المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌50 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم - صحيح سنن أبي داود ط غراس - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الناشر

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - باب التَّخَلِّي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب الرجل يتبوأ لبوله

- ‌3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة

- ‌5 - باب الرخصة في ذلك

- ‌6 - باب كيف التكشُّف عند الحاجة

- ‌7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء

- ‌8 - باب أيَرُدُّ السلامَ وهو يبول

- ‌9 - باب في الرجل يذكر الله على غير طُهْرٍ

- ‌10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يدخل به الخلاء

- ‌11 - باب الاستبراء من البول

- ‌12 - باب البول قائمًا

- ‌13 - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثمّ يضعه عنده

- ‌14 - باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها

- ‌15 - باب في البول في المستحمِّ

- ‌16 - باب النهي عن البول في الجُحْر

- ‌17 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب الاستتار في الخلاء

- ‌20 - ومن "باب ما يُنهى عنه أن يُستنجى به

- ‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌22 - باب في الاستبراء

- ‌23 - باب في الاستنجاء بالماء

- ‌24 - باب الرجل يَدْلُكُ يده بالأرض إذا استنجى

- ‌25 - باب السواك

- ‌26 - باب كيف يستاك

- ‌27 - باب الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب غَسْلِ السواك

- ‌29 - باب السواك من الفطرة

- ‌30 - باب السواك لمن قام من الليل

- ‌31 - باب فرض الوضوء

- ‌32 - باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌33 - باب ما ينجس الماء

- ‌34 - باب ما جاء في بئر بُضَاعة

- ‌35 - باب الماء لا يُجْنِبُ

- ‌36 - باب البول في الماء الراكد

- ‌37 - باب الوضوء بسؤر الكلب

- ‌38 - باب سؤر الهرة

- ‌39 - باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌40 - باب النهي عن ذلك

- ‌41 - باب الوضوء بماء البحر

- ‌42 - ومن "باب الوضوء بالنبيذ

- ‌43 - ومن "باب أيصلي الرجل وهو حاقن

- ‌44 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌45 - باب الإسراف في الماء

- ‌46 - باب في إسباغ الوضوء

- ‌47 - باب الوضوء في أنية الصُّفْرِ

- ‌48 - باب التسمية على الوضوء

- ‌49 - باب في الرجل يُدْخِلُ يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌50 - باب صفة وضوء النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌51 - باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌52 - باب الوضوء مرتين

- ‌53 - باب الوضوء مرة مرة

- ‌54 - باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌55 - باب في الاستنثار

- ‌56 - باب تخليل اللِّحية

- ‌57 - ومن "باب المسح على العِمَامة

- ‌58 - باب غسل الرِّجْلَيْنِ

- ‌59 - باب المسح على الخفين

- ‌60 - باب التوقيت في المسح

- ‌61 - باب المسح على الجوربين

- ‌62 - باب

- ‌63 - ومن "باب كيف المسح

- ‌64 - باب الانتضاح

- ‌65 - باب ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌66 - باب الرجل يصلّي الصلوات بوضوء واحد

- ‌67 - باب تفريق الوضوء

- ‌68 - باب إذا شك في الحدث

- ‌69 - باب الوضوء من القُبلة

- ‌70 - باب الوضوء من مَسِّ الذَّكرِ

- ‌71 - باب الرخصة في ذلك

- ‌72 - باب في الوضوء من لحوم الإبل

- ‌73 - باب في الوضوء من مس اللحم النِّيءِ وغسله

- ‌74 - باب ترك الوضوء مِنْ مَسِّ الميتة

- ‌75 - باب في ترك الوضوء مما مسّت النار

- ‌76 - باب التشديد في ذلك

- ‌77 - باب في الوضوء من اللين

- ‌78 - باب الرخصة في ذلك

- ‌79 - باب الوضوء من الدم

- ‌80 باب الوضوء من النوم

- ‌81 - باب في الرجل يطأ الأذى

- ‌82 - باب من يُحدِثُ في الصلاة

- ‌83 - باب في المذي

- ‌84 - باب في الإكسال

- ‌85 - باب في الجنب يعود

- ‌86 - باب الوضوء لمن أراد أن يعود

- ‌87 - باب الجنب ينام

- ‌88 - باب الجنب يأكل

- ‌89 - باب من قال: يتوضأ الجنب

- ‌90 - باب الجنب يؤخر الغسل

- ‌91 - باب في الجنب يقرأ القرآن

- ‌92 - باب في الجنب يصافح

- ‌93 - باب في الجنب يدخل المسجد

- ‌94 - باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ

- ‌95 - باب في الرجل يجد البِلَّةَ في منامه

- ‌96 - باب المرأة ترى ما يرى الرجل

- ‌97 - باب مقدار الماء الذي يُجْزِى به الغُسْل

- ‌98 - باب في الغُسْل من الجنابة

- ‌99 - باب الوضوء بعد الغسل

الفصل: ‌50 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

وقد ساق أسانيدهم: مسلم وأبو عوانة وغيرهما، وزاد عليهم الإمام أحمد (2/ 241 و 253 و 259 و 265 و 271 و 284 و 316 و 382 و 395 و 403 و 455 و 465 و 471 و 500)، وتقدّم بعضها. فكل هؤلاء الثقات لم يذكروا تلك الزيادة؛ فهي منكرة يقينًا.

‌50 - باب صفة وضوء النّبيّ صلى الله عليه وسلم

94 -

عن عطاء بن يزيد الليثي عن حُمران بن أبان مولى عثمان بن عفان قال:

رأيت عثمان بن عفان توضأ؛ فأفرغ على يديه ثلاثًا، فغسلها ثم مضمض واستنثر، ثمّ غسل وجهه ثلاثًا، وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثمّ اليسرى مثلَ ذلك، ثمّ مسح رأسه، ثئم غسل قدمه اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى مثلَ ذلك، ثمّ قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا ثمّ قال:

"من توضأ مثل وضوئي هذا، ثمّ صلّى ركعتين لا يُحَدثُ فيهما نفسه؛ غفر الله له ما تقدّم من ذنبه".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم").

إسناده: حدثنا الحسن بن علي الحُلْوَاني: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي.

وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه.

ص: 178

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 239 - 240)، والبيهقي (1/ 57 - 58) عن عبد الرزاق

به.

وأخرجه أحمد أيضًا (1/ 59 / رقم 421): حدثنا عبد الرزاق

به.

وأخرجه البخاري (4/ 128)، والبيهقي أيضًا (1/ 56) من طريق عبد الله -وهو ابن المبارك-: أخبرنا معمر

به نحوه.

وأخرجه البخاري (1/ 208 و 210 و 214)، ومسلم وأبو عوانة والنسائي والدارمي، والدارقطني (35)، والبيهقي أيضًا (1/ 48 و 49 و 53 و 86)، وأحمد (1/ 339 رقم 418 و 428) من طرق عن الزهري

به نحوه.

وله عندهم طرق أخرى أخصر منه عن عثمان.

95 -

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: حدثني حُمْران قال:

رأيت عثمان بن عفان توضأ

فذكر نحوه؛ ولم يذكر المضمضة والاستنشاق؛ وقال فيه: ومسح رأسه ثلاثًا، ثمّ غسل رجليه ثلاثًا، ثم قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا وقال:

"من توضأ دون هذا كفاه"؛ ولم يذكر أمر الصلاة.

(قلت: إسناده حسن صحيح، ومال ابن الجوزي إلى تصحيحه، وقال ابن الصلاح: إنه حديث حسن، وقال النووي: إسناده حسن، وربما ارتفع من الحسن إلى الصحة بشواهده وكثرة طرقه، وصححه ابن خزيمة، وقواه الحافظ).

إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا الضحاك بن مَخْلَدٍ: ثنا عبد الرحمن بن وَرْدَان: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن.

ص: 179

وهذا إسناد حسن؛ رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن وردان؛ قال ابن معين:

"صالح". وقال أبو حاتم:

"ما بحديثه بأس".

وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الدارقطني: "ليس بقوي".

والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف.

ثمّ أخرجه هو والدارقطني (34) من طريقين آخرين عن الضحاك بن مخلد

به.

ورواه البزار في "مسنده" بإسناد المصنف هذا، وقد ساقه الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 32). وقال النووي في "المجموع" (1/ 434):

"رواه أبو داود بإسناد حسن، وقد ذكر أيضًا الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله أنه حديث حسن، وربما ارتفع من الحسن إلى الصحة بشواهده وكثرة طرقه؛ فإن البيهقي وغيره رووه من طرق كثيرة غير طريق أبي داود".

وللحديث طريق أخرى عن حمران؛ فقال الحافظ في "التلخيص" - (1/ 411) بعد أن ذكره من هذا الوجه-:

"وتابعه هشام بن عروة عن أبيه عن حمران: أخرجه البزار. وأخرجه أيضًا من طريق عبد الكريم عن حمران؛ وإسناده ضعيف. ورواه أيضًا من حديث أبي علقمة مولى ابن عباس عن عثمان؛ وفيه ضعف".

قلت: وله طريق أخرى عن عثمان؛ ستأتي في الكتاب قريبًا رقم (98)؛ وقد صححها ابن خزيمة، كما في "الفتح" (1/ 209)؛ ونصه:

ص: 180

"وقد روى أبو داود من وجهين؛ صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره؛ في حديث عثمان بتثليث مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة".

وسيأتي هناك أن ابن خزيمة رواه من ذلك الوجه. ثمّ قال الحافظ في "التلخيص":

"ومال ابن الجوزي في "كشف المشكل" إلى تصحيح التكرير".

96 -

عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال: سئل ابن أبي مُليكة عن الوضوء؟ فقال:

رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء؟ فدعا بماء؛ فأُتي بميضأة فأصغاها على يده اليمنى، ثمّ أدخلها في الماء؛ فتمضمض ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثمّ غسل يده اليمنى ثلاثًا، وغسل يده اليسرى ثلاثًا، ثمّ أدخل يده فأخذ ماءً؛ فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة، ثمّ غسل رجليه؛ ثمّ قال:

أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ.

(قلت: إسناده حسن صحيح).

إسناده: حدثنا محمد بن داود الإسكندراني: ثنا زياد بن يونس: حدثني سعيد بن زياد المؤذن عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي.

وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات مشهورون؛ غير سعيد بن زياد المؤذن؛ فوثقه ابن حبان وحده، لكن روى عنه جمع من الثقات؛ وقد توبع عليه كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 64) من طريق المؤلف.

ص: 181

وللحديث طرق أخرى: فرواه ابن ماجة (1/ 167) مختصرًا من طريق حجاج عن عطاء عن عثمان قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ؛ فمسح رأسه مرة.

وهذا إسناد ضعيف.

وأخرجه أحمد (1/ 264 / رقم 472)؛ لكن ليس فيه: (مرةً).

وكذلك رواه ابنه عبد الله في "زوائد"(رقم 527).

وأخرج الدارقطني (34) من طريق زيد بن الحُبَاب: حدثني عمر بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي: حدثني جدي:

أن عثمان بن عفان خرج في نفر، من أصحابه حتى جلس على المقاعد، فدعا بوَضوء

الحديث نحو رواية ابن أبي مليكة؛ وفيه:

ومسح برأسه مرة واحدة، ولم يذكر الأذنين. وقال المعلق عليه الشيخ شمس الحق:

"هذا إسناد صالح؛ ليس فيه مجروح"!

قلت: لكن فيه مجهول؛ وهو عمر بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي؛ فإني لم أجد له ذكرًا في شيء من الكتب التي عندي، ولم يذكره الحافظ في الرواة عن أبيه عبد الرحمن بن سعيد، ولا في الرواة عن جده سعيد! وفي هذا إشارة إلى أنه غير مشهور؛ وإلا لاشتهر بالرواية عن أبويه. والله أعلم.

ثمّ أخرج الدارقطني (31)، وأحمد (1/ 372 / رقم 489) من طريق محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن حُمْران بن أبان مولى عثمان بن عفان قال:

ص: 182

رأيت عثمان بن عفان دعا بوَضوء

الحديث نحو حديث الزهري المتقدم عن عطاء بن يزيد الليثي، وفيه:

ثمّ غسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثمّ مسح برأسه وأَمَرَّ بيديه على ظاهر أذنيه، ثمّ مر بهما على لحيته

الحديث.

وهذا إسناد حسن، رجاله رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق؛ وهو حسن الحديث. وقال الحافظ في "الفتح" (1/ 234):

"إسناده حسن".

وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 223) من طريق زيد بن أسلم عن حمران

به نحوه بلفظ:

ومسح برأسه وأذنيه.

وإسناده صحيح على شرطهما، وأصله في "مسلم".

والحديث إنما ساقه المؤلف؛ ليشير به إلى ضعف رواية أبي سلمة السابقة، التي فيها أنه مسح رأسه ثلاثًا؛ وليدل به على صحة ما عقَّبه بقوله:

"أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاح؛ كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا، وقالوا فيها: ومسح رأسه، لم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره"!

وقد أجاب النووي رحمه الله عن قول المصنف هذا من وجهين؛ قال:

"أحدهما: أنه قال: "الأحاديث للصحاح"؛ وهذا حديث حسن -يعني: الذي قبل هذا- غير داخل في قوله.

ص: 183

والثاني: أن عموم إطلاقه مخصوص بما ذكرناه من الأحاديث الحسان وغيرها".

وقد سبق جواب الحافظ أن زيادة الثلاث زيادة من ثقة؛ يعني: فيجب قبولها.

ويؤيد ذلك: أن حديث عثمان هذا قد جاء من طرق كثيرة؛ وفي بعضها ما ليس في الأخرى من المعاني.

ألا ترى فيما سبق أن بعضهم روى المسح على الأذنين، وبعضهم روى كيفية ذلك، فلم يلزم من ترك الآخرين من الرواة وإعراضهم عن ذلك ضعفه؛ ما دام الرواة ثقات؛ فكذلك الأمر فيما نحن فيه. والله أعلم.

97 -

عن أبي علقمة:

أن عثمان دعا بماء فتوضأ؛ فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى؛ ثمّ غسلهما إلى الكوعين، قال: ثمّ مضمض واستنشق ثلاثًا، وذكر الوضوء ثلاثًا، قال: ومسح برأسه، ثمّ غسل رجليه، وقال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل ما رأيتموني توضأت

ثمّ ساق نحو حديث الزهري وأتم.

(قلت: إسناده حسن صحيح وحسنه (*).

إسناده: حدثثا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى: أخبرنا عبيد الله -يعني: ابن أبي زياد- عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي علقمة.

وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبيد الله بن أبي زياد -وهو القَدَّاح أبو الحصين المكي-؛ وهو حسن الحديث إذا لم يخالف، وقد وافق

(*) كذا الأصل، لم يكمل الشيخ رحمه الله العبارة. (الناشر).

ص: 184

في هذا الحديث غيره من الثقات.

وعيسى: هو ابن يونس.

وأبو علقمة هو المصري مولى بني هاشم؛ لا يعرف اسمه.

والحديث؛ أخرجه الدارقطني (31) من طريق محمد بن بكر: نا عبيد الله بن أبي زياد القداح

به بتمامه.

98 -

عن شَقيق بن سلمة قال:

رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا ثمّ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل هذا.

(قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه البخاري، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، والضياء في "المختارة").

إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا يحيى بن آدم: ثنا إسرائيل عن عامر ابن شقيق بن جمرة عن شقيق بن سلمة.

وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عامر بن شقيق بن جمرة، وهو مختلف فيه، كما قال الحافظ في "التلخيص" (1/ 410). وهذه أقوال الأئمة فيه: قال ابن معين:

"ضعيف الحديث". وقال أبو حاتم:

"ليس بقوي وليس من أبي وائل بسبيل". وقال النسائي:

"ليس به بأس".

ص: 185

وذكره ابن حبان في "الثقات".

قلت: ووثقه من صحح حديثه؛ ويأتي ذكرهم؛ فأقل أحوال حديثه أن يكون حسنًا إذا لم يظهر فيه علة قادحة؛ ولم يَرْوِ في هذا الحديث شيئًا مستنكرًا؛ فكان حجة.

والحديث أخرجه الدارقطني (32 و 34)، والبيهقي (1/ 63)، والطحاوي أيضًا (1/ 19)، والحاكم (1/ 149)، والضياء في "المختارة"(325 - 329 بتحقيقي) عن إسرائيل

به أتم منه.

والظاهر أن المصنف اختصره؛ فإنه عند الدارقطني في بعض الروايات من طريق هارون بن عبد الله -شيخ المصنف فيه- بلفظ:

رأيت عثمان بن عفان توضأ؛ فمضمض واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وخلل لحيته ثلاثًا، وغسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثمّ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا. وزاد البيهقي بلفظ:

ومسح برأسه ثلاثًا، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما.

وهو رواية الحاكم، ورواية للدارقطني.

وعند الطحاوي هذا القدر منه فقط.

وسيأتي له شاهد برقم (114).

والحديث رواه ابن خزيمة أيضًا؛ كما في "التلخيص"(1/ 411).

وروى منه الترمذي (1/ 46)، والدارمي (1/ 178 - 179)، وابن ماجة (1/ 165): تخليل اللحية فقط.

ص: 186

وكذلك رواه ابن حبان في "صحيحه"(رقم 154 - موارد الظمآن). ثمّ قال الترمذي:

"هذا حديث حسن صحيح". وقال في "العلل الكبير":

"قال محمد -يعني: البخاري-: أصح شيء في التخليل عندي حديث عثمان. قلت: إنهم يتكلمون في هذا؟ فقال: هو حسن". نقله الحافظ في "التهذيب". ثم قال:

"وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم". ونص الحاكم:

"وهذا إسناد صحيح، قد احتجا بجميع رواته؛ غير عامر بن شقيق؛ ولا أعلم فيه طعنًا بوجه من الوجوه"! وتعقبه الذهبي بقوله:

"ضعفه ابن معين"!

قلت: لكن وثقه من سبق ذكرهم! ومن ضعفه لم يبين سببه، وكفى بالبخاري حجة في توثيقه وتحسين حديثه.

وقد جاءت أحاديث كثيرة في تخليل اللحية شاهدة له؛ كما سيأتي (برقم 133).

كما أن له طريقًا أخرى عن عثمان؛ فيه مسح الرأس ثلاثًا؛ وقد مضى (برقم 95).

وله طريق ثالثة أخرجها أحمد (رقم 436): "حدثنا صفوان بن عيسى عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم قال: دخلت على ابن دارة مولى عثمان، قال: فسمعني أُمَضمِض قال: فقال: يا محمد! قال: قلت: لبيك، قال: ألا أخبرك عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: رأيت عثمان وهو بالقاعد دعا بوَضوء فمضمض

ص: 187

الحديث وفيه:

ومسح برأسه ثلاثًا. ثمّ قال: من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك أخرجه الدارقطني (34)، والطحاوي (1/ 21)، والبيهقي (1/ 62 - 63).

وهذا إسناد حسن: صفوان بن عيسى ثقة من رجال مسلم.

ومحمد بن عبد الله بن أبي مريم ثقة؛ وقد مضى له في الكتاب حديث معلق (رقم 47).

وابن دارة؛ سماه البخاري زيدًا، وكذلك وقع عند الطحاوي مسمى، وروى عنه جمع من الثقات؛ ووثقه ابن حبان، ونقل الحافظ في "التعجيل" (رقم 1450): أن الدارقطني قال عقب الحديث:

"إسناده صالح".

وليس هذا في نسختنا من "سننه"، فلعله في بعض النسخ!

99 -

قال أبو داود: "رواه وكيع عن إسرائيل قال: توضأ ثلاثًا فقط".

(قلت: إسناده حسن أيضًا، وهو مختصر الذي قبله).

وصله الإمام أحمد (1/ 57 / برقم 413) قال: حدثنا وكيع عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا.

وهذا إسناد حسن أيضًا؛ وقد اختصره وكيع.

ص: 188

100 -

عن أبي عوانة عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال: أتانا علي رضي الله تعالى عنه وقد صلّى فدعا بطَهور، فقلنا: ما يصنع بالطَّهور وقد صلّى؟ ! ما يريد إلا لِيُعَلِّمنا! فأتي بإناء فيه ماء، وَطَسْتٍ، فأفرغ من الإناء على يمينه، فغسل يده ثلاثًا، ثمّ تمضمض واستنثر ثلاثًا، فمضمض ونثر من الكف الذي يأخذ فيه، ثمّ غسل وجهه ثلاثًا، ثمّ غسل يده اليمنى ثلاثًا، وغسل يده الشمال ثلاثًا، ثمّ جعل يده في الإناء؛ فمسح برأسه مرة واحدة، ثمّ غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ورجله الشمال ثلاثًا، ثمّ قال:

من سرّه أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو هذا.

(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي).

إسناده: حدثنا مسدد. ثنا أبو عوانة.

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير خالد بن علقمة وعبد خير؛ وهما ثقتان اتفاقًا. وقال النووي (1/ 347 و 352):

"إسناده صحيح".

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 50) من طريق المؤلف.

ثم أخرجه (1/ 68) من طريق أخرى عن مسدد.

وأخرجه النسائي (1/ 27)، وأحمد (1/ 154 / رقم 1324)، وابنه في "زوائد المسند"(1/ 141 / رقم 1198) من طرق أخرى عن أبي عوانة

به.

وله في "ابن ماجة"(404)، وفي "المسند" طرق أخرى عن خالد بن علقمة،

ص: 189

بعضها مختصر، فانظر (رقم 928 و 943 و 945 و 998 و 1025 و 1027 و 1197). وفي بعضها التصريح أيضًا بأنه مسح رأسه مرة واحدة.

وخالف أبو حنيفة فقال: عن خالد:

ومسح برأسه ثلاثًا.

أخرجه الدارقطني (33)، والبيهقي (1/ 63)، وضعفاه بسبب مخالفته لرواية الجماعة عن خالد. قال البيهقي:

"وكذلك رواه الجماعة عن علي؛ إلا ما شذ منها".

وكأنه يشير إلى ما وقع في بعض الروايات في حديث أبي إسحاق عن أبي حية؛ كما سيأتي ذكره عند الكلام عليه (رقم 105)، وانظر (108).

101 -

عن زائدة: ثنا خالد بن علقمة الهَمْدَاني عن عبد خير قال:

صلّى عليٌّ رضي الله تعالى عنه الغداه، ثمّ دخل الرَّحْبة. فدعا بماء، فأتاه الغلام بإناءٍ فيه ماءٌ وطَستٍ، قال: فأخذ الإناء بيده اليمنى، فأفرغ على يده اليسرى وغسل كفيه ثلاثًا، ثمّ أدخل يده اليمنى في الإناء، فمصمص ثلاثًا واستنشق ثلاثًا

ثمّ ساق قريبًا من حديث أبي عَوانة، ثمّ مسح رأسه مُقَدَّمهُ ومُؤخَّره مرة

ثمّ ساق الحديث نحوه.

(قلت: إسناده صحيح، وصححه الدارقطني، وابن حبان (1076)).

إسناده: حدثنا الحسن بن علي الحلواني: ثنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة.

وهذا سند صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير خالد وعبد خير؛ وهما ثقتان

ص: 190

كما سبق.

والحديث أخرجه الدارقطني (33 و 35)، والبيهقي (1/ 48) من طريق شعيب ابن أيوب: ثنا حسين بن علي الجعفي

به.

وأخرجه النسائي (1/ 27) مختصرًا: أخبرنا موسى بن عبد الرحمن قال: حدثنا حسين بن علي

به.

وأخرجه الدارمي (1/ 178)، والطحاوي (1/ 17 و 21)، والدارقطني أيضًا، والبيهقي (1/ 47 و 59)، وأحمد (1/ 135 / رقم 1133) من طرق أخرى عن زائدة

به. وهو عند أحمد أتم وأكمل من جميع الروايات. وقال الدارقطني إنه:

"صحيح".

ثمّ أخرجه البيهقي (1/ 58) من طريق الحسن بن علي بن عفان: ثنا الحسين الجعفي.

وابن عفان غير الحلواني.

قلت: وقد تابع زائدة: أبو عوانة كما سبق، وقد أحال المصنف عليه في بعضه.

وتابعه أيضًا حسن بن عقبة المرادي -عند الدارمي-؛ ولم أجد له ترجمة.

وتابعه آخرون كما سبقت الإشارة إليه في الذي قبله.

وتابعه شعبة، لكنه أخطأ في اسم خالد بن علقمة؛ فسماه: مالك بن عُرْفُطَةَ! وهو:

ص: 191

102 -

عن شعبة قال: سمعت مالك بن عُرْفُطَةَ [قلت: وهو خالد بن علقمة؛ أخطأ فيه شعبة]: سمعت عبد خير قال:

رأيت عليًّا رضي الله تعالى عنه أتي بكرسي فقعد عليه، ثمّ أتي بكُوزٍ من ماء، فغسل يديه ثلاثًا، ثمّ تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد

وذكر الحديث.

(قلت: إسناده صحيح أيضًا).

إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: حدثني شعبة.

وهذا إسناد صحيح كسابقه؛ لكن وهم فيه شعبة فقال: مالك بن عرفطة! وإنما هو خالد بن علقمة، كما في رواية زائدة وأبي عوانة المتقدمتين، وكما في رواية كل من رواه عنه غيرهما ممن سبقت الإشارة إليه؛ وقد اتفق الحفاظ -كأحمد والبخاري والترمذي وابن حبان وأبي حاتم وغيرهم- على توهيمه في ذلك؛ وحاول بعض الأفاضل المعاصرين تخطئتهم؛ ولكنه لم يأت بحجة قوية في ذلك فيُعْتَمدَ عليها!

وفي "عون المعبود" ما نصه:

"واعلم أنه ذكر الحافط المزي في "الأطراف" ها هنا [أي: في آخر الحديث] عبارات من قول أبي داود، ليست موجودة في النسخ الحاضرة عندي؛ لكن رأينا إثباتها لتكميل الفائدة، وهي هذه:

قال أبو داود: "ومالك بن عرفطة؛ إنما هو خالد بن علقمة، أخطأ فيه شعبة".

قال أبو داود: "قال أبو عوانة يومًا: حدثنا مالك بن عرفطة عن عبد خير، فقال له عمرو الأغضف: رحمك الله أبا عوانة! هذا خالد بن علقمة؛ ولكن شعبة مخطيء فيه، فقال أبو عوانة: هو في كتابي: خالد بن علقمة؛ ولكن قال شعبة:

ص: 192

هو مالك بن عرفطة".

قال أبو داود: "حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا أبو عوانة عن مالك بن عرفطة".

قال أبو داود: "وسماعه قديم".

قال أبو داود: "حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو عوانة عن خالد بن علقمة؛ وسماعه متأخر، كأنه بعد ذلك رجع إلى الصواب. انتهى".

قال المزي في آخر الكلام: "من قول أبي داود: (مالك بن عرفطة) إلى قول: (رجع إلى الصواب): في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم. انتهى".

قلت: ورواية أبي الحسن بن العبد هذه؛ ذكرها الحافظ أيضًا في ترجمة خالد ابن علقمة من "التهذيب".

والحديث أخرجه النسائي (1/ 27)، والطيالسي (رقم 149)، وعنه البيهقي (1/ 50 - 51)، وأحمد (2 / رقم 989 و 1178) من طرق عن شعبة

به.

وللحديث طرق أخرى عن عبد خير، انظرها في "المسند"(رقم 737 و 876 و 910 و 918 و 1263)، وفي "زيادات ابنه عبد الله" عليه (رقم 1007 و 1008 و 1013 و 1014 - 1016 و 1047)، وسيأتي بعضها في الكتاب (رقم 153).

103 -

عن زِرِّ بن حُبَيْشٍ: أنه سمع عليًّا رضي الله تعالى عنه وسئل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر الحديث، وقال:

ومسح على رأسه؛ حتى لَمَّا يَقْطُرْ، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثمّ قال:

ص: 193

هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(قلت: إسناده صحيح، وقواه ابن القيم، ورواه الضياء في "المختارة").

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو نُعيم: ثنا ربيعة الكِنَاني عن المنهال بن عمرو عن زِرِّ بن حُبيش.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير ربيعة الكناني -وهو ابن عتبة؛ ويقال: ابن عبيد-، وهو ثقة اتفاقًا.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 74) من طريقين آخرين عن أبي نعيم الفضل ابن دُكَين

به.

وأخرجه أحمد (2 / رقم 873) من طريق غيره فقال: حدثنا مروان بن معاوية الفَزَارِي: حدثنا ربيعة بن عتبة الكناني

به مختصرًا. وقال ابن القيم في "التهذيب":

"ولا أعلم لهذا الحديث علة".

104 -

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:

رأيت عليًّا رضي الله تعالى عنه توضأ؛ فغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه واحدة، ثمّ قال:

هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ).

إسناده: حدثنا زياد بن أيوب الطُّوسِيُّ: ثنا عبيد الله بن موسى: ثنا فِطْر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ص: 194

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير أن فطرًا -وهو ابن خليفة- هو عنده مقرون بآخر.

وأبو فروة هذا: هو مسلم بن سالم النَّهْدِي الكوفي.

والحديث صحح إسناده الحافظ في "التلخيص"(1/ 402).

105 -

عن أبي حَيَّة قال:

رأيت عليًّا رضي الله تعالى عنه توضأ

فذكر وضوءه كله ثلاثًا ثلاثًا. قال: ثمّ مسح رأسه، ثمّ غسل رجليه إلى الكعبين، ثمّ قال:

إنما أحببت أن أريَكم طُهور رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: "حسن صحيح").

إسناده: حدثنا مسدد وأبو توبة قالا: ثنا أبو الأحوص. (ح): وثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي حية.

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حية هذا -وهو ابن قيس الوادعي-؛ قال الذهبي:

"لا يعرف، تفرد عنه أبو إسحاق. قال أحمد: شيخ. وقال ابن المديني. وأبو الوليد الفرضي: مجهول". وقال ابن القطان: وثقه بعضهم. وصحح حديثه ابن السكن وغيره. وقال ابن الجارود في "الكنى": وثقه ابن نمير". وفي "التقريب": أنه "مقبول"؛ أي: إذا توبع. وقد تابعه جمع من الثقات، كما سبق؛ فحديثه صحيح.

ص: 195

وأبو الأحوص: هو سَلَّام بن سُليم.

وأبو إسحاق: هو السُّبيعي.

والحديث أخرجه النسائي (1/ 28)، والترمذي (1/ 67 - 68)، والببهقي (1/ 75) من طرق عن أبي الأحوص

به.

وكذلك أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"(رقم 1046 و 1351).

ورواه النسائي (1/ 31 و 33) من طرق أخرى عن أبي إسحاق.

ورواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق

به مختصرًا: أخرجه أحمد (رقم 971 و 1204 و 1272)، وابنه (رقم 1344).

ورواه ابن ماجة (1/ 167) أخصر منه من طريق هَنَّادِ بن السِّرِيِّ: ثنا أبو الأحوص

به بلفظ: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مسح رأسه مرة.

وله طريق ثالثة عن أبي إسحاق فيه زيادة منكرة:

أخرجه عبد الله في "زوائده"(رقم 1359) من طريق العلاء بن هلال الرّقِّيِّ: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق

به وفيه: ومسح برأسه ثلاثًا.

وعلته: العلاء بن هلال الرقي؛ وهو ضعيف جدًّا.

واعلم أن المصنف رحمه الله قد جمع أكثر طرق الحديظ عن علي رضي الله عنه.

وله طرق أخرى عنه:

ص: 196

منها: عن النزَّال بن سَبْرة

وفيه الشرب بعد الوضوء قائمًا: عند البخاري (10/ 67)، والبيهقي (1/ 75)، والطيالسي (رقم 148)، وأحمد (2 / رقم 583 و 1005 و 1173 و 1222 و 1315 و 1366)، وسيأتي عند المصنف مختصرًا في "الأشربة" (رقم

) [باب في الشرب قائمًا].

ومنها: الحسين بن علي رضي الله عنه: عند النسائي (1/ 27 - 28) بسند صحيح.

ومنها عن أبي مطر: عند أحمد (رقم 1355):

ثلاثتهم عن علي رضي الله عنه، وفي حديث الأخيرين عنه:

ثم مسح برأسه مسحة واحدة.

وحديث الحسن يأتي في الكتاب معلقًا (رقم 107).

106 -

عن ابن عباس قال:

دخل عليَّ عليٌّ -يعني: ابن أبي طالب- وقد أهراق الماء، فدعا بوَضوء، فأتيناه بتَور فيه ماء، حتى وضعناه بين يديه، فقال:

يا ابن عباس! ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى.

قال: فأصغى الإناء على يده فغسلها، ثمّ أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثمّ غسل كفَّيه، ثمّ تمضمض واستنثر، ثمّ أدخل يديه في الإناء جميعًا؛ فأخذ بهما حَفْنة من ماء، فضرب بها على وجهه، ثمّ ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، ثمّ الثانية، ثمّ الثالثة مثل ذلك، ثمّ أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء؛ فصبها على ناصيته، فتركها تُسْتَنُّ على وجهه، ثمّ

ص: 197

غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثًا ثلاثًا، ثمّ مسح رأسه وظهور أذنيه، ثمّ أدخل يديه جميعًا، فأخذ حَفْنَة من ماء، فضرب بها على رجله وفيها النعل فَفَتَلها بها، ثمّ الأخرى مثلَ ذلك.

قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين.

قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين.

قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين.

(قلت: إسناده حسن. ورواه مختصرًا ابن حبان في "صحيحه" (1075)).

إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَرَّاني: ثنا محمد -يعني: ابن سلمة- عن محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكَانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس.

وهذا إسناد حسن، وابن إسحاق قد سمعه من ابن طلحة، كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 53) عن المؤلف.

ثم أخرجه هو (1/ 74)، والطحاوي (19 و 20 - 21)، وأحمد (2 / رقم 625) من طرق عن ابن إسحاق

به، وصرح ابن إسحاق بسماعه في رواية أحمد، وابن حبان (1075). ثمّ قال البيهقي:

"وقال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: لا أدري ما هذا الحديث؟ ! ". وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 402):

"رواه أبو داود مطولًا والبزار وقال: لا نعلم أحدًا روى هذا هكذا إلا من حديث عبيد الله الخولاني، ولا نعلم أن أحدًا رواه عنه إلا محمد بن طلحة بن يزيد بن

ص: 198

ركانة. وقد صرّح ابن إسحاق بالسماع فيه، وأخرجه ابن حبان من طريقه مختصرًا. وضعّفه البخاري فيما حكاه الترمذي".

قلت: وليس في هذه الحكاية ما يبين أن تضعيف البخاري للحديث إنما هو من قبل إسناده؛ كيف وابن إسحاق حسن الحديث عنده؟ وابن طلحة ثقة اتفاقًا؟ وعبيد الله الخولاني من رجال "صحيحه"؟ ! بل فيها إشارة إلى أن تضعيفه إنما هو من قبل متنه؛ وهو قوله:

فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل!

فإنه يشعر أنه مسح عليها ولم يغسلها، وليس ذلك بمراد؛ لقوله بعد ذللك: ففتلها بها؛ يعني: لِيَسيلَ الماء فيعم القدم.

وبالجملة؛ فليس في الحديث -في متنه أو سنده- ما يقتضي تضعيفه، لا سيما وقد ثبت الرش على الرِّجل في "صحيح البخاري" من حديث ابن عباس، وسيأتي في الكتاب بعد باب (رقم 126). وثبت التوضؤ في النعلين.

أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وسيأتي في الكتاب في "باب وقت الإحرام" من "الحج"(رقم 1554).

فمثل ما أولوا وفسروا هذين الحديثين يفسر حديث ابن عباس عن علي، وبيان ذلك في المطولات كـ "الفتح" وغيره، كـ "تهذيب السنن" لابن القيم؛ وقد أطال النَّفَسَ فيه وأجاد بما لا يوجد مجموعًا في كتاب؛ فراجعه.

107 -

قال أبو داود: "وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي؛ لأنه قال فيه حجاج بن محمد عن ابن جريج: ومسح برأسه مرة واحدة".

ص: 199

(قلت: وصله النسائي بإسناد صحيح).

وصله النسائي (1/ 27) قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسن المِقْسَمِيُّ قال: أنبأنا حجاج قال: قال ابن جريج: حدثني شيبة أن محمد بن علي أخبره قال: أخبرني أبي علي أن الحسين بن علي قال:

دعاني أبي علي بوَضوء، فقرَّبته، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وَضوئه، ثمّ مضمض ثلاثًا واستنثر ثلاثًا، ثمّ غسل وجهه ثلاث مرات، ثمّ غسل يده اليمنى إلى الرفق ثلاثًا، ثمّ اليسرى كذلك، ثمّ مسح برأسه مسحة واحدة، ثمّ غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثًا، ثمّ اليسرى كذلك، ثمّ قام قائمًا فقال: ناولني، فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه، فشرب من فضل وضوئه قائمًا، فعجبت! فلما رآني قال: لا تعجب؛ فإني رأيت أباك النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصنع مِثلَما رأيتني صنعت؛ يقول؛ لوضوئه هذا وشُرْبِ فضلِ وَضوئه قائمًا.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وشيبة هذا: هو ابن نَصَّاح؛ فإن أبا قره موسى بن طارق روى هذا الحديث عن ابن جريج فقال: حدثني شيبة بن نصاح -كما في "التهذيب"-؛ وهو ثقة.

108 -

وقال ابن وهب فيه: عن ابن جريج: ومسح برأسه ثلاثًا.

(قلت: وصله البيهقي بإسناد صحيح؛ وذكر أنه شاذ بهذا اللفظ، وأن الصواب قول حجاج الذي قبله).

وصله البيهقي (1/ 63) من طريق إبراهيم بن المنذر: ثنا ابن وهب عن ابن جريج

بإسناده السابق بلفظ: ثلاثًا. ثم قال:

"هكذا قال ابن وهب:

ص: 200

ومسح برأسه ثلاثًا". وقال فيه حجاج عن ابن جريج:

ومسح برأسه مرة.

قلت: وقد ذكر البيهقي أنه أحسن ما روي عن علي في المسح على الرأس ثلاثًا، لكنه شاذ؛ لمخالفتها لرواية حجاج عن ابن جريج، ولرواية الجماعة عن علي؛ وقد سبق ذكرهم، فكلهم لم يذكروا: ثلاثًا، وبعضهم صرح بأنه مسح مرة واحدة كما سبق.

لكن ثبت المسح عليه ثلاثًا من حديث عثمان رضي الله عنه؛ كما تقدّم برقم (98).

109 -

عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه (1): أنه قال لعبد الله ابن زيد بن عاصم -وهو جدّ عمرو بن يحيى المازني-:

هل تستطيع أن تُرَيني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟

فقال عبد الله بن زيد: نعم؛ فدعا بوَضوء، فأفرغ على يديه فغسل يديه، ثمّ تمضمض واستنثر ثلاثًا، ثمّ غسل وجهه ثلاثًا، ثمّ غسل يديه

(1) هو يحيى بن عمارة بن أبي حسن -واسمه تميم- ابن عبد بن عمرو. ولجده أبي حسن صحبة. ثمّ الظاهر أنه هو القائل لعبد الله بن زيد، وأن عبد الله جد يحيي هذا.

وكلاهما غير مراد:

أما الأول؛ فلما في رواية البخاري عنه: أن رجلًا قال لعبد الله بن زيد. وفي رواية أخرى له من طريق وهيب عن عمرو عن أبيه: شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وأما الآخر؛ فلأن عبد الله بن زيد ليس جد يحيى؛ لا حقيقة ولا مجازًا، كما في "الفتح"، وتمام للبحث يراجع فيه.

ص: 201

مرتين مرتين إلى المرفقين، ثمّ مسح رأسه بيديه؛ فأقبل بهما وأدبر؛ بدأ بمقدَّم رأسه ثمّ ذهب بهما إلى قفاه، ثمّ ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثمّ غسل رجليه.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأبو عوانة في "صحاحهم". وقال الترمذي: إنه أصح شيء في الباب وأحسن؛ يعني: باب المسح على الرأس).

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك.

وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه.

والحديث في "موطأ مالك"(1/ 39 - 40)، وعنه أخرجه الشيخان، وأبو عوانة والنسائي والترمذي وابن ماجة، وابن خزيمة (157)، والبيهقي، وأحمد (4/ 38)، ومحمد (47) كلهم عن مالك

به، وقال الترمذي: إنه "أصح شيء في الباب وأحسن".

وله عن عمرو بن يحيى طرق أخرى، سيأتي في الكتاب بعضها.

(تنبيه): روى سفيان بن عيينة هذا الحديث مختصرًا عن عمرو بن يحيى

به وقال:

وغسل رجليه مرتين.

أخرجه الترمذي (1/ 66 - تحقيق أحمد شاكر). وقال المحقق: "قال الشارح: أخرجه البخاري ومسلم مطولًا"!

فأقول: أولًا: روايتهما كرواية المؤلف؛ ليس فيها: مرتين.

ص: 202

ثانيًا: هذه الزيادة شاذة؛ لمخالفة ابن عيينة لرواية مالك ومن وافقه من أصحاب عمرو بن يحيى المازني؛ وهم: وهيب بن خالد بن عجلان، وسليمان بن بلال، وخالد بن عبد الله -عند الشيخين-، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون -عند أحمد (4/ 40) -؛ فكلهم لم يذكر في الرِّجلين: مرتين.

وأيضًا؛ فابن عيينة كان يضطرب فيها:

فمرة يذكرها، كما في رواية الترمذي هذه، وهي عند ابن خزيمة أيضًا (172)، وابن الجارود (70).

وتارة لا يذكرها، وهي رواية الحميدي في "مسنده"(417).

وتارة كان يذكرها في المسح فيقول: ومسح برأسه مرتين: رواه أحمد (4/ 40)؛ وقال: سمعته من سفيان ثلاث مرات يقول: غسل رجليه مرتين. وقال مرة: مسح برأسه مرة. وقال مرتين: مسح برأسه مرتين.

وهذا اضطراب شديد من سفيان؛ يدل على أنه لم يحفظ هذا الحرف من الحديث، ولم يضبطه.

(تنبيه آخر): زعم الحافظ في "الفتح"(1/ 291): أنّ مالكًا خالف الحفاظ في قوله في اليدين: مرتين؛ وهم وهيب ومن ذكر معه آنفًا فقالوا: ثلاثًا!

وهو وهم منه رحمه الله؛ فإنهم جميعًا قالوا: مرتين؛ كما قال مالك.

نعم؛ رواه مسلم بهذا اللفظ: ثلاثًا؛ من طريق أخرى عن عبد الله بن زيد، وهي عند أحمد (4/ 41).

فلعلها سبب الوهم، وإسناده الأول أصح. والله أعلم.

ص: 203

110 -

عن خالد عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم

بهذا الحديث قال:

فمضمض واستنشق من كفٍّ واحدة؛ يفعل ذلك ثلاثًا

ثمّ ذكر نحوه.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه" عن شيخ المؤلف ومسلم وأبو عوانة).

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد.

وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في "صحيحه"(1/ 237 - 238) بهذا الإسناد.

وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان.

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 242) عن المؤلف.

وأخرجه البيهقي (1/ 50) من طريق أخرى عن مسدد.

ثم أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة والدارمي (1/ 177)، وأحمد (4/ 39 و 42) من طرق أخرى عن خالد

به.

وتابعه وهيب عن عمرو بن يحيى: عند الشيخين وأبي عوانة والبيهقي.

وله متابعات أخرى بنحوه عند مسلم والدارمي وأحمد وغيرهم.

وأخرجه الحاكم أيضًا (1/ 182) عن خالد؛ وقال:

"صحيح على شرطهما". ووافقه الذهبي.

ص: 204

111 -

عن حَبَّان بن واسع: أن أباه حدثه: أنه سمع عبد الله بن زيد ابن عاصم المازني يذكر:

أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر وضوءه؛ وقال:

ومسح رأسه بماءٍ غير فَضْلِ يديه، وغسل رجليه حتى أنقاهما.

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" عن شيخ المصنف، ورواه أبو عوانة في "صحيحه"، وقال البيهقي: إسناده صحيح).

إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن حبان بن واسع حدثه.

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه في "صحيحه"(1/ 146) بهذا السند.

وابن السرح: كنيته أبو الطاهر.

وأخرجه البيهقي (1/ 65) من طريق المؤلف، وقال:

"إسناد صحيح". وكذا قال النووي (1/ 414).

والحديث أخرجه مسلم أيضًا، وأبو عوانة (1/ 249) وأحمد (4/ 41) من طرق عن ابن وهب

به.

وتابعه عن عمرو: حجاج بن إبراهيم الأزرق عند أبي عوانة، وإسناده صحيح، وتابعه عن حبان بن واسع: ابن لهيعة: عند أحمد (4/ 39 و 40 و 41 و 42).

وإسناده صحيح؛ فإن من الرواة عنه عبد الله بن المبارك، وهو صحيح الحديث عن ابن لهيعة.

ص: 205

وخالف الهيثم بن خارجة؛ فرواه عن ابن وهب بلفظ:

فأخذ لأذنيه ماءً خلاف الماء الذي أخذ لرأسه: أخرجه البيهقي، وقال:

"إسناده صحيح. وكذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص وحرملة ابن يحيى عن ابن وهب

"؛ ثمّ ساق لفظ الكتاب من طريق المؤلف، ثمّ قال: "وهذا أصح". وقال الحافظ:

"وهو المحفوظ"؛ أي: وخلافه شاذ؛ وهو الصواب.

112 -

عن المقدام بن مَعْدِيكَرِبَ الكِنْدِي قال:

أُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضوء؛ فتوضأ فغسل كفيه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثمّ غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثمّ تمضمض واستنشق ثلاثًا، ثمّ مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما.

(قلت: إسناد صحيح، وقال النووي والعسقلاني: حسن، والشوكاني: صالح، وأخرجه الضياء في "المختارة").

إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا أبو المغيرة قال: ثنا حَرِيز قال: حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي قال: سمعت المقدام بن معديكرب الكندي.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الرحمن بن ميسرة؛ وهو ثقة. قال المصنف:

"شيوخ حريز كلهم ثقات". وقال العجلي:

"شامي تابعي ثقة".

ص: 206

والحديث في "المسند"(4/ 132) بهذا السند واللفظ؛ وزاد في آخره: وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا.

والحديث قال النووي (1/ 411) والحافظ (1/ 427):

"وإسناده حسن". وقال الشوكاني (1/ 125):

"إسناده صالح، وقد أخرجه الضياء في "المختارة"

".

(تنبيه): يلاحظ أن المضمضة في هذا الحديث وقعت بعد غسل الذراعين.

نعم؛ وقعت في النسخة التازية -المطبوعة في مصر- بعد غسل الكفين؛ كما في سائر الأحاديث، لكن الصواب في هذا الحديث: الأول؛ لأمرين:

الأول: أنه كذلك وقع في النسخة التي عليها شرح "عون المعبود".

الثاني: أن الحديث في "المسند" كما سبق، وقد جاءت فيه المضمضة بعد الذراعين؛ وعلى هذا قال السيوطي -كما في "العون"-:

"احتج به من قال: الترتيب في الوضوء غير واجب؛ لأنه أخر المضمضة والاستنشاق عن غسل الذراعين وعطف عليه بـ (ثمّ). قلت: هذه رواية شاذة، لا تعارض الرواية المحفوظة التي فيها تقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه"!

قلت: إن كان يعني بالرواية المحفوظة من هذا الحديث كما هو الظاهر؛ فإني لم أقف عليها فيما عندي من كتب السنة؛ غير ما علمت من اختلاف نسخ "السنن"؛ فلعل السيوطي وقف على النسختين؛ فرجّح النسخة الأولى؛ لموافقتها لسائر الأحاديث.

وقد رأيت الزيلعي نقل الحديث (1/ 12) عن المصنف موافقًا لها، فدل ذلك على أن النسخ مختلفة، لكن الراجح النسخة الأخرى؛ لما ذكرنا من موافقتها

ص: 207

لـ "المسند". والله أعلم.

113 -

وفي رواية قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فلما بلغ مسح رأسه؛ وضع كفيه على مقدم رأسه؛ فأمَرَّهما حتى بلغ القفا، ثمّ ردَّهما إلى المكان الذي منه بدأ.

(قلت: إسناده صحيح).

إسناده: حدثنا محمود بن خالد ويعقوب بن كعب الأنطاكي -لَفْظُهُ- قالا: ثنا الوليد بن مسلم عن حَرِيز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة

به. قال محمود: أخبرني حريز.

وهذا سند صحيح كسابقه؛ قد صرح الوليد بالتحديث في رواية محمود هذه، وفي رواية غيره كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 59) من طريق المؤلف.

وأخرجه الطحاوي (1/ 19) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا حريز بن عثمان

به وزاد في آخره:

ومسح بأذنيه: طاهرهما وباطنهما مرة واحدة.

وهذا إسناد صحيح، ومحمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي: هو أبو بكر الإسكندراني، له ترجمة في "تاريخ بغداد"(5/ 426)، وقال:

"قال ابن أبي حاتم: هو صدوق ثقة".

وأما اللفظ الآخر وهو:

ص: 208

114 -

وفي لفظ قال:

ومسح بأذنيه: ظاهرهما وباطنهما (زاد في رواية)، وأدخل أصابعه في صِمَاخِ أذنيه.

(قلت: إسناده صحيح).

فإسناده هكذا: حدثنا محمود بن خالد وهشام بن خالد -المعنى- قالا: ثنا الوليد

بهذا الإسناد قال: زاد هشام:

وأدخل أصابعه

إلخ.

وهشام ثقة؛ وكذلك محمود.

وتابعهما هشام بن عمار قال: ثنا الوليد: ثنا حريز بن عثمان

به.

أخرجه ابن ماجة (1/ 168).

وأخرجه البيهقي (1/ 65) من طريق المؤلف.

115 -

عن أبي الأزهر المغيرة بن فروة وبزيد بن أبي مالك:

أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فلما بلغ رأسه؛ غرف غرفة من ماء؛ فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه؛ حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثمّ مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه.

(قلت: إسناده صحيح).

إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل الحَرَّاني: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا عبد الله

ص: 209

ابن العلاء: ثنا أبو الأزهر المغيرة بن فروة ويزيد بن أبي مالك.

وهذا إسناد صحيح: مؤمل بن الفضل؛ قال الآجُرِّي عن المصنف:

"أمرني النفيلي أن أكتب عنه".

وبقية رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير المغيرة بن فروة؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات، وحديثه هنا مقرون بـ (يزيد بن أبي مالك) -نسب إلى جده؛ واسمه هاني، واسم أبي يزيد عبد الرحمن-، وهو ثقة.

(تنبيه): أشار الحافظ في ترجمة المغيرة بن فروة أنه من أفراد المصنف، ثمّ قال:

"له في "السنن" حديثه عن معاوية في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، ولم يسم ثَمَّ"!

وهذا من أوهامه؛ فإنه مسمى كما ترى.

وكذلك رواه البيهقي (1/ 59) من طريق المؤلف.

وله حديث آخر في "الصيام"؛ سيأتي إن شاء الله في "باب التقدّم" في الكتاب الآخر (رقم 397).

والحديث أخرجه أحمد (4/ 94): ثنا علي بن بحر: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا عبد الله بن العلاء عن أبي الأزهر وحده

نحوه.

وكذلك أخرجه الطحاوي (1/ 18).

116 -

وفي رواية: قال:

فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وغسل رجليه بغير عدد.

(قلت: إسنادها صحيح).

ص: 210

إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد

بهذا الإسناد. قال:

"وهذا صحيح أيضًا".

وقد تابعه علي بن بحر عن الوليد: ثنا عبد الله بن العلاء أنه سمع يزيد -يعني: ابن أبي مالك- وأبا الأزهر يحدثان عن وضوء معاوية قال: يريهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتوضأ

إلخ.

أخرجه أحمد أيضًا.

117 -

عن الرُبَيِّع بنت مُعَوِّذ ابن عفراء قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا، فحدثتنا أنه قال:

"اسكبي لي وَضوءًا"؛ فذكرت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالت فيه: فغسل كفيه ثلاثًا؛ ووضَّأ وجهه ثلاثًا، ومضمض واستنشق مرة، ووضَّأ يديه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه مرتيها: يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما، ووضَّأ رجليه ثلاثًا ثلاثًا.

(قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: حديث حسن، وقواه الحاكم والذهبي).

إسناده: حدثنا مُسَدَّد: ثنا بشر بن المُفَضَّل: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء.

وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الله بن محمد ابن عقيل، وقد تُكلم فيه من قِبل حفظه، وهو حسن الحديث كما ذكرنا فيما سلف (رقم 55).

ص: 211

والحديث روى الحاكم (1/ 152) منه، والبيهقي (1/ 64) -عنه-: مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما

أخرجاه عن شيخ المصنف.

وأخرجه الترمذي (1/ 48) من طريق قتيبة بن سعيد: حدثنا بشر بن المفضل

به مختصرًا بلفظ:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسح برأسه مرتين

الحديث إلى قوله: وبطونهما.

وأخرجه البيهقي (1/ 64) بتمامه من طريق محمد بن يحيى الزماني: ثنا بشر بن المفضل

به؛ إلا أنه قال:

يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، كرره مرتين.

فأفسد حديث مسدد ومن تابعه؛ لأن حديثهم يوافق حديث عبد الله بن زيد المتقدم (برقم 110) في الإقبال والإدبار مرة مرة.

وأما الزِّمَّاني؛ فجعل كلًّا منهما مرتين! ولذلك قال البيهقي عقبه:

"ورواه غيره عن بشر

لم يذكر قوله: ثم مؤخر رأسه ثم مقدمه".

قلت: والزِّماني ثقة، فالزيادة التي تفرد بها شاذة.

ثمّ قال الترمذي:

"حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسنادًا".

وهو كما قال، لكن لا تعارض بينهما؛ لأنهما في حادثتين مختلفتين، فيجوز البدء بمؤخر الرأس على هذا الحديث، ويجوز البدء بمقدمه على حديث ابن زيد السابق؛ وكل سنة. وقال الحاكم:

"ابن عقيل مستقيم الحديث مقدم في الشرف"! ووافقه الذهبي!

ص: 212

قلت: ولكنه قد جاء بزيادة منكرة في آخر الحديث:

أخرجه ابن ماجة (458) والبيهقي (1/ 72) من طريقين عنه عن الربيع قالت: أتاني ابن عباس، فسألني عن هذا الحديث؟ [تعني: حديثها الذي ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل رجليه] فقال ابن عباس: إن الناس أبَوا إلا الغَسْل، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح؟ !

وأشار البيهقي إلى عدم صحته بقوله:

"إن صح".

118 -

وفي لفظ مغاير لبعض ما سبق: قال فيه:

وتمضمض واستنثر ثلاثًا.

(قلت: إسناده حسن أيضًا، لكن قوله في المضمضة، والاستنثار: ثلاثًا؛ شاذ).

إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان عن ابن عقيل

بهذا الحديث يغير بعض معاني بشر. قال فيه:

وتمضمض واستنثر ثلاثًا.

وهذا إسناد حسن أيضًا؛ وإسحاق بن إسماعيل: هو أبو يعقوب الطَّالْقَانِي؛ وهو ثقة. وسفيان:

هو ابن عيينة، ثقة حجة من رجال الشيخين.

والحديث أخرجه أحمد (6/ 358): ثنا سفيان بن عيينة قال: حدثني عبد الله ابن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال:

ص: 213

أرسلني علي بن حسين إلى الرُّبيِّع بنت معوذ ابن عفراء، فسألتها عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخِرجت له -يعني- إناءً يكون مُدًّا أو نحو مُدٍّ وربع -قال سفيان: كأنه يذهب إلى الهاشمي- قالت:

كنت أخرج له الماء في هذا؛ فيصب على يديه ثلاثًا -وقال مرة: يغسل يديه قبل أن يدخلهما-، ويغسل وجهه ثلاثًا، ويمضمض ثلاثًا، ويستنشق ثلاثًا، ويغسل يده اليمنى ثلاثًا، واليسرى ثلاثًا، ويمسح برأسه، وقال: مرة أو مرتين؛ مقبلًا ومدبرًا، ثمّ يغسل رجليه ثلاثًا

الحديث.

وأخرجه البيهقي في (1/ 72) من طريق العباس بن يزيد: ثنا سفيان بن عيينة

به. لكنه لم يسق لفظه.

لكن قوله: وتمضمض واستنثر ثلاثًا؛ قد خالف فيه بشر بن المفضل -كما في الرواية السابقة-، وسفيان الثوري -كما سنذكره في الرواية الآتية (رقم 121) -. فهو شاذ؛ والصواب قولهما.

119 -

وعنها:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها، فمسح الرأس كله: من قرن الشعر، كل ناحية لِمُنْصَبِّ الشَّعر، لا يحرِّك الشعر عن هيئته.

(قلت: إسناده حسن).

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد الهَمْداني قالا: ثنا الليث عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الرُّبيع بنت معوذ ابن عفراء.

وهذا إسناد حسن؛ وليث: هو ابن سعد المصري، ثقة حجة.

وابن عجلان: هو محمد؛ وهو حسن الحديث.

ص: 214

وابن عقيل كذلك كما سبق.

والحديث أخرجه أحمد (6/ 359) قال: ثنا يونس قال: ثنا ليث

به.

وكذلك أخرجه البيهقي (1/ 60) عن يحيى بن بكير: ثنا الليث

به.

ولفظهما مثل لفظ الكتاب سواءً؛ غير أنهما قالا: فوق، بدل: قرن. وقد أشار البيهقي إلى هذه الرواية.

120 -

وعنها قالت:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؛ قالت: فمسح رأسه؛ ومسح ما أقبل منه وما أدبر، وصُدْغَيْهِ وأذنيه مرة واحدة.

(قلت: إسناده حسن. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح).

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر -يعني: ابن مضر- عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن ربيع بنت معوذ ابن عفراء أخبرته.

وهذا إسناد حسن كسابقه.

والحديث أخرجه أحمد (6/ 360) والترمذي (1/ 49) قالا: حدثنا قتيبة بن سعيد

به. وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

وأخرجه الطحاوي (1/ 19) من طريق أبي الأسود قال: حدثني بكر بن مضر

به، ولم يسق لفظه.

وأبو الأسود: هو المرادي المصري، مشهور بكنيته، واسمه النضر بن عبد الجبار، وهو ثقة.

ص: 215

(تنبيه): وقع في النسخة التازية: (عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبيه أن رُبيع بنت معوذ

إلخ)!

فأدخل بينها وبين عبد الله: والده! وليست هذه الزيادة في النسخة الصحيحة من الكتاب، ولا هي مذكورة في شيء من الروايات التي وقفنا عليها.

121 -

وعنها:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده.

(قلت: إسناده حسن).

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن سفيان بن سعيد عن ابن عقيل عن الرُّبيع.

وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال البخاري؛ غير ابن عقيل.

وعبد الله بن داود: هو ابن عامر الهَمْداني.

والحديث رواه البيهقي (1/ 237) من طريق المؤلف.

ورواه الدارقطني (32) من طريقين آخرين عن عبد الله بن داود.

وتابعه وكيع عن سفيان

به أتم منه نحو رواية سفيان بن عيينة التي ذكرناها قريبًا رقم (118)؛ إلا أنه قال:

ومضمض واستنشق مرة مرة، ثمّ قال:

ومسح رأسه بما بقي من وَضوئه في يديه مرتين؛ بدأ بمؤخره

إلخ.

وروى ابن ماجة (1/ 167) منه مسح الرأس مرتين.

ص: 216

122 -

وعنها:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فأدخل أصبعيه في حُجْرَيْ أذنيه.

(قلت: إسناده حسن).

إسناده: حدثنا إبراهيم بن سعيد: ثنا وكيع: ثنا الحسن بن صالح عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ.

وهذا إسناد حسن أيضًا، رجاله -غير ابن عقيل- رجال مسلم.

وابن سعيد: هو الجوهري.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 65) من طريق المؤلف.

وأخرجه ابن ماجة (1/ 168) من طريقين آخرين عن وكيع

به.

123 -

عن أبي أمامة- وذكر وضوء النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المَأْقَيْن. قال: وقال:

"الأذنان من الرأس".

قال سليمان بن حرب (أحد رواته عن حماد): يقولها أبو أمامة.

وقال حماد: لا أدري هو من قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو أبي أمامة؟ يعني: قصة الأذنين.

(قلت: حديث صحيح دون (مسح المأقين)، وحسنه الترمذي في بعض نسخ "السنن"، وقواه المنذري وابن دقيق العيد وابن التركماني والزيلعي).

ص: 217

إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد. (ح) وثنا مسدد وقتيبة عن حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة.

قال المصنف عقبه: قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة. قال قتيبة: قال حماد: لا أدري هو من قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو أبي أمامة؟ ! يعني: قصة الأذنين. قال قتيبة: عن سنان أبي ربيعة. قال أبو داود: وهو ابن ربيعة؛ كنيته أبو ربيعة.

قلت: وهذا سند لا بأس به في الشواهد. سنان بن ربيعة أبو ربيعة وشيخه شهر بن حوشب مختلف فيهما.

والأول؛ أخرج له البخاري مقرونًا. وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق فيه لين".

وشهر؛ صدوق كثير الإرسال، وروى له مسلم مقرونًا أيضًا؛ كما في "الترغيب"(4/ 284).

وبقية رجال الإسناد رجال الشيخين، وقد مَروا مِرارًا.

والحديث أخرجه البيهقي (1/ 66) من طريق مسدد وأبي الربيع قالا: حدثنا حماد

به بلفظ:

توضأ فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه ثلاثًا، ومسح برأسه، وقال:

"الأذنان من الرأس"؛ وكان يمسح المأقين.

ثمّ أخرجه من طريق يوسف بن موسى القطان: ثنا سليمان بن حرب

به بلفظ:

"أنه وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

ص: 218

كان إذا توضأ مسح مأقيه بالماء.

وقال أبو أمامة: الأذنان من الرأس.

قال سليمان بن حرب: الأذنان من الرأس؛ إنما هو من قول أبي أمامة، فمن قال غير هذا؛ فقد بدل؛ أو كلمة قالها سليمان؛ أي: أخطأ.

أخرجه من طريق الدارقطني، وهو في "سننه"(38).

وأخرجه الترمذي (1/ 53): حدثنا قتيبة

به ولفظه:

توضأ النّبي صلى الله عليه وسلم؛ فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه ثلاثًا، ومسح برأسه، وقال:"الأذنان من الرأس".

قال قتيبة: قال حماد: لا أدري

إلخ. وقال:

"هذا حديث [حسن]، ليس إسناده بذاك القائم".

ولفظة: "حسن" ثبتت في بعض النسخ، كما ذكر المحقق أحمد محمد شاكر.

وقد تابعه على هذا السياق بتمامه: يونس: ثنا حماد -يعني: ابن زيد- .. به. وفي آخره قول حماد: فلا أدري

إلخ.

ورواه عفان بن حماد عن زيد بلفظ: عن أبي أمامة قال: وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر ثلاثًا ثلاثًا، ولا أدري كيف ذكر المضمضة والاستنشاق، وقال:"والأذنان من الرأس". قال:

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقين، وقال بأصبعيه -وأرانا حماد- ومسح مأقيه.

ص: 219

أخرجه أحمد (5/ 258).

ثمّ أخرجه (5/ 268) من طريق يحيى بن إسحاق: أنا حماد بن زيد بلفظ:

توضأ فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه، وكان يمسح المأقين من العين، قال: وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مرة واحدة، وكان يقول:

"الأذنان من الرأس".

وأخرجه الطحاوي (1/ 19) عن يحيى بن حسان عن حماد

به مختصرًا بلفظ:

توضأ فمسح أذنيه مع الرأس، وقال:

"الأذنان من الرأس".

وأخرجه ابن ماجة (1/ 168)، والدارقطني من طريق محمد بن زياد الزيادي: أخبرنا حماد بن زيد بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الأذنان من الرأس"، وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح المأقين.

ثمّ أخرجه الدارقطني عن الهيثم بن جميل ومحمد بن أبي بكر وأبي عمر كلهم عن حماد

به مرفوعًا مقتصرين على قوله عليه الصلاة والسلام:

"الأذنان من الرأس". وقال الدارقطني:

"أسنده هؤلاء عن حماد، وخالفهم سليمان بن حرب؛ وهو ثقة حافظ".

قلت: هؤلاء الذين رفعوه: أبو الربيع -وهو سليمان بن داود العَتَكي-، ويحيى ابن إسحاق ويحيى بن حسان ومحمد بن زياد والهيثم بن جميل ومحمد بن أبي بكر وأبو عمر -وهو حفص بن عمر الحوضي- كلهم ثقات محتج بهم في

ص: 220

"الصحيح"؛ فتخطئتهم وردُّ روايتهم -وهم بهذه الكثرة والمنزلة في الثقة والعدالة- لمجرد جزم سليمان بن حرب بوقفه، أو لتوقف غيره في رفعه؛ مما لا ينشرح له الصدر، ولا تقبله قواعد هذا الفن الشريف؛ بل الظاهر من مجموع هذه الروايات عن حماد: أن حمادًا نفسه كان تارة يرفع الحديث، وتارة يوقفه، وتارة يتردد في ذلك، فروى كل عنه ما سمعه منه.

فكل الروايات عنه صحيحة ثابتة، لكن يبقى النظر في أصل الحديث؛ هل هو مرفوع أم موقوف؟

ويترجح عندنا الأول؛ وذلك لأمور:

الأول: ما قاله ابن التركماني في رده على البيهقي -بعد أن ذكر شيئًا من الخلاف السابق في رفعه ووقفه- قال:

"وإذا رفع أحد حديثًا ووقفه آخر، أو فعلهما شخص واحد في وقتين؛ يرجح الرافع؛ لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الإنسان حديثًا فيوقفه في وقت، ويرفعه في وقت آخر، وهذا أولى من تغليط الرافع".

وذكره الزيلعي (1/ 19) بتصرف يسير في بعض الألفاظ؛ دون أن ينسبه إلى ابن التركماني، وقد لاحظت ذلك منه غير مرة، وليس بجيد؛ فإن من أمانة العلم نسبةَ كل قول إلى قائله!

الأمر الثاني: أن قوله عليه الصلاة السلام: "الأذنان من الرأس"؛ روي عن أبي أمامة من وجهين آخرين: أخرجهما الدارقطني (38 - 39) وضعفهما.

الثالث: أن الحديث ورد مرفوعًا عن جمع كثير من الصحابة؛ وهم:

2 -

عبد الله بن زيد 3 - عبد الله بن عباس 4 - أبو هريرة 5 - أبو موسى 6 - عبد الله بن عمر 7 - عائشة 8 - أنس.

ص: 221