الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عمرو بن العاص، عن ابن عمر، عن سمرة بن جندب، عن أبي بكرة، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن النعمان بن بشير، عن أُبي بن كعب، عن قبيصة بن مخارق، عن أبي هريرة، عن جابر.
وعقد البخاري (1) في صحيحه للكسوف تسعة عشر باباً.
ولقد قصّر المصنف كثيراً وأهمل سنناً واسعة، وقد ذكر بعضاً يسيراً مما أهمله، ولو استوفينا لطال الكلام واتسع مجال الكلام.
(الفصل الثاني): في الاستسقاء
هنا يراد به طلب السقيا من الله تعالى.
قال ابن القيم (2): أنه صلى الله عليه وسلم استسقى على وجوه:
أحدها: يوم الجمعة على المنبر أثناء خطبته.
الثاني: أنه وعد الناس يوماً يخرجون فيه إلى المصلى، فخرج لما طلعت الشمس متواضعاً متبذلاً متخشعاً متضرعاً، فلما وافى المصلى صعد المنبر - إنْ صح (3) - وإلا ففي القلب منه شيء، وساق بقية الحديث.
الوجه الثالث: أنه استسقى على منبر المدينة استسقاءً مجرداً في غير يوم الجمعة، ولم يحفظ عنه في هذا الاستسقاء صلاة.
(1) في "صحيحه"(2/ 526 - 548 الباب رقم 1 - 19 - مع الفتح).
(2)
في "زاد المعاد"(1/ 439 - 440).
(3)
يشير إلى حديث عائشة رضي الله عنها وهو حديث حسن.
أخرجه أبو داود رقم (1173)، وأبو عوانة كما في "التلخيص"(2/ 195)، وابن حبان رقم (2860)، والحاكم (1/ 328)، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 325)، والبيهقي (3/ 349)، وسيأتي نصه وهو حديث حسن، والله أعلم.
الرابع: أنه استسقى وهو جالس في المسجد فرفع يديه ودعا الله عز وجل.
الخامس: أنه استسقى عند أحجار الزيت، قريب من الزوراء وهي خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السلام.
السادس: أنه استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء فأصاب المسلمين العطش، وساق الحديث.
قال (1): وأغيث صلى الله عليه وسلم في كل مرة استسقى فيها، وسرد أدعيةً ذكرت عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك.
الحديث الأول: [308 ب] حديث (أنس):
1 -
عن أنس رضي الله عنه قال: أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ، فَبَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! هَلَكَ المَالُ، وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ الله لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ! مَا وَضَعَهُمَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الجِبَالِ، ثُمَّ لم يَنْزِلْ مِنْ عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنْ الغَدِ، وَمنْ بَعْدَ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ الله تَعَالى لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، فَما يُشِيرُ بِيَدهِ إِلَى نَاحِية مِن السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ، وَصَارَتْ المَدِينَةُ مِثْلَ الجَوْبَةِ.
وفي رواية: "اللهمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللهمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ". قَالَ: "فَانْقَلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي في الشَّمْسِ". أخرجه الستة (2) إلا الترمذي. [صحيح]
(1) أي: ابن القيم (1/ 441 - 442).
(2)
أخرجه البخاري رقم (932)، وأطرافه (933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342)، ومسلم رقم (897)، وأبو داود رقم (1174، 1175)، والنسائي (3/ 154، 155)، ومالك في "الموطأ"(1/ 191). وهو حديث صحيح.
"القَزَعَةُ"(1) بالتحريك: قطعة من الغيم، والجمع قزع.
قوله: "سنة" بفتح المهملة بعدها نون خفيفة، أي: قحط وجدب (2).
قوله: "أعرابي" في "بهجة المحافل"(3) أنه سليك بن عمرو الغطفاني، وفي "فتح الباري" (4): لم أقف على تسمية الرجل من رواية أنس.
قوله: "هلك المال" لفظه في البخاري (5): "الأموال"، وفي رواية (6) كريمة وأبي ذر بدل البخاري (7):"المواشي".
قال ابن حجر (8): وهو المراد بالأموال هنا لا الصامت، والمراد بهلاكهم عدم ما يعيشون به من الأقوات المفقودة بحبس المطر.
قوله: "وضاع العيال" أي: من يعولونهم لقلة القوت.
"وتعطلت السبل"(9) أي: الطرق، والمراد: أن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر، لكونها لا تجد في طريقها من الكلأ ما يقيم أودها.
(1) قاله ابن الأثير في "النهاية"(2/ 451).
(2)
انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/ 150)، و"النهاية"(1/ 811).
(3)
(1/ 330).
(4)
(2/ 501).
(5)
في "صحيحه" رقم (1014).
(6)
ذكره ابن حجر في "فتح الباري"(2/ 502) عن الكشميهني.
(7)
كذا في (أ. ب) والذي في "الفتح": جميعاً عن الكشميهني.
(8)
في "الفتح"(2/ 502).
(9)
كذا في الشرح وليست في متن الحديث، وهي من ألفاظ البخاري رقم (1013).
وقيل (1): المراد نفاد ما عند الناس من الطعام أو قلته بحيث لا يجدون ما يجلبونه وما يحملونه إلى الأسواق.
قوله: "فادع لنا" لفظ البخاري (2): "فادع الله يغيثنا"، وفي رواية (3):"أن يغيثنا".
قوله: "فرفع يديه" زاد في البخاري (4) وقال: "اللهم اسقنا" كرره ثلاثاً، وما نرى في السماء قزعة: بفتح القاف والزاي بعدها مهملة، أي: سحاب متفرق (5).
قوله: "ما وضعهما" أي: يديه. "حتى ثار السحاب أمثال الجبال".
وقوله: "السحاب يتحادرُ عن لحيته" أي: المطر.
قوله: "فقام ذلك الأعرابي أو غيره" شك من أنس، كما يدله قول شريك في آخر الحديث:"سألت أنساً (6): هو الرجل الأول؟ فقال: لا أدري". وورد في رواية (7): "قال الرجل". وفي أُخرى (8): حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة.
قال في "فتح الباري"(9): وهذا يقتضي الجزم بأنه كان واحداً، فلعلَّ أنساً تذكره [309 ب] بعد أن نسيه أو نسيه بعد أن تذكره.
(1) ذكره ابن حجر في "الفتح"(2/ 502 - 503).
(2)
رقم (1013، 1014).
(3)
البخاري في "صحيحه" رقم (1033)، وفيه: فادع الله لنا أن يسقينا.
(4)
في "صحيحه" رقم (1013).
(5)
قاله ابن حجر في "الفتح"(2/ 503).
(6)
عند البخاري في "صحيحه" رقم (1013)، (1014)، (1029).
(7)
أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (1013)، (1017).
(8)
أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (1019).
(9)
(2/ 504).
قوله: "حوالينا" بفتح اللام، أي: اجعل المطر حيث لا أبنية ولا دور.
وقوله: "ولا علينا" بيان للمراد نحو البناء؛ لأنها تشمل الطرق التي حولهم، فأراد إخراجها بقوله:"ولا علينا"(1).
قال الطيبي (2): في إدخال الواو هنا معنى لطيف، وذلك أنه لو أسقطها كان مستسقياً للآكام وما معها فقط، ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصوداً [بعينه](3) ولكن ليكون وقيّة من أذى المطر، فليست الواو مخلصة للعطف ولكنها للتعليل، وهو كقولهم:"تجوع الحرة (4) ولا تأكل بثدييها"، فإن الجوع ليس مقصوداً لعينه، ولكن لكونه مانعاً من الرضاع بأجرة إذ كانوا يكرهون ذلك. انتهى. [542/ أ].
قوله: "على الآكام" فيه بيانٌ لقوله: "حوالينا" والإِكام بكسر الهمزة وقد تفتح، وقد جمع أكمة بفتحات.
قال ابن البرقي (5): هو التراب المجتمع، وقال الفرّاء (6): هي التي من حجر واحد، وهو قول الخليل (7).
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 504).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 505).
(3)
في (ب): "لعينه".
(4)
تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
أي: لا تكون ظئراً وإنْ آذاها الجوع، أول من قاله الحارث بن سليل الأسدي.
ويضرب هذا المثل في الاحتراس من مدنَّسات المكاسب.
انظر: قصة المثل. المستقصى (2/ 20 رقم 68). "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 215 - 216 رقم 619).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 505).
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 505)، وانظر:"تهذيب اللغة"(14/ 376).
(7)
في كتاب "العين"(ص 585).
وقال الخطابي (1): هي الهضبة الضخمة.
قوله: "والظراب" بكسر المعجمة وآخره موحدة جمع ظرب بكسر الراء، وقد تسكن.
قال الفرّاء (2): هو الجبل المنبسط ليس بالعالي. وقال الجوهري (3): الرابية الصغيرة.
قوله: "وبطون الأودية" والمراد ما يتحصل فيه الماء لينتفع به.
قالوا: ولم يسمع أفعلة جمع فاعل إلا أودية جمع وادٍ.
قوله: "فانقلعت" ولفظ البخاري (4): "فأقلعت" أي: السماء أو السحابة الماطرة، والمراد: أمسكت من المطر على المدينة.
قلت: وفي الحديث عدة ألفاظ اشتملت عليها الروايات غير هذه، وقد سردها ابن الأثير في "الجامع"(5)، وفيها زيادات كثيرة.
وهذا اللفظ الذي أتى به المصنف [310 ب] أخصر روايات أنس.
الثاني: حديث (عائشة):
2 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: شُكِيَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ المَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي المُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، قَالَتْ: فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فكَبَّرَ وَحَمِدَ الله تَعَالى، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكمْ، وَاسْتِئْخَارَ المَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكمْ الله تَعَالى أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكمْ أَنْ يَسْتَجيبَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: الحَمْدُ لله رَبَ العَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا إِلَهَ إِلا الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ. اللهمَّ أَنْتَ الله لَا
(1) في "أعلام الحديث"(1/ 603).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 505)، وانظر:"تهذيب اللغة"(14/ 376).
(3)
في الصحاح (1/ 174).
(4)
في "صحيحه" رقم (1014).
(5)
(6/ 195 - 206).
إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ في الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَه وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ الله تَعَالى سَحَابةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ الله تَعَالى، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجدَهُ حَتَّى سَالَتْ السُّيُولُ، فَلمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الكِنِّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ الله عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأنِّي عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ. أخرجه أبو داود (1). [حسن]
قوله: "قحوط (2) المطر" بضم القاف والحاء: انحباسه.
قوله: "في المصلى" موضع بالمدينة معروف، بينه وبين المسجد ألف ذراع، كما قاله عمر بن شبة (3)
قوله: "فخرج" قال ابن حبان (4): أن خروجه صلى الله عليه وسلم للاستسقاء إلى المصلى كان في شهر رمضان سنة ست من الهجرة.
قوله: "عن إبّان" بكسر الهمزة وتشديد الموحدة وإبان الشيء وقته (5).
(1) في "السنن" رقم (1173)، وقال: هذا حديث غريب، إسناده جيد.
وأخرجه أبو عوانة كما في "التلخيص"(2/ 195)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 328)، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي، مع أن خالد بن نزار، والقاسم بن مبرور لم يخرج لهما الشيخان شيئاً.
وأخرجه ابن حبان رقم (2860)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 325)، والبيهقي (3/ 349).
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(2)
قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 418): يقال: قُحِط المطر، وقَحَط إذا احتبس وانقطع، وأُقحط الناس إذا لم يمطروا. والقحط: الجدب؛ لأنه من أثره.
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 499).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 499).
(5)
"القاموس المحيط"(ص 1515).
قوله: "أن تدعوه" بقوله: {ادْعُونِي} (1).
"ووعدكم بأن يستجيب لكم" بقوله: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2).
قوله: "ثم رفع يديه حتى بدا بياض إبطيه" عقد البخاري (3) له باباً فقال: باب رفع الإِمام [يديه](4) في الاستسقاء وذكر حديث (5) أنس: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه إلا في الاستسقاء.
قال في "فتح الباري"(6): إنَّه معارض للأحاديث الثابتة في [الرفع](7) في غير الاستسقاء وهي كثيرة، وقد أفردها المصنف بترجمة في كتاب الدعوات وساق فيها عدة أحاديث، وجمع بين حديث أنس وبينها، بحمل النفي على صفة مخصوصة إما الرفع البليغ، ويدل عليه قوله:(حتى يرى بياض إبطيه)(8).
ويؤيده (9): أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد مداخلة: اليدين وبسطهما عند الدعاء فبالغ في رفعهما في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه.
(1) سورة غافر الآية: (60).
(2)
سورة غافر الآية: (60).
(3)
في "صحيحه"(2/ 517 الباب رقم 22 - مع الفتح).
(4)
كذا في (أ. ب)، والذي في "الفتح":"يدَهُ".
(5)
أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1031)، وطرفاه في (3565، 6341).
(6)
(2/ 517).
(7)
كذا في (أ. ب)، والذي في "الفتح"(2/ 517) بالرفع.
(8)
في حديث أنس الذي ذكره البخاري في الباب برقم (1031)، وأخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (7/ 895)، وأحمد (3/ 282).
(9)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 517).
وإما صفة اليدين في ذلك، بما رواه مسلم (1) من رواية ثابت عن أنس قال:"أن رسول الله صلى الله عليه [311 ب] وآله وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء".
ولأبي داود (2) من حديث أنس: "كان يستسقي هكذا، ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأينا بياض إبطيه".
قال النووي (3): قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع بلاءً أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل بطن كله إلى السماء. انتهى.
ولم يذكر في هذه الرواية رفع الناس أيديهم مع الإِمام، وترجم (4) له باب: رفع الناس أيديهم مع الإِمام في الاستسقاء.
قوله: "ثم حوّل إلى الناس ظهره وحوّل رداءه" ترجم له البخاري (5)، باب: كيف حوّل النبي صلى الله عليه وسلم ظهره إلى الناس.
وقوله: "وحوّل رداءه" قال ابن العربي (6): الحكمة فيه أنه علامة بينه وبين ربه، قيل له: حوّل رداءك ليتحول حالك، وتعقب بأنه يحتاج إلى نقل.
وقال غيره (7): الحكمة فيه التفاؤل بتحويل الحال عمَّا هي عليه. انتهى.
(1) في "صحيحه" رقم (6/ 895).
(2)
في "السنن"(1171)، وهو حديث صحيح.
(3)
في شرحه لـ "صحيح مسلم"(6/ 188)، وذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 518).
(4)
أي: البخاري في "صحيحه"(2/ 516 الباب رقم 21 - مع الفتح).
(5)
في "صحيحه"(2/ 514 الباب رقم 17 - مع الفتح).
(6)
في "عارضة الأحوذي"(3/ 33).
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 499) وعزاه للمهلب.
وتعقبه ابن العربي (1): بأن من شرط الفأل أن لا يقصد إليه.
قال ابن حجر (2): فيه حديث رجاله ثقات، أخرجه الدارقطني (3) والحاكم (4) عن جابر ورجح الدارقطني (5) إرساله، وعلى كل حال؛ فهو أولى من القول بالظن. انتهى.
يريد به قول ابن العربي (6) أنه علامة
…
إلى آخره.
قلت: وحديث جابر أخرجه الحاكم (7) عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جابر قال: "استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوَّل رداءه ليتحوّل القحط".
قال الحاكم (8): هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. انتهى.
قلت: قوله: "ليتحول القحط" من كلام جابر قطعاً، لعله قاله استنباطاً منه.
قال الواقدي (9): أنَّ طول رداءه كان ستة أذرع في ثلاثة أذرع، وطول إزاره [312 ب] أربعة أذرع وشبرين في ذراعين وشبر.
وذكر في الروايات في كيفية التحويل روايات، ففي رواية أبي داود (10): (فجعل عطافه
(1) في "عارضة الأحوذي"(3/ 33).
(2)
في "الفتح"(2/ 499).
(3)
في "السنن"(2/ 66 رقم 2) مرسلاً.
(4)
في "المستدرك"(1/ 326)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: غريب عجيب صحيح.
وهو حديث ضعيف.
(5)
في "السنن"(2/ 66 - 67).
(6)
في "عارضة الأحوذي"(3/ 33).
(7)
في "المستدرك"(1/ 326).
(8)
في "المستدرك"(1/ 326).
(9)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 499).
(10)
في "السنن" رقم (1163)، وهو حديث صحيح.
الأيمن على عاتقه الأيسر، وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن). وورد غيرها.
واستحب الجمهور (1) التحويل، وعن أبي حنيفة (2) وبعض المالكية (3) لا يستحب شيء من ذلك.
واستحب الجمهور (4) أن يحوّل الناس بتحويل الإِمام، ويشهد له ما رواه أحمد (5) في هذا الحديث بلفظ:"وحوّل الناس معه".
وأما وقت التحويل؛ فقد روى مالك (6): أنه صلى الله عليه وسلم حوّل رداءه حين استقبل القبلة). [543/ أ].
قوله: "فصلى ركعتين" لم يذكر صفتهما ولا ما يقرأ فيهما.
وقد أخرج الدارقطني (7) من حديث ابن عباس: (أنه يكبر فيهما سبعاً وخمساً كالعيد، وأنه يقرأ فيهما بسبح وهل أتاك). قال الحافظ ابن حجر (8): وفي إسناده مقال.
(1) انظر: "المغني"(3/ 340 - 341)، و"فتح الباري"(2/ 499).
(2)
"البناية في شرح الهداية"(3/ 182).
(3)
"التمهيد"(5/ 323).
(4)
"المغني"(3/ 341)، "الفتح"(2/ 499).
(5)
في "المسند"(4/ 41) بسند حسن.
(6)
انظر: "الاستذكار"(7/ 137 رقم (995).
(7)
في "السنن"(2/ 68 رقم 11)، وهو حديث صحيح.
(8)
في "الفتح"(2/ 500) ثم قال: لكن أصله في "السنن" بلفظ: "ثم صلَّى ركعتين كما يصلى في العيد"، أخرجه أبو داود رقم (1165)، والترمذي رقم (558)، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي رقم (1521)، وابن حبان رقم (2862)، والحاكم (1/ 326 - 327)، والبيهقي (3/ 344)، وأحمد (1/ 230)، وهو حديث صحيح.
قلت: وذلك أنه ذكره الدارقطني (1) من رواية عبد العزيز بن محمَّد بن عمر الزهري، قال الهيثمي في "مجمع "الزوائد" (2): أنه متروك.
قال ابن حجر (3): لكن أصله في السنن (4) بلفظ: (ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيدين). فأخذ بظاهره الشافعي (5)، وقال: يكبر فيهما، واستدل بالحديث على أن الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة.
ولكنه وقع عند أحمد (6) في حديث عبد الله بن زيد التصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وكذا عند ابن ماجه (7) من حديث أبي هريرة.
واختار الشافعية (8) والمالكية (9) تأخير الخطبة.
(1) في "السنن"(1/ 326 - 327).
(2)
(2/ 212).
(3)
في "فتح الباري"(2/ 500).
(4)
تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.
(5)
انظر: "الأم"(2/ 545)، و"المجموع شرح المهذب"(5/ 82).
(6)
في "المسند"(4/ 40، 41) بسند صحيح.
(7)
في "السنن" رقم (1268). وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(2/ 416): "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات .. ".
قلت: بل النعمان بن راشد ضعيف.
وأخرجه أحمد (3/ 326)، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1409، 1422)، وابن المنذر في "الأوسط" رقم (2219)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 325)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 347)، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(8)
"الأم"(2/ 545 - 546)، و"المجموع شرح المهذب"(5/ 94).
(9)
"المدونة"(1/ 166)، حاشية ابن عابدين (3/ 66).
وعند أحمد (1) رواية كذلك ورواية: أنه يخيّر (2). والحديث دليل على مشروعية الصلاة للاستسقاء، وعليه اتفق العلماء إلا أبا حنيفة (3) فقال: لا تسن له صلاة إنما يستسقي بالدعاء.
وحجة العلماء حديث الصحيحين (4) وحديث أبي داود (5) هذا، وغيرهما، وقد قدّمنا لك أن الاستسقاء فعله صلى الله عليه وسلم على أنواع.
قوله: "ثم أمطرت" هكذا بالألف (6) وهما لغتان: مطرت وأمطرت، ولا التفات إلى قول من قال: لا يقال أمطرت بالألف إلا في العذاب.
قوله: "أخرجه أبو داود".
قلت: نقل عنه المنذري (7) ما لفظه: قال أبو داود (8): هذا حديث غريب [313 ب] إسناده جيد. أهل المدينة يقرءون: (ملك يوم الدين) وفي هذا الحديث حجة لهم. انتهى.
الثالث: حديث (أنس):
3 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: أَصَابَنَا مَطَرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: "إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبَّهِ".
(1) انظر: "المغني"(3/ 336).
(2)
انظر: "المحلى"(5/ 93).
(3)
"المبسوط"(1/ 400)، "البناية في شرح الهداية"(3/ 174، 175).
(4)
أخرجه البخاري رقم (1026)، ومسلم رقم (2/ 894).
(5)
تقدم وهو حديث حسن.
(6)
انظر: "فتح الباري"(2/ 518).
(7)
في "مختصر السنن"(2/ 38).
(8)
في "السنن"(1/ 693).