المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطبة الجمعة وأحكام الخطيب - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ١

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخ/ فؤاد سراج عبد الغفار - حفظه الله

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[المسلك في هذا الكتاب]

- ‌تمهيدنشأة علم الفقه

- ‌[الفقه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عهد الصحابة رضي الله عنهم]

- ‌[أحوال الناس في المائة الأولى والثانية]

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌تعريف الطهارة وأهميتها

- ‌أنواع الطهارة

- ‌أولاً الطهارة الحقيقية

- ‌هل يُعَدُّ المني طاهرًا أم نجسًا

- ‌هل تُعَدُّ الخمر من النجاسات

- ‌هل يعتبر الدم من النجاسات

- ‌هل «قيء الآدمي» نجس

- ‌الاستنجاء

- ‌بم يكون الاستنجاء

- ‌بعض الآداب في الاستنجاء

- ‌هل يجوز للرجل أن يبول قائمًا

- ‌سنن الفطرة

- ‌ الختان

- ‌السواك

- ‌إعفاء اللِّحية

- ‌ثانيًا الطهارة الحكمية:

- ‌الوضوء

- ‌أركان الوضوء

- ‌نواقض الوضوء

- ‌المسح على الحوائل

- ‌أولاً: المسح على الخفين:

- ‌ثانيًا: المسح على الجوربين والنعلين

- ‌ثالثًا: المسح على غطاء الرأس:

- ‌رابعًا: المسح على الجَبيرَة

- ‌مسائل تتعلق بالغسل

- ‌التيمُّم

- ‌نواقض التيمم

- ‌الحيض والنفاس

- ‌دم النفاس

- ‌دم الاستحاضة

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌تعريف الصلاة

- ‌منزلتها من الدين:

- ‌الصلوات الخمس

- ‌الأحكام الدنيوية لتارك الصلاة:

- ‌عدد الفرائض:

- ‌عدد الركعات:

- ‌مواقيت الصلاة

- ‌مسائل تتعلق بمواقيت الصلاة

- ‌قضاء الصلوات الفائتة

- ‌الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌الأذان والإقامة

- ‌شروط صحة الصلاة

- ‌أركان الصلاة

- ‌واجبات الصلاة

- ‌سنن الصلاة

- ‌السنن الفعلية في الصلاة

- ‌أمور تباح في الصلاة

- ‌(أ) الأفعال المباحة في الصلاة:

- ‌(ب) الأقوال وما في معناها المباحة في الصلاة:

- ‌المنهيات في الصلاة

- ‌مبطلات الصلاة

- ‌القنوت في الفرائض

- ‌صلاة التطوُّع

- ‌صلاة الوتر

- ‌قيام الليل

- ‌صلاة الضُّحىَ

- ‌صلاة الاستخارة

- ‌صلاة التسبيح

- ‌صلاة تحية المسجد

- ‌صلاة التوبة

- ‌صلاة الكسوف

- ‌صلاة الاستسقاء

- ‌سجود التلاوة

- ‌سجود الشكر

- ‌سجود السَّهْو

- ‌الصلاة في السفر

- ‌صلاة الخَوْف

- ‌صلاة الجماعة

- ‌صلاة الجماعة في الفرائض

- ‌الإمامة وأحكامها

- ‌موقف الإمام والمأموم

- ‌الصفوف وأحكامها

- ‌مسائل تتعلق بصفة صلاة الجماعة

- ‌أحكام المَسْبُوق

- ‌ما يُفْعَل بعد انقضاء الصلاة

- ‌طرق من أحكام المساجد

- ‌صلاة الجمعة

- ‌أفعال المأمومين حال الخُطبة

- ‌أذان الجمعة

- ‌خطبة الجمعة وأحكام الخطيب

- ‌أفعال المأمومين حال الخُطبة

- ‌أفعال في صلاة الجمعة

- ‌مسائل متفرقة

- ‌صلاة العيدين

- ‌3 - كتاب الجنائز

- ‌ما يفعله الحاضرون للمُحْتَضَر:

- ‌غسل الميت:

- ‌من أولى الناس بغسل الميت

- ‌صفة المُغَسِّل

- ‌صفة غُسل الميت:

- ‌تكفين الميِّت

- ‌صفة الكفن:

- ‌حمل الجنازة واتبَّاعها

- ‌من آداب اتباع الجنائز:

- ‌صلاة الجنازة

- ‌أين يصلى على الجنازة

- ‌صلاة الجنازة على القبر:

- ‌أفعال صلاة الجنازة:

- ‌دفن الميت، وما يتبعه

- ‌صفة القبر:

- ‌من الذي يقوم بالدَّفن

- ‌تعزية أهل الميت

- ‌ما ينتفع به الميت بعد موته

- ‌زيارة القبور وما يتعلق بها

- ‌هل تشرع زيارة النساء للقبور

- ‌من الأذكار الثابتة عند زيارة القبور:

الفصل: ‌خطبة الجمعة وأحكام الخطيب

4 -

عن أبي رزين قال: «كنا نصلي مع عليٍّ الجمعة، فأحيانًا نجد فيئًا وأحيانًا لا نجده» (1).

5 -

عن عبد الله بن سلمة قال: «صلى بنا عبد الله (يعني: ابن مسعود) الجمعة ضحىً، وقال: خشيت عليكم الحر» (2).

6 -

عن بلال العبسي: «أن عمَّارًا صلى بالناس الجمعة والناس فريقان: بعضهم يقول: زالت

الشمس، وبعضهم يقول: لم تزل» (3).

7 -

وعن سماك بن حرب قال: «كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعد ما تزول الشمس» (4).

يحرم البيع بعد أذان الجمعة: لقوله تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ

} (5).

والنهي -عند الجمهور- يشمل البيع والنكاح وسائر العقود، وقال الحنابلة، ووافقهم ابن حزم: لا يحرم غير البيع.

وهل يصح البيع بعد الأذان؟ قولان للعلماء مبنيان على أن النهي هل يقتضي الفساد مطلقًا أم لا؟ والجمهور من الحنفية والشافعية وبعض المالكية على صحته لأن المنع منه لمعنى في غير البيع خارج عنه وهو ترك السعي، فكان البيع في الأصل جائزًا لكنه يكره تحريمًا.

والمشهور عند المالكية والحنابلة أن البيع فاسد غير منعقد.

‌خطبة الجمعة وأحكام الخطيب

حكمها:

ذهب جمهور أهل العلم إلى أن خطبة الجمعة شرط لصحة الجمعة (6) واستدلوا بما يأتي:

(1) إسناده حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 18).

(2)

إسناده حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 17)، وفي عبد الله بن سلمة كلام لكن لا يخشى فيه روايته لما حضره وشاهده.

(3)

إسناده حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 18).

(4)

إسناده حسن: ذكره البخاري إشارة (2/ 449)، ووصله ابن أبي شيبة (2/ 18).

(5)

سورة الجمعة، الآية:9.

(6)

«البدائع» (1/ 262)، و «ابن عابدين» (1/ 567)، و «المغنى» (2/ 74).

ص: 581

1 -

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (1) والذكر في الآية: الخطبة، لأمرين:

(أ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «

فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» (2) فسمَّى الخطبة ذكرًا، وعليه فإذا كان السعي للخطبة واجبًا وهو وسيلة فيلزم منه وجوب الخطبة وهي الغاية.

(ب) أن الله تعالى أمر بالسعي إلى ذكر الله من حين النداء، وبالتواتر القطعي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن خطب، فعُلم أن السعي إلى الخطبة واجب.

2 -

مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على الخطبة في كل جمعة، ولم يصلها مرة بدونها.

3 -

تحريم الكلام حين الخطبة ووجوب الاستماع للخطبة.

فإن قيل: هذه الأدلة لا تدل على الشرطية؟! فيقال: هذه الصلاة وجبت بهذه الصفة التي واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن قصر بها عما كان عليه العمل فإنه لم يؤدِّ ما وجب عليه، وهو واضح في الشرطية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» (3) أي مردود باطل، ويدلُّ على هذا أنه إن لم يخطب يصلي أربعًا، والجمعة لا تكون أربعًا، فهي إذن ظهر.

ويجب أن يخطب خطبتين واقفًا يجلس بينهما إلا لعذر:

وهو مذهب الجمهور خلافًا للحنفية، ووجوبه ظاهر -كما تقدم- من المواظبة على الفعل الذي هو بيان لصفة هذه الصلاة الواجبة، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتفى بخطبة واحدة وأنه خطب جالسًا، فعن جابر بن سمرة:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا ثم يجلس ثم يقوم فيخطب فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب، فقد -والله- صليت معه أكثر من ألفي صلاة» .

وفي رواية: «فما رأيته إلا قائمًا» .

وعن كعب بن عجرة أنه: «دخل المسجد -وعبد الله بن أم الحكم يخطب

(1) صحيح: تقدم تخريجه قريبًا.

(2)

صحيح: علَّقه البخاري (2697)، ووصله مسلم (1718) وغيره.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (862)، وأبو داود (1093)، والنسائي (3/ 109، 110)، والترمذي (507)، وأحمد (5/ 87).

ص: 582

قاعدًا- فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا، وقال الله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً} (1)(2).

الحدُّ المجزئ في الخطبة:

اختلفت أقوال العلماء في الحد المجزئ في الخطبة، والتحقيق أن يقال (3):

«ثم اعلم أن الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاد الرسول صلى الله عليه وسلم من ترغيب الناس وترهيبهم فهذا في الحقيقة روح الخطبة الذي لأجله شرعت، وأما اشتراط الحمد لله أو الصلاة على رسول الله أو قراءة شيء من القرآن فجميعه خارج عن معظم المقصود من شرعية الخطبة، واتفاق مثل ذلك في خطبته لا يدل على أنه مقصود متحتم وشرط لازم، ولا يشك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة عليه، وقد كان عرف العرب المستمر أن أحدهم إذا أراد أن يقوم مقامًا ويقول مقالاً شرع بالثناء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أحسن هذا وأولاه، ولكن ليس هو المقصود بل المقصود ما بعده، ولو قال قائل إن من قام في محفل من المحافل خطيبًا ليس له باعث على

ذلك إلا أن يصدر منه الحمد والصلاة لما كان هذا مقبولاً، بل كل طبع سليم يمجه ويرده، وإذا تقرر هذا عرفت أن الوعظ في خطبة الجمعة هو الذي يساق إليه الحديث، فإذا فعله الخطيب فقد فعل الأمر المشروع إلا أنه إذا قدم الثناء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان أتم وأحسن» اهـ. قلت: وهو السنة كما سيأتي إن شاء الله.

ما يستحب في الخطبة:

1 -

ابتداؤها بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله والتشهد:

عن جابر قال: «كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، يحمد الله ويثني عليه [بما هو أهله ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله]» (4).

(1) سورة الجمعة، الآية:11.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (864)، والنسائي (3/ 102)، وابن أبي شيبة (2/ 112).

(3)

«الروضة الندية» (ص: 137).

(4)

صحيح: أخرجه مسلم (867).

ص: 583

وفي حديث أبي حميد الساعدي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عشية بعد الصلاة، فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد» (1).

ويستحب أن يبدأ بخطبة الحاجة:

فعن ابن مسعود قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة: «الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، [ثم قرأ ثلاث آيات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (2) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (3) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (4)» (5).

وعن جابر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: «بُعثت أنا والساعة كهاتين» ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر

الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل ضلالة في النار ....» الحديث (6).

وقد صح عن عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما كانا يستفتحان بهذا خطبة الجمعة وغيرها.

2 -

تفخيم أمر الخطبة ورفع الصوت:

وقد تقدم في حديث جابر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبَّحكم ومسَّاكم» (7).

(1) صحيح: أخرجه البخاري (926).

(2)

سورة آل عمران، الآية:102.

(3)

سورة النساء، الآية:1.

(4)

سورة الأحزاب، الآيتان: 70، 71.

(5)

صحيح: أخرجه أبو داود (2118)، والترمذي (1105)، والنسائي (6/ 89)، وابن ماجه (1892).

(6)

صحيح: أخرجه مسلم (867)، والنسائي (3/ 188)، وابن ماجه (45)، وأحمد (3/ 319).

(7)

صحيح: تقدم قريبًا.

ص: 584

3 -

تقصير الخطبة وتطويل الصلاة:

عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئينَّةٌ من فقهه، فأطيلوا هذه الصلاة، وأقصروا هذه الخطبة، فإن من البيان لسحرًا» (1) والمئنة: العلامة والمظنة.

وعن جابر بن سمرة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدًا، وخطبته قصدًا» .

وفي رواية: «لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، وإنما هنَّ كلمات يسيرات» (2).

قلت: في تقصير الخطبة فائدتان: عدم الملل، وأنها أوعى للسامع وأحفظ له، لكن قد يستدعي فقه الخطيب وذكاؤه -أحيانًا- إطالة الخطبة لاقتضاء الحال ذلك، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب بسورة (ق) وبـ (تبارك) وهذا مع ترتيله والوقوف على كل آية يطيل الخطبة ولابد، فالمقصود مراعاة حال الناس وحاجتهم، والله أعلم.

4 -

قراءة آيات من القرآن في الخطبة:

(أ) عن جابر بن سمرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بين الخطبتين، ويذكر الناس ويقرأ آيات من القرآن» (3).

(ب) وعن صفوان بن يعلي عن أبيه: «أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {وَنَادَوْا يَا

مَالِكُ}

» (4).

(جـ) عن أم هشام قالت: «ما حفظت سورة (ق) إلا من فيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة» (5).

5 -

النزول من على المنبر للسجود إذا قرأ بآية سجدة:

وهذا ثابت عن عمر بن الخطاب وأبي موسى الأشعري وعمار بن ياسر، وقد تقدم في «سجود التلاوة» .

(1) صحيح: أخرجه مسلم (869)، وأحمد (4/ 263)، والدارمي (1556) وغيرهم.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (866)، وأبو داود (1107)، والرواية الأخرى له، والترمذي (507)، والنسائي (3/ 110)، وابن ماجه (1106).

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (862)، وأبو داود (1094).

(4)

صحيح: أخرجه البخاري (3266)، ومسلم (871).

(5)

صحيح: أخرجه مسلم (872)، وأحمد (6/ 463).

ص: 585

6 -

الدعاء للمسلمين في الخطبة:

يُروى عن سمرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة» (1) لكنه ضعيف جدًّا لا يحتج به، وإن كان العمل عليه عند أهل العلم.

وعلى كلٍّ فإنه يستفاد استحباب الدعاء في الخطبة من حديث عمارة بن رؤيبة: أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعًا يديه [يدعو] فقال: «قبَّح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة» (2).

ففيه فائدتان:

1 -

إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في خطبته.

2 -

كراهة رفع الإمام يديه إذا دعا على المنبر، وأن السنَّة أن يشير بإصبعه السبابة، ويؤيده حديث سهل بن سعد قال:«ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهرًا يديه قطُّ يدعو على منبره ولا على غيره، ولكن رأيته يقول هكذا، وأشار بالسبابة وعقد الوسطى والإبهام» (3).

وهذا أحد الوجهين عند الحنابلة واختاره شيخ الإسلام (4).

تنبيه: يستثنى مما تقدم دعاؤه في الاستسقاء فالثابت فيه -خاصة- رفع اليدين كما تقدم في الاستسقاء، والله أعلم.

ما يباح للخطيب في الخطبة:

1 -

الاعتماد على عصا أو نحوها في الخطبة:

ففي حديث الحكم بن حزين الكلفي -في قصة وفوده على النبي صلى الله عليه وسلم: «.. فأقمنا بها أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئًا على عصا أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه

الحديث» (5).

(1) ضعيف جدًّا: أخرجه البزار كما في «المجمع» (2/ 190) وفي سنده متروك.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (874)، والنسائي (3/ 108)، وأبو داود (1104)، والترمذي (515)، وابن ماجه (1103).

(3)

حسن بما قبله: أخرجه أبو داود (1105) بسند لين ويشهد له ما قبله.

(4)

«الاختيارات» (ص: 80).

(5)

صحيح لشواهده: أخرجه أبو داود (1096)، وأحمد (4/ 212)، وأبو يعلى (12/ 204)، وابن خزيمة (1452) وله شواهد.

ص: 586

وفي حديث فاطمة بنت قيس -في قصة الجساسة-:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وطعن بمخصرته في المنبر-: «هذه طيبة

» الحديث (1) والمخصرة: ما يمسكه الإنسان من عصا أو عكازة.

2 -

أن يكلِّم من شاء من الحاضرين لحاجة: كأن يأمر الداخل بصلاة ركعتي التحية أو أن يأمر من يتخطى الرقاب بالجلوس، أو أن يسأل أحدهم عن شيء، أو أن يجيب من سأله، أو يأمر أحدهم بالدخول ونحو ذلك.

وكل ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله تقدم بعض ذلك ويأتي بعض إن شاء الله.

3 -

حث الناس على التصدق على فقير إذا رآه:

عن أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل يوم الجمعة -والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب- بهيئة بذة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أصليت» قال: لا، قال:«صلِّ ركعتين» وحث الناس على الصدقة، فألقوا ثيابًا، فأعطاه منها ثوبين

» (2).

تنبيه: التصدق على الفقير في الخطبة محمول على ما إذا سكت الإمام عن الكلام، وأما ما انتشر في مساجد المسلمين من قيام خادم المسجد بالمرور على المصلين بصندوق يجمع فيه صدقاتهم - والإمام يخطب- فلا شك في أنه غير مشروع، لعموم الأدلة الآمرة بالإنصات للخطبة وتحريم الكلام والعبث أثناءها كما سيأتي.

4 -

قطع الخطبة لاشتغال تعرض له ثم يعود لخطبته:

وفي هذا أحاديث منها: حديث جابر بن عبد الله -في قصة اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر بعد أن كان يخطب على جذع نخلة-: «.. فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح

الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمَّه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها» (3).

وحديث أبي رفاعة قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ

(1) صحيح: أخرجه مسلم (2942)، وأبو داود (4326)، والترمذي (2253)، وابن ماجه (4074).

(2)

حسن: أخرجه النسائي (3/ 106).

(3)

صحيح: أخرجه البخاري (3584).

ص: 587