الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب بأن هذا إنما يكون دليلاً لو كان سجود السهو مختصًّا بترك ما ليس بواجب وذلك ممنوع (1).
بل إن سجود السهو لا يشرع إلا لترك واجب، «لأن الأصل منع الزيادة في الصلاة، وسجود السهو قبل السلام زيادة في الصلاة، ولا ينتهك هذا المنع إلا لفعل واجب، فإذا وجب سجود السهو لتركه دلَّ ذلك على وجوبه، وإلا لكان وجوده وعدمه سواء» (2).
الإسرار بالتشهد: أجمع العلماء على الإسرار بالتشهدين وكراهة الجهر بهما، لأنه لم ينقل الجهر بهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس توارثت الإخفاء بالتشهد من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، والتوارث كالتواتر (3).
سنن الصلاة
سنن الصلاة: هي أقوال وأفعال يُستحب الإتيان بها في الصلاة، يُثاب فاعلها، ولا تبطل الصلاة بتركها ولو عمدًا، ولا يُشرع بتركها سجود السهو.
وليعلم أن في هذا الباب أمور مجمعًا عليها لا مندوحة عن الإتيان بها، وأمورًا أخرى اختلف العلماء فيها، فكان الأنسب في هذا المقام أن أثبت ما صح دليل مشروعيته دون غيره دون التعريج على أوجه الاختلاف فيه، خشية الإطالة، ولأن المقصود معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته للاقتداء به، ولا يضر بعذ ذلك مخالفة من خالف كائنًا من كان.
وقد قسمت هذه السنن إلى قولية وفعلية:
السنن القولية:
1 -
القراءة بعد الفاتحة:
فَتُسَنُّ قراءة سورة في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة بإجماع العلماء، وكذلك تسن قراءتها -أحيانًا- في الثالثة والرابعة:
فعن أبي قتادة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، ويسمعنا الآية أحيانًا، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب» (4).
(1)«السيل الجرار» (1/ 229).
(2)
«الشرح الممتع» (3/ 443 - 444).
(3)
«المبسوط» (1/ 32)، وانظر «الأوسط» (3/ 207)، و «المجموع» (3/ 444).
(4)
أخرجه مسلم (421)، ونحوه وفي البخاري (759).
وأما القراءة في الثالثة والرابعة فلحديث أبي سعيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الآخريين قدر خمس عشرة آية
…
الحديث» (1).
ويستفاد من الحديث السابق أيضًا: أنه يستحب أن تكون القراءة في الأوليين أكثر من القراءة في الأخريين.
ويستحب كذلك ترتيل القراءة وتدبرها بالإجماع، ويكره الإفراط في الإسراع في القراءة بالإجماع، ولقوله تعالى:{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} (2).
ويستحب سؤال الله تعالى والاستعاذة به عند ذكر آيات الرحمة والعذاب.
فعن حذيفة قال: «صليت من النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة
…
يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مَرَّ بتعوذ تعوذ ثم ركع» رواه مسلم.
ويستحب -في الصلاة- أن يقول: «سبحان الله» إذا قرأ قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (3).
وإذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (4).
أن يقول: «سبحانك فبلى» . لثبوت الدليل فيهما.
ولا يشرع إذا قرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (5) أن يقول: «بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين» .
ولا أن يقول إذا قرأ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (6): «آمنا بالله» . ولا أن يقول إذا قرأ الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (7): «استعنت بالله» .
فإن هذا كله لا يثبت الحديث فيه.
(1) أخرجه مسلم (452).
(2)
سورة المزمل، الآية:4.
(3)
سورة الأعلى، الآية:1.
(4)
سورة القيامة، الآية:40.
(5)
سورة التين، الآية:8.
(6)
سورة المرسلات، الآية:50.
(7)
سورة الفاتحة، الآية:5.
2 -
الذكر في الركوع بما يأتي:
1 -
«اللهم لك ركعتُ، ولك أسلمت وبك آمنت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي» (1).
2 -
قوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» (2).
3 -
«سُبَّوحٌ قُدُّوس رب الملائكة والروح» (3).
4 -
«سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» (4).
3 -
الذكر بعد القيام من الركوع وبعد «ربنا لك الحمد» بما يأتي:
1 -
2 -
«ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه» (6).
4 -
الذكر في السجود بما يأتي:
1 -
2 -
«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» (8).
3 -
«سبوح قدوس رب الملائكة والروح» (9).
4 -
«سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» (10).
5 -
الإكثار من الدعاء في السجود، لقوله صلى الله عليه وسلم:«وأما السجود فاجتهدوا في الداء، فقمن أن يستجاب لكم» (11).
(1) أخرجه مسلم (771)، والترمذي (4317)، وأبو داود (760)، والنسائي (2/ 130).
(2)
أخرجه البخاري (2/ 247)، ومسلم (484) وغيرهما.
(3)
أخرجه مسلم (487)، وأبو داود (872).
(4)
أخرجه أبو داود (873)، والنسائي (2/ 191) بسند حسن.
(5)
أخرجه مسلم (477)، والنسائي (2/ 198).
(6)
أخرجه البخاري (2/ 237)، وأبو داود (770)، والنسائي (2/ 196)، والترمذي (404).
(7)
أخرجه مسلم (771) وقد تقدم.
(8)
تقدم ثلاثتهم قريبًا في (الذكر في الركوع).
(9)
تقدم تخريجه.
(10)
أخرجه مسلم (483).
(11)
أخرجه مسلم (483).
بمعنى: فجدير وحقيق أن يستجاب لكم.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دِقَّهُ وجِلَّه وأوله وآخره وعلانيته وسرَّه» (1).
5 -
الدعاء بين السجدتين بما يأتي:
1 -
«اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني» (2).
2 -
«رب اغفر لي .. رب اغفر لي» (3).
6 -
الصلاة على النبي بعد التشهد الأول والأخير:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه ويدعو ثم يسلم
…
» (4).
وأفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
7 -
الدعاء بعد التشهد الأول والثاني:
فأما بعد الأول: فلقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع ربه عز وجل» (5).
وأما بعد الثاني: فلقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ
(1) أخرجه أبو داود (850)، والترمذي (284) وصححه الألباني.
(2)
أخرجه أبو داود (874)، والنسائي (3/ 226) وانظر «الإرواء» (335).
(3)
أخرجه مسلم (746).
(4)
أخرجه البخاري (6357)، ومسلم (406) وغيرهما.
(5)
تقدم تخريجه.
بالله من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال (1) وفي رواية:«ومن المأثم والمغرم» .
وقد ثبت أدعية أخرى بين التشهد والتسليم ومنها:
1 -
2 -
8 -
التسليمة الثانية:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلِّم تسليمتين، فعن عامر بن سعد عن أبيه قال:«كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده» (4).
والتسليمة الأولى ركن، أما الثانية فهي سنة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على الأولى: فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل إلى الشق الأيمن قليلاً» (5).
9 -
الذكر والدعاء بعد الصلاة:
أما الذكر فقد ثبت فيه أحاديث منها:
1 -
2 -
«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
(1) أخرجه البخاري (3/ 192)، ومسلم (588) وغيرهما.
(2)
أخرجه البخاري (2/ 265)، ومسلم (2705) وغيرهما.
(3)
أخرجه مسلم (771)، وأبو داود (760)، والترمذي (3417)، والنسائي (2/ 130).
(4)
رواه مسلم (1/ 582).
(5)
أخرجه الترمذي (295) بسند صحيح.
(6)
رواه مسلم (597).
قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون» (1).
3 -
4 -
كان صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته، استغفر ثلاثًا، وقال:«اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام» (3).
5 -
عن عقبة بن عامر قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمُعَوِّذات دُبُرَ كل صلاة» (4).
6 -
«من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت» (5).
وأما الدعاء بعد الصلاة:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة صيغ منها:
1 -
«اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» (6).
2 -
3 -
«رب قِني عذابَك يوم تبعث عبادك» (8).
4 -
(1) رواه مسلم (594).
(2)
رواه البخاري (844)، ومسلم (471).
(3)
رواه مسلم (591).
(4)
رواه أبو داود (1523)، والترمذي (2903)، والنسائي (1336) بسند حسن.
(5)
رواه ابن السني بسند حسن.
(6)
أخرجه أبو داود (1508)، والنسائي (3/ 53) بسند صحيح.
(7)
أخرجه البخاري (2822)، والترمذي (3562)، والنسائي (8/ 266).
(8)
أخرجه مسلم (709).
(9)
أخرجه مسلم (771) وقد تقدم.