الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشق الجيب هو شق المرأة ثوبها من فتحة الصدر، ودعوى الجاهلية هي النياحة ونُدبة الميت (1) والدعاء بالويل.
4، 5 - حلق الشعر، ونشره وتفريقه:
فعن أبي بردة بن أبي موسى قال: «وَجِع أبو موسى وجعًا فغُشى عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا فلما أفاق قال: أنا برئ مما بريء منه رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة» (2).
والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق رأسها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.
وعن امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه: وأن لا نخمش وجهًا، ولا ندعو بويل، ولا نشق جيبًا، وأن لا ننشر شعرًا» (3).
ونشر الشعر: هو نفشه ونشره وتفريقه عند المصيبة، وهذا وما سبق كله حرام، فلينتبه لذلك.
غسل الميت:
حكمه (4): ذهب جمهور العلماء إلى أن غسل الميت فرض كفاية، بل نقل النووي الإجماع على ذلك!!
قال الحافظ: وهو ذهول شديد، فإن الخلاف فيه مشهور جدًا عند المالكية
…
اهـ، واستدل الجمهور بما يلي:
1 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم عطية والنسوة اللواتي غسلن ابنته: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا
…
» (5).
(1) الندبة هي التعديد المعروف عند النساء كقول إحداهن: يا سبعي، يا جملي مما هو مشهور، وفي البخاري (4268) «أن عبد الله بن رواحة أغمى عليه فجعلت أخته تبكي: واجبلاه واكذا، تُعَدِّد عليه، فقال حين أفاق: ما قلتِ شيئًا إلا قيل لي: أنت كذلك؟ فلما مات لم تبك عليه».
(2)
البخاري تعليقًا (1296)، ومسلم (104).
(3)
أبو داود (3131) بسند قريب من الحسن.
(4)
«المجموع» (5/ 128)، و «الأم» (1/ 243)، و «المحلى» (5/ 113)، و «الفتح» (3/ 125).
(5)
صحيح: يأتي تخريجه.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم -في المحرِم الذي وقصته دابته فمات-: «اغسلوه بماء وسدر
…
» (1).
ومقتضى الأمر في الحديثين الوجوب، ولا صارف له إلى الندب، فلا يلتفت إلى من قال بالاستحباب.
3 -
عمل المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن.
قلت: يستوى في هذا كل من مات من المسلمين ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، حرًّا أو عبدًا، إلا من قتل شهيدًا في المعركة في قتال الكفار كما سيأتي.
هل يُغَسَّل السقط؟
إذا أسقطت المرأة ولدها لأكثر من أربعة أشهر غُسِّل وصُلِّي عليه، فإن لم يأت له أربعة أشهر فإنه لا يُغَسَّل ولا يُصلى عليه، ويلف في خرقة ويدفن، وذلك لأنه تنفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر، وقبل ذلك لا يكون نسمة فلا يصلى عليه كالجمادات والدم (2).
لا يُغَسَّل شهيد المعركة:
عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: «أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟» فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللَّحد، وقال:«أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة» وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يُغسَّلوا ولم يصلَّ عليهم» (3).
والعلَّة في ترك غسل الشهيد ما في حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قتلى أُحد: «لا تغسلوهم، فإن كل جرح -أو كل دم- يفوح مسكًا يوم القيامة» ولم يصل عليهم (4).
والشهيد الذي يُغسَّل هو من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال، سواء قتله كافر، أو أصابه سلاح مسلم خطأ، أو عاد إليه سلاح نفسه، أو سقط عن فرسه، أو وطئته دابته أو دواب المسلمين أو غيرهم، أو وجد قتيلاً عند انكشاف
(1) صحيح: يأتي تخريجه.
(2)
«المجموع» (5/ 256)، و «المغنى» (2/ 522).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (1343)، وأبو داود (3135)، وأحمد (3/ 128).
(4)
صحيح: أخرجه أحمد (3/ 399)، وله شاهد عند البيهقي (4/ 11).
الحرب ولم يعلم سبب موته، سواء كان عليه أثر دم أم لا، وسواء مات في الحال أو بقي زمنًا ثم مات قبل انقضاء الحرب (1).
إذا قُتل الشهيد وهو جُنُب، فلا يُغَسَّل كذلك في أصح أقوال العلماء (2) لأمرين:
1 -
عموم الأدلة -السابقة- على ترك تغسيل الشهيد.
2 -
ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغسيل حنظلة بن أبي عامر لما قتل وقوله: «إن صاحبكم تغسله الملائكة» فسأله صاحبته عنه، فقالت: إنه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب (3).
وقد استدل به على مشروعية تغسيله لفعل الملائكة، ولا يخفى أن الحجة في ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغسيله لا في تغسيل الملائكة، لأن المقصود منه تعبُّد الآدمي به ولو كان غسله واجبًا لما سقط بغسل الملائكة.
هل يُغسَّل شهيد غير المعركة؟
الشهيد بغير قتل كالمبطون والمطعون والغريق وصاحب الهدم يُغسَّلون ويصلى عليهم كسائر الموتى، وهذا قول جماهير أهل العلم (4).
لا يجب تغسيل الكافر: سواء كان ذميًّا أو غيره، لأنه ليس من أهل العبادة ولا من أهل التطهير.
لكن يجوز للمسلم تغسيل ذوي قرابته من المشركين أو زوجته الذمية واتباع جنائزهم ودفنهم لكن لا يصلى عليهم، وأقاربه الكفار أحق به من أقاربه المسلمين (5)، وأما ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليًّا أن يُغَسل أباه، فطرقه كلها واهية لا تثبت (6).
(1)«المجموع» (5/ 261).
(2)
«المجموع» (5/ 26)، و «المغنى» (2/ 530).
(3)
حسن: أخرجه الحاكم (3/ 204)، والبيهقي (4/ 15)، وانظر «الصحيح المسند من فضائل الصحابة» لشيخنا، حفظه الله.
(4)
«المغنى» (2/ 536) فإن خيف عليه تقطعه بالماء لم يغسل بل ييمم إن أمكن، والله أعلم.
(5)
«المجموع» (5/ 144)، و «الأم» (1/ 235).
(6)
انظر «الغسل والكفن» لشيخنا مصطفى بن العدوي -رفع الله قدره- (ص: 120).