الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وببحر نيطش المتقدّم ذكره على القرب من الخليج القسطنطينيّ جزيرة (مرمرا) الآتي ذكرها عند الكلام على مكاتبة ملكها في جملة ملوك الكفر إن شاء الله.
البحر الثاني الخارج من المحيط الشرقيّ إلى جهة الغرب
وهو بحر يخرج عند أقصى بلاد الصّين الشرقية الجنوبية مما يلي خط الاستواء حيث لا عرض، وقيل: على عرض ثلاث عشرة درجة في الجنوب، ويمتدّ غربا بشمال على (سواحل بلاد الصّين) الجنوبية، ثم على المفاوز التي بين الصّين والهند حتّى ينتهي إلى (جبال قامرون) الفاصلة بين الصّين والهند «1» .
قال ابن سعيد: ومدينة الملك بها في شرقيها، ثم يجاوز (جبال قامرون) المذكورة ويمتدّ على سواحل بلاد (الهند) من الجنوب، ويمرّ على (سفالة الهند) وهي سوفارة، ويمتدّ حتّى ينتهي إلى آخر الهند، ثم يمتدّ على مفازة السّند الفاصلة بينه وبين البحر، ويمرّ حتّى ينتهي إلى فم بحر فارس الخارج من هذا البحر إلى جهة الشّمال «2» على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
ويجاوزه إلى بلاد اليمن فيمرّ على (ساحل مهرة) : أوّل بلاد اليمن؛ ويمتدّ من شماليها على سواحل اليمن من جنوبيه حتّى ينتهي إلى مدينة (عدن) فرضة اليمن، ثم يمرّ من عدن إلى الشّمال بميلة إلى الغرب نحو مجرا حتّى ينتهي إلى (باب المندب) وهو فرضة بين جبلين، ويخرج منه ويمدّ غربا «3» بميلة إلى
الشّمال اثنى عشر ميلا، ثم يعطف شمالا ويمتدّ على سواحل اليمن الغربية إلى (علافقة) فرضة مدينة (زبيد) ؛ ثم يمتدّ شمالا أيضا إلى مدينة (حلي) من أطراف اليمن من جهة الحجاز، وهي المعروفة بحلي ابن يعقوب، ثم يمتد شمالا على (ساحل الحجاز) إلى (جدّة) فرضة على بحر القلزم، ثم يمتد شمالا إلى (الجحفة) ميقات الإحرام لأهل مصر «1» ؛ ثم يمتدّ شمالا بميلة إلى الغرب حتّى يتصل بساحل (ينبع) ثم يأخذ بين الغرب والشّمال حتّى يجاوز (مدين) الآتي ذكرها في كور مصر القديمة؛ ويمتد شمالا بجنوب حتّى يقارب (أيلة)«2» الآتي ذكرها في كور مصر القديمة أيضا؛ ثم يعطف إلى الجنوب حتّى يجاوز أيلة المذكورة الى مكان يعرف (برأس أبي محمد) ويكون للبرّ دخلة في البحر في جهة الجنوب، ثم يعطف شمالا حتّى ينتهي إلى فرضة (الطّور) وهي مكان حطّ وإقلاع لمراكب الديار المصرية، وما يصل إليها من اليمن وغيرها؛ ويمرّ في الشّمال حتى يصل الى فرضة (السّويس) وهي مكان حطّ وإقلاع للديار المصرية أيضا، وعنده ينتهي بر العرب ببحر القلزم ويبتديء بر العجم.
وهناك يقرب هذا البحر من بحر الروم على ما تقدّم ذكره في الكلام على أصل هذا البحر.
ثم من السّويس يعطف إلى الجنوب على ساحل مصر، ويمتدّ موازيا لبلاد الصعيد حتّى ينتهي إلى مدينة (القلزم) التي ينسب إليها هذا البحر الآتي ذكرها في الكلام على كور مصر القديمة، ويقابلها من بر الحجاز أيلة ثم يأخذ عن القلزم جنوبا بميلة إلى الشرق حتّى يسامت فرضة الطّور المتقدّم ذكرها، وتصير فرضة
الطّور بين أيلة والقلزم غربيّ الدخلة المتقدّم ذكرها؛ ثم يمتدّ كذلك حتّى ينتهي إلى (القصير) ، فرضة قوص؛ ثم يتسع في جهتي الجنوب والشرق حتّى يكون اتساعه تسعين ميلا، وتسمّى تلك القطعة المتسعة بركة الغرندل، وهي التي أغرق الله تعالى فيها فرعون؛ ثم يأخذ جنوبا بميلة يسيرة إلى الغرب إلى (عيذاب) فرضة قوص أيضا. ويقابلها من برّ الحجاز جدّة، فرضة مكة المشرّفة، ثم يمتدّ في سمت الجنوب على (سواحل بلاد السودان) حتّى يصير عند (سواكن) من بلاد البجاة «1» ؛ ثم يمتدّ كذلك حتّى يحيط (بجزيرة دهلك) وهي جزيرة قريبة من ساحل هذا البحر الغربيّ، وأهلها من الحبشة المسلمين. ويقابلها من البرّ الآخر جنوبيّ حلي ابن يعقوب من بلاد اليمن، ويمتدّ حتى يصل إلى رأس (جبل المندب) المتقدّم ذكره.
وهناك يضيق البحر حتّى يرى الرجل صاحبه من البرّ الآخر. ويقال: إنه بقدر رميتي سهم، وترى جبال عدن من جبال المندب في وقت الصحو، ثم يتجاوز باب المندب ويأخذ شرقا وجنوبا، ويتسع قليلا قليلا ويمرّ على بقية سواحل الحبشة حتّى يمرّ بمدينة (زيلع) من بلاد الحبشة المسلمين.
ويقابلها عدن من برّ اليمن، وهي عن عدن في الغرب بميلة إلى الجنوب ثم يمرّ إلى مدينة مقدشو «2» ؛ ثم يمتدّ كذلك حتّى ينتهي إلى (خليج بربرا) الخارج من بحر الهند في جانبه الجنوبيّ على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
ويتجاوز فم هذا الخليج ويمتدّ على (سواحل بلاد الزّنج) حتّى ينتهي إلى آخرها، ثم يمتدّ على (سواحل بلاد الواق واق)«3» على أماكن مجهولة حتّى ينتهي
إلى مبدئه من البحر المحيط الشرقيّ. على أنه في تقويم البلدان لم يتعرّض لساحل هذا البحر الجنوبيّ فيما هو شرقيّ باب المندب لعدم تحققه.
واعلم أن هذا البحر يسمّى في كل مكان باسم ما يسامته من البلدان، أو باسم بعض البلدان التي عليه، فيسمّى فيما يقابل بلاد الصّين: بحر الصّين، وفيما يقابل بلاد الهند إلى ما جاورها إلى بلاد اليمن شرقيّ باب المندب: بحر الهند، وفيما دون باب المندب إلى غايته في الشمال والغرب: بحر القلزم نسبة إلى مدينة القلزم المتقدّمة الذكر في ساحل الديار المصرية.
قال في «تقويم البلدان» : وطول هذا البحر من طرف بلاد الصّين الشرقيّ إلى القلزم ألفان وسبعمائة وثمانية وأربعون فرسخا بالتقريب، ومقتضى كلام ابن الأثير في «عجائب المخلوقات» أن طوله أربعة آلاف وتسعمائة وستة وستون فرسخا وثلثان، فإنه قد ذكر أن طول بحر الصين والهند إلى باب المندب أربعة آلاف وخمسمائة فرسخ، ثم ذكر أن طول بحر القلزم ألف وأربع مائة ميل، وهي أربعمائة وستة وستون فرسخا وثلثان وبين الكلامين بون.
وكلام صاحب تقويم البلدان أقرب إلى الصواب، فإنه استخرجه من تضريب الدّرج واستخراج أميالها وفراسخها. وبآخر بحر القلزم من الذراع الآخذ إلى جهة السّويس على ميل من مدينة القلزم موضع يعرف (بذنب التّمساح) يتقارب بحر القلزم وبحر الروم فيما بينه وبين الفرما حتى يكون بينهما نحو سبعين ميلا فيما ذكره ابن سعيد.
قال في «الروض المعطار» : وكان بعض الملوك قد حفره «1» ليوصل ما بين
القلزم وبحر الروم فلم يتأت له ذلك لارتفاع القلزم وانخفاض بحر الروم، والله تعالى قد جعل بينهما حاجزا كما ذكر تعالى في كتابه. قال: ولما لم يتأت له ذلك احتفر خليجا آخر مما يلي بلاد تنّيس ودمياط وجرى الماء فيه من بحر الروم إلى موضع يعرف بقيعان (؟) .
فكانت المراكب تدخل من بحر الروم إلى هذه القرية وتدخل من بحر القلزم إلى ذنب التمساح فيقرب ما في كل بحر إلى الآخر، ثم ارتدم ذلك على طول الدهر.
وقد ذكر ابن سعيد أن عمرو بن العاص كان قد أراد أن يخرق بينهما من عند ذنب التمساح المتقدّم ذكره فنهاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: إذن يتخطّف الروم الحجّاج.
وذكر صاحب «الروض المعطار» أن الرشيد همّ أن يوصل ما بين هذين البحرين من أصل مصبّ النيل من بحر بلاد الحبشة وأقاصي صعيد مصر فلم يتأت له قسمة ماء النيل، فرام ذلك مما يلي بلاد الفرما فقال له يحيى بن خالد: إن تمّ هذا تتخطّف الناس من المسجد الحرام ومكة، واحتجّ عليه بمنع عمر بن الخطاب عمرو بن العاص من ذلك، فأمسك عنه.
ويتفرّع من البحر الهنديّ بحران عظيمان مشهوران، وهما (بحر فارس «1» ، والخليج البربريّ «2» ) .
فأما بحر فارس، فهو بحر ينبعث من بحر الهند المتقدّم ذكره من شماليّه، ويمتدّ شمالا بميلة إلى الغرب غربيّ (مفازة السّند) الفاصلة بينه وبين بحر الهند،
ثم على غربيّ بلاد السند، ثم على أرض (مكران) من نواحي الهند، ويخرج منه من آخر مكران خور «1» يمتدّ شرقا وجنوبا على ساحل مكران والسّند حتّى يصير السند غربيّه، ثم ينعطف آخره على (ساحل بلاد كرمان) من شماليها حتّى يعود إلى أصل بحر فارس، فيمتدّ شمالا حتّى ينتهي إلى مدينة (هرموز) وينتهي إلى آخر كرمان فيخرج منه خور يمتدّ على ساحل كرمان من شماليها، ثم يرجع من آخره على ساحل بلاد فارس من جنوبيها حتى يتصل بأصل بحر فارس، ويمتدّ شمالا ثم يعطف ويمتدّ مغرّبا الى (حصن ابن عمارة) من بلاد فارس وقيل من بلاد كرمان، وهو اليوم خراب؛ ثم يمتدّ مغرّبا في جبال منقطعة ومفاوز إلى مدينة (سيراف) ثم يمتدّ كذلك إلى (سيف البحر) بكسر السين، وهو ساحل من سواحل فارس، فيه مزارع وقرى مجتمعة، ثم يمتدّ إلى (جنّابة) من بلاد فارس، ثم يمتدّ إلى (سينيز) من بلاد فارس، وقيل من الأهواز، ثم يمتدّ إلى مدينة (مهروبان) من سواحل خوزستان، وقيل من سواحل فارس، وهي فرضة (أرّجان) وما والاها، ثم يمتدّ مغرّبا بميلة يسيرة نحو الشّمال إلى مدينة (عبّادان) من أواخر بلاد العراق من الشرق على القرب من البصرة عند مصبّ دجلة في هذا البحر ثم ينعطف ويمتدّ جنوبا إلى (كاظمة) وهي جون على ساحل البحرين مما يلي البصرة على مسيرة يومين منها؛ ثم يمتد إلى (القطيف) من بلاد البحرين ثم يمتدّ كذلك إلى مدينة (عمان) فرضة بلاد البحرين، وإليها تنتهي مراكب السند والهند والزّنج ويخرج على القرب منها عن يمين المقلع من ساحلها في جهة الغرب بحر ببلاد (الشّحر) من اليمن أيضا، وإليها ينسب العنبر الشّحريّ الطّيّب كما تقدّم ذكره في النوع الخامس فيما يحتاج إليه من نفيس الطيب؛ ثم يمرّ على سواحل (مهرة) من شرقيّ بلاد اليمن حتّى ينتهي إلى مبدئه من بحر الهند.