الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
132 -
وفي أخرى
…
بهذا الحديث قال فيه:
"إذا توضأت فمضمض".
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الحافظ).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أبو عاصم: ثنا ابن جريج
…
بهذا الحديث.
وهذا إسناد صحيح أيضًا، وكذلك قال الحافظ في "فتح الباري"(1/ 211).
والحديث أخرجه الدارمي (1/ 179) مختصرًا: أخبرنا أبو عاصم
…
به بلفظ:
"إذا توضأت؛ فأسبغ وضوءك، وخلِّل بين أصابعك".
56 - باب تخليل اللِّحية
133 -
عن أنس [يعني: ابن مالك]:
أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ؛ أخذ كفًّا من ماء؛ فأدخله تحت حَنَكه، فخلَّل به لحيته، وقال:
"هكذا أمرني ربي عز وجل".
(قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن القطان أيضًا).
إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا أبو المَلِيح عن الوليد بن زوران عن أنس -يعني: ابن مالك-.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير الوليد بن زَوْرَان؛ قال المصنف عقب الحديث:
"ابن زوران روى عنه حجاج بن حجاج، وأبو المليح الرقي".
قلت: وروى عنه جعفر بن برقان أيضًا، وعبد الله بن مُعَيَّة الجَزَرِي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الآجُرِّي عن المصنف:
"لا ندري سمع من أنس أو لا؟ ". وقال الذهبي في "الميزان":
"ليس بحجة؛ مع أن ابن حبان وثقه". وقال الحافط في "التقريب": إنه "لين الحديث". وأما في "التلخيص"(1/ 415) فقال:
"مجهول الحال".
وتبع في ذلك ابن القطان؛ فقد قال ابن القيم في "التهذيب"(1/ 107):
"قال أبو محمد بن حزم: لا يصح حديث أنس هذا؛ لأنه من طريق الوليد بن زوران، وهو مجهول. وكذا أعله ابن القطان بأن الوليد هذا مجهول الحال. وفي هذا التعليل نظر؛ فإن الوليد هذا روى عنه جعفر بن برقان وحجاج بن منهال وأبو المليح الحسن بن عمرو الرقي وغيرهم؛ ولم يعلم فيه جرح".
فكأنه مال إلى تقوية هذا الإسناد! وهو محتمل.
والحديث صحيح على كل حال؛ لطرقه وشواهده كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (1/ 54) من طريق المؤلف.
وله طرق أخرى عن أنس؛ فقال ابن القيم:
"وقد روى هذا الحديث: محمدُ بن يحيى الذهلي في كتاب "علل حديث الزهري" فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن خالد الصفار -من أصله، وكان صدوقًا-: حدثنا محمد بن حرب: حدثنا الزُّبَيْدِي عن الزهري عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فأدخل أصابعه تحت لحيته، فخللها بأصابعه، ثم قال: "هكذا أمرني ربي عز وجل". وهذا إسناد صحيح"!
هكذا ذكره ابن القيم -بعد كلامه السابق في رده على ابن القطان-، فأوهمني أن هذا كلام ابن القيم نفسه، وأن التصحيح منه! ثمّ تبين لي أنه ليس كذلك؛ فقد قال بعد صفحة (109):
"قلت: وتصحيح ابن القظان لحديث أنس من طريق الذهلي؛ فيه نظر! فإن الذهلي أعله فقال في "الزهريات": وحدثا يزيد بن عبد ربه: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس بن مالك
…
فذكره. قال الذهلي: هذا هو المحفوظ. قال ابن القطان: وهذا لا يضره؛ فإنه ليس من لم يحفظ حجةً على من حفظ، والصفار قد عيَّن شيخ الزبيدي فيه، وبين أنه الزهري، حتى لو قلنا: إن محمد بن حرب حدث به تارة فقال فيه: عن الزبيدي: بلغني عن أنس
…
لم يضره ذلك، فقد يُراجع كتابه؛ فيعرف منه أن الذي حدث به الزهري فيحدث به عنه، فأخذه عنه الصفار هكذا". قال ابن القيم:
"وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث وأطباء علله، ويعلمون أن الحديث معلول بإرسال الزبيدي له، ولهم ذوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات"!
ونحن نرى أن الحق مع ابن القطان؛ لأن الاحتمال الذي أبداه؛ إنما هو في سبيل الجمع بين روايات الثقات؛ وإلا لزم توهيم الثقة بدون دليل؛ بل بمجرد
الذوق! وهذا ليس من العلم في شيء! ويدلك على ما ذهبنا إليه أمران:
الأول: أن محمد بن عبد الله الصفار إنما روى الحديث من أصل كتابه، وهذا مما يبعد الظن بخطئه.
الثاني: أنه قد تابعه على وصله: محمد بن وهب بن أبي كريمة -وهو ثقة بلا خلاف-: أخرجه الحاكم (1/ 149)، وقال: إنه "صحيح". ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 416) - بعد أن ساقه-:
"رجاله ثقات؛ إلا أنه معلول
…
"؛ ثمّ ساقه عن الذهلي من الوجه المنقطع، ثم قال:
"وصححه الحاكم قبل ابن القطان؛ ولم تقدح هذه العلة عندهما فيه".
وللحديث طرق أخرى: عند ابن ماجة والحاكم والبيهقي عن أنس.
وله شواهد منها:
عن عثمان رضي الله عنه:
أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته.
أخرجه الترمذي، وصححه؛ وهو عند البخاري أصح شيء في الباب، وقد تقدّم تخريجه والكلام على إسناده في الحديث (رقم 98).
ومنها: عن عائشة رضي الله عنها:
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته بالماء.
أخرجه الحاكم (1/ 150)، وأحمد (6/ 234)، وأبو عبيد في كتاب "الطهور"
من طرق أربعة عن عمر بن أبي وهب الخُزَاعي: حدثني موسى بن ثروان عن طلحة ابن عبيد الله بن كَرِيزٍ الخُزَاعي عنها.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمر بن أبي وهب الخزاعي؛ ولم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال (1)! والظاهر أنه في "ثقات ابن حبان"؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع"(1/ 235):
"رواه أحمد، ورجاله موثقون".
فقد لاحظنا أن الهيثمي كثيرًا ما يقول هذه العبارة: "ورجاله موثقون" في إسناد فيه بعض من تفرد ابن حبان بتوثيقه. والله أعلم. وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 416):
"رواه أحمد؛ وإسناده حسن"!
وسكت عليه ابن القيم في "التهذيب"(1/ 108 و 112).
ومنها: عن ابن عمر
…
نحوه.
رواه ابن ماجة (432) بسند فيه ضعف؛ وصحح بعضهم وقفه. وأعله ابن أبي حاتم (1/ 31) بالإرسال.
وللحديث شواهد أخرى كثيرة؛ وفيما ذكرنا كفاية، فمن أراد الزيادة؛ فليرجع إلى المصدرين الآخرين لابن القيم والحافظ.
(1) ولم يورده الحافظ في "التعجيل" مع أنه من شرطه!
ثم رأيت ابن أبي حاتم قد نقل (3/ 1 / 140) توثيقه عن ابن معين وغيره.
فالحديث صحيح.