الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني- «معدن الشّبّ»
(بالباء الموحدة في آخره) قال في «قوانين الدواوين» : ويحتاج إليه في أشياء كثيرة، أهمّها صبغ الأحمر، وللرّوم فيه من الرغبة بمقدار ما يجدون من الفائدة، وهو عندهم مما لا بدّ منه ولا مندوحة عنه؛ ومعادنه بأماكن من بلاد الصعيد والواحات على ما تقدّم في الكلام على خواصّ الديار المصرية.
قال: وعاد الديوان أن ينفق في تحصيل كل قنطار «1» منه باللّيثي ثلاثين درهما، وربما كان دون ذلك، وتهبط به العرب [من معدنه]«2» إلى ساحل قوص، وساحل إخميم، وساحل أسيوط، وإلى البهنسى إن كان الإتيان به من الواحات، ثم يحمل من هذه السواحل إلى الإسكندريّة ولا يعتدّ للمباشرين فيه إلا بما يصح فيها عند الاعتبار. قال ابن مماتي: وأكثر ما يباع منه في المتجر بالإسكندرية خمسة آلاف قنطار بالجروي، وبيع منه في بعض السنين ثلاثة عشر ألف قنطار. وسعره من خمسة دنانير إلى خمسة دنانير وربع وسدس كلّ قنطار.
قال: أما القاهرة، فأكثر ما يباع فيها في كل سنة ثمانون قنطارا كل قنطار بسبعة دنانير ونصف؛ ثم قال: وليس لأحد أن يبيعه، ولا يشتريه سوى الديوان السلطاني، ومتى وجد مع أحد شيء من صنفه استهلك. قلت: وقد تغير غالب حكم ذلك.
الثالث- «معدن النّطرون»
«3» وقد تقدّم في الكلام على خواص الديار المصرية أن النّطرون يوجد في معدنين: أحدهما بعمل البحيرة مقابل بلدة تسمّى
الطرّانة على مسيرة يوم منها، وتقدّم في كلام صاحب «التعريف» أنه لا يعلم في الدنيا بقعة صغيرة يستغلّ منها أكثر مما يستغلّ منها، فإنها نحو مائة فدّان تغل نحو مائة ألف دينار كل سنة. والمعدن الثاني بالفاقوسية على القرب من الخطارة، ويعرف بالخطاريّ، وهو غير لاحق في الجودة بالأوّل.
قال في «نهاية الأرب» : وأوّل من احتجر النّطرون أحمد بن محمد بن مدبّر «1» نائب مصر قبل أحمد بن طولون، وكان قبل ذلك مباحا. قال في «قوانين الدواوين» : وهو في طور محدود لا يتصرف فيه غير المستخدمين من جهة الديوان، والنفقة على كل قنطار منه درهمان، وثمن كل قنطار منه بمصر والإسكندرية لضيق الحاجة إليه سبعون درهما، قال: والعادة المستقرّة أنه متى أنفق من الديوان في العربان عن أجرة حمولة عشرة آلاف قنطار، ألزموا بحمل خمسة عشر ألف قنطار، حسابا عن كل قنطار قنطار ونصف. ثم قال: وأكثره مصروف في نفقة الغزاة.
قلت: أما في زماننا فقد تضاعفت قيمة النّطرون وغلا سعره لاحتجار السلطان له، وأفرط حتّى خرج عن الحدّ، حتّى إنه ربما بلغ القنطار منه مبلغ ثلاثمائة درهم أو نحوها. وقد كان على النّطرون مرتّبون من كتّاب دست وكتّاب درج وأطباء وكحالين «2» وغيرهم وجماعة من أرباب الصدقات يستأدون ذلك، وينفقون على حمولته إلى ساحل النيل بالبلدة المعروفة بالطّرّانة المتقدّمة الذكر، ويبيعونه على من يرغب فيه ليتوجه به في المراكب إلى الوجه القبليّ، ولم يكن لأحد أن يبيع شيئا بالوجه البحريّ جملة، ثم بطل ذلك في أواخر الدولة الظاهرية برقوق، وصار النطرون بجملته خالصا للسلطان جاريا في الديوان المفرد تحت نظر أستاذ دار، يحمل إلى الإسكندرية والقاهرة فيخزن في شون ثم يباع منها،