الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمّع الخليفة، سمّع القاضي المؤذنين، فيسمّع المؤذّنون الناس. فإذا فرغ خرج «1» الناس وركبوا أوّلا فأوّلا وعاد إلى القصر والوزير وراءه حتّى يأتي إلى القصر، والطبول والبوقات تضرب ذهابا وإيابا.
فإذا كانت الجمعة الثالثة من الشهر، ركب إلى الجامع الأزهر كذلك وفعل كما فعل في الجمعة الأولى، لا يختلف في ذلك غير الجامع.
فإذا كانت الجمعة الرابعة منه، ركب إلى الجامع العتيق بمصر ويزيّن له أهل القاهرة من باب القصر إلى الجامع الطّولوني، ويزين له أهل مصر من الجامع الطولوني إلى الجامع العتيق، وقد ندب الواليان بالبلدين من يحفظ الناس والزينة ويركب من باب القصر ويسير في الشارع الأعظم بمصر، يمشي في شارع واحد بين العمارة إلى الجامع العتيق بمصر فيفعل كما فعل في الجامعين الأوّلين من غير مخالفة. فإذا قضى الصلاة، عاد إلى القاهرة من طريقه تلك إلى أن يصل إلى قصره، وفي خلال ذلك كلّه لا يمرّ بمسجد إلا أعطى أهله دينارا على كثرة المساجد في طريقه.
الموكب الرابع ركوبه لصلاة عيدي الفطر والأضحى
أما عيد الفطر
- فيقع الاهتمام بركوبه في العشر الأخير من رمضان، وتعبّى أهبة المواكب على ما تقدّم في أوّل العام وغيره، وكان خارج باب النصر مصلّى على ربوة وجميعها مبنيّ بالحجر، ولها سور دائر عليها وقلعة على بابها، وفي صدرها قبّة كبيرة في صدرها محراب، والمنبر إلى جانب القبة وسط المصلّى مكشوفا تحت السماء، ارتفاعه ثلاثون درجة وعرضه ثلاثة أذرع، وفي أعلاه مصطبة. فإذا كمل رمضان، وهو عندهم ثلاثون يوما من غير نقص، فإذا كان اليوم الأوّل من شوّال، سار صاحب بيت المال إلى المصلّى خارج باب النصر، وفرش
الطراحات بمحراب المصلّى، كما تقدّم في الجوامع في أيام الجمع، ويعلق سترين يمنة ويسرة، في الأيمن الفاتحة وسبّح اسم ربّك الأعلى، وفي الأيسر الفاتحة، وهل أتاك حديث الغاشية، ويركز في جانبي المصلّى لواءين مشدودين على رمحين ملبسين بأنابيب الفضة، وهما منشوران مرخيان، ويوضع على ذروة المنبر طرّاحة من شاميات أو دبيقي، ويفرش باقيه بستر من بياض، على مقداره في تقاطيع درجه مضبوطة لا تتغيّر بالمشي وغيره، ويجعل في أعلاه لواءان مرقومان بالذهب يمنة ويسرة، ثم سار الوزير من داره إلى قصر الخليفة على عادته المتقدّمة الذكر، ويركب الخليفة بهيئة المواكب العظيمة على ما تقدّم في أوّل العام: من المظلّة والتاج وغير ذلك من الآلات، ويكون لباسه في هذا اليوم الثياب البيض الموشّحة المجومة «1» ، وهي أجلّ لباسه ومظلته كذلك، ويخرج من باب العيد على عادته في ركوب المواكب إلا أن العساكر في هذا اليوم من الأمراء والأجناد والركبان والمشاة تكون أكثر من غيره، وينتظم القوم له صفّين من باب القصر إلى المصلّى، ويركب الخليفة إلى المصلّى فيدخل من شرقيّها إلى مكان يستريح فيه دقيقة، ثم يخرج محفوظا بحاشيته كما في صلاة الجمع المتقدّمة الذكر فيصير إلى المحراب، والوزير والقاضي وراءه كما تقدّم، فيصلي صلاة العيد بالتكبيرات المسنونة، ويقرأ في الركعة الأولى ما في الستر الذي على يمينه، وفي الثانية ما في الستر الذي على يساره. فإذا فرغ وسلم، صعد المنبر لخطابة العيد، فإذا انتهى إلى ذروة المنبر، جلس على تلك الطرّاحة بحيث يراه الناس، ويقف أسفل المنبر الوزير، وقاضي القضاة، وصاحب الباب واسفهسلار، وصاحب السيف، وصاحب الرسالة «2» ، وزمام القصر، وصاحب دفتر المجلس، وصاحب المظلّة، وزمام الأشراف الأقارب، وصاحب بيت المال، وحامل الرمح، ونقيب الأشراف
الطالبيين. ووجه الوزير إليه [فيشير إليه فيصعد ويقرب وقوفه منه ويكون وجهه موازيا رجليه]«1» فيقبلهما بحيث يراه الناس، ثم يقوم فيقف على يمنة الخليفة.
فإذا وقف أشار إلى قاضي القضاة بالصعود فيصعد إلى سابع درجة، ثم يتطلع إليه منتظرا ما يقول، فيشير إليه فيخرج من كمّه درجا قد أحضر إليه في أمسه من ديوان الإنشاء بعد عرضه على الخليفة والوزير، فيعلن بقراءة مضمونة [ويقول] «2» بعد البسملة:[ثبت بمن]«3» شرّف بصعود [5]«4» المنبر الشريف في يوم كذا، وهو عيد الفطر من سنة كذا من عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين بعد صعود السيد الأجل
…
» (يذكر نعوت الوزير المقررة والدعاء له) ثم ذكر من يشرّفه الخليفة بصعود المنبر من أولاد الوزير «5» ، ثم ذكر القاضي ولكنه يكون هو القاريء للثّبت فلا يسعه ذكر نعوته فيقول: المملوك فلان بن فلان ونحو ذلك، ثم الواقفين على باب المنبر ممن تقدّم ذكره بنعوتهم واحدا واحدا، وكلما ذكر واحدا استدعاه وطلع المنبر، كل منهم يعرف مقامه في المنبر يمنة ويسرة. فإذا لم يبق أحد ممن أطلع إلى المنبر، أشار الوزير إليهم فأخذ كل من هو في جانب بيده نصيبا من اللواء الذي بجانبه فيستتر الخليفة ويستترون، وينادي في الناس بالإنصات، فيخطب الخليفة خطبة بليغة مناسبة لذلك المقام، يقرؤها من السّفط «6» الذي يحضر إليه مسطّرا من ديوان الإنشاء كما جمع رمضان المتقدّمة الذكر. فإذا فرغ من الخطبة، ألقى كلّ من في يده شيء من اللواء خارج المنبر، فينكشفون وينزلون القهقرى أوّلا بأوّل الأقرب فالأقرب. فإذا خلا المنبر للخليفة، هبط ودخل المكان الذي خرج منه، فيلبث قليلا ثم يركب في هيئته التي أتى فيها إلى المصلّى، ويعود في طريقه التي أتى