الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وقد كان الأمير صلاح الدين بن عرام في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين بعد السبعين والسبعمائة ضرب بالإسكندريّة وهو نائب السلطنة بها يومئذ، دنانير زنة كل دينار منها مثقال على أحد الوجهين منه «محمد رسول الله» وعلى الوجه الآخر «ضرب بالإسكندريّة في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين عز نصره» ثم أمسك عن ذلك فلم تكثر هذه الدنانير ولم تشتهر؛ ثم ضرب الأمير يلبغا السالميّ أستادار «1» العالية في الدولة الناصرية فرج بن برقوق دنانير زنة كل واحد منها مثقال، في وسط سكته دائرة فيها مكتوب «فرج» وربما كان منها ما زنته مثقال ونصف أو مثقالان، وربما كان نصف مثقال أو ربع مثقال. إلا أن الغالب فيها نقص أوزانها، وكأنهم جعلوا نقصها في نظير كلفة ضربها.
الضرب الثاني ما يتعامل به معادّة
وهي دنانير يؤتى بها من البلاد الإفرنجة «2» والروم، معلومة الأوزان، كلّ دينار منها معتبر بتسعة عشر قيراطا ونصف قيراط من المصريّ، واعتباره بصنج
الفضّة المصرية كل دينار زنة درهم وحبتي خرّوب يرجح قليلا، وهذه الدنانير مشخّصة على أحد وجهيها صورة الملك الذي تضرب في زمنه، وعلى الوجه الآخر صورتا بطرس وبوليس الحواريين اللذين بعث بهما المسيح عليه السلام إلى رومية، ويعبر عنها بالإفرنتيّة جمع إفرنتيّ، وأصله إفرنسيّ بسين مهملة بدل التاء المثناة فوق نسبة إلى إفرنسة: مدينة من مدنهم، وربما قيل فيها إفرنجة، وإليها تنسب طائفة الفرنج، وهي مقرّة الفرنسيس ملكهم، ويعبر عنه «1» أيضا بالدوكات. وهذا الاسم في الحقيقة لا يطلق عليه إلا إذا كان ضرب البندقيّة من الفرنجة، وذلك أن الملك اسمه عندهم دوك «2» ، وكأن الألف والتاء في الآخر قائمان مقام ياء النسب.
قلت: ثم ضرب الناصر فرج بن برقوق دنانير على زنة الدنانير الإفرنتية المتقدّمة الذكر؛ في أحد الوجهين «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وفي الآخر اسم السلطان، وفي وسطه سفط مستطيل بين خطين، وعرفت بالناصرية وكثر وجدانها، وصار بها أكثر المعاملات. إلا أنهم ينقصونها في الأثمان عن الدنانير الإفرنتية عشرة دراهم.
ثم ضرب على نظيرها «الإمام المستعين بالله أبو الفضل «3» العباس» حين استبدّ بالأمر بعد الناصر فرج، ولم يتغير فيها غير السّكة، باعتبار انتقالها من