الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.
ولم أجد رواية زائدة على هذا الوجه عند غير المصنف؛ وهي في المسند أحمد" (5/ 408) مقرونة مع رواية سفيان الثوري المذكورة في أول الباب (رقم 159)؛ وليس فيها: عن أبيه.
وكذلك علقها البيهقي، كما سبق ذكره هناك؛ فلعل منصورًا رواه مرة هكذا ومرة هكذا!
ورواه شعبة عن منصور فقال: عن مجاهد عن الحكم -أو أبي الحكم- رجل من ثقيف -عن أبيه:
أخرجه الطيالسي (رقم 1268) وعنه البيهقي.
وأخرجه النسائي عن خالد بن الحارث عن شعبة
…
به؛ لكنه لم يقل: أو أبي الحكم.
ثم رواه البيهقي عن حفص بن عمر: ثنا شعبة
…
به مثل رواية الطيالسي؛ ثم قال:
"وكذلك رواه وهيب عن منصور".
قلت: وكذلك رواه جرير عن منصور: أخرجه أحمد (3/ 410، 4/ 412).
65 - باب ما يقول الرجل إذا توضأ
162 -
عن عقبة بن عامر قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، خُدَّامَ أنفسنا؛ نتناوب الرعاية -رعاية إبلنا-؛ فكانت عليَّ رعاية الإبل، فروَحتها بالعَشِيِّ، فأدركت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
يخطب الناس، فسمعته يقول:
"ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يقوم فيركع ركعتين، يقبل عليهما بقلبه ووجهه؛ إلا قد أوجب".
فقلت: بَخٍ بَخٍ! ما أجود هذه! فقال رجل بين يدي: التي قبلها يا عقبة! أجود منها. فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب. قلت: ما هي يا أبا حفص؟ ! قال: إنه قال آنفًا قبل أن تجيء:
"ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ثمّ يقول حين يَفْرُغُ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و [أشهد] (1) ان محمدًا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان وأبو عوانة في "صحاحهم").
إسناده: حدثنا أحمد بن سعيد الهَمْداني: ثنا ابن وهب: سمعت معاوية -يعني: ابن صالح- يحدث عن أبي عثمان عن جبيرِ بن نُفَيْرٍ عن عقبة بن عامر.
ثم قال المصنف عقب الحديث: قال معاوية: وحدثني ربيعةُ بن يزيد عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر.
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن سعيد الهمداني -وهو ابن بشر أبو جعفر المصري-؛ وهو ثقة.
(1) زيادة في بعض النسخ؛ كنسخة "عون المعبود"، وليست هي في "مختصر المنذري".
وأما أبو عثمان؛ فاختلف في من هو؟ !
قال أبو بكر بن منجويه: يشبه أن يكون سعيد بن هانئ الخولاني المصري.
وقال ابن حبان: يشبه أن يكون حريز بن عثمان الرَّحَبِيّ.
قلت: وكلاهما ثقة؛ فالتردد بينهما لا يضر.
والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 225): حدثنا بحر بن نصر قال: ثنا ابن وهب
…
به؛ وزاد في آخره:
قال معاوية -وهو ابن صالح-: وحدثني عبد الوهاب بن بُخْتٍ عن ليث بن سليم [وفي الأصل: ابن أبي سليم]! والظاهر أنه خطأ مطبعي -عن عقبة بن عامر.
فللحديث عن عقبه ثلاثة أسانيد؛ يرويها جميعًا معاوية بن صالح برواية ابن وهب عنه.
وقد تابعه عن معاوية: ليث -وهو ابن سعد-:
أخرجه أحمد (4/ 145 - 146): ثنا أبو العلاء الحسن بن سَوَّار قال: ثنا ليث عن معاوية .. به.
وتابعه أيضًا عبد الله بن صالح الجهني قال: حدثني معاوية بن صالح الحمصي
…
به:
أخرجه البيهقي (1/ 78)؛ ووقع ليث بن سليم منسوبًا عندهما فقالا: (الجهني).
وليث بن سليم الجهني مجهول؛ كما في "التعجيل".
وتابعهم عن معاوية -بإسناديه المذكورين عند المصنف-: عبد الرحمن بن
مهدي: عند مسلم (1/ 144)، وأحمد (4/ 153)، وعنه البيهقي (1/ 78 و 2/ 280)؛ لكن وقع عنده ذكر الإسناد الثالث أيضًا؛ وليس هو في "المسند".
وتابعه زيد بن الحباب أيضًا: عند مسلم، وأبي عوانة (1/ 224 - 225)، والبيهقي؛ واقتصرا على القول بعد الوضوء.
وروى منه النسائي (1/ 36) صلاة الركعتين بعده.
وقد كان زيد بن الحباب يضطرب في إسناده أحيانًا؛ فقد روى منه القول بعد الوضوء: النسائي (1/ 25) -من طريق محمد بن علي بن حرب المروزي-، والبيهقي (1/ 78) -من طريق العباس بن محمد الدوري- قالا: ثنا زيد بن الحباب قال: ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة -وقال الدوري: حدثني ربيعة- بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عقبه بن عامر
…
وليس عند الدوري: عن أبي إدريس الخولاني؛ إنما عنده عن أبي عثمان وحده.
فهذا منقطع؛ أخطأ فيه زيد؛ حيث جعله من رواية أبي عثمان عن عقبة! والصواب أن بينهما جبير بن نفير؛ كما في روايته الأخرى الموافقة لرواية الجماعة.
فهذا وجه من الاضطراب عنه.
ووجه ثان معاكس لهذا؛ فقد أخرج المصنف فيما يأتي (رقم 841) قطعة منه من طريق عثمان بن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحباب: ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة ابن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن جبير بن نفير الحضرمي عن عقبة بن عامر الجهني.
وهذا خلاف الذي قبله؛ فقد أدخل بين أبي إدريس وعقبة: جبير بن نفير!
والصواب حذفه؛ فإنما رواه أبو إدريس عن عقبة بدون واسطة؛ كما في رواية الجماعة والرواية الصحيحة عن زيد.
ووجه ثالث؛ وهو ما أخرجه الترمذي (1/ 37): حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي: حدثنا زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر بن الخطاب مرفوعًا:
"من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال
…
" الحديث، وزاد في آخره:
"اللهم! اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين".
فهذا مثل رواية النسائي المضطربة؛ لكنه أشد اضطرابًا منها؛ حيث جعل عمر ابن الخطاب مكان عقبة بن عامر.
فالصواب أنه من رواية ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس، ومن رواية أبي عثمان عن جبير؛ كلاهما عن عقبة بن عامر عن عمر بن الخطاب؛ كما في رواية الجماعة.
ثم قال الترمذي:
"وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء"!
كذا قال وهو بعيد عن الصواب؛ فقد تبين لك مما حررنا آنفًا أن الاضطراب إنما هو في رواية زيد بن الحباب وحده، وأن رواية الجماعة -عند مسلم وأبي عوانة والمصنف وغيرهم- سالمة منه؛ فلا يجوز تضعيف الحديث لمجرد اضطراب راوٍ واحد فيه، قد وافق الجماعة المتابعين له على الصواب. ولذلك قال الحافظ في "التلخيص" (1/ 454) -متعقبًا كلام الترمذي المذكور-:
"لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض؛ والزيادة التي عنده؛ رواها البزار، والطبراني في "الأوسط" من طريق ثوبان ولفظه: "من دعا بوَضوء فتوضأ، فساعة
فرغ من وضوئه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، اللهم! اجعلني من التوابين واجعلتي من المتطهرين
…
" الحديث".
قلت: حديث ثوبان هذا؛ سكت عليه الحافظ! وقد أورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 239) بهذا اللفط؛ ثمّ قال:
"رواه الطبراني في "الأوسط"، و "للكبير" باختصار، وقال في "الأوسط": "تفرد به مِسْوَرُ بن مُوَرِّع"؛ ولم أجد من ترجمه. وفيه أحمد بن سهيل الوراق؛ ذكره ابن حبان في "الثقات". وفي إسناد " الكبير" أبو سعيد (1) البقال؛ والأكثر على تضعيفه، ووثقه بعضهم"!
قلت: ورواه ابن السني أيضًا (رقم 30) من طريق أبي سعد الأعور عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعًا.
والأعور: هو البقال؛ وهو ضعيف مدلس، كما في "التقريب".
ثم ذكر الحافظ أن لفظ رواية البزار عن ثوبان:
"من توضأ فأحسن الوضوء، تمّ رفع طرفه إلى السماء
…
" الحديث.
قلت: وهذه الزيادة -أعني: رفع الطرف إلى السماء- رويت من طريق أخرى عن عقبة بن عامر أيضًا.
لكن الراوي لها عنه مجهول؛ من أجل ذلك أوردناها في الكتاب الآخر (رقم 24).
والشاهد المذكور لا يقويه؛ لما بينا هناك فليراجعه من شاء.
(1) كذا في "المجمع"! وكذلك وقع في ابن السني؛ وهو خطأ! والصواب: أبو سعد.