الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه.
فقال: إن هذا حديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة! ثمّ سمعته يُسْأل بعد ذلك؟ فأمر بتخليل الأصابع.
قال عمي: ما أقل من يتوضأ إلا ويحيطه الخط الذي تحت الإبهام في الرجل؛ فإن الناس يثنون إبهامهم عند الوضوء؛ فمن تفقد ذلك سَلِمَ.
قال ابن التركماني:
"أحمد ابن أخي ابن وهب وإن أخرج عنه مسلم؛ فقد قال أبو زرعة: أدركناه ولم نكتب عنه. وقال ابن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه"!
قلت: وتمام كلام ابن عدي -كما في "التهذيب" وغيره-:
"ومن ضعفه أنكر عليه أحاديث، وكثرة روايته عن عمه، وكل ما أنكروه عليه محتمل -وإن لم يروه غيره عن عمه، ولعله خصه به
…
"، ثمّ ذكر الحافظ أحاديث مما أنكرت عليه ورجع عنها؛ وليس هذا منها. والله أعلم.
59 - باب المسح على الخفين
136 -
عن عَبَّاد بن زياد: أن عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره: أنه سمع أباه المغيرة يقول:
عَدَل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في غزوة تبوك قبل الفجر، فعدَلت معه، فأناخ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فتبرَّز، ثمّ جاء، فسكبت على يده من الإداوة؛ فغسل
كفيه، ثمّ غسل وجهه، ثمّ حسر عن ذراعيه؛ فضاق كُمَّا جُبَّته، فأدخل يديه فأخرجهما من تحت الجبة، فغسلها إلى المرفق، ومسح برأسه، ثمّ توضأ على خفيه؛ ثمّ ركب، فأقبلنا نَسِيرُ حتى نَجِد الناس في الصلاة قد قدّموا عبد الرحمن بن عوف، فصلّى بهم حين كان وقت الصلاة؛ ووجدنا عبد الرحمن وقد ركع بهم ركعة من صلاة الفجر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فصفّ مع المسلمين فصلّى وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية، ثمّ سلّم عبد الرحمن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، ففزِع المسلمون؛ فأكثروا التسبيح؛ لأنهم سَبقوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالصلاة، فلما سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم:
"قد أصبتم -أو قد أحسنتم-".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما".
وقال أبو حاتم: إنه أصح حديث في الباب).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب: حدثني عباد بن زياد.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير أحمد بن صالح؛ فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد ذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 33 / رقم 65) أنه أصح حديث في الباب.
والحديث أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(3/ 320 / 2221 - الإحسان) من طريق حرملة بن يحيى قال: ثنا ابن وهب
…
به.
وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وكذا ابن خزيمة (3/ 9 / 1515)،
والبيهقي (1/ 274 و 295 - 296)، وأحمد (4/ 251)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 376 / 880) من طريق ابن جريج: حدثني ابن شهاب
…
به؛ وزاد في آخره:
يغبطهم؛ أن صلوا الصلاة لوقتها.
وكذلك رواه صالح عن ابن شهاب؛ أخرجه أبو عوانة، وأحمد (4/ 249)، وزادوا أيضًا في رواية لهم:
قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"دعه".
ورواه مالك (1/ 57 - 58) عن ابن شهاب؛ لكنه أخطأ في إسناده كما بينه الحافظ وغيره.
وكذلك أخطأ فيه جعفر بن برقان، فقال: عن الزهري عن حمزة وعروة ابني المغيرة بن شعبة عن أبيهما المغيرة
…
فذكره نحوه؛ وزاد في آخره:
"قد أصبتم وأحسنتم! إذا احتبس إمامكم وحضرت الصلاة؛ فقدموا رجلًا يؤمكم".
أخرجه ابن حبان (3/ 321 / 2222).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكنه معلول! وقد كشف عن علته: ابن حبان بنفسه، فقال عقبه:
"قصَّر جعفر بن برقان في سند هذا الخبر؛ فلم يذكر (عباد بن زياد) فيه؛ لأن الزهري سمع هذا الخبر من عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة بن شعبة، وسمعه عن حمزة بن المغيرة عن أبيه".
قلت: أما رواية الزهري عن عباد؛ فقد رواها عنه يونس بن يزيد وابن جريج، كما تقدم.
وأما روايته عن حمزة بن المغيرة؛ فلم أرها إلا مختصرة جدًّا: عند الطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 377 / 881) من طريق عبد الله بن صالح: حدثني الليث: حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عباد بن زياد عن حمزة بن المغيرة عن أبيه قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه.
وأخرجه أحمد (4/ 251) من طريق عبد الرزاق، وهذا في "المصنف" (1/ 191 - 192) من طريق ابن جريج المتقدمة: حدثني ابن شهاب عن عباد بن زياد
…
بإسناده فساقه بطوله.
قال ابن شهاب: فحدثني إسماعيل بن محمد بن سعد عن حمزة بن المغيرة
…
مثل حديث عباد بن زياد.
ومن هذا الوجه: هو عند مسلم (2/ 26 - 27) وغيره.
والمقصود: أن (ابن برقان) خالف الثقات في إسقاطه (عبادًا) من الإسناد؛ فلا غرابة -إذن- في تضعيف أحمد وابن معين وغيرهما روايته عن الزهري خاصة.
ومن هنا: نستطيع أن نحكم على زيادته في آخر الحديث بالشذوذ والنكارة؛ لمخالفته الثقات!
137 -
عن يحيى بن سعيد عن التيمي: ثنا بكر عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة: عن المغيره بن شعبة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح ناصيته، وذكر فوق العمامة.
(إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن سعيد. (ح) وثنا مسدد: ثنا المعتمر عن التيمي: ثنا بكر عن الحسن
…
به. قال عن المعتمر: سمعت أبي يحدث عن بكر بن عبد الله عن الحسن
…
باللفظ الذي بعده. قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة.
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وقول بكر هذا؛ هو في الروايتين -رواية يحيى بن سعيد، ورواية المعتمر- كلاهما عن التيمي.
والحديث أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحهيما"، والنسائي (1/ 29 - 30)، والترمذي (1/ 170)، وأحمد (4/ 255) عن يحيى بن سعيد القطان
…
به. وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
138 -
(وفي رواية): عن المعتمر: سمعت أبي يحدث عن بكر بن عبد الله عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن المغيرة:
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين، وعلى ناصيته على عمامته.
قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة.
(إسناده صحيح على شرط البخاري أيضًا. وأخرجه مسلم).
إسناده: سبق في الذي قبله.
والحديث أخرجه مسلم أيضًا عن المعتمر
…
به.
وقد تابعه عن أبيه: يحيى بن سعيد القطان؛ كما في الرواية الأولى.
وتابعه أيضًا يزيد بن هارون: عند أبي عوانة والبيهقي؛ ولم يقع عندهم جميعًا تسمية ابن المغيرة.
وقد سماه غير التيمي -وهو حميد الطويل- قال: ثنا بكر بن عبد الله المزني عن حمزة بن المغيرة بن شعبة
…
به أتم منه، وفيه قصة صلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم مؤتمًا وراء عبد الرحمن بن عوف.
أخرجه أبو عوانة والنسائي، والبيهقي (1/ 58 - 60)، وأحمد (4/ 248) من طرق عن حميد.
وهو عند مسلم من هذا الوجه؛ لكن قال: عروة بن المغيرة!
وهي وهم من مسلم أو شيخه محمد بن عبد الله بن بزيع؛ كما بينه النووي.
نعم روى الحديث عن المغيرة ابنه عروة أيضًا؛ وهو:
139 -
عن الشَّعْبي قال: سمعت عروة بن المغيرة بن شعبة يذكر عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رَكْبِهِ؛ ومعي إداوة، فخرج لحاجته ثمّ أقبل، فتلقيته بالإداوة؛ فأفرغت عليه، فغسل كفيه ووجهه، ثمّ أراد أن يُخرج ذراعيه -وعليه جُبّة من صوف من جِبَابِ الروم ضيقةُ الكمين- فضاقت؛ فادَّرعهما ادِّراعًا، ثمّ أهويت إلى الخفين لأنزعهما، فقال لي:
"دع الخفين؛ فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان". فمسح
عليهما.
قال الشعبي: شهد لي عروة على أبيه، وشهد أبوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم").
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثني أبي عن الشعبي.
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
والحديث أخرجه أحمد (4/ 255) قال: ثنا وكيع: ئنا يونس بن أبي إسحاق: سمعته من الشعبي
…
به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 256) من طريقين آخرين عن يونس
…
به.
ثمّ رواه من طريق ابن عيينة عن حصين وزكريا ويونس عن الشعبي
…
به مختصرًا.
وحديث زكريا -وهو ابن أبي زائدة-: عند البخاري (10/ 220)، ومسلم (1/ 158)، وأبي عوانة أيضًا (1/ 255)، والدارمي (1/ 181)، والبيهقي (1/ 281)، وأحمد أيضًا (4/ 255) من طرق عنه
…
به تامًّا غير مختصر، لكن البخاري اختصره في "الطهارة"(1/ 247).
وصرح زكريا بالتحديث في رواية أبي عوانة؛ ولم يقف عليها -أو لم
يستحضرها- الحافظ حين الكلام على الحديث فقال:
"وزكريا مدلس، ولم أره من حديثه إلا بالعنعنة. لكن أخرجه أحمد عن يحيى القطان عن زكريا، والقطان لا يحمل من حديث شيوخه المدلسين إلا ما كان مسموعًا لهم؛ صرح بذلك الإسماعيلي"!
وتابعه عمر بن أبي زائدة عن الشعبي؛ وهو أخو زكريا: أخرجه مسلم وأبو عوانة.
وإسماعيل بن أبي خالد: عند البيهقي، وزاد -بعد قوله:"إني قد أدخلتهما طاهرتين"-:
"لم أجنب بعد".
ورجاله رجال الشيخين؛ غير أن الراوي عن يحيى بن صالح -وهو عيسى بن غيلان-؛ لم أجد له ترجمة.
وتابعه مجالد عن الشعبي؛ وزاد -مكان: "لم أجنب بعد"-:
"ثمّ لم أمش حافيًا".
وهذه زياده منكرة؛ لتفرد مجالد -وهو ابن سعيد- بها دون جميع من رواه عن للشعبي، ودون من رواه غيره عن عروة وغيره؛ إلا ما سيأتي التنبيه عليه في الباب الذي يليه (رقم 145).
140 -
عن الحسن وعن زرارة بن أوفى أن المغيرة بن شعبة قال:
تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر هذه القصة، قال:
فأتينا الناس وعبد الرحمن بن عوف يصلّي بهم الصبح، فلما رأى
النّبيّ صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر؛ فأومأ إليه أن يَمضي، قال: فصليت أنا والنبيّ صلى الله عليه وسلم خلفه ركعة، فلما سلّم؛ قام النبيّ صلى الله عليه وسلم فصلّى الركعة التي سُبِقَ بها، ولم يزد عليها شيئًا.
(إسناده صحيح، وكذا قال الشوكاني).
إسناده: حدثنا هُدْبة بن خالد: ثنا همَّام عن قتادة عن الحسن وعن زرارة بن أوفى.
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، وهذا من طريق زرارة.
وأما من طريق الحسن عنه؛ فإنه منقطع؛ كما في "التلخيص"(2/ 294).
وصحح إسناده الشوكاني أيضًا، ولكنه جعله لحديث للمصنف آخر، إسناده ضعيف كما بينت ذلك في الكتاب الآخر (رقم 21).
والحديث أخرجه البيهقي (2/ 352) من طريق المؤلف.
141 -
قال أبو داود: "أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر يقولون:
من أدرك الفرد من الصلاة؛ عليه سجدتا السهو".
(قلت: لم أقف على أسانيدها).
قال في "عون المعبود": "وهذه الآثار قد تتبعت في تخريجها؛ لكن لم أقف [على] من أخرجها موصولًا".
قلت: قال البيهقي عقبها:
"وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى أن يتبع".
وذلك لتصريحه أنه لم يزد على الركعة شيئًا. قال ابن رسلان:
"وبه قال أكثر أهل العلم. ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وما فاتكم فأتموا". وفي رواية: "فاقضوا". ولم يأمر بالسهو".
142 -
عن أبي عبد الرحمن:
أنه شهد عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالًا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
كان يخرج يقضي حاجته، فآتيه بالماء، فيتوضأ ويمسح على عمامته ومُوقيه.
(قلت: حديث صحيح. أخرج منه أحمد، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة": المسح على الموقين والخمار. وأخرجه ابن خزبمة أيضًا في "صححه").
إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أبي بكر -يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد- سمع أبا عبد الله عن أبي عبد الرحمن.
قال أبو داود: "هو أبو عبد الله مولى بتي تيم بن مرة".
قلت: وهو كشيخه أبي عبد الرحمن؛ كلاهما مجهول لا يعرف؛ كما قال ابن عبد البر.
وتبعه الذهبي في "الميزان". والحافظ في "التقريب".
والحديث أخرجه الحاكم (1/ 170) من طريق يحيى بن محمد: ثنا عبيد الله
ابن معاذ العنبري
…
به.
ثم أخرجه من طريق آدم بن أبي إياس: ثنا شعبة
…
به.
وأخرجه البيهقي (1/ 288) من طريقه، ثمّ قال الحاكم:
"حديث صحيح؛ فإن أبا عبد الله مولى بني تيم معروف بالصحة والقبول"! ووافقه الذهبي!
فذهل عما ذكره في "الميزان" من الجهالة في بعض رجال إسناده، كما أشرنا إليه آنفًا.
والحديث رواه ابن جريج أيضًا عن أبي بكر، لكن قلب إسناده فقال: أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر: أخبرني أبو عبد الرحمن عن أبي عبد الله أنه سمع عبد الرحمن بن عوف
…
به. وقال: خفية بدل: موقيه!
أخرجه أحمد (6/ 12).
وأبو بكر بن حفص: اسمه عبد الله؛ قال الحافظ في "التهذيب":
"وأخرج النسائي أيضًا حديثه في الطهارة، ولم يرقم له المزي؛ وهو ثابت في رواية ابن الأحمر وابن حيوة".
قلت: وليس هو في النسخة المطبوعة في مصر. ولذلك لم يعزه النابلسي (1/ 116) في الذخائر إلا للمصنف وحده.
والحديث بهذا الإسناد ضعيف.
لكني وجدت له طريقًا أخرى قوية؛ وهي ما أخرجه أحمد (6/ 15) قال: ثنا عفان: ثنا حماد -يعني: ابن سلمة-: ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي إدريس عن
بلال قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وأبو إدريس: هو عائذ الله بن عبد الله.
وأبو قلابة: اسمه عبد الله بن زيد؛ وهما ثقتان من رجال الشيخين.
وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" -كما في "النَيل"(1/ 158) -، وابن خزيمة في "صحيحه" -كما في "نصب للراية"(1/ 183) -.
وهو في "صحيح مسلم"، و"أبي عوانة" وغيرهما من طريق أخرى عن بلال بلفظ:
مسح على الخفين والخمار.
وهو كذلك في "المسند"، و "الطبراني الكبير".
وأما تقديم الماء إليه صلى الله عليه وسلم؛ فهو شيء معهود في السنة؛ فانظر ما سبق (رقم 33 و 35).
ولذلك؛ فالحديث صحيح ثابت.
ثم وجدت لحديث أبي إدريس عن بلال شاهدًا من حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الموقين والخمار.
أخرجه البيهقي قال: وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق: ثنا أبو جعفر محمد ابن محمد بن نصير الصوفي: ثنا علي بن عبد العزيز: نا الحسن بن الربيع: ثنا أبو شهاب الحناط عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك.
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير الصوفي والراوي عنه؛ فإني لم أجد لهما الآن ترجمة فيما عندي من كتب الرجال!
143 -
عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير:
أن جريرًا بال ثمّ توضأ؛ فمسح على الخفين، وقال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح؟ ! قالوا:
إنما كان ذلك قبل نزول المائدة! قال:
ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة.
(قلت: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة والحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا علي بن الحسين الدِّرْهَمِيُّ: ثنا ابن داود عن بُكَيْرِ بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير.
وهذا إسناد حسن في المتابعات، رجاله كلهم ثقات؛ غير بكير بن عامر؛ وهو مختلف فيه. وقد قال الآجري عن المؤلف:
"ليس بالمتروك". وقال ابن عدي:
"ليس كثير الرواية، ورواياته قليلة، ولم أجد له متنًا منكرًا، وهو ممن يكتب حديثه".
والحديث أخرجه الحاكم (1/ 169) من طريق جعفر بن أحمد بن نصر: ثنا علي بن الحسين الدرهمي: ثنا عبد الله بن داود
…
به.
ثمّ أخرجه، ومن طريقه البيهقي (1/ 270) من طريق أبي الحسن محمد بن غسان القزاز: ثنا عبد الله بن داود
…
به. وقال الحاكم:
"حديث صحيح؛ وبكير بن عامر العجلي كوفي ثقة عزيز الحديث، يجمع حديثه في ثقات الكوفيين"! ووافقه الذهبي. قال الزيلعي (1/ 162):
"بهذا السند والمتن؛ رواه ابن خزيمة في "صحيحه"
…
".
وللحديث طريق أخرى: عند الدارقطني (71)، والبيهقي (1/ 273 و 274) عن شهر بن حوشب عن جرير بن عبد الله
…
به.
فهذا مما يقوّي الطريق الأولى؛ فيكون الحديث حسنًا. وهو في "الصحيحين" وغيرهما بنحوه؛ دون قوله: قالوا
…
إلخ.
144 -
عن ابن بريدة عن أبيه:
أن النجاشي أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين، فلبسهما، ثم توضأ ومسح عليهما.
(قلت: حديث حسن، وكذا قال الترمذي).
إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني قالا: ثنا وكيع: ثنا دَلْهَم بن صالح عن حُجَيْر بن عبد الله عن ابن بريدة.
وهذا إسناد حسن في الشواهد، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير دلهم بن صالح؛ فضعفوه؛ غير المصنف فقال:
"ليس به بأس". وقال أبو حاتم:
"هو أحب إليَّ من بكير بن عامر وعيسى بن المسيب".
وشيخه حجير بن عبد الله؛ قال ابن عدي:
"لا يعرف".
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسَّن له الترمذيُّ هذا الحديث كما يأتي.
ثم قال المصنف عقبه:
"قال مسدد: عن دلهم بن صالح. قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل البصرة"!
قلت: وقد تعقب السيوطي المصنف في قوله: "هذا مما تفرد به أهل البصرة"؛ بما حاصله -كما في "عون المعبود"-: أنه ليس في رواة هذا الحديث بصري؛ سوى مسدد، ولم يتفرد به، فنسبة التفرد إلى أهل البصرة وَهَمٌ من المؤلف الإمام رضي الله عنه! والله أعلم.
والحديث أخرجه أحمد (5/ 352): ثنا وكيع: ثنا دلهم بن صالح
…
به.
وكذلك أخرجه الترمذي في "سننه"(2/ 134 - طبع بولاق)، وفي "الشمائل" أيضًا (1/ 156)، وابن ماجة (1/ 95) عن وكيع.
وأخرجه البيهقي (1/ 282 - 283) من طريقين آخرين عن دلهم
…
به. وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث دلهم".
وقد ساق له البيهقي شاهدًا من طريق الشعبي عن المغيرة بن شعبة:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه. قال: فقال رجل عند المغيرة بن شعبة: يا مغيرة! ومن أين كان للنبي صلى الله عليه وسلم خفان؟ قال: فقال المغيرة: أهداهما إليه النجاشي.
قال البيهقي:
"والشعبي إنما روى حديث المسح عن عروة عن المغيرة عن أبيه. وهذا شاهد لحديث دلهم بن صالح".