الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى آخر الدولة الإخشيدية «1» ؛ ولم يتحرر لي ترتيبها، والظاهر أنه لم يزل نوّابها وأمراؤها حينئذ على هيئة العرب إلى أن وليها أحمد بن طولون وبنوه وأحدثوا فيها ترتيب الملك. على أنه كان أكثر عسكره من السودان، حتّى يقال إنه كان في عسكره اثنا عشر ألف أسود، وتبعتهم الدولة الإخشيدية على ذلك إلى آخر دولتهم.
الحالة الثانية
- من أحوال الديار المصرية ما كانت عليه في زمن الخلفاء الفاطميين؛ وينحصر المقصود من ترتيب مملكتهم في سبع «2» جمل.
الجملة الأولى في الآلات الملوكية المختصة بالمواكب العظام
وهي على أصناف متعدّدة:
منها «التاج» «3» . وكان ينعت عندهم بالتاج الشريف، ويعرف بشدّة الوقار.
وهو تاج يركب به الخليفة في المواكب العظام، وفيه جوهرة عظيمة تعرف باليتيمة زنتها سبعة دراهم ولا يقوّم عليها لنفاستها؛ وحولها جواهر أخرى دونها؛ يلبس الخليفة هذا التاج في المواكب العظام مكان العمامة.
ومنها «قضيب الملك» . وهو عود طول شبر ونصف، ملبّس بالذهب المرصّع بالدرّ والجوهر، يكون بيد الخليفة في المواكب العظام.
ومنها «السيف الخاص» . الذي يحمل مع الخليفة في المواكب. يقال إنه كان من صاعقة وقعت وحصل الظّفر بها فعمل منها هذا السيف، وحليته من ذهب
مرصعة بالجواهر، وهو في خريطة مرقومة بالذهب لا يظهر إلا رأسه، وله أمير من أعظم الأمراء يحمله عند ركوب الخليفة في الموكب.
ومنها «الدواة» . وهي دواة متخذة من الذهب وحليتها مصنوعة من المرجان على صلابته ومناعته، تلف في منديل شرب «1» أبيض [مذهب]«2» ، ويحملها شخص من الأستاذين «3» في الموكب أمام الخليفة تكون بينه وبين السرج، ثم جعل حملها لعدل من العدول المعتبرين.
ومنها «الرمح» . وهو رمح لطيف في غلاف منظوم باللؤلؤ؛ وله سنان مختصر بحلية الذهب؛ وله شخص مختص بحمله.
ومنها «الدّرقة» «4» . وهي درقة كبيرة بكوابج «5» من ذهب؛ يقولون إنها درقة حمزة عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعليها غشاء من حرير؛ ويحملها في الموكب أمير من أكابر الأمراء، له عندهم جلالة.
ومنها «الحافر» . وهي قطعة ياقوت أحمر في شكل الهلال، زنتها أحد عشر مثقالا، ليس لها نظير في الدنيا، تخاط خياطة حسنة على خرقة من حرير، وبدائرها قضب زمرد ذبابيّ «6» عظيم الشأن، تجعل في وجه فرس الخليفة عند ركوبه في المواكب.
ومنها «المظلّة» التي تحمل على رأس الخليفة عند ركوبه. وهي قبّة على هيئة خيمة على رأس عمود كالمظلّة التي يركب بها السلطان الآن. وكانت اثني عشر شوزكا عرض سفل كل شوزك شبر، وطوله ثلاثة أذرع وثلث، وآخره من أعلاه دقيق للغاية بحيث يجتمع الاثنا عشر شوزكا في رأس عمود بدائرة، وعمودها قنطارية «1» من الزّان ملبّسة بأنابيب الذهب، وفي آخر أنبوبة ثلثي رأس العمود فلكة «2» بارزة مقدار عرض إبهام تشدّ آخر الشوازك «3» في حلقة من ذهب، وتنزل في رأس الرمح. ولها عندهم مكانة جليلة لعلوّها رأس الخليفة، وحاملها من أكبر الأمراء.
قال ابن الطوير: وكان من شرطها عندهم أن تكون على لون الثياب التي يلبسها الخليفة في ذلك الموكب، لا تخالف ذلك.
ومنها «الأعلام» . وأعلاها اللواءان المعروفان بلواءي الحمد، وهما رمحان طويلان ملبّسان بأنابيب من ذهب إلى حدّ أسنّتهما، وبأعلاهما رايتان من الحرير الأبيض المرقوم بالذهب، ملفوفتان على الرمحين غير منشورتين، يخرجان لخروج المظلة إلى أميرين معدّين لحملها، ودونهما رمحان برؤوسهما أهلّة من ذهب صامت، في كل واحد منهما سبع من ديباج أحمر وأصفر، وفي فمه طارة مستديرة يدخل فيها الرمح فيفتحان فيظهر شكلهما، يحملهما فارسان من صبيان الخاصّ، ووراءهما رايات لطاف ملوّنة من الحرير المرقوم ومكتوب عليها: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ
«4» طول كلّ راية منها ذراعان في عرض ذراع ونصف، في كل
واحدة ثلاث طرازات على رماح من القنا، عدّتها أبدا إحدى وعشرون راية؛ يحملها أحد وعشرون فارسا من صبيان الخليفة؛ وحاملها أبدا راكب بغلة.
ومنها «المذبّتان» وهما مذبّتان عظيمتان كالنخلتين ملويتان محمولتان عند رأس فرس الخليفة في الركوب.
ومنها «السلاح» الذي يحمله الركابية «1» حول الخليفة. وهو صماصم «2» مصقولة، ودبابيس ملبّسة بالكيمخت «3» الأحمر والأسود، ورؤوسها مدوّرة، ولتوت «4» حديد كذلك ورؤوسها [مستطيلة وآلات يقال لها المستوفيات]«5» وهي عمد حديد طول ذراعين مربعات الأشكال بمقابض مدوّرة بعدّة معلومة من كل صنف، وستّمائة حربة بأسنة مصقولة، تحتها جلب «6» الفضة؛ وثلاثمائة درقة بكوابج فضة؛ يحمل ذلك في الموكب ثلاثمائة عبد أسود كل عبد حربتان ودرقة واحدة؛ وستون رمحا طول كل واحد منها سبع أذرع، برأسها طلعة وعقبها من حديد؛ يحملها قوم يقال لهم «السريرية» يفتلونها بأيديهم اليمنى فتلا متدارك الدوران؛ ومائة درقة لطيفة؛ ومائة سيف بيد مائة رجل، كل رجل درقة وسيف يسيرون رجّالة في الموكب؛ وعشرة سيوف في خرائط ديباج أحمر وأصفر بشراريب يقال لها سيوف الدم، تكون في أعقاب الموكب برسم ضرب الأعناق إذا أراد الخليفة قتل أحد. وذلك كله خارج عما يخرج من خزانة التجمل برسم الوزير وأكابر الأمراء وأرباب الرتب وأزمّة «7» العساكر لتجملهم في الموكب، وهي نحو أربعمائة راية
مرقومة الأطراف، وبأعلاها رمامين الفضة المذهبة، وعدة من العمّاريّات «1» ، وهي شبه الكنجاوات ملبسة بالحرير الأحمر والأصفر والقرمزيّ وغير ذلك، وعليها كوابج «2» الفضة المذهبة، لكل أمير من أصحاب القضب منها عمّاريّة، ويختص لواءان على رمحين منقوشين بالذهب غير منشورين يكونان أمامه في الموكب الى غير ذلك من الآلات التي يطول ذكرها، ويعسر استيعابها.
ومنها «النّقّارات» «3» . وكانت على عشرين بغلا، على كل بغل ثلاث مثل نقارات الكوسات «4» بغير كوسات، تسير في الموكب اثنتين اثنتين ولها حسّ حسن.
ومنها «الخيام والفساطيط» وكان من أعظم خيمهم خيمة تعرف بالقاتول، طول عمودها سبعون ذراعا، بأعلاه سفرة «5» فضة تسع راوية «6» ماء، وسعتها ما يزيد على فدانين في التدوير، وسميت بالقاتول لأن فرّاشا «7» سقط من أعلاها فمات.
قلت: ولعمري إن هذه لأثرة عظيمة تدل على عظيم مملكة وقوّة قدرة، وأنّى