الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟» قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: «صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فَصَلِّ، فإنها لك نافلة» (1).
وعلى استحباب الإعادة مع الجماعة اتفق أهل العلم، ولهم تفصيلات محلُّها كتب الفروع، ومن ذلك استثناء المغرب -عند الحنفية والمالكية والحنابلة (2) - قالوا: فلا تعاد لأنها وتر النهار وكذلك الوتر، وقد تقدم تحريره.
فإن كان صلَّى الفرض في جماعة فهل يعيده إذا أتى الجماعة؟ (3).
الظاهر أنه يستحب كذلك، وبه قال الشافعية والحنابلة، لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين:«صليتما» يصدق بالانفراد والجماعة، ولعموم قوله:«فإنها لكما نافلة» وقوله لأبي ذر: «فإنها لك نافلة» . وقد منع الإعادة المالكية واستثنوا من ذلك المسجد الحرام والمسجد النبوي وبيت المقدس لفضل تلك البقاع، والأول أظهر، والله أعلم.
ما يُفْعَل بعد انقضاء الصلاة
استقبال الإمام الناس بعد التسليم ومكثه يسيرًا قبل انصرافه:
عن سمرة بن جندب قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أقبل علينا بوجهه» (4).
قيل: الحكمة في استقبال المأمومين أن يعلمهم ما يحتاجون إليه، كما في حديث زيد بن خالد الجهني
قال: صلَّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟»
…
الحديث (5).
وقيل غير ذلك، وعلى كل حال فهذه هي السنة الحَرِيَّة بالتأسي.
ويستحب أن يكون في استقباله لهم إلى جهة يمينه أقرب، فعن البراء قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه، يقبل علينا بوجهه
…
الحديث» (6).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (648)، وقد تقدم.
(2)
«ابن عابدين» (1/ 479)، و «البدائع» (1/ 287)، و «الدسوقي» (1/ 320)، و «المواهب» (2/ 84)، و «المغنى» (2/ 111)، و «كشاف القناع» (1/ 458).
(3)
المراجع السابقة مع «المهذب» (1/ 102)، و «أسنى المطالب» (1/ 212).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (845)، ومسلم (2275).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (846)، ومسلم (71).
(6)
صحيح: أخرجه مسلم (709)، وأبو داود (615).
فائدة: يستحب للإمام -قبل استقبال الناس- أن يمكث مستقبلاً القبلة مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم (592) عن عائشة وعن البراء بن عازب قال: «رَفَقْتُ الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدتُ قيامه، فركعته فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف، قريبًا من السواء» (1).
وعن أم سلمة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث في مكانه يسيرًا
…
» (2).
سرعة انصراف النساء عقب الصلوات:
عن أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث في مكانه يسيرًا» قال ابن شهاب: فنرى -والله أعلم- لكي ينفذ من ينصرف من النساء» (3).
«وهذا محلُّه إذا صلى النساء خلف الرجال مباشرة، وكان خروجهم جميعًا من باب واحد، أما إذا كان هناك باب مستقلٌ للنساء، وهنَّ محتجبات عن الرجال فلهنَّ أن يبقَيْن في مصلَاّهن يسبِّحن ويحمدن ويكبرن ويهلِّلن بالأذكار المعهودة دبر كل صلاة فإن الملائكة تصلي عليهن ما دُمْن في مصلَاّهن ما لم
يُحدثن» (5).
قلت: والمستحب أن يكون للنساء باب خاص -لا سيما في زمان الفتنة- فلا يدخل منه الرجال، والأصل في هذا قول عمر بن الخطاب:«لو تركنا هذا الباب للنساء» فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات (6).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (471)، وأبو داود (854)، والنسائي (3/ 66)، وأحمد (4/ 294).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (849)، وأبو داود (1040)، والنسائي (3/ 67)، وابن ماجه (932).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (849)، وأبو داود (1040)، والنسائي (3/ 67)، وابن ماجه (932).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (866) وغيره.
(5)
نحوه في «جامع أحكام النساء» لشيخنا -حفظه الله- (1/ 287) وانظر كتابي «فقه السنة للنساء» (ص: 156).
(6)
صحيح: أخرجه أبو داود (463)، عن نافع عن عمر بهن وهو محمول على أنه أخذه عن ابن عمر والله أعلم.