الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية- «ولاية الشّرقية»
وكانت دون ولاية قوص في الرتبة، وكان متوليها يحكم على عمل بلبيس وعمل قليوب وعمل أشموم.
الثالثة- «ولاية الغربية»
وكانت دون ولاية الشرقية في المرتبة، وكان متوليها يحكم على عمل المحلّة، وعمل منوف، وعمل أبيار.
الرابعة- «ولاية الإسكندريّة»
وهي دون الغربية في الرتبة، وكان متوليها يحكم على أعمال البحيرة بأجمعها.
قال ابن الطوير: وهؤلاء الأربعة كان يخلع عليهم من خزانة الكسوة بالبدنة، وهو النوع الذي يلبسه الخليفة في يوم فتح الخليج «1» .
قلت: لعل هذه الولايات الأربع ولايات الولاة التي تدخل تحت حكمها الولايات الصّغار، أو تكون هي التي استقرّ عليه الحال في آخر دولتهم، وإلا فقد رأيت في تذكرة أبي الفضل الصوريّ، أحد كتّاب الإنشاء في أيام القاضي الفاضل سجلات كثيرة لولاة الوجهين القبليّ والبحريّ «2» .
الجملة الخامسة من ترتيب مملكتهم، في هيئة الخليفة في مواكبه وقصوره؛ وهي على ثلاثة أضرب
الضرب الأوّل جلوسه في المواكب، وله ثلاثة جلوسات:
الجلوس الأوّل جلوسه في المجلس العامّ أيام المواكب
واعلم أن جلوس الخليفة أوّلا كان بالإيوان الكبير الذي كان بالقصر على
سرير الملك الذي كان بصدره إلى آخر أيام المستعلي «1» . فلما ولي ابنه الآمر الخلافة بعده، نقل الجلوس من الإيوان الكبير إلى القاعة المعروفة بقاعة الذهب بالقصر أيضا، وصار يجلس من مجالسها على سرير الملك به، وجعل الإيوان الكبير خزانة للسلاح، ولم يتعرّض لإزالة سرير الملك منه حتّى جاءت الدولة الأيوبية، وهو باق، وكان جلوس الخليفة في هذه الحالة لا يتعدّى يومي الاثنين والخميس، وليس ذلك على الدوام بل على التقرير بحسب ما يقتضيه الحال. فإذا أراد الجلوس فإن كان في الشتاء علّق المجلس الذي يجلس فيه بستور الديباج، وفرش بالبسط الحرير؛ وإن كان في الصيف، علق بالستور الدّبيقية وفرش بطبريّ طبرستان المذهب الفائق، وهيئت المرتبة المعدّة لجلوسه على سرير الملك بصدر المجلس، وغشّي السرير بالقرقوبيّ «2» ، ثم يستدعى الوزير من داره بصاحب الرسالة على حصان رهوان «3» في أسرع حركة على خلاف الحركة المعتادة، فيركب الوزير في هيئته وجماعته وبين يديه الأمراء، فإذا وصل إلى باب القصر ترجّل الأمراء، وهو راكب إلى أوّل باب باب من الدّهاليز الطّوال عند دهليز يعرف بدهليز العمود، ويمشي وبين يديه أكابر الأمراء إلى مقطع الوزارة بقاعة الذهب، فإذا تهيأ جلوس الخليفة، استدعى الوزير من مقطع الوزارة إلى باب المجلس الذي فيه الخليفة وهو مغلق، وعلى بابه ستر معلّق، فيقف زمام القصر عن يمين باب المجلس وزمام بيت المال عن يساره، والوزير واقف أمام باب المجلس وحواليه الأمراء المطوّقون «4» وأرباب الخدم الجليلة، وفي خلال القوم قرّاء الحضرة؛ ويضع صاحب المجلس الدواة مكانها من المرتبة أمام الخليفة، ثم
يخرج كم من أكمامه يعرف بفرد الكم ويشير إلى زمام القصر وزمام بيت المال الواقفين بباب المجلس، فيرفع كل منهما جانب الستر فيظهر الخليفة جالسا على سرير الملك مستقبل القول بوجهه، ويستفتح القرّاء بالقرآن، ويدخل الوزير المجلس ويسلم بعد دخوله، ثم يقبّل يدي الخليفة ورجليه، ويتأخر مقدار ثلاثة أذرع ويقف ساعة زمانية، ثم تخرج له مخدّة عن الجانب الأيمن من الخليفة ويؤمر بالجلوس إليها، ويقف الأمراء في أماكنهم المقرّرة لهم، فصاحب الباب واسفهسلار من جانبي الباب يمينا ويسارا، ويليهم من خارجه ملاصقا للعتبة زمام الآمرية والحافظية وباقي الأمراء على مراتبهم إلى آخر الرواق، وهو إفريز عال عن أرض القاعة، ثم أرباب القضب «1» والعماريّات يمنة ويسرة كذلك، ثم الأماثل والأعيان من الأجناد المترشحين للتقدمة، ويقف مستندا بالقدر الذي يقابل باب المجلس نوّاب الباب والحجاب، فإذا انتظم الأمر على ذلك، فأوّل ماثل للخدمة بالسلام قاضي القضاة والشهود المعروفون بالاستخدام فيجيز صاحب الباب القاضي دون من معه فيسلم على الخليفة بأدب الخلافة، بأن يرفع يده اليمنى ويشير بالمسبحة، ويقول بصوت مسموع:«السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته» يتخصص بهذا الكلام دون غيره من أهل السلام، ثم يسلم بالأشراف الأقارب زمامهم، وبالأشراف الطالبيين نقيبهم، فتمضي عليهم كذلك ساعتان زمانيتان أو ثلاث، ثم يسلم عليه من خلع عليه بقوص أو الشرقية أو الغربية أو الإسكندرية، ويشرّفون بتقبيل العتبة، وإذا دعت حاجة الوزير إلى مخاطبة الخليفة في أمر، قام من مكانه وقرّب منه منحنيا على سيفه، ويخاطبه مرة أو مرتين أو ثلاثا، ثم يأمر الحاضرون بالانصراف فينصرفون، ويكون آخرهم خروجا الوزير بعد تقبيل يد الخليفة ورجله. فإذا خرج إلى الدهليز الذي ترجل فيه، ركب
منه إلى داره، وفي خدمته من حضر في خدمته إلى القصر، ويدخل الخليفة إلى سكنه مع خواصّ الأستاذين، ثم يغلق باب المجلس ويرخى الستر إلى أن يحتاج إلى حضور موكب آخر فيكون الأمر كذلك.
الجلوس الثاني جلوسه للقاضي والشهود في ليالي الوقود «1» الأربع من كل سنة
وهي: ليلة أوّل رجب، وليلة نصفه، وليلة أوّل شعبان، وليلة نصفه.
إذا مضى النصف من جمادى الآخرة حمل إلى القاضي من حواصل الخليفة ستون شمعة، زنة كل شمعة منها سدس قنطار بالمصري ليركب بها في أوّل ليلة من شهر رجب؛ فإذا كان أوّل ليلة منه جلس الخليفة في منظرة عالية كانت عند باب الزّمرّد من أبواب القصر المتقدّم ذكره، وبين يديه شمع يوقد في العلوّ يتبيّن شخصه على إرتفاعه. ويركب القاضي من داره بعد صلاة المغرب وبين يديه الشمع المحمول إليه من خزانة الخليفة موقودا، من كل جانب ثلاثون شمعة، وبين الصّفّين مؤذنو الجوامع، يعلنون بذكر الله تعالى، ويدعون للخليفة والوزير بترتيب مقرّر محفوظ ويحجبه ثلاثة من نوّاب الباب، وعشرة من حجّاب الخليفة، خارجا عن حجّاب الحكم المستقرّين وهم خمسة في زيّ الأمراء؛ وفي ركابه القرّاء يقرأون القرآن، والشهود وراءه على ترتيب جلوسهم بمجلس الحكم الأقدم فالأقدم؛ وحول كل منهم ثلاث شمعات أو شمعتان أو شمعة واحدة إلى بين القصرين في جمع عظيم حتى يأتي باب الزّمرّد من أبواب القصر، فيجلسون في رحبة تحت المنظرة التي فيها الخليفة، ويحضر بين يديه بسمت ووقار وتشوّف لانتظار ظهور الخليفة، فيفتح الخليفة إحدى طاقات المنظرة فيظهر منها رأسه
ووجهه وعلى رأسه عدة من خواص الأستاذين من المحنّكين وغيرهم، فيفتح بعض الأستاذين طاقة أخرى فيخرج منها رأسه ويده اليمنى، ويشير بكمه قائلا:«أمير المؤمنين يردّ عليكم السلام» فيسلم بقاضي القضاة أوّلا بنعوته، وبصاحب الباب بعده كذلك، وبالجماعة الباقية جملة من غير تعيين أحد؛ ويستفتح قرّاء الحضرة بالقراءة وهم قيام في الصّدر، ظهورهم إلى حائط المنظرة ووجوههم للحاضرين.
ثم يتقدّم خطيب الجامع الأنور (وهو الذي بباب البحر) فيخطب كما يخطب فوق المنبر، وينبه على فضيلة ذلك الشهر، وأن ذلك الركوب علامته ثم يختم كلامه بالدعاء للخليفة؛ ثم يتقدّم خطيب الجامع الأزهر فيخطب كذلك؛ ثم يتقدّم خطيب جامع الحاكم فيخطب كذلك، والقرّاء في خلال تلك الخطب يقرأون، فإذا انتهت خطابة الخطباء، أخرج الأستاذ الأوّل يده من تلك الطاقة فيرد على الجماعة السلام؛ ثم تغلق الطاقاتان وينفضّ الناس، ثم يركب القاضي والشهود إلى دار الوزير فيجلس لهم ليسلموا عليه، ويخطب الخطباء الثلاثة عنده بأخّف من مقام الخليفة ويدعون له، ثم ينصرفون ويذهب القاضي والشهود صحبته إلى مصر، ووالي القاهرة في خدمته، ويمرّ بجامع ابن طولون فيصلّي فيه ويخرج منه فيجد والي مصر في تلقّيه فيمضي في خدمته، ويمرّ على المشاهد فيتبرك بها، ويمضي إلى الجامع العتيق ويدخل من باب الزيادة التي يحكم فيها فيصلى في الجامع ركعتين، ويوقد له التنّور «1» الفضة الذي بالجامع، وهو تنّور عظيم حسن التكوين، فيه نحو ألف وخمسمائة براقة، وبسفله نحو مائة قنديل؛ ثم يخرج من الجامع فإن كان ساكنا بمصر استقرّ بها، وإن كان ساكنا بالقاهرة انتظره والي القاهرة في مكانه حتّى يعود من مصر فيذهب في خدمته إلى داره.
وكذلك يركب في ليلة الخامس عشر من رجب إلا أنه بعد صلاته في جامع