الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل ليلة من استقبال الرابع منه، وإلى آخر السادس والعشرين منه، ويستدعي الأمراء لحضوره في كل ليلة بالنّوبة، يحضر منهم في كل ليلة قوم كي لا يحرمهم الإفطار في بيوتهم طول الشهر، ولا يكلّف قاضي القضاة الحضور سوى ليالي الجمع توقيرا له، ولا يحضر الخليفة هذا السّماط، ويحضر الوزير فيجلس على رأس السماط، فإن غاب قام ولده أو أخوه مقامه، فإن لم يحضر أحد منهم، كان صاحب الباب عوضه. وكان هذا السّماط من أعظم الأسمطة وأحسنها، ويمدّ من صدر القاعة إلى مقدار ثلثيها بأصناف المأكولات والأطعمة الفاخرة، ويخرجون من هنا لك بعد العشاء الآخرة بساعة أو ساعتين، ويفرّق فضل السماط كلّ ليلة، ويتهاداه أرباب الرسوم حتّى يصل إلى أكثر الناس، وإذا حضر الوزير بعث الخليفة إليه من طعامه الذي يأكل منه تشريفا له، وربما خصه بشيء من سحوره.
وأما سماط العيدين
- فإنه يمدّ في عيد الفطر وعيد الأضحى تحت سرير الملك بقاعة الذهب المذكورة أمام المجلس الذي يجلس فيه الخليفة الجلوس العامّ أيام المواكب، وتنصب على الكرسيّ مائدة من فضة تعرف بالمدوّرة، وعليها من الأواني الذهبيات والصينيّ الحاوية للأطعمة الفاخرة ما لا يليق إلا بالملوك، وينصب السّماط العامّ تحت السرير من خشب مدهون في طول القاعة في عرض عشرة أذرع، وتفرش فوقه الأزهار المشمومة، ويرصّ الخبز على جوانبه كل شابورة «1» ثلاثة أرطال من نقيّ الدقيق؛ ويعمر داخل السماط على طوله بأحد وعشرين طبقا عظاما، في كل طبق أحد وعشرون خروفا من الشّويّ، وفي كل واحد منها ثلاثمائة وخمسون طيرا من الدّجاج والفراريج وأفراخ الحمام، ويعبّى مستطيلا في العلوّ حتّى يكون كقامة الرجل الطويل، ويسوّر بتشاريح الحلواء اليابسة على اختلاف ألوانها، ويسدّ خلل تلك الأطباق على السماط نحو من
خمسمائة صحن من الصحون «1» الخزفية المترعة بالألوان الفائقة، وفي كل منها سبع دجاجات من الحلواء المائعة والأطعمة الفاخرة؛ ويعمل بدار الفطرة الآتي ذكرها قصران من حلوى زنة كل منها سبعة عشر قنطارا في أحسن شكل، عليها صور الحيوان المختلفة، ويحملان إلى القاعة فيوضعان في طرفي السماط. ويأتي الخليفة راكبا فيترجّل على السرير الذي قد نصبت عليه المائدة الفضة، ويجلس على المائدة وعلى رأسه أربعة من كبار الأستاذين المحنكين، ثم يستدعي الوزير وحده فيطلع ويجلس على يمينه بالقرب من باب السرير، ويشير إلى الأمراء المطوّقين فمن دونهم من الأمراء، فيجلسون على السّماط على قدر مراتبهم فيأكلون وقرّاء الحضرة في خلال ذلك يقرأون القرآن، ويبقى السماط ممدودا إلى قريب من صلاة الظهر حتّى يستهلك جميع ما عليه أكلا وحملا، وتفرقة على أرباب الرسوم.
الضرب لثاني فيما كان يعمل بدار الفطرة «2» في عيد الفطر
وكان لهم بها الاهتمام العظيم. وقد ذكر ابن عبد الظاهر أصنافها فقال:
كانت ألف حملة دقيق، وأربعمائة «3» قنطار سكّر، وستة قناطير فستق، وأربعمائة وثلاثين إردب زبيب، وخمسة عشر قنطارا عسل نحل، وثلاثة قناطير خل وإردبين سمسم وإردبين أنيسون «4» وخمسين رطلا ماء ورد، وخمس نوافج «5» مسك، وكافور قديم عشرة مثاقيل، وزعفران مطحون مائة وخمسون درهما، وزيت برسم الوقود ثلاثون قنطارا. في أصناف أخرى يطول ذكرها. قال ابن الطوير: