الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دمياط يزيد على عرض الفسطاط بدرجة وكسر يسير على ما سيأتي ذكره.
فإذا أردت أن تعرف كم بين البلد الذي أنت فيه وبين بلد آخر الخط المستقيم، فلك حالتان:
الحالة الأولى- أن يكون ذلك البلد على سمت بلدك الذي أنت فيه في الطول أو العرض
، فانظر كم درجة بينهما بالزيادة والنقص فاضربه في ست وستين، وهو ما لكل درجة من الأميال، فما خرج من الضرب فهو بعد ما بينهما من الأميال على الخط المستقيم، فاعتبره بما شئت من المراحل والفراسخ والبرد على ما تقدّم بيانه.
الحالة الثانية- ألّا يكون ذلك البلد على سمت بلدك الذي أنت فيه
،
فطريقك أن تقابل بين عرض بلدك وطوله، وبين عرض البلد الآخر وطوله، وتنظر كم فضل ما بين الطولين وبين العرضين، وهو ما يزيده أحد الطولين أو أحد العرضين على الآخر فتضرب كلّا من فضل الطولين وفضل العرضين في مثله، وتجمع الحاصل من الضربين فما كان خذ جذره، وهو القدر الذي إذا ضربته في مثله حصل عنه ذلك العدد، فما بلغ مقدار ما بين بلدك والبلد الآخر من الدرج، فاضربه في ست وستين وثلثين على ما تقدّم، فما بلغ فهو أميال، فاعتبره بما شئت من المراحل والفراسخ والبرد على ما تقدّم.
مثال ذلك- أن الفسطاط طوله خمس وخمسون درجة، وعرضه ثلاثون درجة ودمشق طولها ستون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف درجة، ففضل ما بين طوليهما خمس درج، وفضل ما بين عرضيهما ثلاث درج ونصف درجة، فتضرب فضل ما بين الطولين، وهو خمس درج في مثله يبلغ خمسا وعشرين، وتضرب فضل ما بين العرضين، وهو ثلاث ونصف فى مثله يبلغ اثني عشر وربعا، فتجمع ما حصل من الضّربين، وهو خمس وعشرون واثنا عشر وربع ويكون سبعا وثلاثين وربعا فخذ جذرها يكن ستاّ ونصف سدس تقريبا، وهو ما بين الفسطاط ودمشق من الدّرج، فاضربه في ست وستين وثلثين، وهي ما
للدرجة الواحدة من الأميال يكن أربعمائة وخمسة أميال وثلث سدس ميل، فإذا اعتبرت كل أربعة وعشرين ميلا بمرحلة على ما تقدّم، كانت سبع عشرة مرحلة تقريبا، وهو القدر الذي بين الفسطاط ودمشق على الخط المستقيم.
أما الطرق المسلوكة إلى البلدان على التعاريج بسبب البحار والجبال والأودية وغيرها، فإنها تقتضي الزيادة على ذلك.
وقد ذكر أبو الرّيحان البيرونيّ في كتابه «القانون» : أن زيادة التعاريج على الاستواء يكون بقدر الخمس تقريبا. فإذا كان بين البلدين أربعون ميلا على الخط المستقيم، كانت بحسب سير السائر خمسين ميلا.
قلت: وفيه نظر لطول بعض التعاريج على بعض في الزيادة بالبحار والجبال عن الخط المستقيم على ما هو مشاهد في الأسفار، اللهم إلا أن يريد الغالب كما تقدّم بين الفسطاط ودمشق، فقد مرّ أن بينهما على الخط المستقيم سبع عشرة مرحلة بالتقريب، فإذا أضيف إليها مثل خمسها، وهو ثلاثة وخمسان، كانت عشرين مرحلة، وهو القدر المعتاد في سيرها بالسير المعتدل.
واعلم أن طول البلدان وعروضها قد وقع في الكتب المصنفة فيها ككتاب «الأطوال» المنسوب للفرس، و «رسم المعمور» «1» ، المترجم للمأمون من اللغة اليونانية، «والزيجات» وغير ذلك اختلاف كثير وتباين فاحش. وممن صرح بذكر ذلك أبو الريحان البيروني في كتابه «القانون» فقال عند ذكرها: ولم يتهيأ لي تصحيح جميعها، وقد صححت ما أمكن منها.
قال في «تقويم البلدان» : إلا أن معرفة ذلك بالتقريب خير من الجهل بالكلية.