الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلم يقل له: لو قصرت لأعلمتكم حتى تنووا القصر.
قلت: وفائدة هذا أن المسافر إذا صلى خلف إمام ببلدة فرآه قصر الصلاة فله أن يسلم معه ولا يشترط أن يكون قد نوى القصر قبل الصلاة.
[5]
صلاة من يقصر خلف المتم: وهذا جائز، لكن يُلزم المأموم حينئذ أن يتم صلاته أربعًا، حتى ولو كان اقتداؤه بإمامة لحظة:
- فعن موسى بن سلمة قال: «كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم» (1).
- وعن ابن عمر «أنه كان إذا صلى مع الإمام صلى أربعًا، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين» (2).
- وعن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر: المسافر يدرك ركعتين من صلاة القوم [يعني المقيمين] أتجزيه الركعتان أو يصلي بصلاتهم؟ قال: فضحك وقال: «يصلي بصلاتهم» (3).
لا يجوز الائتمام بمن يصلي صلاة يختلف فعلها عن فعل صلاته: كأن يصلي الظهر خلف من يصلي جنازة أو كسوفًا ونحوه، لأنه يفضي إلى مخالفة الإمام في الأفعال الظاهرة وهو لا يجوز.
أركان الصلاة
أركان الصلاة: أقوال وأفعال تتركب منها حقيقة الصلاة وماهيتها، فإذا تخلف واحد من هذه الأركان لم تتحقق الصلاة ولم يعتد بها شرعًا، ولا يُجبر بسجود السهو.
ترك الركن في الصلاة (4): من ترك الركن في الصلاة فلا يخلو من كونه:
(أ) تركه عمدًا: من ترك ركنًا من أركان الصلاة عمدًا بطلت صلاته، ولم تصح بالاتفاق.
(1) صحيح: أخرجه أحمد (1/ 216)، وابن خزيمة (952)، والبيهقي (3/ 153)، وانظر «الإرواء» (3/ 21).
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (694).
(3)
صحيح: أخرجه البيهقي (3/ 157)، وانظر «الإرواء» (3/ 22).
(4)
«ابن عابدين» (1/ 297، 318)، و «الدسوقي» (1/ 239، 279)، و «كشاف القناع» (1/ 385، 402).
(ب) تركه سهوًا أو جهلاً: فإن أمكن تداركه والإتيان به وجب بالاتفاق، فإن لم يمكن تداركه فسدت صلاته عند الحنفية، وعند الجمهور: تُلغى الركعة التي ترك منها الركن فقط، إلا أن يكون نسي تكبيرة الإحرام، فإنه يستأنف من جديد لأنه لم يدخل في الصلاة أصلاً.
وأركان الصلاة هي:
[1]
القيام في الفرض للقادر عليه:
(أ) لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِينَ} (1).
(ب) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب» (2).
(جـ) وقد أجمع العلماء على أن القيام ركن في صلاة الفرض لمن قدر على ذلك، وأجمعوا على أن المريض يسقط عنه القيام إذا لم يستطعه، فيصلي جالسًا، وكذلك يسقط القيام عمن يمكنه لكن يشق عليه مشقة شديدة أو يخشى به زيادة مرضه أو تباطؤ برئه:
فعن أنس بن مالك قال: «سقط النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس فجُحِش (3) شقُّه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى بنا قاعدًان فصلينا وراءه قعودًا» (4).
قال ابن قدامة: «والظاهر أنه لم يكن يعجز عن القيام بالكلية لكن لما شقَّ عليه القيام سقط عنه، فكذلك يسقط عن غيره» اهـ (5).
فوائد:
(أ) تجوز صلاة النافلة على الراحلة في السفر مطلقًا سواء كان السفر طويلاً أم قصيرًا، ولا تجوز في الحضر وقد تقدم هذا في «شرط استقبال القبلة» .
(ب) تجوز صلاة النافلة جالسًا -ولو من غير عذر- لكن ثواب القائم أكبر، فصلاة القاعد أجرها على النصف من صلاة القائم:
(1) سورة البقرة، الآية:238.
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (1117)، وأبو داود (939)، والترمذي (369).
(3)
يعني: انخدش جلده وانقشر.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (378)، ومسلم (411) واللفظ له.
(5)
«المغنى» (2/ 571).
فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدًا، فقال صلى الله عليه وسلم:«إن صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد» (1).
قال الخطابي: المراد به: «المريض المفترض الذي يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة، فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم، ترغيبًا له في القيام مع جواز قعوده» اهـ. قال الحافظ (2): «وهو حمل متجه» اهـ. قلت: ووجه هذا الحمل قوله (ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد) ولا تجوز الصلاة للمضطجع من غير عذر -عند الجمهور- ولو في نافلة، لأنه لا يعرف أن أحدًا قطُّ صلى في الإسلام على جنبه وهو صحيح، ولو كان هذا مشروعًا لفعله المسلمون على عهد نبيِّهم صلى الله عليه وسلم أو بعده، ولفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرةً لتبيين الجواز (3).
وقد قال أنس: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يصلُّون قعودًا [من مرضٍ] فقال: «إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» (4).
قلت: هكذا حمل الخطابي حديث عمران على صلاة الفريضة واستحسنه الحافظ، وحمله الأكثرون على صلاة النافلة، فاستوى فيه المعذور وغيره، لأنه يدل على أن القيام في النافلة ليس ركنًا بل مستحب
…
ويؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة في السفر على راحلته دون الفريضة، وأما حديث أنس فلا معارضة فيه، لأن عموم إباحة الجلوس في النافلة لا تمنع ما كان فيه زيادة وصف المرض ولا يخصص به كما لا يخفى، والله أعلم.
ويؤيد هذا العموم ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة جالسًا كحديث عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدَّن وثَقُل كان أكثر صلاته جالسًا» (5) وكذا ما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح صلاة الليل قائمًا ثم يقعد، وسيأتي قريبًا.
(1) صحيح: أخرجه البخاري (1115)، والترمذي (371)، والنسائي (3/ 223)، وابن ماجه (1231).
(2)
«فتح الباري» (2/ 585) ط. المعرفة.
(3)
«مجموع فتاوى ابن تيمية» (23/ 235).
(4)
صحيح: أخرجه ابن ماجه (1229)، وأحمد (3/ 214) والزيادة له، وانظر «صفة صلاة النبي» (ص: 78).
(5)
صحيح: أخرجه مسلم (732).
فائدتان: الأولى: صلاة الجالس بعذر لا ينقص ثوابها: لأنه كان من عادته أن يصلي قائمًا وقد منعه المرض ونحوه فيكون له الأجر كاملاً لقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري (2996): «من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا» .
الثانية: من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ينقص ثوابه إن صلى النافلة من غير عذر قاعدًا (1):
لحديث عبد الله بن عمرو قال: حُديْثُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة» قال: فأتيتُه فوجدته يصلي جالسًا، فوضعت يدي على رأسه، فقال:«ما لك يا عبد الله بن عمرو؟» قلت: حُدِّثتُ يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدًا على نصف الصلاة، وأنت تصلي قاعدًا! قال:«أجل، ولكني لست كأحد منكم» (2).
(جـ) يجوز أن يستفتح القراءة في النافلة قاعدًا ثم يقوم باتفاق العلماء، لحديث عائشة رضي الله عنها:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسًا فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين آية أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك» (3).
(د) ويجوز أن يستفتح النافلة قائمًا ثم يقعد: للحديث السابق.
(هـ) صفة الجلوس: من صلى جالسًا فالأفضل أن يجلس على هيئة جلوسه للتشهد، ويفترش في حال القيام والركوع، لإطلاق حديثي عمران وعائشة المتقدمين، إذا المتبادر أن المراد بالجلوس: المعهود في الصلاة.
وإن كان يجوز «التربُّع» في الصلاة لا سيما لأجل العذر، فقد جاء هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (4) وعن بعض أصحابه (5).
أما مدُّ الرجلين في الجلوس في الصلاة فلا يجوز إلا لعذر.
(و) تجوز صلاة المضطجع لعذر: سواء في الفرض أو النفل إن لم يستطع
(1)«شرح مسلم» للنووي، و «فتح القدير» (1/ 46).
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (735)، والنسائي (1659)، وأبو داود (950).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (1119)، ومسلم (731).
(4)
أخرجه النسائي (3/ 224)، وابن خزيمة (2/ 236)، والبيهقي (2/ 305) وانظر «صفة صلاة النبي» (ص: 80).
(5)
ورد عن ابن عمر في «مصنف ابن أبي شيبة» (2/ 220).
القعود، وأما في النافلة من غير عذر فقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يُشرع لأنه لم يُنفل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه فعله ولو مرة، قلت: ولو تمسك أحد بظاهر حديث عمران المتقدم «ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد» فهل يسعه؟ الصحيح أن له ذلك، وهو مذهب ابن حزم في المحلى (3/ 56) ورجَّحه ابن عثيمين في «الممتع» (4/ 113).
(ز) صفة الاضطجاع: من صلى مضطجعًا، فيستحب أن يكون ذلك على جنبه الأيمن مستقبلاً بوجهه القبلة، لأنه السنة في النوم، ولحديث عائشة:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبلاً بوجهه القبلة، لأنه السنة في النوم، ولحديث عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعُّله وترجُّله وطهوره وفي شأنه كله» (1).
فإن كان لا يستطيع الاضطجاع إلا على هيئة معينة، فهو المتعين له، والله أعلم.
القيام في الفريضة في الطائرة والسفينة:
من كان في طائرة أو سفينة فيجب عليه القيام -في صلاة الفريضة- إن استطاع، فإن خاف السقوط أو الغرق ونحو ذلك فهو غير مستطيع للقيام، فله أن يصلي جالسًا إيماءً بركوع وسجود، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة؟ فقال:«صلِّ فيها قائمًا، إلا أن تخاف الغرق» (2).
الاعتماد على شيء في القيام:
من صلى وهو متكئ على حائط أو عصًا ونحو ذلك، فإن كان لعذر، فهذا مما اتفق العلماء على جوازه، لدعاء الحاجة إليه، وقد قال الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3). وعن أم قيس بنت محصن: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسنَّ وحمل اللحم، اتخذا عمودًا في مصلَاّه يعتمد عليه» (4).
إذا صلى خلف إمام جالسٍ لعذر: فيصلي جالسًا على الأصل كما سيأتي تحريره في «صلاة الجماعة» .
[2]
تكبيرة الإحرام: وهي ركن من أركان الصلاة باتفاق عامة أهل العلم لما يأتي:
(1) صحيح: تقدم تخريجه مرارًا.
(2)
صححه الألباني: أخرجه البزار (68) وغيره، وانظر «صفة صلاة النبي» (ص: 79).
(3)
سورة التغابن، الآية:16.
(4)
صححه الألباني: أخرجه أبو داود (948) والبيهقي (2/ 288)، الحاكم (1/ 264)، وانظر «الصحيحة» (319).
1 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» (1).
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر
…
» (2).
3 -
وفي لفظ لحديث المسيء صلاته: «إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يقول: الله أكبر» (3).
4 -
وعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير» (4).
فلا يجزئ للدخول في الصلاة غير قوله (الله أكبر)، وهذا مذهب الثوري ومالك وأحمد والشافعي [إلا أنه أجاز قوله: الله أكبر] وهو مروي عن ابن مسعود، وخالف أبو حنيفة فقال: تنعقد الصلاة بكل اسم لله تعالى على وجه التعظيم مثل: الله العظيم أو الكبير أو الجليل، أو سبحان الله، أو الحمد لله ونحو ذلك قال: فالجميع ذكر (!!) وقياسًا على الخطبة حيث لم يتعيَّن لفظها (!!) ولا شك أنه قياس في مقابل النص وهو فاسد، والصحيح مذهب الجمهور (6).
لا يصح بغير العربية للقادر عليها:
لا يصح التكبير بغير العربية للقادر عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يكبِّر بالعربية ولم يعدل عن ذلك أبدًا، وهو القائل:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (7).
وأما غير القادر على التكبير بالعربية، فالواجب عليه تعلُّمه -وهو يسير- فإن
(1) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (61) والترمذي (3)، وصححه في «الإرواء» (301) وقد يُنازع فيه.
(2)
صحيح: تقدم بتمامه وتخريجه.
(3)
صححه الألباني: أخرجه الطبراني (5/ 38) وانظر «صفة الصلاة» (ص: 86).
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (498).
(5)
«تهذيب السنن» لابن القيم (1/ 49).
(6)
«ابن عابدين» (1/ 442)، و «المدونة» (1/ 62)، و «الأم» (1/ 100)، و «المجموع» (3/ 233)، و «المغنى» (1/ 333).
(7)
صحيح: أخرجه البخاري (631)، وأحمد (5/ 53) من حديث مالك بن الحويرث.
خاف خروج الوقت قبل أن يتعلمه، أو لم يحسن التكبير بالعربية مطلقًا، فإنه يكبِّر بلغته. والله أعلم.
[3]
قراءة الفاتحة في كل ركعة:
قراءة الفاتحة ركن في كل ركعة من كل صلاة فرضًا أو نفلاً، جهرية كانت أو سرية، وإليه ذهب الثوري ومالك والشافعي وأحمد في المشهور منه، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن أبي العاص (1).
والدليل على هذا:
1 -
حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (2).
2 -
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، هي خداج، هي خداج، غير تمام» (3) والصلاة لناقصة لا تسمى صلاة حقيقة، ومما يدل على أن النقص المراد هنا الذي لا تجزئ الصلاة معه في تمام هذا الحديث عند مسلم: قال أبو السائب: قلت لأبي هريرة: إني أكون أحيانًا وراء الإمام؟ قال: فغمز أبو هريرة ذراعي وقال: «اقرأ بها في نفسك» .
3 -
في رواية رفاعة بن رافع لحديث «المسيء صلاته» قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «.. ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت
…
ثم اصنع ذلك في كل ركعة» (4).
وذهب أبو حنيفة -وهو رواية عن أحمد- إلى أن الفاتحة لا يتعيَّن قراءتها، وأنه تجزئ قراءة آية من القرآن، وحجة هذا القول:
1 -
قوله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ .... فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (5).
وأجيب: بأن الآية الكريمة تحتمل أن المراد بها: الفاتحة وما تيسر معها،
(1)«المدونة» (1/ 66)، و «الأم» (1/ 93)، و «المجموع» (3/ 285)، و «المغنى» (1/ 343)، و «الأوسط» (3/ 101).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (756)، ومسلم (394) وغيرهما.
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (41)، وأبو داود (821)، والنسائي (2/ 135)، والترمذي (312)، وابن ماجه (838).
(4)
أخرجه أحمد (18225) وقوله (اقرأ بأم القرآن) شاذ انفرد به إسحاق بن عبد الله، كما حرَّره شيخنا أبو عمير -حفظه الله- في «شفاء العي» (1/ 192).
(5)
سورة المزمل، الآية:20.
ويحتمل أنها نزلت قبل نزول الفاتحة، لأنها نزلت بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، فنسخه الله تعالى عنه بها.
2 -
في حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته قال صلى الله عليه وسلم: «ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن» (1).
وأجيب بأن قوله (ما تيسَّر): مجمل مبيَّن، أو مطلق مقيد، أو مبهم مفسَّر برواية (اقرأ بأم القرآن)[إن صحت!!] لأن الفاتحة كانت هي المتيسِّرة لحفظ المسلمين لها، وقيل: إن المراد بـ «ما تيسر» فيما زاد على الفاتحة جمعًا بين الأدلة.
3 -
أن الفاتحة لو كانت ركنًا لوجب تعلمها ولما عدل النبي صلى الله عليه وسلم عنها -عند التعذر- إلى بدلها كما في لفظ لحديث المسيء صلاته: «فإن كان معك قرآن وإلا فاحمد الله
…
» (2).
وأجيب بأن هذا فرضه حين لا قرآن معه، على أنه يمكن تقييده بعدم الاستطاعة لتعلم القرآن كما في حديث ابن أبي أوفى: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا فعلمني ما يجزيني في صلاتي، فقال:«قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله» (3).
قلت: ولا شك أن مذهب الجمهور أقوى، وهو الذي يتعين المصير إليه، فلا تصح الصلاة التي لا يقرأ فيها بالفاتحة لمن استطاع حفظها، لحديث عبادة المتقدم ولا يعكِّر عليه شيء مما تقدم، لأنه -على أقل تقدير- تضمن حكمًا زائدًا على الآية وحديث المسيء فيتحتم الأخذ به.
ثم إن ظواهر هذه الأحاديث إذا ضُمت إلى حديث أبي قتادة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب» (4) ومع حمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث «المسيء صلاته» : «ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» على أن المراد في كل ركعة، دلَّ ذلك كله على ركنية قراءة الفاتحة في كل ركعة من غير فرق بين الإمام والمأموم وبين إسرار الإمام وجهره على ما سيأتي تحريره.
(1) صحيح: تقدم مرارًا.
(2)
صحيح: أخرجه أبو داود (856).
(3)
حسنه الألباني: أخرجه أبو داود (832) وغيره، وانظر «الإرواء» (303).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (759) بمعناه.
قراءة البسملة في أول الفاتحة:
اختلف أهل العلم في حكم قراءة البسملة في أول الفاتحة، تبعًا لاختلافهم في مسألة: هل (بسم الله الرحمن الرحيم) آية من الفاتحة أم لا؟
والصحيح أن البسملة آية من القرآن قبل كل سورة إذ أُثبتت في المصحف، وإن كانت -على الأرجح- ليست آية من الفاتحة، فيجب قراءتها قبل الفاتحة كما ذهب إليه الجمهور، والله أعلم.
من لم يستطع حفظ الفاتحة:
قال الخطابي (1): «الأصل أن الصلاة لا تجزئ إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على من أحسنها دون من لا يحسنها، فإذا كان المصلي لا يحسنها ويحسن غيرها من القرآن، كان عليه أن يقرأ منه قدر سبع آيات، لأن أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلها من القرآن، وإن كان ليس في وسعه أن يتعلم شيئًا من القرآن، لعجز في طبعه، أو سوء في حفظه، أو عُجْمة في لسانه، أو عاهة تعرض له، كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم من التسبيح والتحميد والتهليل
…
» اهـ.
قلت: وهو قوله صلى الله عليه وسلم لمن لم يستطع حفظ الفاتحة: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله» (2).
[4]
، [5] الركوع: والطمأنينة فيه:
الركوع ركن في كل ركعة من الصلاة بإجماع أهل العلم (3)، ومستنده:
1 -
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا
…
} (4).
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «ثم اركع حتى تطمئن راكعًا» (5).
3 -
مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه في كل ركعة من كل صلاة، مع قوله:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (6).
(1) معالم السنن.
(2)
تقدم قريبًا.
(3)
«مراتب الإجماع» لابن حزم (ص: 26).
(4)
سورة الحج، الآية:77.
(5)
صحيح: تقدم مرارًا.
(6)
صحيح: تقدم قريبًا.
وأقل ما يجزئ في الركوع: أن ينحني بحيث تمس يداه ركبتيه، وقيل: أن ينحني بحيث يكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى القيام التام.
وأما الطمأنينة: فلقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم اركع حتى تطمئن راكعًا» .
ولقوله: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود» (1).
وهي ركن في الركوع -والسجود- عند الجمهور خلافًا لأبي حنيفة (2).
وتتحقق الطمأنينة: «لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء
…
ثم يركع ويضع يديه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي» (3) وقيل: بمقدار الذكر الواجب في الركوع.
[6، 7] الاعتدال بعد الركوع والطمأنينة فيه:
لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «
…
ثم ارفع حتى تطمئن رافعًا».
وفي حديث أبي حميد -في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقارٍ مكانه» (4) وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
ويدخل في ركن الاعتدال: الرفع من الركوع لاستلزامه له.
[8، 9] السجود، والطمأنينة فيه:
والسجود في كل ركعة مرتين من أركان الصلاة بالإجماع، ومستنده:
1 -
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (5).
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا» .
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود» (6).
(1) صحيح: أخرجه النسائي (2/ 183)، والترمذي (264)، وأبو داود (840)، وابن ماجه (870).
(2)
«المبسوط» (1/ 21)، و «المدونة» (1/ 71)، و «المجموع» (3/ 407)، و «المغنى» (1/ 360).
(3)
صحيح: أخرجه أبو داود (859)، والنسائي (2/ 20)، والترمذي (302)، وابن ماجه (460).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (828).
(5)
سورة الحج، الآية:77.
(6)
صحيح: تقدم مرارًا.
4 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب جبينه» (1).
5 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «أتموا الركوع والسجود، فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من بعد ظهري إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم» (2).
ولابد أن يكون السجود على الأعضاء السبعة: الكفان، والركبتان، والقدمان، والجبهة مع الأنف، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أُمرنا أن نسجد على سبع أعظُم: على الجبهة- وأشار بيده على أنفه- واليدين (وفي لفظ: الكفين) والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر» (3).
[10، 11] الجلوس بين السجدتين، والطمأنينة فيه:
وهو ركن من أركان الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته:«ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا» .
وعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسًا» (4).
وبركنيته قال الشافعي وأحمد، ولم ينقل فيه عن مالك شيء، وأما أبو حنيفة فيكفي عنده أن يرفع رأسه مثل حد السيف!! (5).
[12، 13] التشهد الأخير، والجلوس فيه:
وهو ركن من أركان الصلاة تبطل الصلاة بتركه عمدًا أو سهوًا، لما يأتي:
1 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال «كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل السلام على ميكائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: السلام على الله، لكن قولوا التحيات لله
…
إلى آخره» (6).
وهو دليل على أنه فُرض بعد أن لم يكن مفروضًا.
(1) صححه الألباني: أخرجه الدارقطني (1/ 348) وانظر «صفة الصلاة» (ص: 142).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (418)، ومسلم (424).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (812)، ومسلم (490).
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (498)، وابن ماجه (893).
(5)
«الأم» (1/ 100)، و «المجموع» (3/ 412)، و «المغنى» (1/ 375)، «المدونة» (1/ 70)، و «ابن عابدين» (1/ 474).
(6)
صحيح: أخرجه بلفظ (قبل أن يفرض علينا)، النسائي (3/ 40)، والبيهقي (2/ 138)، وانظر «الإرواء» (319) وأصله في «الصحيحين» .
2 -
حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قعد أحدك في الصلاة فليقل: التحيات لله
…
» (1).
3 -
مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على فعله.
وهذا مذهب الشافعي وأحمد، ومذهب مالك أنه سنة وليس بركن إلا الجزء الذي يوقع فيه التسليم (!!) وعند أبي حنيفة الجلوس قدر التشهد ركن، أما التشهد فلا يجب (!!)(2) ولم يأت القائلون بعدم وجوبه بحجة إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلِّمه للمسيء صلاته، نعم يصلح هذا حجة إذا تقرر أن حديث المسيء متأخر عن إيجاب التشهد، أما إذا كان حديث المسيء متقدمًا فلا مانع من أن يتجدد إيجاب واجبات لم يشتمل عليها، لأن قصر الواجبات على حديث المسيء فقط وإهدار الأدلة الواردة بعده -تخيلاً لصلاحيته لصرف كل دليل يرد بعده- دالاً على الوجوب- سدٌّ لباب التشريع، وردٌّ لما تجدد من واجبات الصلاة، فإن جهل التاريخ كان القول بالوجوب أرجح لأنه قد وُجِد ما يقضي الوجوب، ولم يتيقن ما يصرفه عن ذلك، فوجب على الموجب عملاً بدليله (3).
صيغة التشهد:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفىَّ بين كفَّيْه، كما يعلِّمني السورة من القرآن:«التحيات لله والصلوات لله والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» (4).
وهذا أصح صيغ التشهد، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وجمهور أهل العلم (5)، وإن كان العلماء قد اتفقوا على جواز جمع صيغ التشهد الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي بعضها.
(1) صحيح: أخرجه البخاري (831)، ومسلم (402).
(2)
«الأم» (1/ 102)، و «المغنى» (1/ 387)، و «مواهب الجليل» (2/ 525)، و «المبسوط» (1/ 29).
(3)
«السيل الجرار» (1/ 219)، و «نيل الأوطار» (2/ 309) ط. الحديث.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (6265)، ومسلم (402).
(5)
«الأوسط» لابن المنذر (3/ 207)، و «المحلى» (3/ 207).
فائدة:
قد ورد في بعض طرق حديث ابن مسعود هذا ما يقتضي المغايرة في قوله (السلام عليك أيها النبي) بين زمانه صلى الله عليه وسلم فيقال بلفظ الخطاب، وبين ما بعده فيقال بلفظ الغيبة: (السلام على النبي
…
) ففي لفظ عند البخاري (6265) بعد سياق التشهد قال ابن مسعود: «وهو بين ظهرانينا، فلما قُبض قلنا: السلام، يعني على النبي» وقواه الحافظ في «الفتح» (2/ 366) فقال: «قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعًا قويًّا، قال عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء: «أن الصحابة كانوا يقولون والنبي صلى الله عليه وسلم حي: السلام عليك أيها النبي، فلما مات قالوا: السلام على النبي» وهذا إسناد صحيح اهـ.
قال العلامة الألباني رحمه الله: «ولابد أن يكون ذلك بتوقيف منه صلى الله عليه وسلم ويؤيده أن عائشة رضي الله عنها كذلك كانت تعلمهم التشهد في الصلاة» (1) اهـ.
[14]
التسليم:
ذهب الجمهور -خلافًا لأبي حنيفة- إلى أن التسليم ركن في الصلاة لما يأتي:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «
…
وتحليلها التسليم» (2).
2 -
وعن عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم الصلاة بالتسليم» (3).
3 -
مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على التسليم.
وقد قيل إن هذه الأدلة لا تنهض للحكم بالركنية، لأنه لم يذكر التسليم في حديث «المسيء» إلا أن يُعلم تأخر حديث على:«تحليلها التسليم» كذا قال الشوكاني (4).
قلت: هو هنا قد خالف ما كان قرره -فيما نقلته عنه في إيجاب التشهد- من أنه إذا لم يُعلم التاريخ كان القول بالوجوب أرجح للنص الموجب، لكن .. الذي يمكن أن يناقش هو صحة حديث على:«تحريمها التكبير وتحليلها التسليم» فمن صح عنده لزمه القول بالركنية، والذي يظهر أنه يدل على الركنية كذلك ما يأتي:
4 -
حديث أبي سعدي الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته
(1)«صفة صلاة النبي» (ص: 161) وعزاه أثر عائشة للسراج والمخلص في «فوائده» بسندين صحيحين عنها.
(2)
صححه الألباني: وقد تقدم.
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (498)، وأبو داود (783).
(4)
«نيل الأوطار» (2/ 352 - الحديث).
فلم يدْرِ كم صلى ثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرح الشك وليَبْنِ على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم» (1).
5 -
وفي حديث ابن مسعود -في سجود السهو-: «.. فليتحرَّ الذي يرى أنه صواب ثم يُسلِّمْ ثم يسجد سجدتي السهو» (2).
وفيهما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسليم من كل صلاة حتى التي يسهو فيها، وهذا الأمر مع ما تقدم يشعر بفرضيَّة التسليم، والله أعلم.
وأما أبو حنيفة فقال: التسليمتان اختيار، وليس السلام من الصلاة فرضًا، بل إذا قعد مقدار التشهد فقد تمت صلاته!! واستُدل له برواية لحديث ابن مسعود في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم له التشهد:«فإذا قلت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد» (3).
وهذه الزيادة مدرجة في الحديث باتفاق الحفاظ، بل الذي صح عن ابن مسعود إيجاب السلام فرضًا بلفظ:«مفتاح الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم [إذا سلم الإمام فقم إن شئت]» (4).
هل تجزئ تسليمة واحدة؟ أم تسليمتان؟ (5)
ذهب الشافعية والمالكية وجمهور العلماء إلى أن الركن التسليمة الأولى، أما الثانية فسنَّة، وقال ابن المنذر: وكلُّ من أحفظ عنه من أهل العلم يجيز صلاة من اقتصر على تسليمة، وأُحب أن يسلم تسليمتين. اهـ.
قال النووي: أجمع العلماء الذين يعتدُّ بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة!!
قلت: بل خالف في هذا أحمد بن حنبل -في رواية عنه- فأوجب التسليمتين وهو المذهب عند الحنابلة، وبه قال ابن حزم وأهل الظاهر وبعض المالكية والحسن ابن صالح، واستدلوا بما يلي:
(1) صحيح: يأتي في «سجود السهو» .
(2)
صحيح: يأتي في «سجود السهو» .
(3)
أخرجه أبو داود (968)، وأحمد (1/ 129)، والدارقطني (1/ 353)، وانظر «المحلى» (3/ 278).
(4)
إسناده صحيح: أخرجه ابن حزم في «المحلى» (3/ 279)، والبيهقي في «الخلافيات» كما في «النيل» (2/ 251).
(5)
«الأم» (1/ 121)، و «المجموع» (3/ 425)، و «الدسوقي» (1/ 241)، و «كشاف القناع» (1/ 361)، و «الأوسط» (3/ 223).
1 -
مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على التسليمتين مع قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولم يصح عندهم أنه سلم تسليمة واحدة.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما رآهم يشيرون بأيديهم عند التسليم: «
…
إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ويسلم على أخيه من على يمينه وشماله» (1). قالوا: وما دون الكفاية لا يكون مجزئًا.
واستدل الجمهور على إجزاء تسليمة واحدة بما يلي:
1 -
حديث: «
…
وتحليلها التسليم» قالوا: وهذا لفظ مطلق يصدق على التسليمة الواحدة.
2 -
حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ وفيه: «فلا يقعد في شيء منهن إلا في الثامنة، فإنه يقعد فيها للتشهد، ثم يقوم ولا يسلم فيصلي ركعة واحدة، ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا» (2) ولفظ مسلم (746): «
…
ثم يسلِّم تسليمًا يسمعناه» محتمل للتسليمة والتسليمتين، إلا أن التسليمة الواحدة قد ثبتت عن جماعة من الصحابة منهم أنس وابن عمر.
فائدتان:
[1]
أقل ما يجزئ في التسليم لفظ (السلام عليكم) على الأصح وأكمله وأفضله (السلام عليكم ورحمة الله) يمينًا وشمالاً.
[2]
هل يزاد (وبركاته) في التسليم (3)؟
- الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسليم هو قوله: (السلام عليكم ورحمة الله) عن يمينه وشماله، وقد ورد هذا عنه صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحيحة من حديث: جابر بن سمرة، وابن عمر، وابن مسعود.
- أما زيادة (وبركاته): فلم ترد مرفوعة بإسناد محتمل إلا من طريق موسى ابن قيس عن سلمة بن كهيل عن علقمة عن وائل بن حجر، وقد غمز الدارقطني
(1) صحيح: أخرجه مسلم (431).
(2)
صحيح: أخرجه أحمد (1/ 236)، وانظر «الإرواء» (2/ 32 - 34).
(3)
هذا خلاصة بحث طيِّب أعدَّه أخونا إبراهيم الشيخ -أثابه الله- بعنوان «ألفاظ التسليم من الصلاة» وقد قدَّم له شيخنا مصطفى العدوي، رفع الله قدره.