الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا مذهب الشافعي وابن حزم (1).
تحريم بناء المساجد على القبور:
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (2).
وعن جندب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك» (3).
صلاة الجمعة
(4)
من فضائل يوم الجمعة:
1 -
يوم الجمعة أفضل الأيام عند الله تعالى: فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة» (5).
وقد أقسم الله تعالى به في كتابه فقال سبحانه: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} (6).
وقال أبو هريرة: «اليوم الموعود يوم القيامة، والشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة» (7).
2 -
وقد أوقع الله تعالى فيه أمورًا عظيمة:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي يوم الجمعة مصيخة (8) حتى تطلع
(1)«المحلى» (4/ 243).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (1330)، ومسلم (531).
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (532)، والنسائي في «الكبرى» (11123)، وأحمد (1/ 195).
(4)
هذا الباب مُستَلٌّ باختصار من كتابي: «اللمعة في آداب وأحكام الجمعة» .
(5)
صحيح لغيره: أخرجه أحمد (2/ 457)، وعبد الرزاق (5563)، وابن حبان (2759)، والبغوي (1062)، وله شواهد.
(6)
إسناده صحيح: أخرجه ابن جرير (30/ 82)، والحاكم (2/ 519)، والبيهقي (3/ 170) وقد روى مرفوعًا ولا يصح.
(7)
سورة البروج، الآية:3.
(8)
أي: مستمعة مصغية.
الشمس شفقًا من الساعة، إلا ابن آدم،
وفيه ساعة لا يصادفها مؤمن وهو [قائم] يصلي فيسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه إياه» (1).
3 -
أنه يوم عيد للمسلمين، أكمل الله فيه دينه وأتم نعمته:
فعن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال: أيُّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً} (2). قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة» (3).
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني جبر يل بمثل المرآة البيضاء، فيها نكتة سوداء، قلت: يا جبريل، ما هذه؟ قال: هذه الجمعة، جعلها الله عيدًا لك ولأمَّتِك
…
» (4).
4 -
أن في صلاة الجمعة وفي شهودها فضائل عظيمة: يأتي طرف منها في موضعه إن شاء الله.
ما يُفعل ليلة الجمعة ويومها:
1 -
يُكره تخصيص ليلة الجمعة بالقيام أو يومها بالصيام:
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تخصوا ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم» (5).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (854) مختصرًا، ومالك (1/ 108)، ومن طريقه أبو داود (1046)، والترمذي (491).
(2)
سورة المائدة، الآية:3.
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (45)، ومسلم (3017)، والترمذي (3043)، والنسائي (8/ 114).
(4)
حسن: أخرجه أبو يعلى (4213) وغيره بسند حسن.
(5)
صحيح: أخرجه مسلم (1144)، والنسائي في «الكبرى» (2751)، وأحمد (2/ 444)، وأصله في البخاري (1985) بدون ذكر الصلاة.
2 -
يستحب أن يقرأ في صلاة فجرها بالسجدة والإنسان:
لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان يقرأ في الصبح يوم الجمعة بـ «آلم تنزيل» [السجدة] في الركعة الأولى، وفي الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً} (1)(2).
تنبيهان (3):
(أ) يظن كثير ممن لا علم عنده أن المراد تخصيص هذه الصلاة بسجدة زائدة، ويسمونها سجدة الجمعة، وإذا لم يقرأ أحدهم بهذه السورة قرأ سورة أخرى فيها سجدة، وهذا غلط، والحق أن السجدة جاءت تبعًا وليست مقصودة حتى يقصد المصلي قراءتها.
(ب) لا يستحب أن يقرأ فيها سجدة أخرى، باتفاق الأئمة.
3 -
ويُستحب الإكثار يوم الجمعة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
فعن أوس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خُلق آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ» .
فقال رجل: يا رسول الله، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرَمْتَ (أي: بليت) قال: «إن الله عز وجل حرَّم على الأرض [أن تأكل] أجساد الأنبياء» (4).
4 -
ويستحب قراءة سورة الكهف:
لحديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين» (5).
5 -
الإكثار من الدعاء رجاء موافقة ساعة الإجابة: فقد تقدم في حديث أبي هريرة مرفوعًا: «فيه ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه
…
» (6).
(1) سورة الإنسان، الآية:1.
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (891)، ومسلم (880) وغيرهما.
(3)
«مجموع الفتاوى» (24/ 205)، و «زاد المعاد» (1/ 375).
(4)
صحيح: أخرجه أبو داود (1047)، والنسائي (3/ 91)، وابن ماجه (1085)، وأحمد (4/ 8) وغيرهم.
(5)
صحيح: أخرجه الحاكم (2/ 368)، والبيهقي (3/ 249).
(6)
صحيح: تقدم قريبًا.
وساعة الإجابة آخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة على الراجح:
لحديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم الجمعة اثنتا عشرة -يريد ساعة- لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئًا إلا أتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر» (1).
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوا الساعة التي تُرجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس» (2).
حكم صلاة الجمعة:
صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم مكلف إلا من استثناه الدليل، والأصل في فضلها الكتاب
والسنة وإجماع الأمة:
1 -
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (3).
2 -
عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رواح الجمعة واجب على كل محتلم وعلى من راح الجمعة، الغُسل» (4).
3 -
وعن ابن عمر وأبي هريرة سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على أعود منبره: «لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجُمُعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين» (5).
4 -
وعن أبي الجعد الضمري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ترك ثلاث جُمع تهاونًا بها، طبع على قلبه» (6).
5 -
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد
(1) صحيح: أخرجه أبو داود (1046)، والنسائي (3/ 99) واللفظ له.
(2)
حسن بطرقه: أخرجه الترمذي (489)، ومن طريقه البغوي (1051)، وانظر «صحيح الترغيب» (793).
(3)
سورة الجمعة، الآية:9.
(4)
صحيح: أخرجه النسائي (3/ 89)، وأبو داود (342)، وابن الجارود (287)، والبيهقي (3/ 172).
(5)
صحيح: أخرجه مسلم (865)، والنسائي (3/ 88)، وابن ماجه (794)، والدارمي (1570).
(6)
صحيح بطرقه: أخرجه أبو داود (1052)، والترمذي (500)، والنسائي (3/ 88)، وابن ماجه (1125).
هممتُ أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أُحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم» (1).
6 -
وقد أجمع المسلمون على وجوب الجمعة، وإنما الخلاف: هل هي من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات (2)، وقد ظهر من الأدلة السابقة أنها فرض على الأعيان، والله أعلم.
ويستثنى من وجوب الجمعة عليه: الصبي، والمرأة، والعبد المملوك، والمريض، والمسافر وسائر أصحاب الأعذار، فإن صلَاّها أحدهم صحَّت منه وأسقطت عنه فرض الظهر.
فعن طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجمعة حق واجب على كل محتلم إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض» (3).
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم
الجمعة، إلا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك» (4).
ومن الأعذار التي ترخص للمسلم التخلف عن الجمعة: البرد والمطر، لحديث ابن عباس:«أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، قال: فكأنَّ الناس استنكروا ذاك فقال: أتعجبون من ذا؟ قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض» (5).
الاستعداد لصلاة الجمعة:
الغُسْل لصلاة الجمعة:
يجب على من جاء إلى صلاة الجمعة -من المخاطبين بها- أن يغتسل في
(1) صحيح: أخرجه أبو داود (4398)، والنسائي (2/ 100)، والدارمي (2/ 171)، وابن ماجه (2041)، وأحمد (6/ 100).
(2)
«المغنى» (2/ 111) ط. الفكر، و «بدائع الصنائع» (1/ 256).
(3)
حسن بطرقه: أخرجه أبو داود (1067)، والدارقطني (2/ 3)، والبيهقي (3/ 183)، وانظر «الإرواء» (3/ 57).
(4)
حسن لشواهده: أخرجه الدارقطني (2/ 3)، وابن عدي في «الكامل» (6/ 2425)، وانظر «الإرواء» (3/ 57).
(5)
تقدم تخريجه.
أصح قولي العلماء، للأدلة التي تقدم ذكرها في «موجبات الغُسل» ، ومن ذلك: حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم محتلم» (1)، وحديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل» (2).
ومفهومه أن الغسل لا يشرع لمن لم يحضر الجمعة وبه قال الجمهور، فلا معنى لاغتسال من يرخَّصُ له في التخلف عن الجمعة (3).
فائدتان:
1 -
من أحدث بعد الاغتسال: فيجزئه الوضوء، فإن الحدث إنما يؤثر في الطهارة الصغرى، ولا يؤثر في المقصود من الغسل وهو التنظيف وإزالة الرائحة، ولأنه غسل كغسل الجنابة فلا يؤثر الحدث في إبطاله (4).
2 -
من أَجْنب يوم الجمعة يجزئه غسل واحد:
إذا أصابت الإنسان جنابة يوم الجمعة، فإنه يجزئه غسل واحد عن الجنابة والجمعة إذا نواهما، وهو قول أكثر أهل العلم، قالوا: وجدنا وضوءًا واحدًا وتيممًا واحدًا يجزئ عن جميع الأحداث الناقضة للوضوء، وغسلاً واحدًا يجزئ عن جنابات كثيرة، وغسلاً واحدًا يجزئ عن حيض أيام، وطوافًا واحدًا
يجزئ عن عمرة وحج في القران، فوجب أن يكون كذلك كل ما يوجب الغسل.
وخالف في هذا ابن حزم فقال بوجوب تعدد الغسل لتعدد أسبابه وأطال في نقد مذهب الجمهور فليراجعه من شاء (5).
ما يستحب قبل الذهاب إلى الجمعة:
1 -
مسُّ الطيب -إن وجده- إلا المحرم والمرأة:
فعن سلمان قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل الرجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طُهر، ويدهن من دهنه، ويمسُّ من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين
(1) صحيح: أخرجه البخاري (879)، ومسلم (846).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (877)، ومسلم (844).
(3)
«فتح الباري» (2/ 417)، و «الأوسط» (4/ 48).
(4)
«المغنى» (2/ 99).
(5)
«الأوسط» (4/ 43)، و «المجموع» (4/ 365)، و «المغنى» (2/ 99)، و «المحلى» (2/ 45).
اثنين ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى» (1).
وأما المحرم فلا يجوز له استعمال الطيب كما سيأتي في «الحج» .
وأما المرأة فالأدلة كثيرة ومتضافرة في تقرير تحريم خروجها متطيبة ولو للصلاة، ومن ذلك حديث زينب الثقفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا شهدت إحداكن العشاء (وفي رواية: المسجد) فلا تطيَّب تلك الليلة» (2).
2 -
دلك الأسنان بالسواك ونحوه:
لحديث أبي سعيد مرفوعًا: «الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستَنَّ وأن يمسَّ طيبًا إن وجد
…
» (3) والاستنان: دلك الأسنان بالسواك.
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة» (4).
3 -
التزين بلبس أحسن الثياب، وأفضلها البياض:
فعن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومسَّ من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة
…
كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها» (5) وخير الثياب البياض، لقوله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من الثياب البياض، فإنها خير
ثيابكم، وكفِّنوا فيها موتاكم» (6).
4 -
اجتناب ما يُتأذى برائحته: كأكل البصل والثوم ونحوهما والتدخين، وقد تقدم الكلام على هذا في صلاة الجماعة.
(1) صحيح: أخرجه البخاري (883)، وأبو داود (1113)، والدارمي (1541)، والبغوي (1058).
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (443)، والنسائي (2/ 260).
(3)
صحيح: تقدم قريبًا.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (887)، ومسلم (578).
(5)
صحيح لغيره: أخرجه أبو داود (343)، وأحمد (3/ 81)، والحاكم (1/ 283)، وابن حبان (2767).
(6)
صحيح: أخرجه أبو داود (3878)، والترمذي (994)، والنسائي (8/ 205)، وابن ماجه (1472)، وأحمد (1/ 247).