الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زرع فيهما ولا نفع، وليس بهما غير صيد السمك، وهي الغاية القصوى فيما يتحصل من المال.
قال صاحب حماة: يبلغ متحصل صيد سمكها في كل سنة فوق عشرين ألف دينار مصرية، وليس يساويها بحيرة من البحيرات في ذلك.
قلت: وأخبرني بعض مباشريها أنها في زماننا قد تميز متحصلها عن ذلك نحو مثله للاجتهاد في الصيد، وكثرة الضبط وارتفاع السعر.
الرابعة- «بحيرة تنّيس»
قال السمعانيّ (بكسر التاء المثناة فوق والنون المشدّدة المكسورة ثم ياء مثناة تحت وسين مهملة في الآخر) وهي بحيرة متصلة بالبحر الروميّ أيضا بآخر عمل الدقهلية والمرتاحية الآتي ذكره، وفيها مصبّ بحر أشموم المنفرق من الفرقة الشرقية من النيل، ولذلك يعذب ماؤها في أيام زيادة النيل، وبوسطها تنّيس الآتي ذكرها في الكلام على الكور القديمة.
قال صاحب «الروض المعطار» : طمى عليها البحر قبل الفتح الإسلامي بمائة سنة فغرّقها وصارت بحيرة، ويتصل بهذه البحيرة من جهة الغرب «بحيرة دمياط» وهما في الحقيقة كالبحيرة الواحدة «1» .
المقصد السادس في ذكر جبالها
اعلم أن وادي مصر يكتنفه جبلان شرقا وغربا، يبتدئان من الجنادل المتقدمة الذكر فوق أسوان آخذين من جهة الشّمال على تقارب بينهما بحيث يرى كل منهما من الآخر والنيل مارّ بين جنبتيهما.
فأما الشرقيّ منهما فيمرّ بين النيل وبحر القلزم المتقدّم الذكر حتّى يجاوز الفسطاط فينعطف ويأخذ شرقا حتّى يأتي على آخر بحر القلزم من الشّمال، يرتفع في موضع وينخفض في آخر؛ وفي أوائل هذا الجبل من جهة الجنوب على القرب من مدينة قوص (معدن الزّمرّد) المتقدّم ذكره في خواص الدّيار المصرية، في مغارة طويلة في قطعة جبل عالية، تسمّى قرشنده ليس هناك أعلى منها، وعلى القرب من ذلك (مقطع الرّخام) الملوّن من الأبيض والسّمّاقي وسائر الألوان المستحسنة التي لا تساوى حسنا.
ويسمّى الجبل المطلّ منه على النيل مقابل المراغات من عمل إخميم «جبل الساحرة» وأظنه جبل زماخير الساحرة المتقدّمة الذكر في عجائب الدّيار المصرية.
ويسمّى الجبل المطل منه على النيل مقابل مدينة منفلوط «جبل أبي فيدة» بفاء وياء مثناة تحت.
ويسمّى الجبل المطل منه على النيل مقابل منية بني خصيب من الأشمونين.
«جبل الطيلمون» ويعرف الآن بجبل الطّير؛ وقد تقدّم ذكره في جملة عجائب الديار المصرية.
ويسمّى ما سامت الفسطاط والقرافة منه «المقطّم» «1» وربما أطلق المقطّم على جميع المقطّم «2» ؛ وقد اختلف «3» في سبب تسميته بذلك، فقيل سمي باسم مقطّم الكاهن كان مقيما فيه لعمل الكيميا.
وقال أبو عبد الله اليمني «4» : سمي بالمقطّم بن مصر بن بيصر، وكان عبدا
صالحا انفرد فيه لعبادة الله تعالى.
وذكر الكندي في كتاب «فضائل مصر» ما يوافق ذلك: وهو أن عمرو بن العاص رضي الله عنه سار في سفح المقطّم ومعه المقوقس، فقال له عمرو: ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فلو شققنا في أسفله نهرا من النيل وغرسناه نخلا؛ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب أنه كان أكثر البلاد أشجارا ونبتا وفاكهة، وكان ينزله المقطّم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام، فلما كانت الليلة التي كلم الله تعالى فيها موسى عليه السلام، أوحى الله تعالى إلى الجبال: إني مكلّم نبيّا من أنبيائي على جبل منك، فسمت الجبال كلّها وتشامخت إلا جبل بيت المقدس فإنه هبط وتصاغر، فأوحى الله تعالى إليه: لم فعلت ذلك؟
وهو به أخبر، فقال: إعظاما وإجلالا لك يا رب! فأمر الله تعالى الجبال أن يحيّوه كل جبل مما عليه من النبت، فجاد له المقطّم بكل ما عليه من النبت حتّى بقي كما ترى، فأوحى الله تعالى إليه إني معوضك على فعلك بشجر الجنة أو غرس الجنة «1» .
وأنكر القضاعي وغيره أن يكون لمصر ولد اسمه المقطم، وجعلوه مأخوذا من القطم وهو القطع، لكونه منقطع «2» الشجر والنبات.
قال ابن الأثير في «عجائب المخلوقات» : وفيه كنوز عظيمة، وهياكل كثيرة، وعجائب غريبة. ولملوك مصر فيه من الجواهر والذهب والفضة والأواني، والآلات النفيسة، والتماثيل العجيبة، وتراب الصنعة ما يخرج عن حدّ الإحصاء.
قال في «الروض المعطار» : وإذا دبّرت تربته حصل منها ذهب صالح.
ويلي المقطّم من جهة الشّمال «اليحاميم» «3» وهي الجبال المتفرقة المطلة
على القاهرة من جانبها الشرقي وجبّانتها.
قال القضاعي: وقيل لها اليحاميم لاختلاف ألوانها، واليحموم في كلام العرب: الأسود المظلم، ولعله يريد الجبل الأحمر وما والاه.
وفي شرقيّ المقطّم على بحر القلزم «طور سينا» «1» الذي كلّم الله تعالى موسى عليه السلام عليه، وهو جبل مرتفع للغاية، داخل في البحر.
قال الأزهري «2» : وسمي الطّور بطور بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام.
قال ابن الأثير في «عجائب المخلوقات» : ومن خاصّته أنه كيفما كسر، ظهر فيه صورة شجر العليق، وقد بني هناك دير بأعلى الجبل، وغرس بواديه بساتين وأشجار.
وأما الغربيّ منهما، فإنه يبتديء من الجنادل أيضا ويمرّ في الشّمال فيما بين