الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمساك عن المفطرات
قوله: "الإمساك عن المفطرات". زاد ابن الأثير (1): وهي أنواع، وعدها ثلاثة: الأول: القيء، والحجامة، والاحتلام. الثاني: الكحل. الثالث: القبلة والمباشرة.
الأول: حديث أبي هريرة:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدَاً فَلْيَقْضِ". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3). [صحيح]
"ذَرَعَهُ القَيْءُ" إذا غلبه من غير استدعاء.
قوله: "من ذرعه القيء". بالذال المعجمة المفتوحة فراء مفتوحة، فعين مهملة، يأتي تفسيره للمصنف.
قوله: "ومن استقاء عمداً". طلب القيء فليقضِ دل على التفرقة بين القيء عمداً والقيء من غير عمدٍ.
(1) في "الجامع"(6/ 291).
(2)
في "السنن" رقم (2380).
(3)
في "السنن الكبرى" رقم (3117).
وأخرجه أحمد (2/ 498)، وابن ماجه رقم (1676)، والترمذي رقم (720)، والدارمي (2/ 14)، وابن خزيمة رقم (1960، 1961)، وابن حبان رقم (3518)، والبيهقي (4/ 14)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (1755)، والدارقطني في "سننه"(2/ 184 رقم 20)، وقال: رواته ثقات كلهم. والحاكم في "المستدرك"(1/ 426 - 427)، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
وقال أبو داود عقب الحديث رقم (2380): "رواه أيضاً حفص بن غياث عن هشام مثله. وهذه الرواية وصلها ابن ماجه رقم (1676) وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1961)، والحاكم (1/ 426)، والبيهقي (4/ 219) من طرق عن حفص بن غياث عن هشام به. وهو حديث صحيح. والله أعلم.
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: قال أبو داود (1): سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس من ذا شيء.
قال الخطابي (2): يريد أنَّ الحديث غير محفوظ، وقال الترمذي (3): حسن غريب لا نعرفه إلَاّ من حديث عيسى بن يونس.
وقال محمد يعني البخاري (4): لا أراه محفوظاً، انتهى.
ثم قال الترمذي (5): والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمداً فليقضِ، وبه يقول الشافعي، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، انتهى بلفظه.
قلت: العجب يصرح الأئمة من المحدثين بضعفه (6)، ويكون دليلاً، فالله أعلم هل رجح لهم، أو عضده غيره.
الثاني: حديث أبي سعيد:
2 -
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثٌ لَا يُفْطرْنَ الصَّائِمَ: الحِجَامَةُ، وَالقَيْءُ، وَالِاحْتِلَامُ". أخرجه الترمذي (7). [ضعيف]
(1) في "السنن" رقم (2/ 777) ولم أجده ولعله في نسخة أخرى.
(2)
في "معالم السنن"(2/ 777 - مع السنن).
(3)
في "السنن"(3/ 99).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 363).
(5)
في "السنن"(3/ 99).
(6)
حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث صحيح.
(7)
في "السنن" رقم (719). =
قوله: "الحجامة، والقيء، والاحتلام" لو صح (1) الأول لحمل هذا على قيء المتعمد.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (2): حديث أبي سعيد الخدري غير محفوظ، وقد رَوَى عبد الله بن زيد بن أسلم، وعبد الرحمن بن محمد وغير واحد، هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلاً، ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث [24 ب]، ثم قال (3): وسمعت محمداً يذكر عن علي بن عبد الله قال: عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة، وعبد الرحمن بن زيد ضعيف. قال محمد: ولا أروي عنه شيئاً.
= وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 220)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (66/ 1039)، وعبد بن حميد في "مسنده" رقم (959 - المنتخب)، وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 400)، وابن خزيمة رقم (1972)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 444)، وابن حبان في "المجروحين"(2/ 23)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" رقم (888) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، به.
قال الترمذي: "حديث أبي سعيد الخدري حديث غير محفوظ.
وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم، وعبد العزيز بن محمد، وغير واحد، هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلاً، ولم يذكروا فيه عن أبي سعيد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث. اهـ.
وقال ابن خزيمة في صحيحه (3/ 233): "هذا الإسناد غلط، ليس فيه عطاء بن يسار ولا أبو سعيد، وعبد الرحمن بن زيد ليس هو ممن يحتج أهل التثبت بحديثه لسوء حفظه للأسانيد، وهو رجل صناعته العبادة والتقشف والموعظة والزهد ليس من أحلاس الحديث الذي يحفظ الأسانيد" اهـ.
وانظر: "العلل" للدارقطني (11/ 267).
والخلاصة: أن حديث أبي سعيد ضعيف، والله أعلم.
(1)
إذا كان يشير إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه فهو صحيح كما تقدم.
(2)
في "السنن"(3/ 97).
(3)
الترمذي في "السنن"(3/ 97).
الثالث: حديث مَعْدَان:
3 -
وعن معدان بن طلحة: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ، وَأنَّه سَأَلَ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنْ ذلِكَ؟ فَقَالَ: صَدَقَ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ. أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح]
بفتح الميم وسكون العين المهملة فدال مهملة ابن طلحة، وهو أصح من رواية من قال: أبو طلحة، وقال الترمذي (3): ابن أبي طلحة أصح.
(1) في "السنن" رقم (2381).
(2)
في "السنن" رقم (87) وفي "العلل"(1/ 166 - 167)، وأخرجه أحمد (6/ 443)، والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (3108)، والدارمي رقم (8)، وابن خزيمة رقم (1957)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (1675)، وفي "شرح معاني الآثار"(2/ 296)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 144)، وابن حبان رقم (1097)، والحاكم (1/ 426)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (160) من طرق.
قال الترمذي في "العلل الكبير"(1/ 168): سألت محمداً - أي البخاري - عن هذا الحديث، فقال: جوَّد حسين المعلم هذا الحديث.
وقال الترمذي في "السنن": وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب.
وقال البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 144): "وإسناد هذا الحديث مضطرب، واختلفوا فيه اختلافاً شديداً والله أعلم.
فتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي فقال: "أخرجه الترمذي، ثم نقل كلام الترمذي المتقدم - وقال ابن منده: هذا إسناد متصل صحيح، ثم قال ابن التركماني: وإذا أقام ثقة إسناداً أعتمد، ولم يبال بالاختلاف، وكثير من أحاديث الصحيحين لم تسلم من مثل هذا الاختلاف.
وخلاصة القول: أن حديث أبي الدرداء حديث صحيح، والله أعلم.
(3)
في "السنن"(1/ 246).
قوله: "إنَّ أبا الدرداء حدَّثه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، وأنه - أي: معدان - سأل ثوبان عن ذلك فقال: صدق أنا صببت له الوضوء".
ورواية الترمذي: "فلقيت ثوبان في مسجد دمشق".
وترجم له باب (1): الوضوء من القيء والرعاف. ذكره في أبواب الوضوء، وذكره (2) في الصوم في غضون حديث:"ومن استقاء عمداً فليقضِ".
وقال: وقد روي عن أبي الدرداء، وثوبان، وفضالة بن عبيد:"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر". قال: وإنما معنى هذا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان صائماً متطوعاً، فقاء فضعف فأفطر لذلك.
هكذا روي في بعض الحديث مفسراً. انتهى.
قلت: وقال ثوبان: "أنا صببت له وضوءه" دال على أنَّ الرواية قاء فتوضأ، وغايته: أنَّ هذا اضطراب في متنه، أو يحمل على رواية قاء فأفطر أنَّ صب الوضوء كان لغسل يديه، والمضمضة، وحمل الترمذي له بأنَّه أفطر عمداً لضعفه لا أنَّ الإفطار بسبب القيء ليس بالبعيد، وفيه خلاف إلَاّ أنه [قال ابن بطال (3): إنَّ من تعمد القيء أفطر بالإجماع، وتعقب (4) بأنَّ ابن عباس، وابن مسعود قالا: لا يفطر مطلقا] (5).
(1) في "السنن"(1/ 142 الباب رقم 64).
(2)
في "السنن"(3/ 98 الباب رقم 25 باب: ما جاء فيمن استقاء عمداً).
(3)
في "شرحه لصحيح البخاري"(4/ 80).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 174).
(5)
ليس العبارة كما قال الشارح، وإليك نصها كما في "فتح الباري" (4/ 174): وقد اختلف السلف في المسألتين: أما القيء فذهب الجمهور إلى التفرقة بين من سبقه فلا يفطر وبين من تعمده فيفطر، ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء، لكن نقل ابن بطال عن ابن عباس وابن مسعود لا يفطر مطلقاً.
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
الرابع: حديث ابن عباس:
4 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "احْتَجَمَ رَسَولُ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ". أخرجه الخمسة (1) إلا النسائي. [صحيح]
قوله: "احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم، واحتجم وهو محرم". ترجم البخاري (2) له باب الحجامة والقيء للصائم أي: هل يفسدان الصوم، أَوْ لا؟ أَوْ أحدهما يفسده دون الآخر؟
أمَّا الحجامة فالجمهور (3) - أيضاً - على عدم الفطر بها مطلقاً، وعن علي وعطاء، والأوزاعي، وأحمد (4) وإسحاق، وأبي ثور، قالوا: يفطر الحاجم والمحجوم له، وأوجبوا عليهما القضاء، وشذ عطاء فأوجب الكفارة - أيضاً - وقال بقول أحمد من [25 ب] الشافعية (5) ابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان.
ونقل الترمذي (6) عن الزَّعفراني:
(1) أخرجه البخاري رقم (1938)، وأبو داود رقم (2373)، والترمذي رقم (775)، وابن ماجه رقم (1682)، و (3081). وهو حديث صحيح.
(2)
في "صحيحه"(4/ 173 - الباب رقم 32 - مع الفتح).
(3)
انظر: "المغني"(4/ 350).
(4)
في "المغني"(4/ 350 - 351).
(5)
قال النووي في "المجموع شرح المهذب"(6/ 390): "
…
وقال جماعة من العلماء: الحجامة تفطر، وهو موسل علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعائشة، والحسن البصري، وابن سرين، وعطاء، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وابن خزيمة.
قال الخطابي: قال أحمد وإسحاق: يفطر الحاجم والمحجوم وعليهما القضاء دون الكفارة.
وقال عطاء: يلزم المحتجم في رمضان القضاء والكفارة. "المغني"(4/ 350)، "فتح الباري"(4/ 174).
(6)
في "السنن"(3/ 145).
أنَّ الشافعي (1) علق القول به على صحة الحديث.
قال ابن عبد البر (2): إنَّ حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم"(3) منسوخ (4)؛ لأنَّه جاء في بعض طرق ابن عباس هذا أنَّ ذلك كان في حجة الوداع، وسبق إلى ذلك الشافعي (5)، واعترضه ابن خزيمة (6) بأنَّ في هذا الحديث أنه كان صائماً محرماً.
قال: ولم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، وإنما كان محرماً، وهو مسافر، والمسافر (7) إن كان ناوياً للصوم فمضى عليه بعض النهار وهو صائم جاز له الأكل والشرب على الصحيح، فإذا
(1) في "الأم"(3/ 242).
(2)
في "الاستذكار"(10/ 125).
(3)
عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم"، وأخرجه أحمد في "المسند"(3/ 465) بسند صحيح، والترمذي رقم (774)، وقال: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.
وأخرجه الترمذي في "العلل"(1/ 360)، وقال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: غير محفوظ. وأخرجه ابن خزيمة رقم (1964)، وابن حبان رقم (3535)، والطبراني في "الكبير" رقم (4257)، والحاكم (1/ 428)، والبيهقي (4/ 265)، وعبد الرزاق في "المصنف" رقم (7523)، وهو حديث صحيح. والله أعلم.
وأخرجه أحمد (5/ 276، 282)، وأبو داود رقم (2367)، وابن ماجه رقم (1680)، وابن خزيمة رقم (1984)، وابن حبان رقم (3532)، والحاكم (1/ 427)، من حديث ثوبان وهو حديث صحيح. وانظر: تخريجه مفصلاً في "نيل الأوطار"(8/ 271 - 280) بتحقيقي.
(4)
انظر: "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(ص 354).
(5)
انظر: "الأم"(3/ 242).
(6)
في "صحيحه"(3/ 230).
(7)
انظر: "فتح الباري"(4/ 171).
جاز له ذلك جاز له أن يحتجم وهو مسافر قال: فليس في خبر ابن عباس ما يدل على إفطار المحجوم فضلاً عن الحاجم، انتهى.
وتعقب (1) بأنَّ الحديث ما ورد هكذا إلَاّ لفائدة، فالظاهر أنّه وجدت منه الحجامة وهو صائم ثم لم يتحلل من صومه، واستمر.
قال ابن خزيمة (2): جاء بعضهم بأعجوبة، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما قال:"أفطر الحاجم والمحجوم"؛ لأنهما كانا يغتابان، قال: فإذا قيل: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال: لا. قال: فعلى هذا لا يخرج من مخالفة الحديث بلا شبهة، انتهى.
قال ابن حزم (3): صح حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد (4):"أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم".
وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به؛ لأنَّ الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواءً كان حاجماً أو محجوماً، انتهى.
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 178).
(2)
في "صحيحه"(3/ 230).
(3)
في "المحلى"(6/ 203 - 204).
(4)
أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" رقم (3228)، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1969)، والدارقطني في "السنن"(2/ 182 رقم 9)، بإسناد صحيح.
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 371)، إسناده صحيح، ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، واستشهد له بحديث أنس الذي أخرجه البخاري رقم (1940) عن ثابت البُناني أنه قال لأنس بن مالك: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف. وهو حديث صحيح.
ويدل له ما ذكره في "فتح الباري"(1) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاءً على أصحابه"(2).
قال ابن حجر (3): إسناده صحيح، والجهالة بالصحابي لا تضر، ويأتي الحديث قريباً.
قوله: "أخرجه الخمسة إلَاّ النسائي".
الخامس: حديث أنس:
5 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: مَا كُنَّا نَدَعُ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ إِلَاّ لِكَرَاهَةِ الجهْدِ. أخرجه البخاري (4) وأبو داود (5). [صحيح]
قوله: "إلَاّ لكراهة الجهد" أي: المشقة وكلام أنس وقع جواباً لسؤالِ ثابت البناني قال لأنس: "أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا. إلَاّ من أجل الضعف".
وزاد شبابة: حدثنا شعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى كلام البخاري (6)[26 ب].
وقوله: "وزاد شبابة" مشعر بأنَّه زاد ما يؤكد رفعه.
قوله: "أخرجه البخاري وأبو داود".
السادس: حديث ابن أبي ليلى:
(1)(4/ 178).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 314)، وأبو داود رقم (2374).
وهو حديث صحيح.
وقال الحافظ في "الفتح"(4/ 178) عقب الحديث: إسناده صحيح والجهالة بالصحابي لا تضر".
(3)
في "الفتح"(4/ 178) وقد تقدم.
(4)
في "صحيحه" رقم (1940) وقد تقدم لفظه.
(5)
في "السنن" رقم (2375)، وهو حديث صحيح.
(6)
في "صحيحه"(2/ 174 رقم 1940 - مع الفتح).
6 -
وعن ابن أبي ليلى عن رجلْ صحابي قال: "نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الحِجَامَةِ وَالمُوَاصَلَةِ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِي". أخرجه أبو داود (1). [صحيح]
قوله: "إبقاء على أصحابه" أي: رفقاً بهم عن مشقة الأمرين، وسقط من الحديث على ما سقناه قريباً، ولم يُحرِّمهُما، وهو لفظ أبي داود (2).
وزاد أبدا، وسقط - أيضاً - على ابن الأثير (3) فتبعه "المصنف"، وفيه:"فقيل له: يا رسول الله! إنك تواصل إلى السحر، قال: إني أواصل إلى السحر، وربي يطعمني، ويسقيني".
قوله: "أخرجه أبو داود" قدمنا عن الحافظ ابن حجر (4): أنَّ رجاله ثقات.
السابع: حديث رافع بن خديج:
7 -
وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ". أخرجه الترمذي (5) وصححه، وأخرجه أبو داود (6) عن ثوبان وعن شداد ابن أوس (7) رضي الله عنهما. [صحيح]
(1) في "السنن" رقم (2374)، وهو حديث صحيح وقد تقدم.
(2)
في "السنن" رقم (2374) وهو حديث صحيح.
(3)
في "الجامع"(6/ 293).
(4)
في "فتح الباري"(4/ 178).
(5)
في "السنن" رقم (774)، وقال: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح. وقد تقدم تخريجه.
(6)
في "السنن" رقم (2367) وهو حديث صحيح وقد تقدم.
(7)
أخرجه أبو داود رقم (2368)، وابن ماجه رقم (1681)، والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (3126)، وأحمد (4/ 122 - 123)، وابن حبان رقم (3533)، والدارمي (2/ 14)، والبيهقي (4/ 265)، وعبد الرزاق في "مصنفه" رقم (7519)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(3/ 49 - 50)، والطبراني في "الكبير" رقم (7149 - 7154) من طرق وهو حديث صحيح.
ومعنى: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ" عند من (1) ذهب إلى أن الحجامة لا تفطر أنهما تعرّضا للإفطار. أما المحجوم: فللضعف الذي يلحقه من ذلك ونحوه، وأما الحاجم: فلا يأمن وصول شيء من دم المحجوم إلى حلقه فيبلعه، ونحو ذلك.
قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم له" تقدم الكلام عليه مستوفًا، وقد ذكر "المصنف" تأويل من لم يقل: بأنَّ الحجامة تفطر، والأقرب ما قدمناه عن ابن حزم (2).
قوله: "أخرجه الترمذي (3) وصححه، وأخرجه أبو داود (4) عن ثوبان، وعن شداد بن أوس"(5).
وادعى الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير"(6) أنه متواتر.
الثامن: حديث أنس:
8 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل فقال: يَا رَسُولَ الله! إنَّ عَيْنِي اشْتَكَتْ أَفْأَكْتَحِلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ". أخرجه الترمذي (7) وصححه. [حسن]
قوله: ("أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نعم" أخرجه الترمذي).
(1) انظر: "فتح الباري"(4/ 177).
(2)
في "المحلى"(6/ 203 - 204).
(3)
تقدم وهو حديث صحيح.
(4)
تقدم وهو حديث صحيح.
(5)
تقدم وهو حديث صحيح.
(6)
رقم (1309).
(7)
في "السنن" رقم (726)، وهو أثر حسن.
قلت: وقال (1): حديث أنس إسناده ليس بالقوي، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأبو عاتكة (2) يضعف.
واختلف أهل العلم في الكحل للصائم، فكرهه بعضهم، وهو قول سفيان وابن المبارك، وأحمد (3)، وإسحاق، ورخص بعض أهل العلم في الكحل للصائم وهو قول الشافعي (4)، انتهى.
(1) في "السنن"(3/ 77).
وقال ابن الجوزي في "التحقيق"(2/ 316): "قلت: - ابن الجوزي - اسم أبي عاتكة: طريف بن سلمان قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الرازي: ذاهب الحديث". اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح"(2/ 316 - 317): "وقد انفرد به الترمذي، وإسناده واهٍ جداً، وأبو عاتكة مجمع على ضعفه، والحسين بن عطية هو ابن نجيح القرشي أبو علي الكوفي البزار صدقه أبو حاتم".
(2)
انظر: "التقريب"(2/ 443 رقم 1).
(3)
"المغني"(4/ 353 - 354).
(4)
قال النووي في "المجموع شرح المهذب"(6/ 387 - 388): "فرع في مذاهب في الاكتحال ذكرنا أنه جائز عندنا - الشافعية - ولا يكره، ولا نفطر به، سواء وجد طعمه في حلقه أم لا، وحكاه ابن المنذر عن: عطاء والحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وأبي ثور.
وحكاه غيره عن: ابن عمر، وأنس، وابن أبي أوفى الصحابيين رضي الله عنهم، وبه قال داود.
وحكى ابن المنذر من سليمان التيمي، ومنصور بن المعتمر، وابن شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا: يبطل به صومه.
وقال قتادة: يبطل به صومه. وقال الثوري وإسحاق: يكره.
وقال مالك وأحمد: يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر. اهـ.
انظر: "التسهيل"(3/ 810)"المغني"(4/ 353 - 354).
التاسع: حديث عبد الرحمن بن النعمان:
9 -
وعن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده قال: أَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالإِثْمِدِ المُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَالَ:"لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ". أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]
"المُرَوَّحِ"(2) بالحاء المهملة: المطيب بالمسك.
قوله: "بالإثمد المروّح" قد فسره "المصنف"(وقال: ليتقه الصائم. أخرجه أبو داود).
قلت: وقال أبو داود (3): قال لي يحيى بن معين: هذا حديث منكر، قال المنذري (4) وعبد الرحمن قال يحيى بن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: صدوق، انتهى.
(1) في "السنن" رقم (2377)، وقال أبو داود: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر، يعني حديث الكحل.
وأخرجه ابن الجوزي في "التحقيق"(2/ 315 رقم 1170)، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 398)، والدارمي رقم (1774)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 262). من طريق عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، عن أبيه، عن جده النعمان بن معبد والد عبد الرحمن (مجهول، لم يوثقه معتمر).
وقد ترجم له البخاري في "الكبير"(8/ 78)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(8/ 445)، ولم يوردا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 530).
وقال الذهبي في "الميزان"(4/ 266): (غير معروف، تفرد عنه ابنه عبد الرحمن)، وقال الحافظ في "التقريب" رقم (7161) مجهول.
(2)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 700): أي: المطيب بالمسك، كأنه جعل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة.
(3)
في "السنن"(2/ 776).
(4)
في "مختصر السنن"(3/ 260).