الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن الطوير: وهو المسمّى الآن بالمهمندار، وسيأتي في الكلام على ترتيب المملكة المستقّر أن المهمندار الآن من أصحاب السيوف، وكأنّ ذلك لموافقة الدولة في اللسان والهيئة.
السادس- «القرّاء»
. وكان لهم قرّاء يقرأون بحضرة الخليفة في مجالسه وركوبه في المواكب وغير ذلك، وكان يقال لهم «قرّاء الحضرة» يزيدون في العدّة على عشرة نفر، وكانوا يأتون في قراءتهم في المجالس ومواكب الركوب بآيات مناسبة للحال بأدنى ملابسة، قد ألفوا ذلك وصار سهل الاستحضار عليهم، وكان ذلك يقع منهم موقع الاستحسان عند الخليفة والحاضرين، حتّى إنه يحكى أن بعض الخلفاء غضب على أمير فأمر باعتقاله، فقرأ قاريء الحضرة: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
«1» فاستحسن ذلك وأطلقه إلا أنهم كانوا ربما آتوا بآيات إذا روعي قصدهم فيها، أخرجت القرآن عن معناه: كما يحكى أنه لما استوزر المستنصر بدر الجماليّ قرأ قارئهم: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ
«2» ولما استوزر الحافظ رضوان قرأ قارئهم: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ
«3» إلى غير ذلك من الوقائع.
النوع الثاني من أرباب الأقلام أصحاب الوظائف الديوانية، وهي على أربعة «4» أضرب:
الضرب الأول الوزارة إذا كان الوزير صاحب قلم
اعلم أن أكثر وزرائهم في ابتداء دولتهم إلى أثناء خلافة المستنصر كانوا من
أرباب الأقلام: تارة وزارة تامة وتارة وساطة «1» ، وهي رتبة دون الوزارة؛ وممن اشتهر من وزرائهم أرباب الأقلام فيما ذكره ابن الطوير: يعقوب بن كلّس «2» وزير العزيز، والحسن بن عبد الله اليازوريّ «3» وزير المستنصر، وأبو سعيد التّستري «4» ، والجرجراني «5» ، وابن أبي كدينة «6» ، وأبو الطاهر أحمد بن بابشاذ «7» صاحب المقدّمة في النحو، ووزير الوزراء علي بن فلاح «8» ، والمغربيّ وزير
المستنصر «1» ، وهو آخر من وزّر لهم من أصحاب الأقلام، وعليه قدّم أمير الجيوش بدر الجماليّ «2» فوزّر للمستنصر على ما تقدّم ذكره؛ وربما تخلل تلك المدّة الأولى في الوساطة أرباب السيوف، كبرجوان «3» الخادم، وقائد القوّاد الحسين بن جوهر «4» ، وثقة ثقات السيف والقلم عليّ بن صالح «5» كلهم في أيام الحاكم. وربما ولي الوساطة بعض النصارى، كعيسى بن نسطورس «6» في أيام العزيز، ومنصور بن عبدون «7» الملقب بالكافي، وزرعة بن نسطورس «8» الملقب بالشافي كلاهما في أيام الحاكم. وربما كان الأمر شورى في أهل المروادني «9» ؛ وكان من زيّ وزرائهم أصحاب الأقلام أنهم يلبسون المناديل الطبقيات بالأحناك تحت حلوقهم كالعدول، وينفردون بلبس الدراريع مشقوقة من النحر إلى أسفل الصدر بأزرار وعرى؛ وهذه علامة الوزارة؛ ومنهم من تكون أزراره من ذهب مشبك، ومنهم من تكون أزراره من لؤلؤ، وعادته أن تحمل له الدواة المحلاة بالذهب من خزانة الخليفة ويقف بين يديه الحجّاب، وأمره نافذ في أرباب السيوف من الأجناد وفي أرباب الأقلام.