الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو من بناء الحاكم.
الثالث- باب الزّهومة
، ومكانه قاعة شيخ الحنابلة بالمدرسة الصالحية، وكانت الصاغة مطبخا للقصر، وكانوا يدخلون بالطعام إلى القصر من ذلك الباب فسمي باب الزهومة لذلك، والزّهومة: الذّفر.
الرابع- باب التربة
؛ ويقال إن مكانه بين باب الزّهومة المتقدّم الذكر ومشهد الحسين.
الخامس- باب الدّيلم
، وهو باب مشهد الحسين.
السادس- باب قصر الشوك
، ومكانه بالموضع المعروف بقصر الشوك على القرب من رحبة الأيدمريّ.
السابع- باب العيد
، وهو باب البيمارستان العتيق، سمي بذلك لأن الخليفة كان يخرج منه لصلاة العيد، وإليه تنسب رحبة باب العيد.
الثامن- باب الزّمرّد
، وهو إلى جانب باب العيد المتقدّم ذكره.
التاسع- باب الريح
، وقد ذكر ابن الطّويّر أنه كان في ركن القصر الذي يقابل سور دار سعيد السعداء التي هي الخانقاه الآن.
ثم استجد المأمون بن البطائحي وزير الآمر تحت القوس الذي بين باب الذهب وباب البحر ثلاث مناظر، وسمى إحداها الزاهرة، والثانية الفاخرة، والثالثة الناضرة. وكان «الآمر» يجلس فيها لعرض العساكر في عيد الغدير، والوزير واقف في قوس باب الذهب، وكان مكان السيوفيين الآن سلسلة ممتدّة إلى ما يقابلها تعلق في كل يوم من وقت الظهر حتى لا يجوز تحت القصر راكب، ولذلك يعرف هذا المكان بدرب السلسلة.
ومما هو داخل في حدود القصر «مشهد الحسين» .
وسبب بنائه أن رأس الإمام الحسين عليه السلام كانت بعسقلان، فخشي الصالح طلائع بن رزّيك عليها من الفرنج فبني جامعه خارج باب زويلة، وقصد
نقل الرأس إليه فغلبه الفائز على ذلك، وأمر بابتناء هذا المشهد، ونقل الرأس إليه في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
ومن غريب ما اتفق من بركة هذه «1» الرأس الشريفة ما حكاه القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر: أن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب حتى استولى على هذا القصر بعد موت العاضد، آخر خلفاء الفاطميين بمصر، قبض على خادم من خدّام القصر وحلق رأسه وشدّ عليها طاسا داخله خنافس فلم يتأثر بها، فسأله السلطان صلاح الدين عن ذلك وما السر فيه، فأخبر أنه حين أحضرت الرأس الشريفة إلى المشهد حملها على رأسه، فخلّى عنه السلطان وأحسن إليه.
وكان بجوار القصر قصر صغير يعرف بالقصر النافعيّ من جهة السبع خوخ فيه عجائز الفاطميين.
قلت: ولم يزل هذا القصر منزلة الخلفاء الفاطميين من لدن المعزّ أوّل خلفائهم بمصر وإلى آخر أيام العاضد آخر خلفائهم، وكان الوزراء ينزلون بدار الوزارة التي ابتناها أمير الجيوش بدر الجمالي داخل باب النصر مكان الخانقاه الركنية بيبرس الآن. فلما ولي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الوزارة عن العاضد بعد عمه أسد الدين شير كوه، نزل بدار الوزارة المذكورة، وبقي بها حتّى مات العاضد فتحوّل إلى القصر وسكنه؛ ثم سكنه بعده أخوه العادل أبو بكر. فلما ملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر انتقل منه إلى قلعة الجبل على ما سيأتي ذكره في الكلام على القلعة إن شاء الله تعالى. وصارت دار الوزارة المتقدّمة الذكر منزلا للرسل الواردين من الممالك إلى أن عمر مكانها السلطان الملك المظفر بيبرس الجاشنكير الخانقاه المعروفة به، وخلا القصر من حينئذ من ساكنيه، وأهمل أمره فخرب.
قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر: قال لي بوّاب لباب الزّهومة اسمه
مرهف في سنة ثلاثين وستمائة: كان لي على هذا الباب المدّة الطويلة ما رأيته دخل فيه حطب ولا رمي منه تراب. قال: وهذا أحد أسباب خرابه لوقود أخشابه وتكويم ترابه؛ ثم أخذ الناس بعد ذلك في تملكه واستحكاره، وعمرت فيه المدارس والآدر، فبنى السلطان الملك الصالح «نجم الدين أيوب» فيه مدرسته الصالحية، ثم بنى «الظاهر بيبرس» فيه مدرسته الظاهرية، وبنى فيه بشتاك أحد أمراء الدولة الناصرية محمد بن قلاوون فيه قصره المعروف به، وجعلت دار الضرب في وسطه، ولم يبق من آثاره إلا البيمارستان العتيق، فإنه كان قاعة بناها العزيز بالله بن المعزّ الفاطمي على ما سيأتي ذكره.
وكذلك القبة التي على رأس السالك من هذا البيمارستان إلى رحبة باب العيد، وبعض جدر لا يعتدّ بها قد دخلت في جملة الأملاك.
وأما (أبواب القاهرة وأسوارها) فإن القائد جوهرا حين اختطّها جعل لها أربعة أبواب: بابين متقاربين، وبابين متباعدين. فالمتقاربان (باب زويلة) نسبة إلى زويلة: قبيلة من قبائل البربر الواصلين مع جوهر من المغرب، ولذلك يقع في عبارة الموثّقين وغيرهم بابا زويلة؛ وأحد هذين البابين القوس الموجود الآن المجاور للمسجد المعروف بسام بن نوح عليه السلام. والثاني كان موضع الحوانيت التي يباع فيها الجبن على يسرة القوس المتقدّم ذكره يدخل منه إلى المحمودية. وكان سبب إبطاله وسدّه أن المعزّ الذي بنيت له القاهرة لما دخلها عند وصوله من المغرب، دخل من القوس الموجود الآن هناك فازدحم الناس فيه وتجنبوا الدخول من الباب الآخر، واشتهر بين الناس أن من دخل منه لم تقض له حاجة، فرفض وسدّ وجعل زقاق جنوبيّه يتوصل منه إلى المحمودية، وزقاق شماليّه يتوصل منه إلى الأنماطيين وما يليها.
والبابان المتباعدان هما القوس الذي داخل باب الفتوح خارج حارة بهاء الدين وقوس آخر كان على حياله داخل باب النصر بالقرب من وكالة قيسون الآن،
فهدم ثم ابتنى أمير الجيوش بدر الجمالي المتقدّم ذكره في سنة ثمانين وأربعمائة سورا من لبن دائرا على القاهرة، وبعضه باق إلى زماننا بخط سوق الغنم داخل الباب المحروق؛ ثم ابتنى «1» الأفضل بن أمير الجيوش باب زويلة، وباب النصر، وباب الفتوح الموجودين الآن فيما ذكره القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في خططه، إلا أنه ذكر في مواضع أخر منها أن باب زويلة بناه «2» العزيز بالله وأكمله بدر الجمالي، وهو من أعظم الأبواب وأشمخها، وليس له باشورة «3» على الأبواب، وفيه يقول علي بن محمد النيلي:
يا صاح لو أبصرت باب زويلة
…
لعلمت قدر محلّه بنيانا
باب تأزّر بالمجرّة وارتدى الشّعرى
…
«4» ولاث برأسه كيوانا
لو أنّ فرعونا رآه لم يرد
…
صرحا ولا أوصى به هامانا
قال ابن عبد الظاهر: (وباب سعادة) ربما ينسب إلى سعادة بن حيان غلام المعزّ، وكان قد ورد من عنده في جيش إلى جوهر وولي الرملة بعد ذلك.
قال: (وباب القنطرة) منسوب إلى القنطرة التي أمامه، وهي من بناء القائد جوهر بناها عند خوفه من القرامطة ليجوز عليها إلى المقس. والقوس الذي بالشارع الأعظم خارج باب زويلة على رأس المنجبية عند الطيوريين الآن كان بابا بناه الحاكم بأمر الله خارج القاهرة، وكان يعرف بالباب الجديد.
(وباب الخوخة) الذي على القرب من قنطرة الموسكي أظنه من بناء الفاطميين أيضا. ولما ملك السلطان «صلاح الدين يوسف بن أيوب» الديار المصرية انتدب لعمارة أسوار القاهرة ومصر في سنة تسع وستين وخمسمائة الطواشي بهاء الدين قراقوش الأسدي الرومي على كثرة من أسرى الفرنج عندهم يومئذ، بنى سورا دائرا عليها وعلى قلعة الجبل والفسطاط، ولم يزل البناء به حتّى توفي السلطان صلاح الدين رحمه الله وهو الموجود الآن؛ وجعل فيها عدّة أبواب:
منها: باب البحر، وباب الشعرية، وباب البرقية، والباب المحروق؛ وابتنى برجين عظيمين أحدهما بالمقس على القرب من جامع باب البحر، وهو الذي هدمه الصاحب شمس الدين المقسيّ وزير الأشرف شعبان بن حسين على رأس السبعين والسبعمائة، وأدخله في حقوق الجامع المذكور حين جدّد بناءه؛ والثاني بباب القنطرة جنوبي الفسطاط.
قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر: وقياس هذا السور من أوّله إلى آخره تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة وذراعان بالهاشميّ، من ذلك من باب البحر إلى البرج بالكوم الأحمر «1» ، يعني رأس منشأة المهراني المتقدّم ذكرها في الكلام على خطط الفسطاط عند فوّهة خليج القاهرة عشرة آلاف ذراع؛ ومن الكوم الأحمر المذكور إلى قلعة الجبل من جهة مسجد سعد الدولة سبعة آلاف ذراع ومائتا ذراع؛ ومن مسجد سعد الدولة المذكور إلى باب البحر ثمانية آلاف ذراع وثلاثمائة واثنان وتسعون ذراعا، ودائرة القلعة ثلاثة آلاف ذراع ومائة وعشرة أذرع.