الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويندب لها مائة صانع من الحلاويين، ومائة فرّاش برسم تفرقة الطوافير على أصحاب الرسوم خارجا عمن هو مرتّب فيها، ويحضرها الخليفة والوزير معه فيجلس الخليفة على سريره فيها، ويجلس الوزير على كرسي له، في النصف الأخير من رمضان، وقد صار ما لها من المستعملات كالجبال الرواسي، فتفرّق الحلوى من ربع قنطار إلى عشرة أرطال إلى رطل واحد، والخشكنان من مائة حبة إلى خمس وسبعين حبة، إلى ثلاث وثلاثين، إلى خمس وعشرين، إلى عشرين، ويفرّق على السودان على يد مقدّمهم بالأفراد من تسعة أفراد إلى سبعة إلى خمسة، إلى ثلاثة، كل طائفة على مقدارها «1» بسماط يوم الفطر ما يمدّ في الإيوان الكبير قبل مدّ سماط الطعام بقاعة الذهب. وقد وقع في كلام ابن الطوير خلف في وقته، فذكر في موضع من كتابه أن ذلك يكون قبل ركوب الخليفة لصلاة العيد، وذكر في موضع آخر أن ذلك يكون بعد حضوره من الصلاة.
[الجملة الثامن في جلوس الوزير للمظالم إذا كان صاحب سيف، وترتيب جلوسه]
(الطرف الثامن)«2» في جلوس الوزير للمظالم إذا كان صاحب سيف، وترتيب جلوسه يجلس الوزير في صدر المكان، وقاضي القضاة مقابله، وعن جانبيه شاهدان من المعتبرين، وكاتب الوزير بالقلم الدقيق، ويليه صاحب ديوان المال، وبين يديه صاحب الباب واسفهسلار، وبين أيديهما النوّاب والحجّاب على طبقاتهم. وذلك يومان في الاسبوع.
وقد رثاهم عمارة اليمنيّ بعد انقراضهم واستيلاء السلطان صلاح الدين بن أيوب على المملكة بقصيدة وصف فيها مملكتهم، وعدّ مواكبهم، وحكى مكارمهم، وجلّى محاسنهم، وهي:
رميت يا دهر كفّ المجد بالشّلل
…
وجيده بعد حسن الحلي بالعطل
سعيت في منهج الرّأي العثور فإن
…
قدرت من عثرات الدّهر فاستقل
جدعت مارنك «1» الأقنى فأنفك لا
…
ينفكّ ما بين أمر الشين «2» والخجل
هدمت قاعدة المعروف عن عجل
…
شقيت، مهلا أما تمشي على مهل
لهفي ولهف بني الآمال قاطبة
…
على فجيعتها في أكرم الدّول
قدمت مصر فأولتني خلائفها
…
من المكارم ما أربى على أملي «3»
قوم عرفت لهم «4» كسب الألوف ومن
…
كمالها أنها جاءت ولم أسل
وكنت من وزراء الدّست حيث «5» سما
…
رأس الحصان بهاديه على الكفل
ونلت من عظماء الجيش تكرمة «6»
…
وخلّة حرست من عارض الخلل
يا عاذلي في هوى أبناء فاطمة
…
لك الملامة إن قصّرت في عذلي
بالله! زر ساحة القصرين وابك معي
…
عليهما لا على صفّين والجمل!
وقل لأهليهما: والله ما التحمت
…
فيكم جروحي ولا قرحي بمندمل
ماذا ترى «7» كانت الإفرنج فاعلة
…
في نسل آل أمير المؤمنين علي
[هل كان في الأمر شيء غير قسمة ما
…
ملكتمو بين حكم السّبي والنّفل] «8»
وقد حصلتم عليها واسم جدّكم
…
محمد وأبوكم خير منتعل «9»
مررت بالقصر والأركان خالية
…
من الوفود، وكانت قبلة القبل
فملت عنها بوجه خوف منتقد
…
من الأعادي، ووجه الودّ لم يمل
أسبلت من أسفي دمعي غداة خلت
…
رحابكم وغدت مهجورة السّبل
أبكي على مأثرات «1» من مكارمكم
…
حال الزّمان عليها وهي لم تحل
(دار الضّيافة) كانت أنس وافدكم
…
واليوم أوحش من رسم ومن طلل
و (فطرة الصّوم) إذ أضحت مكارمكم
…
تشكو من الدّهر حيفا غير محتمل
و (كسوة الناس) في الفصلين قد درست
…
ورثّ منها جديد عندهم وبلي
وموسم كان في (يوم الخليج) لكم
…
يأتي تجمّلكم فيه على الجمل
و (أوّل العام) و (العيدين) كم لكم
…
فيهنّ من وبل جود ليس بالوشل «2»
والأرض تهتزّ في (يوم الغدير) كما
…
يهتز ما بين قصريكم من الأسل
والخيل تعرض في وشي وفي شية
…
مثل العرائس في حلي وفي حلل
وما حملتم قرى الأضياف من سعة الأطباق
…
إلا على الأكتاف والعجل
وما خصصتم ببرّ أهل مملكة «3»
…
حتّى عممتم به الأقصى من الملل
كانت رواتبكم للوافدين وللضيف
…
المقيم والطّارى «4» من الرّسل
ثم (الطّراز) بتنّيس الذي عظمت
…
منه الصّلات لأهل الأرض والدّول
وللجوامع من أخماسكم «5» نعم
…
ممن تصدّر في علم وفي عمل
وربّما عادت الدّنيا فمعقلها
…
منكم وأضحت بكم محلولة العقل
والله! لا فاز يوم الحشر مبغضكم
…
ولا نجا من عذاب النّار «6» غير ولي
ولا سقي الماء من حرّ ومن ظمأ
…
من كفّ خير البرايا خاتم الرّسل
[ولا رأى جنة الله التي خلقت
…
من خان عهد الإمام العاضد بن علي «7» ]
أئمّتي وهداتي والذخيرة لي
…
إذا ارتهنت بما قدّمت من عمل
والله «1» لم نوفهم في المدح حقّهم
…
لأنّ فضلهم كالوابل الهطل
ولو تضاعفت الأقوال واستبقت «2»
…
ما كنت فيهم بحمد الله بالخجل
باب النّجاة هم دنيا وآخرة
…
وحبّهم فهو أصل الدّين والعمل
نور الدّجى ومصابيح الهدى وهم
…
من نور خالص نور الله لم يغل «3»
والله لا «4» زلت عن حبّي لهم أبدا
…
ما أخّر الله لي في مدّة الأجل
قلت: وعمارة هذا لم يكن على معتقد الشّيعة بل فقيها شافعيا، قدم مصر برسالة عن القاسم بن هاشم بن أبي فليتة أمير مكة إلى الفائز أحد خلفائهم في سنة خمسين وخمسمائة في وزارة الصالح طلائع بن رزّيك، فأحسنوا له وبالغوا في بره، فأقام عندهم وتألف بهم، وأتى فيهم من المدح بما بهر العقول، ولم يزل مواليا هم حتّى زالت دولتهم واستولى «5» السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، فرثاهم بهذه القصيدة، فكانت آخر أسباب حتفه، فصلب فيمن صلب بين القصرين من أتباع الدولة الفاطمية.
تم الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع؛ وأوّله «الحالة الثالثة من أحوال المملكة، ما عليه ترتيب المملكة من ابتداء الدولة الأيوبية وإلى زماننا»