المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قضاء الصلوات الفائتة - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ١

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخ/ فؤاد سراج عبد الغفار - حفظه الله

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[المسلك في هذا الكتاب]

- ‌تمهيدنشأة علم الفقه

- ‌[الفقه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عهد الصحابة رضي الله عنهم]

- ‌[أحوال الناس في المائة الأولى والثانية]

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌تعريف الطهارة وأهميتها

- ‌أنواع الطهارة

- ‌أولاً الطهارة الحقيقية

- ‌هل يُعَدُّ المني طاهرًا أم نجسًا

- ‌هل تُعَدُّ الخمر من النجاسات

- ‌هل يعتبر الدم من النجاسات

- ‌هل «قيء الآدمي» نجس

- ‌الاستنجاء

- ‌بم يكون الاستنجاء

- ‌بعض الآداب في الاستنجاء

- ‌هل يجوز للرجل أن يبول قائمًا

- ‌سنن الفطرة

- ‌ الختان

- ‌السواك

- ‌إعفاء اللِّحية

- ‌ثانيًا الطهارة الحكمية:

- ‌الوضوء

- ‌أركان الوضوء

- ‌نواقض الوضوء

- ‌المسح على الحوائل

- ‌أولاً: المسح على الخفين:

- ‌ثانيًا: المسح على الجوربين والنعلين

- ‌ثالثًا: المسح على غطاء الرأس:

- ‌رابعًا: المسح على الجَبيرَة

- ‌مسائل تتعلق بالغسل

- ‌التيمُّم

- ‌نواقض التيمم

- ‌الحيض والنفاس

- ‌دم النفاس

- ‌دم الاستحاضة

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌تعريف الصلاة

- ‌منزلتها من الدين:

- ‌الصلوات الخمس

- ‌الأحكام الدنيوية لتارك الصلاة:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌عدد الركعات:

- ‌مواقيت الصلاة

- ‌مسائل تتعلق بمواقيت الصلاة

- ‌قضاء الصلوات الفائتة

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌الأذان والإقامة

- ‌شروط صحة الصلاة

- ‌أركان الصلاة

- ‌واجبات الصلاة

- ‌سنن الصلاة

- ‌السنن الفعلية في الصلاة

- ‌أمور تباح في الصلاة

- ‌(أ) الأفعال المباحة في الصلاة:

- ‌(ب) الأقوال وما في معناها المباحة في الصلاة:

- ‌المنهيات في الصلاة

- ‌مبطلات الصلاة

- ‌القنوت في الفرائض

- ‌صلاة التطوُّع

- ‌صلاة الوتر

- ‌قيام الليل

- ‌صلاة الضُّحىَ

- ‌صلاة الاستخارة

- ‌صلاة التسبيح

- ‌صلاة تحية المسجد

- ‌صلاة التوبة

- ‌صلاة الكسوف

- ‌صلاة الاستسقاء

- ‌سجود التلاوة

- ‌سجود الشكر

- ‌سجود السَّهْو

- ‌الصلاة في السفر

- ‌صلاة الخَوْف

- ‌صلاة الجماعة

- ‌صلاة الجماعة في الفرائض

- ‌الإمامة وأحكامها

- ‌موقف الإمام والمأموم

- ‌الصفوف وأحكامها

- ‌مسائل تتعلق بصفة صلاة الجماعة

- ‌أحكام المَسْبُوق

- ‌ما يُفْعَل بعد انقضاء الصلاة

- ‌طرق من أحكام المساجد

- ‌صلاة الجمعة

- ‌أفعال المأمومين حال الخُطبة

- ‌أذان الجمعة

- ‌خطبة الجمعة وأحكام الخطيب

- ‌أفعال المأمومين حال الخُطبة

- ‌أفعال في صلاة الجمعة

- ‌مسائل متفرقة

- ‌صلاة العيدين

- ‌3 - كتاب الجنائز

- ‌ما يفعله الحاضرون للمُحْتَضَر:

- ‌غسل الميت:

- ‌من أولى الناس بغسل الميت

- ‌صفة المُغَسِّل

- ‌صفة غُسل الميت:

- ‌تكفين الميِّت

- ‌صفة الكفن:

- ‌حمل الجنازة واتبَّاعها

- ‌من آداب اتباع الجنائز:

- ‌صلاة الجنازة

- ‌أين يصلى على الجنازة

- ‌صلاة الجنازة على القبر:

- ‌أفعال صلاة الجنازة:

- ‌دفن الميت، وما يتبعه

- ‌صفة القبر:

- ‌من الذي يقوم بالدَّفن

- ‌تعزية أهل الميت

- ‌ما ينتفع به الميت بعد موته

- ‌زيارة القبور وما يتعلق بها

- ‌هل تشرع زيارة النساء للقبور

- ‌من الأذكار الثابتة عند زيارة القبور:

الفصل: ‌قضاء الصلوات الفائتة

من ضيَّع الصلاة سنوات من عمره:

يتفرَّع على القول بأن من ترك الصلاة متعمدًا لغير عذر حتى خرج وقتها، لا يجب عليه قضاؤها ولا تصح منه، أن من ضيَّع الصلاة زمانًا من عمره، ثم تاب إلى الله تعالى واستقام على دينه، فإنه لا يصلي ما فاته، سواء قلنا بكفره حال تركها أو لا، خلافًا للجمهور (1) فإنهم يوجبون عليه قضاء جميع الصلوات التي فاتته (!!!).

وماذا على تاركها متعمدًا؟

إن الحكم على من ترك الصلاة حتى خرج وقتها من غير عذر، بعدم قضائها ليس تخفيفًا عليه، وإنما هو في الحقيقة تنكيل به وسخط لفعله، فالإثم لا يسقط عنه وإن صلَاّها ألف مرة بعد وقتها، إلا أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره، فهذا الذي يلزمه: التوبة والاستغفار، والإكثار من فعل الخير وصلاة التطوع، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيئًا قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك» (2).

‌قضاء الصلوات الفائتة

القضاء لغة: الحكم والأداء، واصطلاحًا: فعل الواجب بعد وقته (3).

والفائتة: الصلاة التي خرج وقتها المحدد لها.

وقد حققنا أنه لا يُقضى من الصلوات إلا ما خرج وقتها بعذر، خلافًا لجمهور العلماء الذين يقولون بأن العبادات المحددة بوقت تفوت بخروج الوقت المحدد لها من غير أداء، وتتعلق بالذمة إلى أن تقضي، من غير تفريق بين المعذور وغيره.

هل يجب قضاء الفائتة على الفور؟

يجب على من فاتته الصلاة [بعذر شرعي] أن يقضيها على الفور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في النائم والناس:«فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» فهذا أمر

(1)«ابن عابدين» (2/ 62)، و «الدسوقي» (1/ 264)، و «مغنى المحتاج» (1/ 308).

(2)

تقدم الكلام عليه، وانظر «المحلى» (2/ 235)، و «الفتاوى» (22/ 40 - 41)، و «تحفة الأحوذي» (2/ 463).

(3)

«المصباح المنير» ، و «حاشية ابن عابدين» (1/ 487).

ص: 260

وهو للوجوب الفوري، والمراد بالفور: الفور العادي بحيث لا يُعَدُّ مفرطًا، وهذا مذهب المالكية والحنابلة (1).

وذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب الفور وجواز التراخي في القضاء (2)، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما استيقظوا من النوم بعد طلوع الشمس، لم يصلوا إلا بعد ارتحالهم إلى مكان آخر؟!

وأُجيب: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علَّلَّ ذلك بقوله: «ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان

» (3). فكان المانع من الصلاة أنه مكان حضره الشيطان، فلا يدل على مشروعية التراخي في القضاء.

وعلى هذا، فلو استيقظ شخص بعد طلوع الشمس، فلا يجوز له أن يعاود النوم حتى يصلي فإنه وقتها، والله أعلم.

الترتيب في قضاء الفوائت:

عن جابر بن عبد الله «أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسبُّ كفار قريش، وقال: يا رسول الله، ما كِدْتُ أصلِّي العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما صلَّيْتُها» فتوضأ وتوضأنا، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلَّى بعدها المغرب» (4).

وعن أبي سعيد قال: حُبسْنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهويٍّ من الليل كُفينا، وذلك قول الله تعالى:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً} (5). قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام العصر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أره فأقام المغرب فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام المغرب فصلاها كذلك، قال: وذلك قبل أن ينزل الله عز وجل في صلاة الخوف {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (6).

(1)«الشرح الصغير» (1/ 3665)، و «كشاف القناع» (1/ 260).

(2)

«حاشية ابن عابدين» (2/ 74)، و «المجموع» (3/ 69).

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (680)، والنسائي (1/ 80) عن أبي هريرة.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري (568)، ومسلم (209).

(5)

سورة الأحزاب، الآية:25.

(6)

صحيح: أخرجه النسائي (1/ 297)، وأحمد (3/ 25)، وابن خزيمة (996)، وأبو يعلى (1296).

ص: 261

وفيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الفوائت مرتبة، فقال الجمهور (1) يجب الترتيب في قضاء الفوائت على اختلاف بينهم في تفاصيل، واستدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبأن توقيت المقضية بوقت الذكر أضيق من توقيت المؤداة، فيجب تقديم ما تضيق.

وقال الشافعي (2): يستحب ولا يجب، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم بمجرده لا يدل على الوجوب.

ما يسقط به الترتيب.

1 -

ضيق وقت الصلاة الحاضرة (3):

فإنه يُسقط الترتيب، لأن فرض الوقت آكد من فرض الترتيب، فيصلي الصلاة الحاضرة ثم يقضي الفائتة، وهذا مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد، وبه قال ابن المسيب والحسن والأوزاعي والثوري وإسحاق، وعند الشافعي لا يجب الترتيب أصلاً كما تقدم.

وأما المالكية -ورواية عن أحمد وعطاء والليث- فقالوا: يرتب وإن خرج وقت الحاضرة؟!!

قلت: والأول أظهر، لا سيما وأن إيجاب الترتيب أصلاً منازع فيه.

2 -

فوات الجماعة: فمن فاتته الظهر -مثلًا- فخشي إن قضاها أن تفوته جماعة العصر، سقط الترتيب فيصلي مع الجماعة العصر، ثم يقضي الظهر بعدها، وهذا رواية عن أحمد واختاره شيخ الإسلام (4).

وله أن يدخل معهم في جماعة العصر بنية الظهر -بناء على جواز اختلاف نية المأموم عن الإمام وسيأتي تحريره- ثم يصلي بعدها العصر، ولعلَّ الأول أظهر والله أعلم.

3 -

فوات ما لا يمكن قضاؤه على وجه الانفراد كصلاة الجمعة: فلو ذكر أن

(1)«البدائع» (1/ 131)، و «الشرح الصغير» (1/ 367)، و «المغنى» (1/ 607)، و «نيل الأوطار» (2/ 36).

(2)

«روضة الطالبين» (1/ 269).

(3)

«البناية» (2/ 628)، و «المغنى» (1/ 610)، و «الإنصاف» (1/ 444)، و «الخرشي» (1/ 301)، و «الأوسط» (2/ 415).

(4)

«الإنصاف» (1/ 444 - 445).

ص: 262

عليه فائتة بعد إقامة صلاة الجمعة، فإنه يقدِّم الجمعة، لأنه لا يستطيع أن يقضي الجمعة، فيكون فواتها كفوات الوقت، وهو رواية عن أحمد (1).

4 -

النسيان: فلو صلى الفوائت بغير ترتيب ناسيًا، فلا شيء عليه، لعموم قوله تعالى {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا} (2). وفي الحديث أن الله تعالى قال:«نعم» (3) وفي رواية «قد فعلت» .

ولحديث: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (4).

وإلى هذا ذهب الحنفية والحنابلة في المذهب خلافًا لمالك ورواية عن أحمد (5).

5 -

الجهل: فمن جهل وجوب الترتيب فصلى غير مرتبة، فلا شيء عليه، لأن الجهل أخو النسيان في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا رواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام، وبه قال الحنفية (6).

قضاء الصلاة الفائتة على صِفَتِها:

ذهب الحنفية والمالكية -وقول عند الشافعية- وأبو ثور وابن المنذر (7) أن الاعتبار في صفة الصلاة المقضية بوقت الفائتة، ليكون القضاء على وفق الأداء.

فمن نسي صلاة العشاء -وهي جهرية- فلم يذكرها إلا نهارًا، قضاها جهرًا على أصلها. والعكس، ويستدل لهم بحديث أبي سعيد المتقدم في قصة الخندق، وفيه:«فأقام الظهر فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ....» (8) الحديث وقد كان هذا بعد المغرب.

وأما الحنابلة، والصحيح عند الشافعية أن الاعتبار بوقت القضاء!

وإذا نسي الصلاة في الحضر فذكرها في السفر: فإنه يصليها تامة غير مقصورة

(1)«السابق» (1/ 444)، و «الممتع» (2/ 141).

(2)

سورة البقرة، الآية:286.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (125).

(4)

صححه الألباني: أخرجه ابن ماجه (2045) وغيره وانظر «الإرواء» (82).

(5)

«البناية» (2/ 629)، و «المغنى» (1/ 609)، و «الخرشي» (1/ 301).

(6)

«الإنصاف» (1/ 445)، و «البناية» (2/ 629).

(7)

«مجمع الأنهر» (1/ 164)، و «الشرح الصغير» (1/ 365)، و «روضة الطالبين» (1/ 269) و «اختلاف العلماء» (ص: 60).

(8)

صحيح: تقدم قريبًا.

ص: 263