الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجملة الثالثة في الترغيب في الشكل والترهيب عنه
وقد اختلفت مقاصد الكتّاب في ذلك، فذهب بعضهم إلى الرغبة فيه، والحث عليه، لما فيه من البيان والضّبط والتقييد.
قال هشام بن عبد الملك «1» : اشكلوا قرائن الآداب، لئلا تندّ عن الصواب.
وقال عليّ بن منصور «2» : حلّوا غرائب الكلم بالتقييد، وحصّنوها عن شبه التصحيف والتحريف.
ويقال: إعجام الكتب يمنع من استعجامها، وشكلها يصونها عن إشكالها، ولله القائل:
وكأنّ أحرف خطّه شجر
…
والشّكل في أغصانه ثمر
وذهب بعضهم إلى كراهته، والرغبة عنه.
قال سعيد بن حميد الكاتب «3» : لأن يشكل الحرف على القاريء أحبّ إليّ من أن يعاب الكاتب بالشكل. ونظر محمد بن عبّاد «4» إلى أبي عبيد «5» وهو يقيّد
البسملة فقال: لو عرفته ما شكلته. وقد جرّد الصحابة رضوان الله عليهم المصحف حين جمعوا القرآن من النقط والشكل وهو أجدر بهما، فلو كان مطلوبا لما جرّدوه منه.
قال الشيخ أبو عمرو الدانيّ: وقد وردت الكراهة بنقط المصاحف عن عبد الله بن عمر «1» ، وقال بذلك جماعة من التابعين.
واعلم أن كتّاب الدّيونة «2» لا يعرّجون على النقط والشكل بحال، وكتّاب الإنشاء منهم من منع ذلك محاشاة للمكتوب إليه عن نسبته للجهل بأنه لا يقرأ إلا ما نقط أو شكل، ومنهم من ندب إليه، للضبط والتقييد كما تقدّم.
والحق التفريق في ذلك بين ما يقع فيه اللّبس ويتطرّق إليه التحريف لعلاقته أو غرابته، وبين ما تسهل قراءته لوضوحه وسهولته.
وقد رخّص في نقط المصاحف بالإعراب جماعة: منهم ربيعة بن عبد الرحمن «3» ، وابن وهب «4» . وصرح أصحابنا الشافعية رضي الله عنهم بأنه يندب نقط المصحف وشكله؛ أما تجريد الصحابة رضوان الله عليهم له من ذلك فذلك حين ابتداء جمعه حتّى لا يدخلوا بين دفتي المصحف شيئا سوى القرآن، ولذلك كرهه من كرهه.
وأما أهل التوقيع في زماننا فإنهم يرغبون عنه خشية الإظلام بالنّقط والشّكل