المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٦

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

- ‌(الفصل الرابع): في صلاة الضحى

- ‌(الفصل الخامس): في قيام رمضان

- ‌ صلاة التراويح

- ‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين

- ‌(اجتماع العيد والجمعة)

- ‌(الباب الثاني): في النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌(الفصل الأول): في الكسوف

- ‌(الفصل الثاني): في الاستسقاء

- ‌(الفصل الثالث): في صلاة الجنازة

- ‌(الفصل الرابع): في صلوات متفرقة

- ‌[صلاة الاستخارة]

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌صلاة التسبيح

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول: فى فضله وفضل شهر رمضان

- ‌الباب الثاني: في واجبات الصوم وسننه وأحكامه

- ‌فصل في أركان الصوم

- ‌النية

- ‌في نية صوم التطوع

- ‌الإمساك عن المفطرات

- ‌القبلة والمباشرة

- ‌المفطر ناسياً

- ‌زمان الصوم

- ‌عاشوراء

- ‌رجب

- ‌شعبان

- ‌ست من شوال

- ‌عشر ذي الحجة

- ‌أيام الأسبوع

- ‌أيام البيض

- ‌الأيام التي يحرم صومها

- ‌سنن الصوم

- ‌وقت الإفطار

- ‌تعجيل الفطر

- ‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

- ‌موجب الإفطار

- ‌في الكفارة

- ‌كتاب الصبر

- ‌كتاب الصدق

- ‌كتاب الصدقة والنفقة

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌النفقة

- ‌الفصل الثاني: في الحث عليها

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الصدقة

- ‌كتاب صلة الرحم

- ‌كتاب الصحبة

- ‌الفصل الأول: فِي حَقِّ الرَّجُل عَلى الزَوْجَةِ

- ‌الفصل الثاني: في حق المرأة على الزوج

- ‌الفصل الثالث: في آداب الصحبة

- ‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

- ‌الفصل الخامس: في صفة الجليس

- ‌الفصل السادس: (في التحابِّ والتوادِّ)

- ‌الفصل السابع: في التعاضد والتناصر

- ‌الفصل الثامن: في الاستئذان

- ‌الفصل التاسع: (في السلام وجوابه)

- ‌الفصل العاشر: في المصافحة

- ‌الفصل الحادي عشر: في العطاس والتثاؤب

- ‌الفصل الثاني عشر: في عيادة المريض وفضلها

- ‌الفصل الثالث عشر: في الركوب والارتداف

- ‌الفصل الرابع عشر: في حفظ الجار

- ‌الفصل الخامس عشر: في الهجران والقطيعة

- ‌الفصل السادس عشر: في تتبع العورة وسترها

- ‌الفصل السابع عشر: في النظر إلى النساء

- ‌الفصل الثامن عشر: في أحاديث متفرقة

- ‌كتاب الصداق

- ‌الفصل الأول: في مقداره

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

الفصل: ‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين

أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الفَلَاحَ. قِيلَ: وَمَا الفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ. أخرجه أصحاب (1) السنن وصححه الترمذي. [صحيح]

"السَّحُورَ"(2) بفتح السين: ما يتسحر به، وبالضم: الفعل نفسه.

7 -

وعن عبد الله بن أبي بكر قال: سَمِعْتُ أُبَيَّاً رضي الله عنه يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ فَنَسْتَعْجِلُ الخَدَمَ بِالطَّعَامِ مخافَةَ فَوْتِ السَحُوْرِ. أخرجه مالك (3). [موقوف صحيح]

قوله:

(الفصل السادس): في صلاة العيدين

صلاة العيدين عند الشافعي (4) والجمهور (5) سنة مؤكدة، وقال الأصطخري (6): فرض كفاية. وقال أبو حنيفة (7): واجبة.

(1) أخرجه أبو داود رقم (1375)، والترمذي رقم (806)، والنسائي في "السنن"(3/ 203)، وابن ماجه رقم (1327).

وأخرجه أحمد (5/ 159 - 160)، وابن خزيمة رقم (2206)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (991)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 349)، وابن حبان رقم (2547)، وهو حديث صحيح.

(2)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 759) السَّحور: بالفتح اسم ما يتسحّر به من الطعام والشراب، وبالضّم المصدر والفعل نفسه، وكثر ما يروى بالفتح، وقيل: إنَّ الصَّواب بالضّم؛ لأنه بالفتح الطعام، والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام.

(3)

في "الموطأ"(1/ 116 رقم 7)، وهو أثر موقوف صحيح.

(4)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(5/ 112 - 113).

(5)

انظر: "المغني"(3/ 265).

(6)

ذكره القاضي العمراني في "البيان"(2/ 6205).

(7)

انظر: "المبسوط" للسرخسي (2/ 41).

ص: 50

وسمي العيد عيداً لعوده (1) وتكرره، وقيل: لعود السرور (2) فيه، وقيل: تفاؤلاً بعوده على من أدركه، كما سميت القافلة عند خروجها تفاؤلاً بقفولها ورجوعها سالمة وحقيقة القفول الرجوع.

وقال الزمخشري (3): العيد هو السرور العائد، فكل يوم شرع تعظيمه يسمى عيداً.

الأول: حديث (ابن عباس)

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا. أخرجه الخمسة (4). [صحيح]

قوله: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي: إلى الجبّان (5).

قوله: "لم يصل قبلهما" فلا تحية للجبّان ولا نافلة (6) قبلية للعيد. "ولا بعدهما" أي: في الجبّان، ولم يبين في أيّ عيد، إلَاّ أن في هذه الرواية في بعضها:"في يوم أضحى أو فطر" ولم يبين كيفية الركعتين.

(1) انظر: "لسان العرب"(3/ 319).

(2)

انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 515).

(3)

انظر: "الكشاف"(2/ 314).

(4)

أخرجه البخاري رقم (989)، ومسلم رقم (13/ 884)، وأبو داود رقم (1159)، والترمذي رقم (537)، والنسائي رقم (1587) ورقم (1291).

وهو حديث صحيح.

(5)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 233).

(6)

انظر: "المغني"(3/ 280 - 282)، "أحكام العيدين" للفريابي رقم (158)، "الأوسط" لابن المنذر (4/ 266 - 268).

ص: 51

قوله: "لا صلاة قبلهما ولا بعدهما" قال الترمذي (1): العمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. وبه يقول الشافعي (2) وأحمد (3) وإسحاق.

وقد رأى طائفة (4) الصلاة بعد صلاة العيد وقبلها من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم (5)[والقول](6) الأول أصح. انتهى.

واعلم أنه حذف المصنف من الرواية [535/ أ] ما ذكره ابن الأثير (7) وهو قوله: (ثم أتى النساء وبلال معه فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تصدق بخرصها وفتخاتها).

قوله: "أخرجه الخمسة".

(1) أخرج البخاري في "صحيحه" رقم (989)، وفيه:"خرج يوم الفطر".

(2)

في "السنن"(2/ 418).

(3)

"البيان" للعمراني (2/ 633).

(4)

"المغني"(3/ 280 - 281).

(5)

أخرج ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 267 ت 2139)، وابن أبي شيبة (2/ 180)، والبيهقي (3/ 304)، عن أيوب قال: رأيت أنس بن مالك والحسن يصليان قبل العيد.

وأخرج البيهقي في "المعرفة"(5/ 92 رقم 6945): قال الشافعي في "الأم"(2/ 500 رقم 530)، وروي عن سهل بن سعد، وعن رافع بن خديج: أنّه كان يصلي قبل العيد وبعده.

وقال البيهقي في "المعرفة"(5/ 93 رقم 6953)، وروينا عن ابن بريدة، قال: كان بريدة يصلي يوم الفطر، ويوم النحر قبل الإِمام.

أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 179) عن أبي إسحاق قال: كان سعيد بن جبير وإبراهيم وعلقمة يصلون بعد العيد أربعاً.

(6)

سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من سنن الترمذي (2/ 418).

(7)

في "الجامع"(6/ 125 رقم 4227).

ص: 52

قلت: واللفظ الذي ساقه المصنف هو لفظ الترمذي (1) والنسائي (2).

الثاني: حديث (عائشة):

2 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكَبِّرُ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى فِي الأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ، سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ". أخرجه أبو داود (3). [صحيح لغيره]

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم[292 ب] يكبّر في الفطر والأضحى" أي: في صلاتيهما.

"في" الركعة. "الأولى سبع تكبيرات وفي" الركعة "الثانية خمس تكبيرات (4) سوى تكبيرتي الركوع" وبهما تكون في الأولى ثمان وفي الثانية ستاً.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال المنذري (5): إن في إسناده ابن لهيعة ولا يحتج بحديثه.

الثالث: حديث (كثير بن عبد الله):

3 -

وعن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده قال: "كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ في العِيدَيْنِ فِي الأُولَى سَبْعًا قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ القِرَاءَةِ".

(1) في "السنن" رقم (537).

(2)

في "السنن" رقم (1587)، وقد تقدم.

(3)

في "السنن"(1149) و (1150).

وهو حديث صحيح لغيره.

(4)

انظر: "المغني"(3/ 272)، "فقه الفقهاء السبعة وأثره في فقه الإِمام مالك"(2/ 457)، "المدونة"(1/ 66)، "المجموع شرح المهذب"(5/ 25)، "التمهيد"(5/ 253)، "الأوسط" لابن المنذر (4/ 273 - 274).

(5)

في "مختصر السنن"(2/ 31).

ص: 53

أخرجه الترمذي (1). [صحيح لغيره]

وهو كحديث عائشة (2) في عدد التكبيرات، إلَاّ أنه بيّن أن التكبير قبل القراءة في الركعتين.

ومثله ما أخرجه أبو داود (3) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الثانية، والقرآن بعدهما كليهما". انتهى.

وفي "الموطأ"(4) من فعل أبي هريرة: أنه كبّر في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الثانية خمس تكبيرات قبل القراءة.

(1) في "السنن" رقم (536)، وقال: هو أحسن شيء في هذا الباب عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابن ماجه رقم (1279)، ولم يذكر القراءة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(ج 17 رقم 15)، والدارقطني (2/ 48)، والبيهقي (3/ 286)، وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو ضعيف، ومع ذلك حسنه الترمذي. وصححه ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1438، 1439)، ونقل الترمذي في "العلل الكبير" (1/ 288) عن البخاري قوله: ليس في هذا الباب شيء أصحّ من هذا، وبه أقول. وهو حديث صحيح لغيره.

(2)

تقدم وهو حديث صحيح لغيره.

(3)

في "السنن" رقم (1151).

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2/ 48).

ونقل الترمذي في "العلل الكبير"(1/ 288) عن البخاري أنه قال: إنه حديث صحيح.

وهو حديث حسن، والله أعلم.

(4)

(1/ 180 رقم 9).

وأخرجه من طريقه الشافعي في "الأم"(2/ 506 - 507 رقم 544)، ومن طريقه البيهقي في "السنن "الكبرى" (3/ 288)، وفي معرفة "السنن والآثار" (5/ 72 رقم 6874)، وعبد الرزاق في "مصنفه" =

ص: 54

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، قال أبو عيسى (1): حديث جدِّ كثير حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه عمرو بن عوف المزني.

والعمل (2) على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهكذا روي عن أبي هريرة:(أنه صلى بالمدينة نحو هذه الصلاة). وهو قول أهل المدينة (3)، وبه يقول مالك (4) بن أنس والشافعي (5) وأحمد (6) وإسحاق (7). انتهى.

الرابع: حديث (جابر بن سمرة):

4 -

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم العِيدَيْنِ غيرَ مَرَّةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. أخرجه مسلم (8) وأبو داود (9) والترمذي (10). [صحيح]

= (3/ 292 رقم 5680)، كلهم عن مالك عن نافع مولى ابن عمر قال: شهدتُ الفطر والأضحى مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة: ض تكبيرات قبل القراءة بسند صحيح.

(1)

في "السنن"(2/ 416).

(2)

قاله الترمذي في "السنن"(2/ 416 - 417).

(3)

انظر: "فقه الفقهاء السبعة وأثره في فقه الإِمام مالك"(2/ 457).

(4)

"المدونة"(1/ 169)، "التمهيد"(5/ 253).

(5)

"المجموع شرح المهذب"(5/ 25)، "الأوسط"(4/ 274).

(6)

"المغني"(3/ 272).

(7)

حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 274).

(8)

في "صحيحه" رقم (7/ 887).

(9)

في "السنن" رقم (1148).

(10)

في "السنن" رقم (532)، وقال: حديث حسن صحيح. وهو حديث صحيح.

ص: 55

قوله: "بغير أذان ولا إقامة" وأخرجه أبو داود (1) عن ابن عباس بلفظ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذان ولا إقامة). قال الحافظ (2): إسناده صحيح.

وقد اختلف (3) في أول من أحدث الأذان فيها، فروى ابن أبي شيبة (4) بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب:(إن أولَّ من أحدث أنه معاوية).

ورواه الشافعي (5) عن الثقة عن الزهري وزاد: (أخذ به الحجّاج حين أمر على المدينة)

وروى ابن المنذر (6) عن أبي قلابة [293 ب]: (أول من أحدثه عبد الله بن الزبير).

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي".

قلت: وقال (7): حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب [النّبيَّ] (8) الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أنه لا يؤذن لصلاة العيدين ولا لشيء من النوافل. انتهى.

الخامس: حديث (نافع):

5 -

وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ".

(1) في "السنن" رقم (1147).

وأخرجه مسلم رقم (5/ 886) بنحوه، وابن ماجه رقم (1274)، وهو حديث صحيح.

(2)

في "فتح الباري"(2/ 452).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 453).

(4)

في "مصنفه"(2/ 169) بسند صحيح.

(5)

انظر: الأم (2/ 500 - 501).

(6)

ذكره ابن قدامة في "المغني"(3/ 267 مسألة 303).

(7)

الترمذي في "السنن"(2/ 413).

(8)

في (ب) الرسول وما أثبتناه من (أ) وسنن الترمذي.

ص: 56

أخرجه الخمسة (1) إلَاّ أبا داود. [صحيح]

قوله: "يصلون العيدين قبل الخطبة" اختلف (2) في أول من غيّر ذلك، فقيل: مروان، وقيل: بل سبقه إلى ذلك عثمان. رواه ابن المنذر (3) بإسناد صحيح: "صلي بالناس ثم خطبهم على العادة، فرأى ناساً لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك" أي: صار يخطب قبل الصلاة.

قال الحافظ (4): وهذه العلة غير الذي اعتل بها، كان عثمان (5) راعى مصلحة الجماعة من إدراكهم الصلاة، وأما مروان (6) فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة.

لكن قيل (7): أنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سبِّ من لا يستحق السب، والإفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه. انتهى.

(1) أخرجه البخاري رقم (963)، ومسلم رقم (8/ 888)، والترمذي رقم (531)، والنسائي رقم (1564)، وابن ماجه رقم (1276).

وهو حديث صحيح.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 451).

(3)

في "الأوسط"(4/ 272 - 273 ث 2151) بسند صحيح إلى الحسن البصري.

(4)

في "الفتح"(2/ 452).

(5)

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(3/ 283)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 171) بسند صحيح.

(6)

ثبت في "صحيح مسلم" رقم (9/ 889) من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال: أوّل من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان.

وقال الترمذي في "السنن"(2/ 411) ويقال: أول من خطب قبل الصلاة مروان بن الحكم.

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 452).

ص: 57

قلت: وعلى كل حال؛ فهي بدعة مخالفة (1) لطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومراده (2) بسب مروان؛ سبه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ومدحه لبعض الناس لمعاوية، وهو أميره الذي ولاّه المدينة.

قوله: "أخرجه الخمسة إلَاّ أبا داود".

السادس: حديث (جابر):

6 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: شَهِدْتُ العِيدِ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. ثُمَّ قَامَ مُتَوَكَّئًا عَلَى بِلَالٍ رضي الله عنه، فَأَمَرَ بِتَقْوَى الله وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ. ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَقَالَ:"تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ" فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الخدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ". فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ. أخرجه الخمسة (3) إلَاّ الترمذي. [صحيح]

"سِطَةُ (4) النساءِ" أوساطهن حَسَباً ونسباً.

(1) وقال النووي في "المجموع شرح المهذب"(5/ 30): إن ظاهر نص الشافعي أنه لا يعتد بها. وهو الصواب.

(2)

ليس بيد الشارح دليل على ذلك. وتقدم موقف أهل السنة والجماعة مما شجر بين الصحابة، وهو الكف عن ذلك، وذكر محاسنهم وفضلهم، وكف ألسنتنا عن مثالبهم.

(3)

أخرجه البخاري رقم (961، 978)، ومسلم رقم (885)، وأخرجه أبو داود رقم (1141)، والنسائي في "السنن" رقم (1575)، وهو حديث صحيح.

(4)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 776)، وقال: وأصل الكلمة الواو وهو بابها، والهاء فيها عوضٌ من الواو كعِدة وزِنة، من الوعد، والوَزْن.

وانظر: "المجموع المغيث"(2/ 86).

ص: 58

"وَالسُّفعةُ"(1) سواد في اللون.

"وَالشّكاةُ" بفتح الشين: الشكوى.

"والعشير" الزوج.

قوله: "ثم قام متوكئاً على بلال" ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم خطب متوكئاً عليه [294 ب] وأنه لم يكن منبر في المصلى.

وقد عقد البخاري (2) له باباً فقال: باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، ثم ذكر حديث (3):(أنه صلى الله عليه وسلم كان ينصرف من صلاته [536/ أ] فيقوم مقابل الناس).

ولابن خزيمة (4) في رواية مختصرة: (خطب يوم العيد على راحلته).

(1) السُّفعة: نوعٌ من السواد ليس بالكثير، وقيل: هو سواد مع لون آخر.

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 783).

(2)

في "صحيحه"(2/ 448 الباب رقم 6 - مع الفتح).

(3)

رقم (956) عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلَّى، فأوّل شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس - والناس جلوس على صفوفهم - فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم. فإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه أو يأمر بشيء أمر به، ثمّ ينصرف.

قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجتُ مع مروان - وهو أمير المدينة - في أضحى أو فطر، فلّما أتينا المصلَّى إذا منبرٌ بناه كثير بن الصَّلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذتُ بثوبه، فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيّرتم والله فقال أبو سعيد: قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خيرٌ مما لا أعلم. فقال: إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة".

(4)

في "صحيحه" رقم (1445)، وقال أبو بكر: هذه اللفظة تحتمل معنيين: أحدهما: أنّه خطب قائماً لا جالساً، والثاني: أنّه خطب على الأرض، كإنكار أبي سعيد على مروان لما أخرج المنبر، فقال: لم يكن يخرج المنبر.

ص: 59

وقد ثبت (1) أن أول من أخرج المنبر مروان، وأنكر عليه ذلك.

قوله: "ثم أتى النساء فوعظهن" لأنهن كن يقعدن في آخر المصلى. وفيه استحباب خروج النساء إلى صلاة العيدين، سواء كن شواب أم لا، وذوات هيئات أم لا.

وقد اختلف فيه السلف، فنقل عياض (2): وجوبه عن أبي بكر وعلي وابن عمر.

ومنهم من حمله على الندب، وجزم به الجرجاني (3) من الشافعية وأبو حامد من الحنابلة (4).

وفيه: استحباب وعظ النساء وتذكيرهن بما يجب عليهن وحثهن على الصدقة، واستدل به على جواز (5) تصدق المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها.

قال القرطبي (6): ولا يقال: كان أزواجهن حضوراً؛ لأن ذلك لم يُنقل، ولو نقل فليس فيه إذن أزواجهن لهن في ذلك، فإن من ثبت له حقٌ فالأصل بقاؤه حتى يصرح بإسقاطه، ولم ينقل أنهم صرحوا بذلك.

وفيه (7): أن الصدقة من دوافع العذاب؛ لأنه أمرهن بالصدقة، ثم علل أنهن أكثر أهل النار.

(1) انظر: التعليقة رقم (5).

(2)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 298 - 299).

(3)

انظر: مختصر المزني (1/ 154)، "المجموع شرح المهذب"(5/ 113).

(4)

ذكره السرخسي في "المبسوط"(2/ 41) عنه.

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 468).

(6)

في "المفهم"(2/ 529).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 468).

ص: 60

قوله: "ويكفرن العشير" أي: الزوج. قال ابن العربي (1): خص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقه وهي قوله: "لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"(2) فقرن حق الزوج بحق الله، فإذا كفرت المرأة حقه وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية دلَّ على تهاونها بحق الله، فلذلك [295 ب] أطلق عليها الكفر. انتهى.

وقال الراغب (3): الكفر في جحود النعمة أكثر استعمالاً من الكفر في الدين.

قلت: الكفر أكثر إطلاقه على فعل المعاصي أشهر.

السابع: حديث (عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود):

7 -

وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: سَأَلَ عُمَرَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ رضي الله عنهما: "مَا كانَ يَقْرَأُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الأَضْحَى وَالفِطْرِ؟ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِما بِقَافٍ وَالقُرْآنِ المَجِيدِ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ". أخرجه الستة (4) إلَاّ البخاري. [صحيح]

"قال: سأل عمر أبا واقد الليثي" اسم أبي واقد: الحارث بن عوف (5).

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 468).

(2)

أخرجه الترمذي في "السنن"(1159)، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو حديث صحيح.

(3)

في "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 724).

(4)

أخرجه مسلم رقم (14/ 891)، وأبو داود رقم (1154)، والترمذي رقم (534)، والنسائي (3/ 183 - 184)، وابن ماجه رقم (1282).

وأخرجه أحمد (5/ 217 - 218)، ومالك (1/ 180 رقم 8)، والشافعي في "المسند" رقم (460 - ترتيب)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 413)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 294).

وهو حديث صحيح.

(5)

انظر: تهذيب التهذيب (4/ 604).

ص: 61

قال ابن حزم (1): عبيد الله أدرك أبا واقدٍ وسمع منه.

"ما كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر" أي: في صلاتيهما، قالوا: يحتمل أن عمر شك في ذلك فاستثبت أبا واقد، وأراد إعلام الناس بذلك أو نحو ذلك من المقاصد، ويبعد أن عمر لم يكن يعلم ذلك مع شهوده صلاة العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات وقربه منه.

وقوله: "بقاف واقتربت" فيه دليل للشافعي (2) وموافقيه أنه يسن بهما القراءة في العيدين، والحكمة في ذلك ما اشتملت عليه من الإخبار بالبعث وبالقرون الماضية وإهلاك المكذبين، وتشبيه بروز الناس للعيدين ببروزهم للبعث، وخروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر.

قوله: "أخرجه الستة إلَاّ البخاري".

الثامن: حديث (النعمان بن بشير):

8 -

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ وَفي الجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَهَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ، وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَقَرَأَ بِهِمَا". أخرجه الستة (3) إلَاّ البخاري. [صحيح]

قوله: "يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى" بعد الفاتحة المراد في الركعة الأولى.

وبـ "هل أتاك حديث الغاشية" أي: في الركعة الثانية دلّت هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك تارة، وتارة يفعل ما ذكر أبو واقد فالكل سنة.

(1) في "المحلى"(5/ 82).

(2)

انظر: "الأم"(2/ 510)، و"البيان" للعمراني (2/ 641).

(3)

أخرجه مسلم رقم (63/ 878)، وأبو داود رقم (1123)، والنسائي رقم (1423)، وابن ماجه رقم (1119)، وهو حديث صحيح.

ص: 62