المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث: في صلاة الليل - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٦

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

- ‌(الفصل الرابع): في صلاة الضحى

- ‌(الفصل الخامس): في قيام رمضان

- ‌ صلاة التراويح

- ‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين

- ‌(اجتماع العيد والجمعة)

- ‌(الباب الثاني): في النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌(الفصل الأول): في الكسوف

- ‌(الفصل الثاني): في الاستسقاء

- ‌(الفصل الثالث): في صلاة الجنازة

- ‌(الفصل الرابع): في صلوات متفرقة

- ‌[صلاة الاستخارة]

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌صلاة التسبيح

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول: فى فضله وفضل شهر رمضان

- ‌الباب الثاني: في واجبات الصوم وسننه وأحكامه

- ‌فصل في أركان الصوم

- ‌النية

- ‌في نية صوم التطوع

- ‌الإمساك عن المفطرات

- ‌القبلة والمباشرة

- ‌المفطر ناسياً

- ‌زمان الصوم

- ‌عاشوراء

- ‌رجب

- ‌شعبان

- ‌ست من شوال

- ‌عشر ذي الحجة

- ‌أيام الأسبوع

- ‌أيام البيض

- ‌الأيام التي يحرم صومها

- ‌سنن الصوم

- ‌وقت الإفطار

- ‌تعجيل الفطر

- ‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

- ‌موجب الإفطار

- ‌في الكفارة

- ‌كتاب الصبر

- ‌كتاب الصدق

- ‌كتاب الصدقة والنفقة

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌النفقة

- ‌الفصل الثاني: في الحث عليها

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الصدقة

- ‌كتاب صلة الرحم

- ‌كتاب الصحبة

- ‌الفصل الأول: فِي حَقِّ الرَّجُل عَلى الزَوْجَةِ

- ‌الفصل الثاني: في حق المرأة على الزوج

- ‌الفصل الثالث: في آداب الصحبة

- ‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

- ‌الفصل الخامس: في صفة الجليس

- ‌الفصل السادس: (في التحابِّ والتوادِّ)

- ‌الفصل السابع: في التعاضد والتناصر

- ‌الفصل الثامن: في الاستئذان

- ‌الفصل التاسع: (في السلام وجوابه)

- ‌الفصل العاشر: في المصافحة

- ‌الفصل الحادي عشر: في العطاس والتثاؤب

- ‌الفصل الثاني عشر: في عيادة المريض وفضلها

- ‌الفصل الثالث عشر: في الركوب والارتداف

- ‌الفصل الرابع عشر: في حفظ الجار

- ‌الفصل الخامس عشر: في الهجران والقطيعة

- ‌الفصل السادس عشر: في تتبع العورة وسترها

- ‌الفصل السابع عشر: في النظر إلى النساء

- ‌الفصل الثامن عشر: في أحاديث متفرقة

- ‌كتاب الصداق

- ‌الفصل الأول: في مقداره

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

الفصل: ‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

الأول: حديث (بلال).

1 -

عن بلال رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالحِينَ قَبْلَكُمْ، وَقُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الآثَامِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيَّئَاتِ، وَمَطْرَدةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الجَسَدِ". أخرجه الترمذي (1). [حسن]

قوله: "فإنه دأب الصالحين" لفظه في "الجامع"(2): "فإنه من دأب" الدأب (3): العادة والشأن وقد تحرك، وأصله من دأب في العمل إذا جدّ وتعب، إلا أن العرب حوّلت معناه إلى العادة والشأن.

قوله: "وقربة إلى ربكم" لفظه في "الجامع"(4): "وإن قيام الليل قربى إلى الله تتقرب به إليه" والمراد: قيامه بالصلاة.

قوله: "ومنهاة عن الآثام" من قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (5).

"وتكفير للسيئات" تغطية لها وللعقاب عنها.

قوله: "ومطردة للداء عن الجسد" فهو من الأدوية النافعة، كما أنه للأدوية من آفات الأديان.

(1) في "السنن" رقم (3549)، وهو حديث حسن.

في "سنن الترمذي": "قربة إلى الله"، وهذا في "الجامع"(9/ 433).

(2)

(9/ 433 رقم 7110).

(3)

قاله ابن الأثير "النهاية في غريب الحديث"(1/ 548).

(4)

(9/ 433 رقم 7110)، والذي فيه:"وإن قيام الليل قُربةٌ إلى الله".

(5)

سورة العنكبوت الآية (45).

ص: 5

قوله: "أخرجه الترمذي" نسبه في "الجامع"(1) إلى رواية أبي أمامة وبلال.

الثاني: حديث (ابن عمرو بن العاص):

2 -

وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِالفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطَرِينَ". أخرجه أبو داود (2). [حسن]

قوله صلى الله عليه وسلم[271 ب]: "من قام بعشر آيات" أي: في صلاة الليل، يحتمل في ركعة أو في أكثر.

"لم يكتب من الغافلين" عن قيام الليل، وكأن هذا العدد أقل ما يقام به.

قوله: "كتب من القانتين" من قوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} (3).

"ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" جمع مقنطر، بضم الميم وقاف فنون اسم فاعل من قنطر، ملك مالاً بالقنطار، والقنطار دون أربعين من فضة أو ذهب أو ألف دينار، أو هو مسك ثور ذهباً أو فضة، قاله في "القاموس"(4).

والمراد: حصّل ثواباً كهذا القَدْر.

قوله: "أخرجه أبو داود".

[الثالث](5)

(1)(9/ 433 رقم 7110).

(2)

في "السنن" رقم (1398)، وهو حديث حسن.

(3)

سورة البقرة الآية (238).

(4)

"القاموس المحيط"(ص 600).

(5)

في (أ. ب): "الثاني" وكما سبق فالحديث الثاني هو حديث ابن عمرو بن العاص.

ص: 6

3 -

وله (1) في أُخرى عن عبد الله بن حُبْشِيٍّ قال: سُئِلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "طُولُ القِيَامِ". [صحيح بلفظ: أي الصلاة]

حديث "حبشي" المفاد بقوله: "وله في أُخرى عن عبد الله بن حبشي (2) " بضم الحاء المهملة فموحدة فشين معجمة فياء النسبة، وهو الخثعمي.

قوله: ["طول القنوت" (3)](4) أي: القيام، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: هذا مشكل لقوله صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"(5).

قلت: قال ابن القيم في كتابه "الهدي"(6): قد اختلف الناس في القيام والسجود أيهما أفضل؟ فرجّحت طائفة القيام لوجوه:

أحدها: أن ذكره أفضل الأذكار، فكان ركنه أفضل الأركان.

(1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1325)، (1449).

وأخرجه النسائي رقم (2526). وهو حديث صحيح بلفظ: "أي الصلاة أفضل؟ "

(2)

انظر: "التقريب"(1/ 408 رقم 248).

(3)

يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم رقم (756)، والترمذي رقم (387)، وابن ماجه رقم (142)، وأحمد (3/ 302، 391) من حديث جابر رضي الله عنه: "أفضل الصلاة طول القنوت".

(4)

في نص الحديث: "القيام".

(5)

أخرجه الترمذي في "السنن"(3579)، وأبو داود رقم (1277)، وابن ماجه رقم (1364)، والحاكم (1/ 309)، وابن خزيمة رقم (1147) عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى في تلك الساعة فكن".

وهو حديث صحيح.

(6)

في "زاد المعاد"(1/ 228 - 230).

ص: 7

والثاني: قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} (1).

الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت"(2).

وقالت طائفة: السجود [أفضل](3)، واحتجت بقوله صلى الله عليه وسلم:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"(4) وبحديث معدان بن أبي طلحة قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: حدثني بحديث عسى الله أن ينفعني به، فقال: عليك بالسجود؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد سجد لله سجدة إلَّا رفع الله له بها درجة وحط عنه خطيئة"(5) قال معدان: ثم لقيت [272 ب] أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ذلك.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب الأسلمي وقد سأله مرافقته في الجنة فقال: "أعني على نفسك بكثرة السجود"(6).

وأول سورة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة اقرأ على الأصح، وختمها بقوله:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} (7)، وبأن السجود لله يقع من المخلوقات علويها وسفليها، وبأن الساجد

(1) سورة البقرة الآية (238).

(2)

تقدم آنفاً.

(3)

سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من "زاد المعاد".

(4)

تقدم وهو حديث صحيح.

(5)

أخرجه مسلم رقم (488)، والترمذي رقم (388)، والنسائي في "المجتبى"(2/ 228)، وابن ماجه رقم (1423). وهو حديث صحيح.

(6)

أخرجه مسلم رقم (489)، وأبو داود رقم (1320)، والنسائي في "السنن" رقم (1138)، وهو حديث صحيح.

(7)

سورة العلق الآية (19).

ص: 8

أدنى ما يكون لربه وأخضع له وذلك أشرف حالات العبد، فلهذا كان أقرب ما يكون من ربه في هذه الحالة.

وبأن السجود هو سرُّ العبودية؛ فإن العبودية [528/ أ] هي الذل والخضوع، وأذل ما يكون وأخضع إذا كان ساجداً.

قلت: أما الآية في اقرأ، وحديث:"أعني على نفسك بكثرة السجود" فيحتمل أن المراد بهما الصلاة.

قال (1): وقالت طائفة: طول القيام بالليل وأفضل، وكثرة الركوع والسجود بالنهار أفضل.

واحتجت هذه الطائفة بأن صلاة الليل قد خصت بالقيام، لقوله تعالى:{قُمِ اللَّيْلَ} (2)، وقوله صلى الله عليه وسلم:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً"(3) ولهذا يقال: قيام الليل، ولا يقال: قيام النهار.

قالوا: وهذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه:"ما زاد في الليل على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة"(4) وكان يصلي (5) في الليل بالبقرة وآل عمران والنساء، وأما بالنهار فلم يحفظ عنه شيء من ذلك، بل كان يخفف السنن.

(1) ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 229).

(2)

سورة المزمل الآية (2).

(3)

أخرجه البخاري رقم (370، 2009)، ومسلم رقم (173/ 759)، وأبو داود (1371)، والنسائي رقم (2198)، وابن ماجه رقم (1326)، والترمذي رقم (808)، وهو حديث صحيح.

(4)

تقدم وهو حديث صحيح.

(5)

أخرجه أحمد (5/ 384، 397)، ومسلم رقم (772)، وهو حديث صحيح.

ص: 9

وقال شيخنا (1): الصواب أنهما سواء، فالقيام أفضل بذكره وهو القرآن والسجود بهيئة، فهيئة السجود أفضل من هيئة القيام، وذكر القيام أفضل من ذكر السجود. انتهى.

إلَاّ أنه ذكر في كتابه "الكلم الطيب"(2) ما لا يوافق كلام شيخه، فإنه قال: قراءة القرآن أفضل من الذكر، ثم قال: أنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل، بل لا يجوز أن يعدل عنه إلى الفاضل، وهذا [273 ب] كالتسبيح في الركوع والسجود؛ فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهية.

ثم قال: وإن كان فضل القرآن على كلام الله كفضل الله على خلقه، [لكن](3) لكل مقام مقال. انتهى.

فإنه أفاد أن السجود بذكره وهو التسبيح أفضل من قراءة القرآن في السجود، فلا يتم عموم أن ذكر القيام أفضل بكل حال، بل في حال القيام مثلاً، فيحتمل كلام شيخه (4) على أفضلية ذكر القيام ما لم يعرض ما يقتضي أن غيره أولى.

[الرابع](5): حديث (عبادة بن الصامت):

4 -

وعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لله، وَسُبْحَانَ الله، وَالله أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله، ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا؛ اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ".

(1) قاله ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 230).

(2)

(ص 173) بتحقيقي.

(3)

سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من "الكلم الطيب".

(4)

أي: ابن تيمية شيخ الإِسلام.

(5)

في (أ. ب): "الثالث". وهو خطأ.

ص: 10

أخرجه الشيخان (1). [صحيح]

"تعارّ" أي: استيقظ.

قوله: "من تعارّ" بفتح المثناة (2) الفوقية فعين مهملة فألف فراء مثقلة، يأتي تفسيره.

"ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا" عام بعد خاص؛ لأنه سؤال المغفرة دعاء.

قوله: "أخرجه الشيخان".

قلت: الذي في "جامع الأصول"(3): أخرجه البخاري (4) والترمذي (5) وأبو داود (6)، فزاد المصنف: مسلماً، ونقص الترمذي وأبا داود.

وذكر الحافظ ابن حجر في "تخريج الأذكار"(7) أنه أخرجه الثلاثة المذكورون ولم يذكر أنه أخرجه مسلم، وساق طرقه عن الثلاثة.

فما أدري كيف وقع للمصنف هذا النقص والزيادة؟!.

[الخامس](8): حديث المغيرة بن شعبة.

(1) أخرجه البخاري رقم (1154)، ولم يخرجه مسلم.

أخرجه أبو داود رقم (5060)، وابن ماجه رقم (3878)، والترمذي رقم (3414)، وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "فتح الباري"(3/ 40).

(3)

(9/ 435 رقم (7113).

(4)

في "صحيحه" رقم (1154).

(5)

في "السنن" رقم (3414).

(6)

في "السنن" رقم (5060).

(7)

(3/ 101) ط ابن كثير.

(8)

في (أ. ب): "الرابع"، وهو خطأ.

ص: 11

5 -

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ. فَقِيلَ لَهُ: قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا". أخرجه الخمسة (1) إلَاّ أبا داود. [صحيح]

قوله: "حتى تورمت (2) قدماه" أي: من طول قيامه، والمراد: قيامه في الليل.

وفي لفظ: "أو ساقاه"(3)، وفي لفظ (4):"حتى انتفخت"، وفي لفظ (5):"حتى ترم أو تنتفخ"، وفي لفظ (6):"حتى تفطر [274 ب] قدماه"، وفي لفظ (7):"تنفطر قدماه" كل ذلك في "الجامع"(8).

قوله: "فقيل له" في رواية في "الجامع"(9): أن القائل عائشة.

قوله: "عبداً شكوراً" أشكر الله على غفران ما تقدم وما تأخر، وفيه: أن العبادة تكون لاستجلاب المغفرة وللشكر عليها، وبالشكر يطلب المزيد:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (10).

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1130، 4836، 6471)، ومسلم رقم (79/ 2819)، والترمذي رقم (412)، والنسائي (3/ 219).

(2)

انظر التعليقة المتقدمة.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1130).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1130)، ومسلم رقم (79/ 2819).

(5)

أخرجه البخاري رقم (6471).

(6)

أخرجه البخاري رقم (4837)، ومسلم رقم (80/ 2820).

(7)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (4837)، وفيه: حتى تتفطّر.

(8)

(6/ 64 - 65).

(9)

انظر التعليقة المتقدمة.

(10)

سورة إبراهيم الآية (7).

ص: 12

قوله: "أخرجه الخمسة إلَاّ أبا داود" أي: الشيخان (1) والترمذي والنسائي.

[السادس](2): حديث (عائشة):

6 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَدَعُ قِيَامَ اللَّيْلِ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ صَلَّى قَاعِدًا". أخرجه أبو داود (3). [صحيح]

قوله: "وكان إذا مرض أو كسل" كأنها شك من الراوي؛ فإنه يطلق الكسل على المرض. "صلى قاعداً".

قوله: "أخرجه أبو داود".

[السابع](4): حديث (أبي هريرة):

7 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ الله رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ الله امْرَأَةً قامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ". أخرجه أبو داود (5) والنسائي (6). [حسن]

قوله: "رحم الله رجلاً" يحتمل أنه إخبار عمّن مضى، أو دعاء لمن يفعل ذلك.

(1) تقدم تخريجه.

(2)

في (أ. ب): "الخامس".

(3)

في "السنن" رقم (1307).

وأخرجه أحمد في "المسند"(6/ 249)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (800)، وابن خزيمة رقم (1137)، والطيالسي رقم (1519)، وهو حديث صحيح.

(4)

في (أ. ب): "السادس".

(5)

في "السنن" رقم (1308)، (1450).

(6)

في "السنن" رقم (1610).

وأخرجه ابن ماجه رقم (1636)، وأحمد (2/ 250)، وهو حديث حسن.

ص: 13

قوله: "فأيقظ امرأته" فيه جواز إيقاظ النائم ليفعل خيراً نفلاً.

قوله: "فإن أبت نضح في وجهها الماء" ليكمل إيقاظها بإدراك برد الماء، ومثله المرأة في إيقاظ زوجها.

قوله: "فصلّى وصلت" يحتمل أن الإيقاظ كان بعد الإتيان بشيء من الصلاة، ويحتمل أنه يريد: فأراد الصلاة. [529/ أ].

قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي".

[الثامن](1) حديث (أبي هريرة) أيضاً:

8 -

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كلَّ مَكانِ كُلِّ عُقْدَةٍ، عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ الله انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدَهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ". أخرجه الستة (2) إلَاّ الترمذي. [صحيح]

"قافيةُ الرأس" مؤخره، ومنه قافية الشّعر، وقيل: وسطه، والمراد: جميع الرأس، فكنى ببعضه عن كله (3).

قوله: "يعقد الشيطان" يحتمل أنه يراد به الجنس (4)، أو رأس الشياطين وهو إبليس (5).

(1) في (أ. ب): "السابع".

(2)

أخرجه البخاري رقم (1142)، ومسلم رقم (776)، وأبو داود رقم (1306)، وابن ماجه رقم (1329)، والنسائي رقم (1610).

وهو حديث صحيح.

(3)

انظر: "فتح الباري"(3/ 24 - 25).

(4)

قال الحافظ في "الفتح"(3/ 24)، وفاعل ذلك هو القرين أو غيره.

(5)

وتجوز نسبة ذلك إليه لكونه الآمر به الداعي إليه.

ص: 14

قوله: "قافية رأس أحدكم" مؤخر عنقه [275 ب] وقافية كل شيء مؤخره، ومنه قافية القصيدة.

وفي "النهاية"(1): القافية: القفا، وقيل: مؤخر الرأس، وقيل: وسطه.

وظاهر قوله: "أحدكم" التعميم في المخاطبين ومن في معناهم (2).

قوله: "إذا هو نام" في رواية (3): "إذا هو نائم".

قوله: "يضرب على كل عقدة [مكانها] (4) " لفظ البخاري (5): "على مكان كل عقدة يضرب" أي: بيده على العقدة تأكيداً وإحكاماً لها.

وقيل: معنى "يضرب" يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ، ومنه:{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} (6) أي: حجب الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا (7).

قوله: "عليك ليل طويل"(8) روي بالنصب على الإغراء، وبالرفع على الابتداء.

(1)(2/ 479)، وانظر: الفائق للزمخشري (1/ 202).

(2)

قاله الحافظ في "الفتح"(3/ 25).

(3)

للحموي والمستملي: "إذا هو نائم" بوزن فاعل.

قال الحافظ في "الفتح"(3/ 25): والأول أصوب. أي: "إذا هو نام".

(4)

ليست هذه من ألفاظ التيسير.

(5)

في "صحيحه" رقم (142، 3269).

(6)

سورة الكهف الآية (11).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 25).

(8)

قال الحافظ في "الفتح"(3/ 25) كذا في جميع الطرق عن البخاري بالرفع، ووقع في رواية أبي مصعب في "الموطأ" عن مالك:"عليك ليلاً طويلاً"، وهي رواية ابن عيينة عن أبي الزناد عند مسلم، في "صحيحه" رقم (207/ 776).

ص: 15

قال القرطبي (1): الرفع أولى من جهة المعنى؛ لأنه الأمكن في الغرور، من حيث أنه يخبره عن طول الليلُ ثم يأمره بالرُّقاد بقوله:"فارقد" وإذا نُصبَ على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرُّقاد، وحينئذٍ فيكون قوله:"فارقد" ضائعاً، ومقصود الشيطان يدرك تسويفه بالقيام والإلباس عليه.

وقد اختلف في هذا العقد، فقيل: هو على الحقيقة، وأنه كما يعقد الساحر من سحره، وأكثر من يفعله النساء، تأخذ إحداهن الخيط فتعقد فيه عقدة وتتكلم عليه بالسِّحر فيتأثر المسحور عند ذلك (2)، ومنه قوله تعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)} (3).

وعلى هذا؛ فالعقود شيء عند قافية الرأس، وهو العقد في شعر الرأس.

وهل العقد في شعر الرأس أو في غيره؟ الأقرب الثاني، إذ ليس لكل أحد شعر.

ويؤيد كونه على الحقيقة ما ورد في بعض طرقه: "أن على رأس كل آدمي حبلاً" وفي رواية عن أبي هريرة مرفوعاً: "على قافية [276 ب] رأس أحدكم حبل فيه ثلاث عقد" وفي معناه أحاديث.

وقيل (4): أنه مجاز، شبه فعل الشيطان بالنائم بعقد الساحر بالمسحور، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده، كان هذا مثله من الشيطان للنائم.

(1) في "المفهم"(2/ 409).

(2)

إمّا بمرضٍ، أو تخييل، أو تحريك قلب، أو تحزين، أو غير ذلك، فشبه فعل الشيطان بالنائم بفعل السَّواحر، وذلك: أنَّ النائم كُلَّما أراد أن يقوم ليذكر الله، أو يصلي عسَّره وخدَعه، بأن يقول له عليك ليل طويلٌ "فارقد". "المفهم"(2/ 409).

(3)

سورة الفلق الآية (4).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 25).

ص: 16

وقيل: المراد عقد القلب وتصميمه على الشيء، كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليل قطعة طويلة فيتأخر عن القيام.

وانحلال (1) العقد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به، وقيل في تأويله غير ذلك.

قوله: "انحلت عقدة" بلفظ الإفراد كما يدل له بقية السياق، وثبت لفظه بالجمع.

قوله: "فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة" فيه الحث على الذكر عند الاستيقاظ ولا يتعين ذكر، لكن المأثور أفضل.

"فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلَّى انحلت عقده كلها" وأقل ما تنحل به عقد الشيطان ركعتان، كما يفيده حديث ابن خزيمة (2):"عجلوا عقد الشيطان ولو بركعتين".

قال الغزالي (3): ولهذا استحب استفتاح صلاة الليل (4) بركعتين مبادرة إلى حل العقد.

قوله: "فأصبح" بذكر الله والوضوء والصلاة.

"نشيطاً" ببركة قيام الليل.

"طيب النفس"(5) منشرح الخاطر.

(1) انظر: "المفهم"(2/ 409 - 410)، "فتح الباري"(3/ 25 - 26).

(2)

في "صحيحه" رقم (1132) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفيه: "

فحلُّوا عقد الشيطان ولو بركعتين" وسنده صحيح.

(3)

انظر: "الوسيط"(2/ 215 - 216).

(4)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين".

أخرجه أحمد (2/ 399)، ومسلم رقم (198/ 768)، وأبو داود رقم (1333)، وهو حديث صحيح.

(5)

قال الحافظ في "الفتح"(3/ 26) لسروره بما وفقه الله له من الطاعة، وبما وعده من الثواب، وبما زال عنه من عقد الشيطان. كذا قيل: والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلي شيئاً =

ص: 17

"وإلَاّ أصبح خبيث النفس كسلان" هذا إذا [لم يستيقظ](1)، فأما لو نام واستغرقه النوم فإنها تنحل عنه العقد عند قيامه لفريضة الفجر مثلاً؛ لأنه لم يستيقظ في الليل.

قال ابن عبد البر (2): هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيّعها، أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو النافلة فغلبته عيناه، فقد ثبت:"أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة"(3).

قوله: "أخرجه الستة إلَاّ الترمذي".

قوله: "فكنى ببعضه عن كله".

قلت: وقال القرطبي (4): تخصيص القفا به؛ لأنه محل الوهم ومجال تصرفه، وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته. انتهى.

فدل على أنه أريد القفا حقيقة.

[التاسع](5): حديث (ابن مسعود)[277 ب]:

= مما ذكر، وكذا عكسه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزمل: 6].

(1)

في (أ. ب): "و" والصواب ما أثبتناه.

(2)

في "الاستذكار"(5/ 185 - 186).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (1314)، والنسائي رقم (1784، 1785)، ومالك في "الموطأ" (1178) عن عائشة رضي الله عنها: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من امرئ تكون له صلاةٌ بليل يغلبه عليها نومٌ إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة".

وهو حديث حسن.

(4)

في "المفهم"(2/ 408 - 409) ولم أجده بنصه.

(5)

في (أ. ب): "الثامن".

ص: 18

9 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"ذلِكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنِهِ". أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح]

قوله: "ذكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى الصلاة" يحتمل ما قام لصلاة الليل النافلة، وقال سفيان: هذا عندنا في من نام عن الفريضة، أخرجه عنه ابن حبان (3).

قوله: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك رجل بال الشيطان في أذنه" في رواية (4): "في أذنيه" بالتثنية. [530/ أ].

اختلف (5) في بول الشيطان، فقيل: على الحقيقة، وقيل: كناية عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر، وقيل: أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجبه عن الذكر.

وقيل: كناية عن ازدراءه والاستخفاف (6) به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول.

قال الطيبي (7): خص الأذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم، إشارة إلى ثقل النوم؛ فإن المسامع هي موارد الانتباه.

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1144، 3270)، ومسلم رقم (205/ 774).

(2)

في "السنن" رقم (1609)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "صحيحه"(6/ 302) رقم (2562).

(4)

أخرجه البخاري رقم (3270).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 28).

(6)

انظر: "شرح الطيبي على مشكاة المصابيح"(3/ 123).

(7)

في "شرحه على مشكاة المصابيح"(3/ 123).

ص: 19

وخص البول؛ لأنه أسهل مدخلاً في التجاويف وأسرع نفوذاً في العروق، فيورث الكسل في جميع الأعضاء، فيحصل به التثبيط عن القيام للصلاة. انتهى.

قوله: "أخرجه الشيخان والنسائي".

[العاشر](1): حديث (عائشة):

10 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالَتْ: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ امْرِئٍ تَكُونُ له صَلَاةٌ بِلَيْلٍ فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ، وَكانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَة". أخرجه الأربعة (2) إلا الترمذي. [حسن]

قوله: "ما من امرئ تكون له صلاة" يعتاد القيام لها.

"بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته" هو كحديث: "أنه إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً"(3).

"وكان نومه عليه صدقة" من الله يتصدق تعالى عليه بالنوم، ويكتب ما فاته من الصلاة، والله ذو الفضل العظيم.

[الحادي عشر](4)[278 ب]: حديثها أيضاً.

(1) في (أ. ب): "التاسع".

(2)

أخرجه أبو داود رقم (1314). والنسائي رقم (1784، 1785)، ومالك في "الموطأ"(1/ 117)، وهو حديث حسن.

(3)

أخرجه البخاري رقم (2996)، وأحمد (4/ 411)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 373)، وفي "شعب الإيمان" رقم (9928)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(3/ 230)، والحاكم (1/ 341). كلهم من حديث أبي موسى الأشعري، وهو حديث صحيح.

(4)

في (أ. ب): "العاشر".

ص: 20

11 -

وعنها رضي الله عنها قالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيُوقِظُهُ الله تَعَالى مِنَ اللَّيْلِ، فَما يَجِيءُ السَّحَرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِزْبِهِ. أخرجه أبو داود (1). [حسن]

قوله: "ليوقظه الله من الليل" الحديث هذا غالب أحواله صلى الله عليه وسلم، وقد ينام عن حزبه كما ثبت عنها.

[الثاني عشر](2): حديث (مسروق).

12 -

وعن مسروق قال: سَالتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَيُّ العَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: الدَّائِمُ. قُلْتُ: وَأَيَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. تَعْنِي الدِّيكَ. أخرجه الخمسة (3) إلَاّ الترمذي. [صحيح]

قوله: "قالت: الدائم" قيل: المراد به المواظبة (4) العرفية، وهو القيام كل ليلة في ذلك الوقت لا الدوام المطلق، وليس المراد في قيام الليل، بل مطلق.

قوله: "الصارخ" فسّره المصنف بالديك وقالوا: هو اتفاق هنا، قالوا: سمي بذلك لكثرة صراخه (5).

قال ابن ناصر (6): وجرت العادة بأن الديك يصيح عند نصف الليل غالباً.

قوله: "أخرجه الخمسة إلَاّ الترمذي".

(1) في "السنن" رقم (1316)، وهو حديث حسن.

(2)

في (أ. ب): "الحادي عشر".

(3)

أخرجه البخاري رقم (1132)، ومسلم رقم (741)، وأبو داود رقم (1317)، والنسائي رقم (1616)، وهو حديث صحيح.

(4)

قاله الحافظ في "الفتح"(3/ 16).

(5)

ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(6/ 23)، وانظر:"فتح الباري"(2/ 479 - 480).

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 17).

ص: 21

[الثالث عشر](1): حديث (عائشة).

13 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ عَشَرَ رَكَعَاتٍ: يُوتِرُ بِسَجْدَةٍ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الفَجْرِ، فَتْلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه الستة (2) وهذا لفظ مسلم وأبي داود. [صحيح]

قوله: "عشر ركعات" لم يبين مفصولة أو موصولة، وقد ثبت في غيرها في حديث (3): "أنه كان يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن

" الحديث. والأحاديث في وتره صلى الله عليه وسلم قد كثرت، ووقع فيها زيادة ونقصان سيما في روايات (4) عائشة.

والظاهر أنها كلها أخبار عن إيتاره في ليال متعددة، وأنه كان يختلف عدداً ووصلاً وفصلاً.

قوله: "ويوتر بسجدة" أي: بركعة من إطلاق الجزء على الكل.

قوله: "ويركع ركعتي الفجر" هذه ليست من صلاة الليل، بل هي بعد خروجه ودخول الصبح، لكن عدتها منها لاتصالها بها فعلاً.

قوله: "أخرجه الستة" وهذا لفظ مسلم وأبي داود".

(1) في (أ. ب): "الثاني عشر".

(2)

أخرجه البخاري رقم (1140)، ومسلم رقم (128/ 738)، وأبو داود رقم (1334، 1335)، والترمذي رقم (439، 440، 441)، والنسائي رقم (1696، 1726)، ومالك في "الموطأ"(1/ 125 - 126).

(3)

أخرجه البخاري رقم (1147)، وطرفاه رقم (2013، 3569).

ومسلم في "صحيحه" رقم (738).

(4)

تقدم أكثرها.

ص: 22

[الرابع عشر](1): حديث (أبي هريرة):

14 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ". أخرجه مسلم (2) وأبو داود (3).

وزاد (4): ثُمَّ لَيُطَوِّلْ بَعْدَ مَا شَاءَ. [صحيح]

قوله: "فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين" تقدم وجهه عن الغزالي (5)، وقالوا: لأنه إذا دخل بهما استجلب النشاط بعدهما فيطول [279 ب] ما شاء.

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود" قال في "الجامع"(6): قال أبو داود (7): ورواه جماعة موقوفاً على أبي هريرة.

ولقد طوى المصنف أحاديث كثيرة وردت في الوتر وقيام الليل، جمعها ابن الأثير في "الجامع"(8).

(1) في (أ): "الثاني عشر"، وفي (ب):"الثالث عشر".

(2)

في "صحيحه" رقم (198/ 768).

(3)

في "السنن" رقم (1323)، وهو حديث صحيح.

(4)

أي: أبو داود في "السنن" رقم (324).

(5)

في "الوسيط"(2/ 215 - 216).

(6)

(6/ 105 رقم 4201).

(7)

في "السنن"(2/ 80).

(8)

(6/ 64 - 107).

ص: 23