المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أحكام المَسْبُوق إدراك الجماعة: إدراك الجماعة على نوعين: [1] إدراك فضيلة الجماعة: وهو - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ١

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخ/ فؤاد سراج عبد الغفار - حفظه الله

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[المسلك في هذا الكتاب]

- ‌تمهيدنشأة علم الفقه

- ‌[الفقه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عهد الصحابة رضي الله عنهم]

- ‌[أحوال الناس في المائة الأولى والثانية]

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌تعريف الطهارة وأهميتها

- ‌أنواع الطهارة

- ‌أولاً الطهارة الحقيقية

- ‌هل يُعَدُّ المني طاهرًا أم نجسًا

- ‌هل تُعَدُّ الخمر من النجاسات

- ‌هل يعتبر الدم من النجاسات

- ‌هل «قيء الآدمي» نجس

- ‌الاستنجاء

- ‌بم يكون الاستنجاء

- ‌بعض الآداب في الاستنجاء

- ‌هل يجوز للرجل أن يبول قائمًا

- ‌سنن الفطرة

- ‌ الختان

- ‌السواك

- ‌إعفاء اللِّحية

- ‌ثانيًا الطهارة الحكمية:

- ‌الوضوء

- ‌أركان الوضوء

- ‌نواقض الوضوء

- ‌المسح على الحوائل

- ‌أولاً: المسح على الخفين:

- ‌ثانيًا: المسح على الجوربين والنعلين

- ‌ثالثًا: المسح على غطاء الرأس:

- ‌رابعًا: المسح على الجَبيرَة

- ‌مسائل تتعلق بالغسل

- ‌التيمُّم

- ‌نواقض التيمم

- ‌الحيض والنفاس

- ‌دم النفاس

- ‌دم الاستحاضة

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌تعريف الصلاة

- ‌منزلتها من الدين:

- ‌الصلوات الخمس

- ‌الأحكام الدنيوية لتارك الصلاة:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌عدد الركعات:

- ‌مواقيت الصلاة

- ‌مسائل تتعلق بمواقيت الصلاة

- ‌قضاء الصلوات الفائتة

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌الأذان والإقامة

- ‌شروط صحة الصلاة

- ‌أركان الصلاة

- ‌واجبات الصلاة

- ‌سنن الصلاة

- ‌السنن الفعلية في الصلاة

- ‌أمور تباح في الصلاة

- ‌(أ) الأفعال المباحة في الصلاة:

- ‌(ب) الأقوال وما في معناها المباحة في الصلاة:

- ‌المنهيات في الصلاة

- ‌مبطلات الصلاة

- ‌القنوت في الفرائض

- ‌صلاة التطوُّع

- ‌صلاة الوتر

- ‌قيام الليل

- ‌صلاة الضُّحىَ

- ‌صلاة الاستخارة

- ‌صلاة التسبيح

- ‌صلاة تحية المسجد

- ‌صلاة التوبة

- ‌صلاة الكسوف

- ‌صلاة الاستسقاء

- ‌سجود التلاوة

- ‌سجود الشكر

- ‌سجود السَّهْو

- ‌الصلاة في السفر

- ‌صلاة الخَوْف

- ‌صلاة الجماعة

- ‌صلاة الجماعة في الفرائض

- ‌الإمامة وأحكامها

- ‌موقف الإمام والمأموم

- ‌الصفوف وأحكامها

- ‌مسائل تتعلق بصفة صلاة الجماعة

- ‌أحكام المَسْبُوق

- ‌ما يُفْعَل بعد انقضاء الصلاة

- ‌طرق من أحكام المساجد

- ‌صلاة الجمعة

- ‌أفعال المأمومين حال الخُطبة

- ‌أذان الجمعة

- ‌خطبة الجمعة وأحكام الخطيب

- ‌أفعال المأمومين حال الخُطبة

- ‌أفعال في صلاة الجمعة

- ‌مسائل متفرقة

- ‌صلاة العيدين

- ‌3 - كتاب الجنائز

- ‌ما يفعله الحاضرون للمُحْتَضَر:

- ‌غسل الميت:

- ‌من أولى الناس بغسل الميت

- ‌صفة المُغَسِّل

- ‌صفة غُسل الميت:

- ‌تكفين الميِّت

- ‌صفة الكفن:

- ‌حمل الجنازة واتبَّاعها

- ‌من آداب اتباع الجنائز:

- ‌صلاة الجنازة

- ‌أين يصلى على الجنازة

- ‌صلاة الجنازة على القبر:

- ‌أفعال صلاة الجنازة:

- ‌دفن الميت، وما يتبعه

- ‌صفة القبر:

- ‌من الذي يقوم بالدَّفن

- ‌تعزية أهل الميت

- ‌ما ينتفع به الميت بعد موته

- ‌زيارة القبور وما يتعلق بها

- ‌هل تشرع زيارة النساء للقبور

- ‌من الأذكار الثابتة عند زيارة القبور:

الفصل: ‌ ‌أحكام المَسْبُوق إدراك الجماعة: إدراك الجماعة على نوعين: [1] إدراك فضيلة الجماعة: وهو

‌أحكام المَسْبُوق

إدراك الجماعة:

إدراك الجماعة على نوعين:

[1]

إدراك فضيلة الجماعة: وهو يحصل باشتراك المأموم مع الإمام في جزء من صلاته، ولو في القعدة الأخيرة قبل السلام، وهذا مذهب الجمهور: الحنفية والحنابلة، والصحيح عند الشافعية وبعض المالكية (1).

وهو الصحيح لأنه لو لم يدرك فضل الجماعة بذلك لمنع من الاقتداء، لأنه يكون حينئذ زيادة بلا فائدة، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فَصَلُّوا، وما فاتكم فأتموا» (2). وعن رجل من أهل المدينة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: «سمع خفق نعلَيَّ وهو ساجد، فلما فرغ من صلاته قال: «من هذا الذي سمعتُ خفق نعليه» قال: أنا يا رسول الله، قال:«فما صنعت؟» قال: وجدتك ساجدًا فسجدت، فقال:«هكذا فاصنعوا، ولا تعتدُّوا بها، من وجدني راكعًا أو قائمًا أو ساجدًا، فليكن معي على حالي التي أنا عليها» (3).

لكن ثوابه يكون دون ثواب من أدركها من أولها، والله أعلم.

[2]

إدراك حكم الجماعة وما يترتَّب عليها:

المراد بإدراك حكم الجماعة: ثبوت الأحكام المترتبة على اعتباره مؤتمًّا بالإمام كسجوده لسهو الإمام، وكصلاته الجمعة ركعتين، ونحو ذلك.

وأظهر أقوال العلماء: أن حكم الجماعة لا يثبت إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإمام (4) لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (5). وهو مذهب المالكية واختاره شيخ الإسلام (6).

(1)«ابن عابدين» (1/ 483)، و «الدسوقي» (1/ 320)، و «مغنى المحتاج» (1/ 231)، و «كشاف القناع» (1/ 460).

(2)

صحيح: أخرجه البخاري (636)، وغيره وقد تقدم.

(3)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 284) بسند صحيح، وله شاهد عند الترمذي (591) بسند ضعيف، وآخر عند أبي داود.

(4)

على الخلاف المشهور فيما تُدرك به الركعة، وسيأتي تحريره قريبًا.

(5)

صحيح: تقدم تخريجه وهو متفق عليه.

(6)

«الدسوقي» (1/ 320)، و «مجموع الفتاوى» (23/ 330ن 331).

ص: 556

إدراك الركعة:

اختلف أهل العلم في القدر الذي يكون به المأموم مدركًا الركعة معتدًّا بها مع إمامه، على قولين مشهورين:

القول الأول: تدرك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام: وهو مذهب الجماهير: الأئمة الأربعة وغيرهم (1)، وبه قال ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم من الصحابة، وحجة هذا القول:

1 -

حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (2) وحملوا لفظ «ركعة» على أن المراد الركوع.

2 -

وأيَّدوا هذا الحمل برواية ابن خزيمة لحديث أبي هريرة بلفظ «من أدرك ركعة من الصلاة [قبل أن يقيم الإمام صلبه] فقد أدرك» (3) قالوا: فدلَّ على أن المراد بالركعة الركوع!!

3 -

ما رُوى عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» (4).

4 -

حديث أبي بكرة أنه: انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«زادك الله حرصًا ولا تَعُدْ» (5).

قالوا: هو ظاهر في أنه اعتدَّ بها، ولم يؤمر بإعادتها، ولا يمكن أنه قرأ الفاتحة فيها، وأما قوله «فلا تعد» فهو نهي عن الدخول في الصلاة قبل بلوغ الصف.

(1)«المبسوط» (2/ 95)، و «فتح القدير» (1/ 483)، و «المدونة» و «الأم» (1/ 135)، و «المجموع» (4/ 111)، و «المغنى» (1/ 299)، و «الفروع» (1/ 587)، و «طرح التثريب» (2/ 365)، و «حكم من أدرك الركوع» للصنعاني.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري (580)، ومسلم (607).

(3)

منكر بهذا اللفظ: أخرجه ابن خزيمة (1595)، والبيهقي (2/ 89)، والدارقطني (1/ 346)، والعقيلي في «الضعفاء» (4/ 398)، وجعل الزيادة من كلام الزهري، وأخرجه البخاري في «جزء القراءة» (ص: 47) من نفس الطريق بدونها.

(4)

منكر: أخرجه أبو داود (893)، والدارقطني (1/ 347)، والحاكم (1/ 216)، والبيهقي (2/ 89) وفي سنده يحيى بن أبي سليمان، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم مضطرب الحديث ليس بالقوي، وقد قواه الألباني في «الإرواء» (2/ 261)، و «الصحيحة» (1188) بما لا يسلَّم له فليراجع.

(5)

صحيح: أخرجه البخاري (783) وغيره.

ص: 557

5 -

عن ابن عمر قال: «إذا جئتَ والإمام راكع فوضعتَ يديك على ركبتيك قبل أن يرفع رأسه، فقد أدركت» (1).

6 -

وعن زيد بن وهب قال: خرجت مع عبد الله بن مسعود من داره إلى المسجد، فلما توسَّطنا

المسجد ركع الإمام، فكبَّر عبد الله ثم ركع وركعت معه، ثم مشينا راكعين حتى انتهينا إلى الصف، حتى رفع القوم رءوسهم، قال: فلما قضى الإمام الصلاة قمتُ أنا -وأنا أرى لم أُدرك- فأخذ بيدي عبد الله فأجلسني وقال: «إنك قد أدركتَ» (2).

7 -

وعن أبي أمامة بن سهل قال: «رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والناس ركوع، فمشى حتى أمكنه أن لا يصل إلى الصف وهو راكع، كبَّر فركع، ثم دبَّ وهو راكع حتى وصل الصف» .

وفي لفظ عن خارجة بن زيد: «

ثم يعتدُّ بها، إن وصل إلى الصف أو لم يصل» (3).

القول الثاني: لا يعتد بالركعة التي لا يقرأ فيها المسبوق الفاتحة خلف الإمام: وهو مذهب البخاري وابن حزم، وتقي الدين السبكي من الشافعية ورجَّحه الشوكاني والعلامة المعلَّمي اليماني وغيرهم (4)، واستدلوا بما يلي:

1 -

قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» (5).

قالوا: فمن أدرك الركوع فقد فاتته الوقفة وقراءة أم القرآن وكلاهما فرض لا تتم الصلاة إلا به، وهو مأمور بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء ما سبقه وإتمام ما فاته، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نصٍّ آخر، ولا سبيل إلى وجوده.

2 -

أما حديث: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» فهو حق وهو

(1) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 243)، والبيهقي (2/ 90).

(2)

إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 255)، والطحاوي (1/ 397)، والبيهقي (2/ 90).

(3)

صحيح: أخرج الرواية الأولى الطحاوي (1/ 398)، والثانية البيهقي (2/ 91) وغيره، وانظر «الإرواء» (2/ 264).

(4)

«القراءة خلف الإمام» (164)، و «المحلى» (3/ 243)، و «نيل الأوطار» (2/)، و «هل يدرك المأموم الركعة» للمعلمي (ص: 43).

(5)

صحيح: تقدم تخريجه.

ص: 558

حجة عليهم، لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة بلا خلاف، وليس في الحديث أنه إن أدرك الركوع فقد أدرك الوقفة، قلت: فحملوا لفظ «ركعة» على الركعة الكاملة وهذا حقيقة اللفظ.

3 -

أما زيادة «قبل أن يقيم الإمام صلبه» فلا تصح، وغاية الأمر أن يكون أحد الرواة توهَّم أن معنى الحديث: من أدرك مع الإمام الركوع فقد أدرك الركعة، فزاد هذه الزيادة تفسيرًا في زعمه وقد جوَّز بعضهم أن تكون من زيادة الزهري فربما التبس على بعض الضعفاء.

4 -

وكذلك حديث: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود .... الحديث» فضعيف لا يحتج به.

5 -

وأما حديث أبي بكرة فلا حجة لهم فيه أصلاً، لأنه ليس فيه أنه اجتزأ بتلك الركعة وأنه لم يقضها.

6 -

وأما الآثار عن الصحابة فهي معارضة بقول أبي هريرة «أنه لا يعتد بالركعة حتى يقرأ بأم القرآن» وليس قول بعضهم بحجة على الآخر.

الراجح في المسألة: بعد مطالعة أدلة الفريقين فالذي يظهر لي أن أدلة الجمهور لا يُطمأنَّ بمثلها إلى إسقاط رُكني القيام وقراءة الفاتحة، والأصلُ بقاءُ النصوص على عمومها، واشتغالُ الذِّمة بالصلاة كاملة، نعم، لا يُنكر أن للقول بالإدراك قوةً ما لذهاب جماعة من علماء الصحابة إليه فلا لوم على من قَوِيَ عنده ذلك، وأما أنا فلا أزال متوقفًا، وأرى أن من دخل فوجد الإمام راكعًا، ينتظر حتى يرفع من ركوعه ثم يدخل معه ولا يعتد بها؛ خروجًا من الخلاف واحتياطًا لدينه، والله تعالى أعلم.

فوائد تتعلق بالمسألة السابقة (على مقتضى مذهب الجمهور):

[1]

هل يركع دون الصف لإدراك الركوع؟

قد تقدم أن أبا بكرة لما ركع دون الصف قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصًا، ولا تَعُدْ» (1) فنهاه عن العود إلى الركوع دون الصف.

وأما حديث عبد الله بن الزبير أنه قال على المنبر: «إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ثم ليدب راكعًا حتى يدخل في الصف، فإذن

(1) صحيح: تقدم قريبًا.

ص: 559

ذلك السنة» (1) فإنه على ما في إسناده من كلام يسير، وما في قوله (ذلك سنة) من الخلاف في رفعه، فإنه على كل حال لا يقوى على معارضة حديث أبي بكرة الصحيح، نعم قد ثبت هذا من فعل ابن مسعود وغيره، لكن قد ثبت النهي عنه عن غيره من الصحابة كأبي هريرة، وأُبيِّ بن كعب.

فالأولى أن لا يركع دون الصف لصحة النهي وعدم قوة المعارض، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» (2) والله أعلم.

[2]

هل يشترط الاطمئنان في الركوع لإدراك الركعة؟ (3).

قال بعض الفقهاء: يشترط أن يطمئن المأموم في الركوع قبل ارتفاع الإمام عن حدِّ الركوع المجزئ وأن يجتمع معه في الاطمئنان، وقال كثير منهم: يدرك الركعة بالركوع إن اطمأَّن هو. وبعضهم أطلق، فلم يتعرض لاشتراط الاطمئنان.

[3]

إذا شك في إدراك الركوع مع الإمام (4): فالصحيح أنه لا يُدرك لأن الأصل عدمه، ولأن الحكم بالاعتداد بالركعة بإدراك الركوع -عند من يقول به- رخصة، فلا يصار إليه إلا بيقين.

وقيل: يكون مدركًا لأن الأصل بقاء ركوع الإمام وعدم الارتفاع حتى يثبت ارتفاعه بيقين.

[4]

هل تجزئه تكبيرة واحدة عند إدراك الركوع؟ (5).

إذا أدرك الإمام في حال الركوع، فإنه تجزئه تكبيرة واحدة، فيكبِّر للإحرام، فيجزئه عن تكبيرة الركوع، ولو كبَّر تكبيرتين: إحداهما للإحرام والأخرى للركوع لكان أحسن.

فائدة: لابد أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائمًا، فإن أتى بها أو ببعضها بعد أن انحنى لم تجزئه لأنه أتى بها في غير محلها ولأن القيام فيها ركن.

(1) رجاله ثقات: أخرجه الحاكم (1/ 214)، وابن خزيمة (1571)، والبيهقي (3/ 106) من طريق ابن جريج عن عطاء، وابن جريج مدلس وقد عنعنه، على أن بعضهم يحمل روايته عن عطاء على الاتصال.

(2)

صحيح: تقدم قريبًا.

(3)

«المبدع» (2/ 48)، و «الإنصاف» (2/ 224)، و «المجموع» (4/ 113).

(4)

«الإنصاف» (2/ 224)، و «المجموع» (4/ 114).

(5)

«الإنصاف» (2/ 224)، و «المجموع» (4/ 112)، و «قواعد ابن رجب» (القاعدة 18).

ص: 560

[5]

هل ينتظر الإمام إذا أحسَّ بالداخل ليدرك الركوع أو الجماعة؟

يُشرع للإمام أن يطوِّل الركعة الأولى أكثر من الثانية، ليدرك الناس الركعة الأولى، كما كان يفعله صلى الله عليه وسلم: فعن أبي قتادة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأولين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانًا، ويطوِّل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح [فظننا أنه يريد أن يدرك الناس الركعة الأولى» (1).

وعن أبي سعيد قال: «لقد كانت الصلاة تُقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يتوضَّأ، ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطوِّلها» (2).

ومن هنا أخذ بعض القائلين، بإدراك الركعة بالركوع: أن الإمام إذ أحس بداخل -وهو في الركوع- فإنه ينتظره ليدرك الركعة، ما لم يشقَّ انتظاره عليهم، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق (3).

تكرار الجماعة في المسجد الواحد (4):

المسجد لا يخلو من أن يكون له أحد وصفين:

[1]

مسجد في السوق، أو في طريق الناس وممرِّهم: يتعاقب عليه الناس فوجًا بعد فوج، فهذا يجوز تكرار الجماعة فيه بالاتفاق، من غير كراهة.

[2]

مسجد حيٍّ له إمام راتب: فهذا هو محل الخلاف بين العلماء (5)، والتحقيق أن يقال: إن تكرار الجماعة فيه له حالتان:

الأولى: أن يكون أمرًا عارضًا، والأصل أن الجميع - إلا من تأخر لعذر- يصلون مع الإمام الراتب، فأحيانًا يدخل اثنان أو أكثر وقد سلَّم الإمام، فيُشرع

(1) صحيح: أخرجه البخاري (776)، ومسلم (451)، وأبو داود (798)، والزيادة له.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (454)، والنسائي (2/ 164)، وابن ماجه (825).

(3)

«المغنى» (1/ 236)، و «نيل الأوطار» (3/ 166).

(4)

«ابن عابدين» (1/ 331)، و «البدائع» (1/ 153)، و «الدسوقي» (1/ 332)، و «المغنى» (2/ 180)، و «كشاف القناع» (1/ 457)، و «المجموع» (4/ 221)، و «الأم» (1/ 180)، و «الأوسط» (4/ 215).

(5)

فأجازه عطاء والحسن والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق من غير كراهة، وكرهه الجمهور في الجملة على اختلاف بينهم في تقييد هذه الكراهة.

ص: 561

لهم أن يقيموا جماعة أخرى من غير كراهة، والأصل في هذا حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً يصلي وحده فقال:«ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه» (1). وقد فعله أنس بن مالك، فعن أبي عثمان قال:«أتانا أنس ابن مالك في مسجد بني ثعلبة فقال: «صليتم؟» -وذلك صلاة الغداة- فقلنا: نعم، فقال لرجل: أذِّن، فأذَّن وأقام ثم صلى في جماعة» (2).

وعن سلمة بن كهيل أن «ابن مسعود دخل المسجد» وقد صلوا، فجمع بعلقمة والأسود ومسروق» (3).

ولا يُعرف لهما مخالف من الصحابة، ولأن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد كما تقدم.

الحالة الثانية: أن يكون أمرًا معتادًا راتبًا متواطأ عليه، كأن يتفق كل طائفة (أصحاب مذهب أو نحو ذلك) على أن يصلوا في ناحية من المسجد أو في وقت محدد غير وقت الطائفة الأخرى، فهذا لا شك في كراهته لأنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصدر الأول، ولما فيه من تفرُّق كلمة المسلمين، ولما فيه من الدعوة إلى الكسل عن الجماعة الأولى بحجة انتظار الثانية، فيحصل التواني عن الحضور.

وهذا هو ملحظ مالك والشافعي حينما كرها تكرار الجماعة في المسجد الواحد، كما صرَّحا به، والله أعلم.

من صلى منفردًا ثم أتى مسجد جماعة فليصلِّ معهم:

وهذا مستحب لتحصيل فضل الجماعة، وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين رآهما خلف الصف لم يصليا -وقد صليا في رحالهما-:«فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم فإنها لكما نافلة» (4).

وعن أبي ذرٍّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون

(1) صحيح بطرقه: أبو داود (574)، والترمذي (220)، وأحمد (3/ 5، 45) وغيرهم.

(2)

إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 321)، وعبد الرزاق (3417)، وابن المنذر (4/ 215).

(3)

إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 323)، وابن المنذر (4/ 216)، وله شاهد عند عبد الرزاق (2884).

(4)

صحيح: تقدم مرارًا.

ص: 562