الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: وهو الكراهة، وإليه ذهب الحنفية والمالكية (1) وحجتهم ما أوردناه من أدلة في مسألة الصلاة على الجنازة في المصلى كما يستدلون بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له» (2).
الثاني: الجواز وهو مذهب الحنابلة (3) واستدلوا بحديث عائشة أنها قالت: «ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد» (4).
الثالث: الندب إذا أمن تلويث المسجد وهو مذهب الشافعية (5) واستدلوا بحديث عائشة المتقدم، وبأن الصلاة عليه في المسجد أشرف.
صلاة الجنازة على القبر:
اختلف أهل العلم في صلاة الجنازة على القبر لمن فاتته الصلاة على الجنازة على ثلاثة أقوال (6):
الأول: يُصلَّى عليه، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وابن حزم وغيرهم، واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى على قبر بعد ما دفن فكبر عليه أربعًا» (7).
2 -
حديث أبي هريرة: «أن أسود -رجلاً أو امرأة- كان يقم المسجد فمات، ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته فذكره ذات يوم فقال: «ما فعل ذلك الإنسان؟» قالوا: مات يا رسول الله، قال:«أفلا آذنتموني؟» فقالوا: إنه كان كذا وكذا -قصته-
(1)«فتح الباري» (3/ 224).
(2)
صححه الألباني. أخرجه أبو داود (3191)، وابن ماجه (1517)، وأحمد (2/ 444، 455، 505)، وانظر السلسلة الصحيحة (2352).
(3)
الموسوعة الفقهية (16، 36).
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (973).
(5)
الموسوعة الفقهية (16، 36).
(6)
«الأم» (1/ 414)، و «المجموع» (5/ 210)، و «المدونة» (1/ 170)، و «المغنى» (3/ 500)، و «نيل المآرب» (1/ 66)، و «سنن الترمذي» رقم (1037)، و «المحلى» (5/ 139)، و «البدائع» (1/ 314).
(7)
صحيح: أخرجه البخاري مطولاً (1247)، ومسلم (954) واللفظ له.
قال: فحقَّروا شأنه، قال:«فدلوني على قبره» فأتى قبره فصلَّى عليه» (1). وما في معناهما.
والقائلون بهذا القول منهم من أجاز الصلاة على القبر إلى ثلاثة أيام لا يصلَّى بعدها، ومنهم من أجازه إلى شهر، ومنهم: ما لم يبل جسده، ومنهم من أجازها أبدًا.
الثاني: لا تجوز الصلاة على القبر مطلقًا.
الثالث: لا تجوز الصلاة على القبر إلا إذا دفن قبل الصلاة عليه: والقولان مرويان عن النخعي وأبي حنيفة ومالك وحجتهم:
1 -
أدلة النهي عن الصلاة في المقبرة وإلى القبور.
2 -
احتجوا بزيادة وردت في حديث أبي هريرة - في قصة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل أو المرأة السوداء- أنه قال: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينوِّرها بصلاتي عليهم» (2).
فقالوا: الصلاة على القبر من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
الراجح: الأدلة ثابتة في الصلاة على القبر ثبوتًا لا يُقابل بغير القبول، فأمل فيمن لم يُصلَّ عليه فالأمر أوضح من أن يخفى ولا تزال الصلاة مشروعة عليه ما عَلم الناس أنه لم يُصلِّ عليه أحد، وأما فيمن قد صُلِّي عليه فلمثل حديث السوداء المتقدم، ومعلوم أن الميت لا يدفن في عصره صلى الله عليه وسلم بدون صلاة عليه (3).
وأما أدلة النهي عن الصلاة في المقبرة والصلاة إلى القبور فإنها مخصصة بما سوى صلاة الجنازة بلا شك، فإن الذي نهى عن ذلك هو الذي صلَّى على القبر، فهذا قوله وهذا فعله ولا يناقض أحدهما الآخر (4).
وأما دعوى الخصوصية فلا تنهض، لأنها خلاف الأصل ولا تثبت إلا بدليل، والزيادة التي احتجوا بها فالصواب أنها مدرجة في هذا الإسناد وهي من مراسيل
(1) صحيح: أخرجه البخاري (1337).
(2)
أخرجه بهذه الزيادة مسلم (956) من طريق أبي الربيع وأبي كامل ثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة.
(3)
«الروضة الندية» (1/ 171).
(4)
«المحلى» (5/ 139)، و «زاد المعاد» (1/ 195).