الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ب) الأقوال وما في معناها المباحة في الصلاة:
1 -
الفتح على الإمام:
إذا لُبس على الإمام: إذا لُبس على الإمام في القراءة أن يفتح عليه من وراءه، إذا نتج عن عدم الفتح تغيير في كلام الله تعالى بأي نوع:
فعن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلُبسَ عليه، فلما انصرف قال لأُبي: صليت معنا؟ قال: نعم، قال:«فما منعك» (1).
فوائد:
1 -
ينبغي ألا يُفتح على الإمام ما دام يُرَدِّد التلاوة، لأنه ربما تذكر بنفسه فهو أولى.
2 -
لا يُفتح على الإمام إذا سكت ولم يتردد في القراءة إلا إذا تأخر في سكوته، لأنه يحتمل أن يكون تفكَّر قليلاً فيما يقرأ.
3 -
لا يُفتح على الإمام إذا أخطأ في القراءة ما لم يكن خطأ يغير المعنى.
فعن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إني أُقرئت القرآن على
…
سبعة أحرف ليس منها إلا شاف كاف: إن قلت: غفورًا رحيمًا أو قلت: سميعًا عليمًا أو قلت: عليمًا سميعًا فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب» (2).
2 -
ترداد الآية في صلاة التطوع:
فعن أبي ذر «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فرددها حتى أصبح: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)} (4).
وعن مسروق: أن تميمًا الداري ردَّد هذه الآية: {أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ} (5)» (6).
(1) أخرجه أبو داود (894)، وابن حبان (1/ 316 - إحسان) بسند جيد.
(2)
أخرجه أحمد (20646) بسند صحيح.
(3)
سورة المائدة، الآية:118.
(4)
أخرجه النسائي (1010)، وأحمد (20831) والحاكم وفي سنده لين.
(5)
سورة الجاثية، الآية:21.
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة «المصنف» (2/ 477).
وعن سعيد بن عبيد قال: «رأيت سعيد بن جبير وهو يؤمهم في رمضان يردد هذه الآية: {إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} (1)، {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} (2) يرددها مرتين أو ثلاثًا» (3).
قلت: ولم يُنقل هذا في صلاة الفرض، فتركه أولى، والله أعلم.
3 -
البكاء والأنين في الصلاة:
البكاء في الصلاة إن كان من خوف الله تعالى وذكر الجنة والنار ونحوه كان ممدوحًا مثابًا عليه، ولا يبطل الصلاة كما يظن بعض الناس، وكذلك إن كان لوجع أو مصيبة وكنت مغلوبًا عليك فلا شيء فيه أيضًا.
ومما يدل على عدم بطلان الصلاة به:
1 -
مدح الله تعالى للباكين بقوله: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} (4)، وقوله:{وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} (5).
والآيتان تشملان المصلي وغيره.
2 -
وعن عبد الله بن الشخير قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولصدره أزيز كأزيز المرِجل» (6).
وأزيز المرجل هو صوت غليان الماء في الإناء.
3 -
وعن علي قال: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح» (7).
4 -
وعن ابن عمر قال: «لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قيل له في الصلاة، فقال: «مُروا أبا بكر فليصل بالناس» ، قالت عائشة: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء، قال:«مروه فيصلي» ، فعاودته قال:«مروه فيصلي، إنكن صواحب يوسف» (8).
(1) سورة غافر، الآية:71.
(2)
سورة الإنفطار، الآيتام: 6، 7.
(3)
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (2/ 492).
(4)
سورة مريم، الآية:58.
(5)
سورة الإسراء، الآية:109.
(6)
أخرجه النسائي (1214)، وأبو داود (1/ 328)، وأحمد (4/ 25) وسنده صحيح.
(7)
أخرجه أحمد (1026)، وابن خزيمة (2/ 53) وسنده صحيح.
(8)
أخرجه البخاري (682).
5 -
وقال عبد الله بن شداد: سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف يقرأ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} (1)(2).
فائدة: والأنين [وهو أن تقول «أَهْ»] والتأوه [قول «أُوه» أو «أُوَّه» أو «آه»] لا يبطلان الصلاة، لكن يكرهان إن كانا من غير حاجة.
3 -
النفخ أثناء الصلاة لحاجة:
فعن عبد الله بن عمر قال: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله .... ثم نفخ في آخر سجوده فقال: «أف أف» ، ثم قال: «رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون؟
…
» (3).
وعن أيمن بن نابل قال: قلت لقدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي -صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتأذى بريش الحمام في مسجد الحرام إذا سجدنا، فقال: انفخوا» (4).
4 -
النحنحة في الصلاة للحاجة:
ولا بأس بها في الصلاة، «ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما حرم التكلم في الصلاة وقال:«إنه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» والنحنحة لا تدخل في مسمى الكلام أصلاً، فإنها لا تدل بنفسها ولا مع غيرها من الألفاظ على معنى، ولا يسمى فاعلها متكلمًا وإنما يفهم مراده بقرينة فصارت كالإشارة» (5) اهـ.
5 -
الكلام اليسير لمصلحة الصلاة:
فإن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها إذا كان من الإمام أو المأموم شريطة ألا يكثر، وأن يتوقف التفهيم عليه.
ومما يدل على ذلك حديث ذي اليدين المشهور في قصة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس العصر «.. فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا
(1) سورة يوسف، الآية:86.
(2)
أخرجه البخاري تعليقًا في الأذان وانظر «فتح الباري» (2/ 206) وقد ذكر ابن تيمية في الفتاوى (22/ 623) أن هذا الأثر محفوظ عن عمر.
(3)
أخرجه أبو داود (1194)، والنسائي (3/ 137)، وأحمد (2/ 159) ورجاله ثقات، وقد علقه البخاري (2/ 62) بصيغة التمريض للاختلاف في رواية عطاء بن السائب وقد كان اختلط، لكن سماع حماد بن سلمة منه كان قبل الاختلاط في قول ابن معين وأبي داود.
(4)
أخرجه البيهقي (2/ 253) وصححه الحافظ في الفتح (3/ 85).
(5)
مجموع الفتاوى لابن تيمية (22/ 617).
رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ذلك لم يكن» ، فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله على الناس فقال:«أصدق ذو اليدين؟» فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم» (1).
ووجه الدلالة أن الإمام والمأموم تكلما -لمصلحة الصلاة- قبل أن ينهيا الصلاة فكان في حكم الصلاة.
6 -
«الحمد» في الصلاة لمن عطس:
فيجوز لمن عطس في الصلاة أن يحمد الله في نفسه، لكن لا يشتمه صاحبه.
لحديث رفاعة بن مالك قال: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله وانصرف فقال: «من المتكلم في الصلاة؟»
…
فقال رفاعة: أنا يا رسول الله، .... ، فقال: «والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكًا أيهم يصعد بها
…
» (2).
قال الشوكاني: «ويدل أيضًا على مشروعية الحمد في الصلاة لمن عطس
…
ويؤيد ذلك عموم الأحاديث الواردة بمشروعيته فإنها لم تفرق بين الصلاة وغيرها» اهـ.
قلت: ومما يؤيد هذا أيضًا ما في حديث معاوية بن الحكم قال: بينما أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقال: الحمد لله، فقلت: يرحمك الله .... الحديث» (3).
وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن شمت العاطس ولم ينه العاطس عن الحمد فدل على مشروعيته والله أعلم.
7 -
«الحمد» في الصلاة للأمر السارِّ المُفْرِح:
ففي حديث سهل بن سعد في قصة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف
(1) أخرجه البخاري (714)، ومسلم (573) وغيرهما.
(2)
أخرجه الترمذي (404)، والنسائي (2/ 245)، وأخرجه البخاري (799) لكن ليس فيه ذكر العطاس.
(3)
أخرجه مسلم (537)، وأبو داود (930).