لا تلحق في مثل ذلك، لأن العلة التي أدخلت هذه الألف لأجلها في الجمع لا تلزم هنا، لأنك إذا كتبت الفعل الذي تتصل واوه به من هذا الباب مثل: أنا أرجو وأنا أدعو، لم تشبه واوه واو العطف أيضا إلا بأن تزيل الكلمة عن معناها، لأن الواو من نفس الفعل لا تفارقه إلا في حال جزمه، والواو في صدروا، ووردوا واو جمع مكتف بنفسه يمكن أن يجعل للواحد وتتوهم الواو عاطفة لشيء عليه. قال: وقد ذهبوا مذهبا. غير أن متقدّمي الكتّاب لم يزالوا على إلحاق ألف الفصل بهذه الواوات كلها ليكون الحكم في كل موضع واحدا.
قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: وفصّل الكسائي «1» في حالة النصب فقال:
إن لم يتصل به ضمير نحو [لن يدعو كتب بألف، وإن اتصل به ضمير نحو]«2» لن يدعوك، كتب بغير ألف فرقا بين الحالين.
(ومنها) تزاد شذوذا بعد الواو المبدلة من الألف في الربو فتكتب بألف بعد الواو على هذه الصورة (الربوا) تنبيها على أن الأصل يكتب بالألف. ووجه الشذوذ أنه من ذوات الواو فكان قياسه أن يكتب بالألف.
وقد زيدت في مواضع من المصحف، كما في قوله تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ
«3» تنبيها على أنه كان ينبغي أن تكون صورة الهمزة ألفا على كل حال ولا.