المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

البخاري زيادة، ولا أدري، بل هي من التاريخ كما نقله - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٦

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

- ‌(الفصل الرابع): في صلاة الضحى

- ‌(الفصل الخامس): في قيام رمضان

- ‌ صلاة التراويح

- ‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين

- ‌(اجتماع العيد والجمعة)

- ‌(الباب الثاني): في النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌(الفصل الأول): في الكسوف

- ‌(الفصل الثاني): في الاستسقاء

- ‌(الفصل الثالث): في صلاة الجنازة

- ‌(الفصل الرابع): في صلوات متفرقة

- ‌[صلاة الاستخارة]

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌صلاة التسبيح

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول: فى فضله وفضل شهر رمضان

- ‌الباب الثاني: في واجبات الصوم وسننه وأحكامه

- ‌فصل في أركان الصوم

- ‌النية

- ‌في نية صوم التطوع

- ‌الإمساك عن المفطرات

- ‌القبلة والمباشرة

- ‌المفطر ناسياً

- ‌زمان الصوم

- ‌عاشوراء

- ‌رجب

- ‌شعبان

- ‌ست من شوال

- ‌عشر ذي الحجة

- ‌أيام الأسبوع

- ‌أيام البيض

- ‌الأيام التي يحرم صومها

- ‌سنن الصوم

- ‌وقت الإفطار

- ‌تعجيل الفطر

- ‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

- ‌موجب الإفطار

- ‌في الكفارة

- ‌كتاب الصبر

- ‌كتاب الصدق

- ‌كتاب الصدقة والنفقة

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌النفقة

- ‌الفصل الثاني: في الحث عليها

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الصدقة

- ‌كتاب صلة الرحم

- ‌كتاب الصحبة

- ‌الفصل الأول: فِي حَقِّ الرَّجُل عَلى الزَوْجَةِ

- ‌الفصل الثاني: في حق المرأة على الزوج

- ‌الفصل الثالث: في آداب الصحبة

- ‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

- ‌الفصل الخامس: في صفة الجليس

- ‌الفصل السادس: (في التحابِّ والتوادِّ)

- ‌الفصل السابع: في التعاضد والتناصر

- ‌الفصل الثامن: في الاستئذان

- ‌الفصل التاسع: (في السلام وجوابه)

- ‌الفصل العاشر: في المصافحة

- ‌الفصل الحادي عشر: في العطاس والتثاؤب

- ‌الفصل الثاني عشر: في عيادة المريض وفضلها

- ‌الفصل الثالث عشر: في الركوب والارتداف

- ‌الفصل الرابع عشر: في حفظ الجار

- ‌الفصل الخامس عشر: في الهجران والقطيعة

- ‌الفصل السادس عشر: في تتبع العورة وسترها

- ‌الفصل السابع عشر: في النظر إلى النساء

- ‌الفصل الثامن عشر: في أحاديث متفرقة

- ‌كتاب الصداق

- ‌الفصل الأول: في مقداره

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

الفصل: البخاري زيادة، ولا أدري، بل هي من التاريخ كما نقله

البخاري زيادة، ولا أدري، بل هي من التاريخ كما نقله الحافظ (1) ثم قال (2): قلت: واختلف فيه على حبيب (3) بن أبي ثابت اختلافاً كثيراً، فحصلت فيه ثلاث علل: الاضطراب، والجهل بحال ابن المطوس، والشك في سماع أبيه من أبي هريرة، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء، ثم قال: وعلى تقدير صحته، فظاهره قول من ذهب إلى عدم القضاء في الفطر بالأكل، بل يبق ذلك في ذمته زيادة في عقوبته؛ لأنَّ مشروعية القضاء تقتضي رفع الملام، لكن لا يلزم من عدم القضاء عدم الكفارة فيمن ورد فيه الأمر بها، وهو الجماع، والفرق بين الانتهاك بالجماع والأكل ظاهر، فلا يتم القياس، وقد أطال النقل عن السلف واختلافهم في القضاء وفي كميته عند من قال به.

‌في الكفارة

قوله: "في الكفارة" أي: في بيان حكم الكفارة لمن أفطر بالجماع أي: عمداً عالماً، ولم يكن له شيء يعتق، أو يطعم، ولا يستطيع الصيام.

الأول:

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسولَ الله: هَلَكْتُ. قَالَ: "مَا أَهْلَكَكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ:"تَجِدُ رَقَبَةً تَعْتِقُهَا؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تصُوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "هَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: فَاجْلِسْ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أُتِي صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:"أَيْنَ السَائِلُ؟ " قَالَ: أنَا. قَالَ: "خُذْ هَذَا

(1) في "الفتح"(4/ 161).

(2)

ابن حجر في "الفتح"(4/ 161).

(3)

انظر: "الميزان"(1/ 451 رقم 1690).

ص: 348

فَتَصْدَقُ بِهِ" قَالَ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي، فَوَالله مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا، فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". أخرجه الستة (1) إلا النسائي. [صحيح]

"وَالعَرَقُ"(2): الزّنبيل.

"اللَّابَةُ (3): الأرض ذات الحجارة السود الكثيرة، وهي الحرة ولابتا المدينة: حرّتاها من جانبيها.

قوله: حديث (أبي هريرة قال: جاء رجل) قال الحافظ (4): لم أقف على تسميته إلَاّ أنَّ عبد الغني في "المبهمات"(5) وتبعه ابن بشكوال جزماً بأنَّه سلمان أو سلمة بن صخر البياضي، وذكر مستندهما في ذلك ورده.

(1) أخرجه البخاري رقم (1936)، ومسلم رقم (81/ 1111)، وأبو داود رقم (2390، 2393)، والترمذي رقم (724)، وابن ماجه رقم (1671) ومالك في "الموطأ"(1/ 296، 297).

وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 1809).

والعرق: مكيال للجامدات يعرفه أهل الحجاز قبل الإسلام وبعده.

والعرق الشرعي قدرته الشريعة بخمسة عشر صاعاً أو ما يعادل مداً شرعياً، على اعتباره الصاع أربعة أمداد. فالعرق الشرعي: 15 صاعاً.

والعرق الشرعي: 32.625 كيلوا غراماً.

واسعة العرق الشرعي = 41.25 لتراً.

وانظر: كتابنا "الإيضاحات العصرية للمقايس والمكاييل والأوزان"، (ص 89 - 92).

(3)

انظر: "الصحاح"(1/ 220)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 618).

(4)

في "فتح الباري"(4/ 164).

(5)

"المبهمات" لعبد الغني بن سعيد الأزدي (ت 409 هـ) واسمه الغوامض والمبهمات، ذكره له جماعة.

انظر: "معجم المصنفات"(ص 345 رقم 1097). =

ص: 349

قوله: "فقال: يا رسول الله" زاد بعض الرواة (1) عن الزهري: "جاء رجل وهو ينتف شعره، ويدق صدره، فقال: إنَّ الأخِرَ هلك". وهو بهمزة مفتوحة، وخاء معجمة مكسورة بغير مدّ هو الأبعد، وقيل: الغائب، وقيل: الأرذل.

قوله: "هلكت" في حديث عائشة "احترقت" واستدل (2) به على أنَّه كان عامداً؛ لأنَّ الهلاك والاحتراق مجاز عن العصيان المؤدي إلى ذلك، فكأنَّه جعل المتوقع كالواقع، وبالغ فيه فعبر عنه بلفظ الماضي، وإذا تقرر هذا فليس فيه حجة على وجوب الكفارة على الناسي، وهو مشهور قول مالك (3)، والجمهور (4)، وعن أحمد (5) وبعض المالكية يجب على الناسي، وتمسكوا بعدم استفصاله عن جماعة هل كان عن عمد أو نسيان؟ وترك الاستفصال في الفعل ينزل منزلة العموم في القول كما اشتهر.

= قال ابن عبد البر في "التمهيد": أظن هذا وهماً؛ لأن المحفوظ أنه ظاهر من امرأته ثم وقع عليها، لا أنه كان ذلك منه في رمضان، والله أعلم.

وقال محققه: "لعل مستند من قال أنه سلمة بن صخر، ما رواه الحاكم (2/ 204) وغيره "أنه ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان، ثم وطأها في المدة

" الحديث. والذي يؤيد ما ذكره ابن عبد البر أن في قصة المجامع في حديث الباب أنه كان صائماً، وفي قصة سلمة بن صخر أن ذلك كان في رمضان، ولكنه ليلاً.

انظر: "فتح الباري"(4/ 164).

(1)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 164).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 164).

(3)

انظر: "المدونة"(1/ 185)، "عيون المجالس"(2/ 631).

(4)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(6/ 352).

(5)

"المغني"(4/ 367 - 368).

ص: 350

والجواب (1): أنَّه قد تبين حاله بقوله: هلكت واحترقت، فدل على أنَّه كان عامداً عالماً [70 ب] بالتحريم - وأيضاً - فدخول النسيان في الجماع في نهار رمضان في غاية البعد، [واستدل به على أنَّ من جاء](2) مستفتياً أنَّه لا يعزر؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه مع اعترافه بالمعصية، وتوجيهه أنَّ مجيئه مستفتياً يقتضي الندم والتوبة والتعزير، إنما شرع للاستصلاح، ولا استصلاح مع الصلاح.

قوله: "وقعت على أهلي وأنا صائم" جملة حالية (3) أي: حال كوني صائماً، وفي رواية:"وقعت على أهلي ظهراً في رمضان"(4).

قوله: "هل تجد رقبة تعتقها؟ " في رواية (5): "بئس ما صنعت، اعتق رقبة".

(قال: لا) في رواية (6): "فقال: لا والله يا رسول الله". وفي أخرى (7): "والذي بعثك بالحق ما ملكت رقبة"، واستدل بإطلاق الرقبة على أجزاء الرقبة الكافرة كما تقوله الحنفية (8)،

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 164).

(2)

كذا في (أ. ب) والذي في "الفتح" واستدل بهذا على أن من ارتكب معصية لا حدَّ فيها وجاء

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 165).

(4)

عزاه ابن حجر في "الفتح"(4/ 165) لسعيد بن منصور. حيث قال: وقد وقع في مرسل ابن المسيب عند سعيد بن منصور.

(5)

وهي من رواية مجاهد عن أبي هريرة.

(6)

وهي من رواية ابن مسافر.

(7)

وهو من رواية ابن عمر.

ذكر ذلك وغيره الحافظ في "الفتح"(4/ 165).

(8)

"البناية في شرح الهداية"(3/ 666 - 667).

ص: 351

وهو ينبني على أنَّ السبب إذا اختلف واتحد الحكم هل يقيد المطلق أو لا؟ وهل تقييده بالقياس أو لا؟ قال الحافظ (1): والأقرب أن تقييده بالقياس.

قوله: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا". وفي رواية (2): "لا أقدر"، وفي أخرى (3):"وهل لقيت ما لقيت إلَاّ من الصوم".

قوله: "قال: هل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا". وفي رواية (4): "قال: والذي بعثك بالحق ما أشبع أهلي".

قال ابن دقيق العيد (5): أضاف الإطعام الذي هو مصدر أطعم إلى ستين، فلا يكون ذلك موجوداً في حق من أطعم ستة مساكين في عشرة أيام مثلاً، ومن أجاز ذلك فكأنَّه استنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال، والمشهور عن الحنفية (6) الإجزاء حتى لو أطعم (7) مسكيناً واحداً في ستين يوماً كفى.

والمراد بالإطعام (8): الإعطاء، لا حقيقة الإطعام من وضع المطعوم في الفم، بل يكفي الوضع بين يديه بلا خلاف، وفي ذكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين فيخرج الطفل الذي لم يطعم كقول الحنفية، ونظر الشافعية إلى النوع وقالوا: يسلم لوليه.

(1) في "فتح الباري"(4/ 16). وانظر. "إرشاد الفحول"(ص 541 - 544) بتحقيقي.

(2)

من رواية إبراهيم بن سعد.

(3)

وهي من رواية ابن إسحاق.

(4)

وهي من رواية ابن عمر رضي الله عنهما.

(5)

في "إحكام الأحكام"(2/ 216).

(6)

"البناية في شرح الهداية"(3/ 668 - 670).

(7)

انظر: "المفهم"(3/ 170).

(8)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 166).

ص: 352

فائدة (1): ذكر في حكمة هذه الخصال: أنَّ من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يقوي نفسه برقبة يعتقها، وقد صحّ: أنَّ "من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار"(2).

وأمَّا الصيام فمناسبته ظاهرة [كالمعاقبة](3)[71 ب] بجنس الجناية، وأمَّا الإطعام فمناسبته ظاهرة؛ لأَنَّه مقابلة كل يوم بإطعام مسكين، وفيه دليل على وجوب الكفارة بالجماع خلافاً لمن شذَّ فقال: لا يجب مستنداً إلى أنَّه لو كان واجباً لما سقط بالإعسار، وأجيب بأنَّها تسقط [بالإعسار](4) ويأتي استيفاء الكلام على ذلك، وفي الحديث دليل على أنَّ التكفير بالخصال المذكورة على الترتيب.

قال ابن العربي (5): لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نقله من أمر بعد عدمه إلى أمر آخر، وليس هذا شأن التخيير، ونازع القاضي عياض (6) في ظهور دلالة الترتيب في السؤال على ذلك، وقال البيضاوي (7): ترتيب الثاني بالفاء على فقد الأول، ثم الثالث بالفاء على فقد الثاني، يدل على عدم التخيير مع كونها في معرض البيان وجواب السؤال، فينزل منزلة الشرط للحكم.

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 166).

(2)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق رقبة مسلمةً أعتق الله بكل عضوٍ منه عضواً من النار حتى فرجه بفرجه".

أخرجه البخاري رقم (2517)، ومسلم رقم (22/ 1509). وهو حديث صحيح.

(3)

كذا في (أ. ب) والذي في "الفتح" كالمقاصة.

(4)

سقطت من (أ. ب) وأثبتناها من "الفتح".

(5)

في "عارضة الأحوذي"(3/ 252 - 253).

(6)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(4/ 57).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 167).

ص: 353

قلت: وهو الأرجح بل المتعين.

قوله: "بعَرق"(1) بفتح المهملة والراء بعدها قاف.

"فيه تمر" زاد البخاري (2) والعرق المكتل - بكسر الميم وسكون الكاف وفتح المثناة الفوقية قال الحافظ (3): إنَّه تفسير من أحد رواته.

قوله: "فقال: أين السائل؟ قال: أنا". وفي حديث عائشة أين المحترق آنفاً، قال ابن الأثير (4): قال مالك (5): قال عطاء، فسألت ابن المسيب: كم في ذلك العرق من التمر؟ فقال: ما بين خمسة (6) عشر صاعاً إلى عشرين صاعاً.

قوله: "فقال: تصدق به عن نفسك" واستدل بإفراده بذلك على أنَّ الكفارة عليه وحده دون الموطوءة، وكذا قوله في المراجعة:"هل تستطيع؟ " هل تجد؟ وغير ذلك، وهو الأصح من قول الشافعي (7) والأوزاعي (8).

وقال الجمهور (9): تجب الكفارة على المرأة - أيضاً - على اختلاف وتفاصيل لهم في الأَمَة والحرة والمطاوعة، والمكرهة، وهل هي عليها أو على الزوج عنها؟.

(1) تقدم شرحه.

(2)

في "صحيحه" رقم (1936).

(3)

في "فتح الباري"(4/ 168).

(4)

في "الجامع"(6/ 424).

(5)

في "الموطأ"(1/ 297).

(6)

تقدم ذكره.

(7)

"المجموع شرح المهذب"(6/ 366).

(8)

ذكره ابن قدامة في "المغني"(4/ 376).

(9)

قال الجمهور وأبو ثور، وابن المنذر: تجب الكفارة على المرأة أيضاً على اختلاف وتفاصيل لهم

وانظر: "المغني"(4/ 376 - 378).

ص: 354

واستدل الشافعية (1) بسكوته صلى الله عليه وسلم عن إعلام المرأة بوجوب الكفارة مع الحاجة، وأجيب بمنع وجوب الحاضر إذْ ذاك إذْ لم تعترف، وبأنَّها قصة حال، فالسكوت عنها لا يدل على الحكم، لاحتمال أن تكون المرأة غير صائمة لعذر من الأعذار، ثم إنَّ بيان الحكم للرجال بيان في حقها لاستوائهما في تحريم الفطر، وانتهاك حرمة الصوم كما علم، والتنصيص على الحكم [72 ب] في بعض المكلفين كافٍ في حق الباقين.

قال القرطبي (2): اختلفوا في الكفارة: هل هي على الرجل وحده عن نفسه فقط؟ أو عليه وعليها؟ أو عليه كفارتان عنه وعنها؟ أو عليه على نفسه وعليه عنها؟ وليس في الحديث ما يدل على شيء من ذلك؛ لأنَّه سكت عن المرأة فيؤخذ حكمها من دليل آخر مع احتمال أن يكون سبب السكوت أنَّها كانت غير صائمة.

قوله: "فقال: أَعَلَى أفقر مني؟ " أي: أتصدق على شخص أفقر مني، وهذا يشير إلى أنَّه فهم الإذن له في التصدق على مَنْ يتصف بالفقر.

قوله: "فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منَّا" تثنية لابة، ويريد الحرتين، وأفقر منصوب على أنَّه خبر ما النافية، ويجوز الرفع على لغة تميم (3).

قوله: "فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم".

قيل: إنَّ سبب ضحكه صلى الله عليه وسلم كان من شأن حال الرجل جاء خائفاً على نفسه راغباً في فدائها فيما أمكنه، فلما وجد الرخصة طمع في أن يأكل ما أعطيه من الكفارة.

"المجموع شرح المهذب"(6/ 363 - 369). "فتح الباري"(4/ 170).

(1)

في "الأم"(3/ 251 - 252).

(2)

في "المفهم"(3/ 172 - 173).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 171).

ص: 355

قوله: "أطعمه أهلك". قال ابن دقيق العيد (1): تباينت في هذه القصة المذاهب، فقيل: إنَّه دل على سقوط الكفارة بالإعسار المقارن لوجودها؛ لأنَّ الكفارة لا تصرف إلى النفس ولا إلى العيال، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم استقرارها في ذمته إلى حين يساره وهو أحد قولي الشافعي (2)، وبيان ذلك بصدقة الفطر حيث تسقط بالإعسار المقارن لسبب وجوبها، وهو هلال الفطر، لكن الفرق بينهما: أنَّ صدقة الفطر لها أمد تنتهي إليه، وكفارة الجماع لا أمد لها، فتستقر في الذمة، وليس في الخبر ما يدل على إسقاطها على العاجز، والجمهور (3) قالوا: والذي أذن له فيه ليس على سبيل الكفارة، ثم اختلفوا فقال الزهري: هو خاص بهذا الرجل، وإليه مال إمام الحرمين وردّ بأنَّ الأصل عدم الخصوصية، قال الشيخ تقي الدين (4): أقوى من ذلك أنْ يجعل الإعطاء لا على أنَّه من جهة الكفارة، بل من جهة التصدق عليه، وعلى أهله بتلك الصدقة، لما ظهر من حاجتهم.

وأمَّا الكفارة فلم تسقط بذلك، لكن استقرارها في ذمته مأخوذ من دليل آخر (5).

قلت: وهذه الأقوال مبنية على أنَّه قد ثبت النص [73 ب] أو الإجماع أنَّه لا يأكل الرجل، ولا أهله من كفارته، وإلَاّ فلو قيل: أنَّه دل الحديث على إجزائها في أكله وأكل أهله، ولا مانع عنه مع اعتباره أنَّه صدقة منه عليهم، ونفقة الرجل على أهله صدقة، فلا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم:"فتصدق به".

(1) في "إحكام الأحكام"(2/ 216 - 217).

(2)

انظر: "الأم"(3/ 250)، "المجموع شرح المهذب"(6/ 369).

(3)

انظر: "فتح الباري"(4/ 171)، "المغني"(4/ 385).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 172).

(5)

قال الحافظ في "الفتح"(4/ 172)، ولكن ليس استقرارها في ذمته مأخوذاً من هذا الحديث.

ص: 356

لكن قعد الفقهاء قواعد يستشكلون بها بعض ما ورد من النصوص، فلو قامت أدلة على القاعدة ناهضة لتعين تأويل الحديث لكنَّا لم نجد لهم دليلاً ناهضاً على القاعدة، وقد ورد ما يدل على إجزاء الكفارة عنه بإنفاقها في أهله، وعلى الإسقاط وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"فكله وأنت وعيالك وقد كفر الله عنك"(1). إلَاّ أنَّه قال الحافظ ابن حجر (2): إنَّه ضعيف.

بقي الكلام في قضاء اليوم الذي أفطره بالوقاع، فإنَّه لم يقع في الصحيحين ذكر قضاءه إلَاّ أنَّه ورد الأمر بالقضاء في رواية من طرق.

قال الحافظ ابن حجر (3) بعد ذكرها: إنَّ مجموعها (4) يفيد أنَّ لها أصلاً، وأنَّه يجب القضاء.

(1) قال الحافظ في "التلخيص"(2/ 398) "

وتعقب بأن الدارقطني أخرج من طريق أهل البيت إلى علي بن أبي طالب أن رجلاً قال: يا رسول الله! هلكت

فذكر الحديث" إلى أن قال: فقال: "انطلق فكله أنت وعيالك، فقد كفر الله عنك

" لكن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من لا تعرف عدالته.

(2)

في "فتح الباري"(4/ 172) حيث قال: ولكنه حديث ضعيف، ولا يحتج بما انفرد به.

وانظر: "التلخيص"(2/ 398).

(3)

في "الفتح"(4/ 182).

(4)

منها ما أخرجه أبو داود رقم (2393)، وهو حديث منكر بزيادة "صمّ يوماً" ومنها ما أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 226)، من طريق إبراهيم بن سعد عن الليث عن الزهري.

وحديث إبراهيم بن سعد في "الصحيح" أي: صحيح مسلم رقم (83/ 1111) عن الزهري نفسه بغير هذه الزيادة.

وحديث الليث عن الزهري في "الصحيحين" البخاري رقم (6821)، ومسلم رقم (1111). بدون هذه الزيادة.

وانظر: "التلخيص"(2/ 396).

ص: 357

فائدة: لا تشبه قصة المحترق هذه ما ذكره في "عدة القاري والسامع"(1) للبخاري عن أبي هريرة: "إنَّه جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه - فقال: إني ألممت بذنب عظيم فماذا يكفر عني؟ قال: عليك بالجهاد. قال: والذي بعثك بالحق إني لمن أجبن الناس، وما آتي حاجتي إلَاّ ومعي مؤنسي من أهلي. قال: عليك بالصلاة. قال: والذي بعثك بالحق إني لمن أهل بيت ينامون عن الصلاة ولولا أنَّ أهلي يوقظوني للفريضة لما انتبهت ولا قمت إليها. قال: عليك بالصوم، قال: والذي بعثك بالحق ما أشبع من أكل، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه والناس حوله. قال: عليك بكلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان، يرضيان الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وهما القريبتان". انتهى.

قوله: "أخرجه الستة إلَاّ النسائي".

قوله: "اللابة: الأرض ذات الحجارة السود".

قلت: ويقال لها: لوبة (2) ونوبة بالنون ثلاث لغات مشهورات.

(1) لم أقف عليه.

(2)

انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 220).

قال النووي في "المجموع شرح المهذب"(6/ 381 - 383): فرع في مذاهب العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها وفيه مسائل:

إحداها: قد ذكرنا أن مذهبنا - أي الشافعية - أن من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به، بسبب الصوم لزمته الكفارة.

وبهذا قال (مالك) و (أبو حنيفة) و (أحمد) و (داود) والعلماء كافة إلا ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي، وسعيد بن جبير، والنخعي، وقتادة أنهم قالوا: لا كفارة عليه كما لا كفارة عليه بإفساد الصلاة. دليلنا حديث أبي هريرة - المتقدم برقم (1663) من كتابنا هذا - حتي قصة الأعرابي، ويخالف الصلاة فإنه لا مدخل للمال في جبرانها.

(الثانية): يجب على المكفر مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه. =

ص: 358

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا هو المشهور من مذهبنا وفيه خلاف سبق.

قال العبدري: وبإيجاب قضائه قال جميع الفقهاء سوى الأوزاعي فقال: إن كفر بالصوم لم يجب قضاءه، وإن كفر بالعتق أو الإطعام قضاه.

(الثالثة): قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه لا يجب على المرأة كفارة أخرى وبه قال أحمد.

وقال مالك وأبو حنيفة، وأبو ثور، وابن المنذر: عليها كفارة أخرى وهي رواية عن أحمد.

(الرابعة): هذا الكفارة على الترتيب فيجب عتق رقبة، فإن عجز فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً.

وبه قال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد في أصح الروايتين عنه.

وقال مالك: هو مخير بين الخصال الثلاث وأفضلها عنده الإطعام.

وعن الحسن البصري أنه مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة، واحتجا بحديثين على وفق مذهبيهما.

دليلنا حديث أبي هريرة - المتقدم - وأما حديث الحسن فضعيف جداً.

وحديث مالك يجاب عنه بجوابين:

(أحدهما): حديثنا أصح وأشهر. و (الثاني): أنه محمول على الترتيب جمعاً بين الروايات.

(الخامسة): يشترط في صوم هذه الكفارة عندنا - أي الشافعية - وعند الجمهور التتابع، وجوز ابن أبي ليلى تفريقه لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب.

دليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل المطلق عليه.

(السادسة): إذا كفر بالإطعام فهو إطعام ستين مسكيناً كل مسكين مد، سواء البر والزبيب والتمر وغيرها.

وقال أبو حنيفة: يجب لكل مسكين مدان من حنطة، أو صاع من سائر الحبوب، وفي الزبيب عنه روايتان: رواية صاع، ورواية مدان.

(السابعة): لو جامع في صوم غير رمضان من قضاء أو نذر أو غيرهما، فلا كفارة كما سبق، وبه قال الجمهور. وقال قتادة: تجب الكفارة في إفساد قضاء رمضان. اهـ

ص: 359

قوله: "من جانبيها". أي: الشرقية والغربية والمدينة [74 ب] بينهما ولها - أيضاً - حرَّة من القبلة، وحرَّة من الشام، لكنهما يرجعان إلى الشرقية والغربية، فيتصلان بهما، وحرم المدينة ما بين لابتيها عرضاً، ومن عير إلى ثور عرضاً (1).

الثاني:

2 -

حديث مالك (2): أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ فَكَانَ يَفْتَدِي. [موقوف صحيح]

قوله: "فكان يفتدي" أي: يخرج فدية عن صيامه بناءً على بقاء الفدية (3) على الشيخ "الكبير".

الثالث:

3 -

وعنه: أَنَّهُ بَلَغَهُ (4): أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما سُئِلَ عَنِ المَرْأَةِ الحَامِلِ إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصِّيَامُ؟ فَقَالَ: تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [موقوف صحيح]

(1) انظر: "فتح الباري"(4/ 171).

(2)

في "الموطأ"(1/ 307 رقم 51) - وهو أثر موقوف صحيح.

(3)

أخرجه الحاكم (1/ 440)، وصححه ووافقه الذهبي والدارقطني في "السنن"(2/ 205 رقم 6) بسند صحيح، عن ابن عباس أنه قال: رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه. وأخرج البخاري في "صحيحه" رقم (4505) عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184].

قال ابن عباس: ليست منسوخة، هي للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، ولا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً.

(4)

في "الموطأ"(1/ 308 رقم 52) وهو أثر موقوف صحيح.

ص: 360

قوله: "وعن مالك: أنَّه بلغه".

قوله: "فقال: تفطرُ وتطعم مكان كل يوم مسكيناً مدّاً من حنطة بمدّ النبي صلى الله عليه وسلم ".

هذه فتيا من ابن عمر، وقد وافقه عليها أئمةٌ، وظاهره ولا قضاء عليها بعد ذلك.

وأخرج الترمذي (1) عن أنس بن مالك الكعبي: "أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم أو الصيام".

قال الترمذي (2): إنَّه حديث حسن، والعمل عليه عند بعض أهل العلم.

وقال بعض أهل العلم: يفطران، ويطعمان ويقضيان. وبه يقول سفيان ومالك والشافعي وأحمد، وقال بعضهم: يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما، وإن شاءَتا قضتا ولا إطعام عليهما. انتهى (3).

وفي "الموطأ"(4) بعد روايته قال مالك: وأهل العلم يرون عليهما القضاء كما قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (5). ويرون ذلك مرضاً من الأمراض مع الخوف على ولدها. انتهى.

(1) في "السنن" رقم (715).

وأخرجه أحمد (4/ 347)، وأبو داود رقم (2408)، والنسائي رقم (2277) وابن ماجه رقم (1667).

قلت: رجاله ثقات، غير أبي هلال الراسبي، واسمه محمد بن سليم مولى بني سلمة بن لؤي فيه كلام يسير، ولعل الصواب أن حديثه حسن.

انظر: "التاريخ الكبير"(1/ 105)، "الجرح والتعديل"(7/ 273)، "الميزان"(3/ 574).

وهو حديث حسن. والله أعلم.

(2)

في "السنن"(3/ 95).

(3)

قاله الترمذي في "السنن"(3/ 95).

(4)

(1/ 308).

(5)

سورة البقرة الآية: (184).

ص: 361

والحديثان كلاهما بلاغ، وقال مالك (1) بعد رواية حديث فدية أنس عن نفسه: ولا أرى ذلك واجباً، وأَحبُّ إليَّ أن يفعله (2).

الرابع: حديث ابن عمر:

4 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ رَمَضَانَ، فَلْيُطْعِمْ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا". أخرجه الترمذي (3)، وصحح وقفه على ابن عمر. [ضعيف]

قوله: صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم مكان كل يوم مسكيناً". تقدم ما يعارضه من أنَّه يصوم (4) عنه وليه، وتقدم البحث فيه، وذلك الحديث لا نزاع في صحته، وأمَّا هذا فقد رجح الترمذي أنَّه موقوف (5) على ابن عمر.

قوله: "أخرجه الترمذي وصححه وقفه على ابن عمر".

قلت: لم أجده (6) في الترمذي، وكأنَّه في نسخة، وكذلك لم أجده في "جامع" (7) ابن الأثير إنما فيه (8) عن ابن عمر حديث:"إنَّه لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد".

(1) في "الموطأ"(1/ 307).

(2)

وتمام العبارة كما في "الموطأ": إذا كان قوياً عليه، فمن فدى، فإنما يطعم، مكان كل يوم، مدّا بمد النبي صلى الله عليه وسلم.

(3)

في "السنن" رقم (718)، وقال الترمذي: حديث ابن عمر لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر موقوفاً. وأخرجه ابن ماجه رقم (1757)، وهو حديث ضعيف. والله أعلم.

(4)

تقدم وهو حديث صحيح من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5)

وقال الدارقطني: "المحفوظ" وقفه على ابن عمر، وتابعه البيهقي على ذلك، "التلخيص الحبير"(2/ 399).

(6)

بل هو في "سنن الترمذي" رقم (718)، وهو حديث ضعيف.

(7)

بل هو في "الجامع"(6/ 428 رقم 4620).

(8)

في "الجامع"(6/ 409 رقم 4611).

ص: 362

وقال: أخرجه "الموطأ"(1)، انتهى، ولم أجد (2) حديث ابن عمر هذا في "الموطأ" فينظر [75 ب].

الخامس:

5 -

وعن القاسم بن محمد: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "مَنْ كانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ وَهُوَ قَوِيٌ عَلَى صِيَامِهِ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرٌ، فَإِنَّهُ يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ القَضَاءُ". أخرجه مالك (3). [مقطوع صحيح]

حديث (القاسم بن محمد). وهو ابن أبي بكر الصديق، كان أحد فقهاء المدينة السبعة أنه كان يقول:"من كان عليه قضاء رمضان فلم يقضه وهو قوي على صيامه". أي: لا عذر له عن الصوم.

قوله: "حتى جاء رمضان آخر" قبل قضاءه صومه الأول.

قوله: "فإنَّه يطعم مكان كل يوم مسكيناً مدّاً من حنطة وعليه مع ذلك القضاء".

فالإطعام كفارة تأخير القضاء، وهذأ رأي من القاسم بن محمد، وهو مذهب الهادوية (4) ومالك (5).

(1)(1/ 303 رقم 43)، وهو أثر موقوف صحيح، وقد تقدم.

(2)

وهو كما قال الشارح.

(3)

في "الموطأ"(1/ 308 رقم 53) وهو أثر مقطوع صحيح.

(4)

انظر: "البحر الزخار"(2/ 257).

(5)

انظر: "الاستذكار"(10/ 228 - 229).

قال النووي في "شرح المهذب"(6/ 412 - 413): (فرع في مذاهب العلماء فيمن أخر قضاء رمضان بغير عذر حتى دخل رمضان آخر: قد ذكرنا أن مذهبنا - أي الشافعية - أنه يلزمه صوم رمضان الحاضر ثم يقضي الأول، ويلزمه عن كل يوم فدية، وهي مد من طعام. =

ص: 363

وأخرج الدارقطني (1) عن أبي هريرة مرفوعاً: "من لم يقضِ حتى دخل رمضان آخر صام الذي أدركه ثم يقضي ما عليه ثم يطعم عن كل يوم مسكيناً".

إلَاّ أنَّه أخرجه من طريق عمر (2) بن موسى بن وجيه، وهو ضعيف جداً. والراوي عنه إبراهيم (3) بن نافع ضعيف أيضاً، ورواه من طريق أخرى موقوفاً وصححه، وصحح عن ابن عباس وابن عمر من قولهما.

= وبهذا قال ابن عباس، وأبو هريرة، وعطاء بن أبي رباح، والقاسم بن محمد، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، إلا أن الثوري قال: الفدية مدَّان عن كل يوم.

وقال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وأبو حنيفة، والمزني، وداود: يقضيه ولا فدية عليه.

أما إذا دام سفره ومرضه ونحوهما من الأعذار حتى دخل رمضان الثاني فمذهبنا - أي الشافعية - أنه يصوم رمضان الحاضر ثم يقضي الأول ولا فدية عليه؛ لأنه معذور. وحكاه ابن المنذر عن طاوس، والحسن البصري، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، والأوزاعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب أبي حنيفة، والمزني، وداود.

قال ابن المنذر: وقال ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وقتادة: يصوم رمضان الحاضر عن الحاضر، ويفدي عن الغائب، ولا قضاء عليه). اهـ

(1)

في "السنن"(2/ 197 رقم 89) وقال الدارقطني: إبراهيم بن نافع، وعمر بن موسى بن وجيه: ضعيفان.

(2)

عمر بن موسى بن وجيه الميتمي الوجيهي الحمصي. قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس ثقة، وقال ابن عدي: هو ممن يضع الحديث متناً وإسناداً.

"الميزان"(3/ 224 رقم 6222).

(3)

إبراهيم بن نافع الجلاب، بصري، روى عن مقاتل. قال أبو حاتم كان يكذب، كتبت عنه، وذكر له ابن عدي مناكير، ولعل بعضها من مقاتل بن سليمان ونحوه.

"الميزان"(1/ 69 رقم 234). =

ص: 364

وقال ابن حزم (1): إنَّه روي عدم القضاء عن ابن عمر من طريق صحيحة.

وقال عبد الحق في "إحكامه (2) ": إِنَّه لا يصح في الإطعام شيء.

قوله: "أخرجه مالك".

= قلت: والذي في كتاب ابن أبي حاتم - الجرح والتعديل (2/ 141) -: (إبراهيم بن نافع الجلاب البصري الناجي من بني ناجية أبو إسحاق روى عن مبارك بن فضالة، وعمر بن موسى الوجيهي كتب عنه أبي، سمعت أبي يقول: وسألته عنه فقال: لا بأس به كان حدث عن عمر بن موسى الوجيهي بواطيل، وعمر متروك الحديث).

وقال عدي في "الكامل"(1/ 265 - 266): (إبراهيم بن نافع أبو إسحاق الجلاب: أظنه بصري منكر الحديث عن الثقات وعن الضعفاء.

ثم ذكر ابن عدي له أحاديث

ثم قال: ولم أرَ لإبراهيم بن نافع هذا أوحش من هذه الأحاديث، ولعل هذه الأحاديث من جهة من رواه هو عنه؛ لأنه روى عن ضعافٍ مثل: مقاتل بن سليمان، وعمر بن موسى، وجميعاً ضعيفين). اهـ.

وانظر: "لسان الميزان"(1/ 116).

(1)

في "المحلى"(6/ 272).

(2)

"الأحكام الوسطى"(2/ 238).

ص: 365