الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: إني والله ما سألتهُ لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، قال سهل: فكانت كفنه (1).
صفة الكفن:
(أ) كفن الرجال:
عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سَحُولِيَّة (2) من كُرْسُف (3) ليس فيهن قميص ولا عمامة» (4).
ويؤخذ من هذا الحديث ومن غيره أنه يستحب في الكفن ما يأتي:
1 -
أن يكون أبيض: ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من ثيابكم البياض، فإنه خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» (5).
2 -
أن يكفَّن الرجل في ثلاثة أثواب.
3 -
أن تكون من القطن.
4 -
أن لا يكون فيها قميص ولا عمامة، وإن كفِّن في قميص فلا بأس وإن كان الأولى تركه، فعن
ابن عمر أن عبد الله بن أُبَيٍّ لما تُوفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفِّنه فيه وصلِّ عليه واستغفِر له، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه
…
الحديث» (6) قال الشافعي في «الأم» (1/ 236): وإن كفن في قميص، جعل القميص دون الثياب والثياب فوقه
…
اهـ.
5 -
أن يكون أحد هذه الأثواب ثوب حبرة: أي مُخططًا أو ملونًا، فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا توفى أحدكم فوجد شيئًا، فليكفن في ثوب حَبِرَة» (7).
(1) صحيح: أخرجه البخاري (1277)، وابن ماجه (3555).
(2)
ثياب بيض نقية منسوبة إلى قرية سحول باليمن.
(3)
الكرسف هو: القطن.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (1264)، ومسلم (941).
(5)
صحيح لغيره: أخرجه أبو داود (3878)، والترمذي (994)، وابن ماجه (1472) وغيرهم.
(6)
صحيح: أخرجه البخاري (1269)، ومسلم (2774).
(7)
صحيح: أخرجه أبو داود (3150)، والبيهقي (3/ 403)، وقد أعلَّه ابن معين بما رُدَّ عليه، وقد ورد نحوه عند أحمد (3/ 335)، وابن أبي شيبة (3/ 266) من وجهين آخرين فصحَّ الحديث، وهو في «صحيح الجامع» (455).
6 -
أن يُطيَّب الكفن: فعن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أجمرتم الميت، فأجمروه ثلاثًا» (1).
وقد استحب هذا طائفة من أهل العلم، قالوا: ولأن هذا عادة الحي عند غسله وتجديد ثيابه أن يجمر بالطيب والعود فكذلك الميت (2).
إذا لم يَكْفِ الثوب لتغطية جميع الجسد؟
تقدم في حديث خباب أن مصعب بن عمير «
…
قُتل يوم أُحد فلم نجد ما نكفنه إلا بردة إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه وأن نجعل على رجليه من الإذخر» (3).
ويستفاد منه أنه إذا لم يوجد ساتر البتة أنه يغطى جميعه بالإذخر فإن لم يوجد فبما تيسر من نبات الأرض (4).
تكفين المُحِرْم في ثياب إحرامه، وعدم تغطية رأسه:
لما تقدم في حديث ابن عباس قال: بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين -أو قال: في ثوبيه- ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة يُلبِّي» (5).
تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها أو في غيرها:
عن عبد الله بن ثعلبة بن صفير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أُحد: «زملوهم في ثيابهم» (6).
(1) حسن: أخرجه أحمد (3/ 331)، وابن أبي شيبة (3/ 265)، والحاكم (1/ 355)، والبيهقي (3/ 405).
(2)
«المغنى» (2/ 464)، وانظر «المجموع» (5/ 197).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (1276)، وقد تقدم.
(4)
«فتح الباري» (3/ 142).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (1849) وقد تقدم.
(6)
حسن بطرقه: أخرجه بهذا اللفظ أحمد (5/ 431) بسند لين، وقد ضعفه بعض أهل العلم بأنه مخالف لسائر رواياته عند أحمد (5/ 431)، والنسائي (4/ 87 - 6/ 28) بلفظ «زملوهم بكلومهم ودمائهم» قلت: لا مخالفة، لأن مؤدى اللفظين واحد كما هو واضح، ثم للحديث شاهد من حديث جابر عند أبي داود (3133)، وآخر عن ابن عبس (3134) وابن ماجه (1515) وغيرهما، والله أعلم.
وقد اتفق أهل العلم على استحباب تكفين الشهداء في ثيابهم التي قتلوا فيها، وقال أكثرهم: ينزع عنهم من لباسهم ما لم يكن من عادة لباس الناس من الجلود والفراء والحديد (1).
ومما يدل على أن تكفين الشهداء في ثيابهم مستحب وليس بواجب مُحتَّم: حديث الزبير في أن صفية أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفِّن فيهما حمزة رضي الله عنه، فكفنه في أحدهما، وكفن في الآخر الأنصاري الذي لم يكن له كفن (2).
فدلَّ على أن الخيار للولي.
وكذلك تقدم حديث تكفين مصعب بن عمير، وقد قتل في أُحد.
(ب) كفن المرأة:
كفن المرأة ككفن الرجل، إلا أن المستحب -عند أكثر أهل العلم- أن يكون خمسة أثواب، وقد ورد في هذا حديث ضعيف الإسناد أن ليلى بنت قائف الثقفية قالت:«كُنت فيمن غسَّل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحِقو، ثم الدِّرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعدُ في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب، معه كفنها يناولناه ثوبًا ثوبًا» (3).
قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفَّن المرأة في خمسة أثواب، وإنما استحب ذلك لأن المرأة تزيد في حال حياتها على الرجل في الستر لزيادة عورتها على عورته، فكذلك بعد الموت. اهـ (4).
تكفين المرأة في الحرير: جائز، لأنه يجوز لبسه في الحياة، لكن يكره تكفينها فيه لأن فيه سرفًا، ويشبه إضاعة المال، بخلاف اللبس في الحياة فإنه يجمل للزوج (5).
(1)«المغنى» (2/ 531).
(2)
صحيح بطرقه: أخرجه أحمد (1/ 165)، والبيهقي (3/ 401) وغيرهما.
(3)
ضعيف: أخرجه أبو داود (3157) بسند ضعيف.
(4)
«المغنى» (2/ 470)، وانظر «المجموع» (5/ 205).
(5)
«المجموع» للنووي (5/ 197).