المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٦

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

- ‌(الفصل الرابع): في صلاة الضحى

- ‌(الفصل الخامس): في قيام رمضان

- ‌ صلاة التراويح

- ‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين

- ‌(اجتماع العيد والجمعة)

- ‌(الباب الثاني): في النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌(الفصل الأول): في الكسوف

- ‌(الفصل الثاني): في الاستسقاء

- ‌(الفصل الثالث): في صلاة الجنازة

- ‌(الفصل الرابع): في صلوات متفرقة

- ‌[صلاة الاستخارة]

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌صلاة التسبيح

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول: فى فضله وفضل شهر رمضان

- ‌الباب الثاني: في واجبات الصوم وسننه وأحكامه

- ‌فصل في أركان الصوم

- ‌النية

- ‌في نية صوم التطوع

- ‌الإمساك عن المفطرات

- ‌القبلة والمباشرة

- ‌المفطر ناسياً

- ‌زمان الصوم

- ‌عاشوراء

- ‌رجب

- ‌شعبان

- ‌ست من شوال

- ‌عشر ذي الحجة

- ‌أيام الأسبوع

- ‌أيام البيض

- ‌الأيام التي يحرم صومها

- ‌سنن الصوم

- ‌وقت الإفطار

- ‌تعجيل الفطر

- ‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

- ‌موجب الإفطار

- ‌في الكفارة

- ‌كتاب الصبر

- ‌كتاب الصدق

- ‌كتاب الصدقة والنفقة

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌النفقة

- ‌الفصل الثاني: في الحث عليها

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الصدقة

- ‌كتاب صلة الرحم

- ‌كتاب الصحبة

- ‌الفصل الأول: فِي حَقِّ الرَّجُل عَلى الزَوْجَةِ

- ‌الفصل الثاني: في حق المرأة على الزوج

- ‌الفصل الثالث: في آداب الصحبة

- ‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

- ‌الفصل الخامس: في صفة الجليس

- ‌الفصل السادس: (في التحابِّ والتوادِّ)

- ‌الفصل السابع: في التعاضد والتناصر

- ‌الفصل الثامن: في الاستئذان

- ‌الفصل التاسع: (في السلام وجوابه)

- ‌الفصل العاشر: في المصافحة

- ‌الفصل الحادي عشر: في العطاس والتثاؤب

- ‌الفصل الثاني عشر: في عيادة المريض وفضلها

- ‌الفصل الثالث عشر: في الركوب والارتداف

- ‌الفصل الرابع عشر: في حفظ الجار

- ‌الفصل الخامس عشر: في الهجران والقطيعة

- ‌الفصل السادس عشر: في تتبع العورة وسترها

- ‌الفصل السابع عشر: في النظر إلى النساء

- ‌الفصل الثامن عشر: في أحاديث متفرقة

- ‌كتاب الصداق

- ‌الفصل الأول: في مقداره

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

الفصل: ‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

وهذه الزيادة مراده: وإنْ لم تذكر؛ لأنَّه ليس للزوج (1) أن يمنعها عن صوم الواجب، فإنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. بخلاف غير الواجب، فله منعها، وله منعها عن قضاء الواجب إلَاّ إذا تضيق.

‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

ترجمة ابن الأثير (2) بقوله: في مبيح الفطر وموجبه.

الأول: حديث جابر:

1 -

عن جابر رضي الله عنه قال: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ:"أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ". أخرجه مسلم (3) والترمذي (4). [صحيح]

قوله: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم". يأتي في المغازي تعيين يوم خروجه إنْ شاء الله.

قال الحافظ ابن حجر (5): والذي اتفق عليه أنَّه خرج في عاشر رمضان ودخل مكة تاسع عشرة منه.

(1) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (17/ 115): وسبب هذا التحريم: أن للزوج حق الاستمتاع بها في كل وقت، وحقه واجب على الفور فلا تفوته بالتطوع، وإذا أراد الاستمتاع بها جاز، ويفسد صومها، وظاهر التقييد بالشاهد، أنه يجوز لها التطوع إذا كان الزوج غائباً، وفي معنى الغيبة أن يكون مريضاً بحيث لا يستطيع الجماع. وانظر:"فتح الباري"(9/ 296)، "المجموع شرح المهذب"(6/ 445).

(2)

في "الجامع"(6/ 293).

(3)

في "صحيحه" رقم (1114).

(4)

في "السنن" رقم (710)، وهو حديث صحيح.

(5)

وفي "فتح الباري"(8/ 4 - 5).

ص: 313

[قوله](1)"عام الفتح" أي: فتح مكة، وهو في الثامنة من الهجرة، سمِّي به العام لعظمته، فإنَّه دخل الناس بعده في دين الله أفواجاً.

قوله: "كراع الغميم" بزنة غراب، والغميم بالغين [56 ب] المعجمة في "القاموس" (2): موضع على ثلاثة أميال من عسفان كعثمان على مرحلتين من مكة، فيكون أفطر صلى الله عليه وسلم قبل قدومه مكة بخمسة أيام، ولفظ البخاري (3):"فلما بلغ الكديد (4) " بفتح الكاف وكسر الدال المهملة مكان معروف، ولفظ كراع الغميم في رواية مسلم (5) قال عياض (6): اختلفت الروايات في الموضع الذي أفطر فيه والكل في قصة واحدة، وكلها متقاربة، والجميع من أعمال عسفان، انتهى.

قوله: "فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس ثم شرب" بعد أن علم الناس بإفطاره بمشاهدة شربه.

"فقيل له بعد ذلك: إنَّ بعض الناس قد صام" استمر على صومه.

"فقال: أولئك العصاة". استدل به على تعين الفطر في السفر، وأنَّه لا يجوز الصوم فيه.

(1) سقطت من (أ. ب).

(2)

"القاموس المحيط"(ص 1476).

(3)

في "صحيحه" رقم (4276).

وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (88/ 113) كلاهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(4)

انظر: "معجم البلدان"(4/ 442).

(5)

في "صحيحه" رقم (90/ 1114).

(6)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(4/ 65).

ص: 314

وقد اختلف (1) السلف في هذه المسألة فقالت طائفة: لا يجزي الصوم في السفر عن الفرض، بل من صام في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر؛ لظاهر قوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2)، ولحديث:"ليس من البر الصيام في السفر"(3). ومقابل البر الإثم، وإذا كان آثماً بصومه لم يجزئه، وهذا قول بعض أهل الظاهر (4)، وحكي (5) عن جماعة من الصحابة والتابعين، وذهب الجمهور (6) إلى أنَّ الصوم أفضل لمن قوي عليه، وقال كثير منهم: الفطر أفضل عملاً بالرخصة، وهو قول الأوزاعي وأحمد (7) وإسحاق.

وقال آخرون: هو مخير مطلقاً، وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (8)، فمن كان الصوم في حقه أيسر فهو الأفضل، وإن كان الفطر أيسر فهو الأفضل، وهو قول (9) عمر بن عبد العزيز، واختاره ابن المنذر.

(1) انظر: "فتح الباري"(4/ 183)، "المغني"(4/ 408 - 409).

"المجموع شرح المهذب"(6/ 269).

(2)

سورة البقرة الآية (182).

(3)

أخرجه أحمد (3/ 317)، والبخاري رقم (1946)، ومسلم رقم (92/ 1115) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.

(4)

في "المحلى"(6/ 243).

(5)

حكاه الحافظ في "الفتح"(4/ 183) عن عمر وابن عمر وأبي هريرة والزهري وإبراهيم النخعي وغيرهم، اهـ.

(6)

انظر: "المغني"(4/ 408 - 409)، "فتح الباري"(4/ 183).

(7)

قال ابن قدامة في "المغني"(4/ 407 - 408): فصل: والأفضل عند إمامنا أي أحمد بن حنبل رحمه الله الفطر في السفر، وهو مذهب ابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والأوزاعي، وإسحاق.

(8)

سورة البقرة: (185).

(9)

ذكره ابن قدامة في "المغني"(4/ 408)، وانظر:"المجموع شرح المهذب"(6/ 266).

ص: 315

وقد أجاب من رأى الصيام في السفر في الفرض عن أدلة من أوجب الإفطار.

أمَّا الآية فقالوا: التقدير، فمن كان على سفر فأفطر فعليه عدة من أيام أُخر، وأمَّا حديث (1):"أولئك العصاة". فلأنَّهم خالفوا أمره صلى الله عليه وسلم، فإنَّه قال:"إنكم تصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم"(2). فكانت عزيمة، فنسب من صام إلى العصيان لمخالفة أمره أفاد الحافظ ابن حجر (3).

وحديث: "ليس من البر الصيام في السفر" محمول على من شق عليه، وقال ابن دقيق العيد (4): إنَّ كراهة الصوم في السفر محمولة على من جهده الصوم وشق عليه [57 ب] أو يؤدي إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القرب.

وحمل الشافعي (5) نفي البر في الحديث على من أبى قبول الرخصة.

وقال الطحاوي (6): المراد بالبر هنا: البر الكامل الذي هو أعلى مراتب البر، وليس المراد به إخراج الصوم في السفر عن أن يكون براً (7).

قلت: ولا يخفى ضعف الردِّ، فالتقدير في الآية خلاف الظاهر منها.

قوله: "أخرجه مسلم والترمذي".

(1) تقدم وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أحمد (3/ 35 - 36)، ومسلم رقم (102/ 1120)، وأبو داود رقم (2406) من حديث أبي سعيد، وهو حديث صحيح.

(3)

في "فتح الباري"(4/ 184).

(4)

في "إحكام الأحكام"(2/ 225).

(5)

في "الأم"(3/ 258).

(6)

في "شرح معاني الآثار"(2/ 64).

(7)

وتمام العبارة: لأن الإفطار قد يكون أبر من الصوم إذا كان للتقوي على لقاء العدو.

ص: 316

الثاني: حديث أنس:

2 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفرٍ، فَمِنَّا الصَّائِمُ، وَمِنَّا المُفْطِرُ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ، أَكْثَرُنَا ظِلاًّ صَاحِبُ الكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ، فسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ المُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأَجْرِ". أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح]

قوله: "ومنا المفطر" هو من أدلة مَنْ أجاز الصيام في السفر، وأنَّه صيام فرض.

"فنزلنا منزلاً في يوم حار أكثرنا ضلاً صاحب الكساء ومنّا مَنْ يتقي الشمس بيده". لا يجد له ظلاً.

[قوله:](3)"فسقط الصوّام". من الضعف وشدّة الحر.

قوله: "وقام المفطرون فضربوا الأبنية" أي: الخيام ونحوها.

قوله: "وسقوا الركاب". لم يعين هذه السفرة.

قوله: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب المفطرون اليوم بالأجر".

لما كفوا الصائمين مؤنة ضرب الأبنية وسقي الركاب، وفيه دليل (4) على أنَّ الفطر لمن شق عليه الصوم أفضل.

قوله: "أخرجه الشيخان والنسائي".

الثالث: حديث جابر:

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2890)، ومسلم رقم (1119).

(2)

في "السنن" رقم (2283)، وهو حديث صحيح.

(3)

سقطت من (أ. ب) وهو من مستلزمات الشرح.

(4)

انظر: "المغني"(4/ 409)"المجموع شرح المهذب"(6/ 266).

ص: 317

3 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَأَى رَجُلاً قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ. وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ:"مَا لَهُ". فقَالُوا: رَجُلٌ صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَ البِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ"(1). [صحيح]

قوله: "في سفر". قال ابن حجر (2): إنَّه سفر غزوة الفتح.

قوله: "قد ظُلِّلَ عليه" قال الحافظ (3): لم نقف على اسم الرجل.

قوله: "ليس البر أن تصوموا في السفر". من هنا أخذ ابن دقيق العيد (4) أنَّه لا يكره الصوم إلاّ في حق من بلغ به الصوم إلى هذه المشقة كما تقدم، وقد قال (5) - أيضاً - إنَّ المانعين من الصوم في السفر مطلقاً يقولون: إنَّ اللفظ عام، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

قال (6): وينبغي أن يتنبه للفرق بين دلالة السبب ودلالة السياق والقرائن على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم وبين مجرد ورود "العام" على سبب، فإنَّ بين العامين فرقاً واضحاً. ومن أجراهما مجرى واحداً لم يصب، فإنَّ مجرد ورود العام على سبب (7) لا يقتضي التخصيص

(1) أخرجه أحمد (3/ 317)، والبخاري رقم (1946)، ومسلم رقم (92/ 1115)، وأبو داود رقم (2407)، والنسائي (4/ 176) وهو حديث صحيح.

(2)

في "فتح الباري"(4/ 182).

(3)

في "الفتح"(4/ 185).

(4)

في "إحكام الأحكام"(2/ 225).

(5)

في "إحكام الأحكام"(2/ 225).

(6)

أي: ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام"(2/ 225 - 226).

(7)

قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" كما في "البحر المحيط"(3/ 380): نص بعض أكابر الأصوليين على أن العموم يخص بالقِران، قال: ويشهد له مخاطبات الناس بعضهم بعضاً، حيث يقطعون في بعض المخاطبات بعدم العموم بناء على القرينة، والشرع يخاطب الناس بحسب تعارفهم، وقال: ولا يشتبه عليك =

ص: 318

به لنزول آية السرقة في قصة سرقة رداء صفوان، وأمَّا السياق والقرائن الدالة على مراد المتكلم فهي المرشدة لبيان المجملات، وتعيين المحتملات كما في حديث الباب، [وقال ابن التين] (1): هذه القصة تشعر بأنَّ من اتفق له مثل ما اتفق لهذا الرجل أنَّه [58 ب] يساويه في الحكم. وأما من سَلِم من ذلك ونحوه، فهو في جواز الصوم على أصله.

قوله: وفي رواية: "لَيْسَ مِنْ البِّرِّ الصَّوْمُ فِي السَفَرِ". أخرجه الخمسة (2) إلا الترمذي.

قوله: وفي رواية: "ليس من البر الصوم في السفر".

هي: بمعنى الأولى وتمامه في "سنن النسائي"(3): "وعليكم برخصة الله التي رخصها لكم فاقبلوها".

قوله: "أخرجه الخمسة إلَاّ الترمذي".

الرابعة: حديث عائشة:

4 -

وعن عائشة - رضى الله عنها - قالت: سَأَلَ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: عَنْ الصَّومِ فِي السَّفَرِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الصِيَامِ، فَقَالَ:"إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ".

= التخصيص بالقِران بالتخصيص بالسبب، كما اشتبه على كثير من الناس، فإن التخصيص بالسبب غير مختار، فإن السبب وإن كان خاصاً فلا يمنع أن يورد لفظ عام يتناوله وغيره كما في قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ولا ينتهض السبب بمجرده قرينة لرفع هذا، بخلاف السياق فإن به يقع التبيين والتعيين أمّا التبيين ففي المجملات، وأمّا التعيين ففي المحتملات.

(1)

كذا في (أ. ب) والذي في "فتح الباري": ابن المنير في الحاشية وهو الصواب.

(2)

تقدم وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن"(4/ 176).

ص: 319

أخرجه الستة (1). [صحيح]

قوله: "وكان كثير الصيام" أي: تطوعاً، ويدخل فيه الفرض.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر".

دلَّ على أنَّه حيث لا يشق عليه الصوم في السفر أنه يصوم، ولم يبين صلى الله عليه وسلم له الأفضل منهما، وظاهره العموم في صيام الفرض، والنفل، ومن منع الفرض في السفر قال: خصته الآية.

قوله: أخرجه الستة".

الخامس: حديث أنس:

5 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمِنَّا الصَّائِمُ، وَمِنَّا المُفْطِرُ، فَلَا الصَّائِم يَعِيْبُ عَلى المُفْطِرِ، وَلَا المُفْطِرُ يَعِيْبُ عَلَى الصَّائِمِ". أخرجه الثلاثة (2) وأبو داود (3). [صحيح]

قوله: "فمنَّا الصائم، ومنَّا المفطر". وهو مبني على علمه صلى الله عليه وسلم بذلك، ليكون من التغرير على الأمرين.

"فلا الصائم يعيب على المفطر، ولا المفطر يعيب على الصائم".

فدل على جواز الأمرين، ولم يبين هذا السفر: هل قبل الفتح أو بعده؟ لأنَّه ذهب جماعة إلى أنَّ فطره صلى الله عليه وسلم عام الفتح، وأمره الناس بالإفطار ناسخ لجواز الصوم في السفر (4).

قوله: "أخرجه الثلاثة وأبو داود".

(1) أخرجه البخاري رقم (1943)، ومسلم رقم (103/ 1121)، وأبو داود رقم (2402)، والترمذي رقم (711)، والنسائي رقم (2305)، وابن ماجه رقم (1662). وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه البخاري رقم (1947)، ومسلم رقم (9/ 1118)، ومالك في "الموطأ"(1/ 295).

(3)

في "السنن" رقم (2405).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(4/ 184).

ص: 320

السادس: حديث أبي الدرداء:

6 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَاّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَابْنُ رَوَاحَةَ رضي الله عنه. أخرجه الشيخان (1) وأبو داود (2). [صحيح]

قوله: ["في بعض أسفاره"]، (3) في رواية مسلم (4):"في شهر رمضان".

"في حر شديد". قال الحافظ ابن حجر (5): وبهذه الزيادة يتوجه الرد على أبي محمد ابن حزم في زعمه أنَّ حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه؛ لأنَّه يحتمل أن يكون ذلك الصوم تطوعاً، وهذه السفرة غير سفرة الفتح؛ لأنَّه ذكر فيها عبد الله بن رواحة وهو استشهد قبل الفتح، فهي غزوة أخرى.

قال الحافظ ابن حجر (6): ولا يصح حمل هذا السفر على أنَّه كان يوم بدر؛ لأنَّ أبا الدرداء لم يكن حينئذٍ أسلم، وفيه دلالة على صحة الصوم في السفر.

قوله: "وما فينا صائم إلَاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن رواحة".

هو عبد الله الذي استشهد في غزوة مؤتة.

قوله: "أخرجه الشيخان وأبو داود".

(1) أخرجه البخاري رقم (1945)، ومسلم رقم (108/ 1122).

(2)

في "السنن" رقم (2409)، وهو حديث صحيح.

(3)

هذا اللفظ لم يذكره المصنف، وكذا ابن الأثير، وأخرجه بهذا اللفظ البخاري رقم (1945)، ومسلم في صحيحه رقم (109/ 1122).

(4)

أخرجها مسلم في صحيحه رقم (109/ 1122).

(5)

في "فتح الباري"(4/ 182).

(6)

في "فتح الباري"(4/ 183).

ص: 321

السابع:

7 -

وعن عمرو بن أُمية الضمري رضي الله عنه قال: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ فَقَالَ: "انْتَظِرِ الغَدَاءَ يَا أَبَا أُمَيَّةَ". قُلْتُ: يَا رَسُولُ الله: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ:"ادْنُ أُخْبِرَكَ عَنِ المُسَافِرِ، إِنّ الله تَعَالَى وَضَعَ عَنْهُ الصِّيَامَ وَنِصْفَ الصَّلَاةِ". أخرجه النسائي (1). [إسناده صحيح]

حديث "عمرو بن أمية (2) الضمري" بفتح الضاد المعجمة، وسكون الميم، كان عمرو من رجال العرب (3) نجدة وجراءة، وأسلم بعد انصراف المشركين من غزوة أحد، وهو الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، وأسلم على [59 ب] يديه ووفاته في أيام معاوية بالمدينة.

قوله: "فقال: انتظر الغداء يا أبا أمية". هو عمرو.

قوله: "ادْنُ أخبرك عن المسافر" أي: عمَّا جعل الله له من الرخصة.

"أنَّ الله وضع عنه الصيام" أي: صيام الفريضة، وكتب عليه من أيام أخر.

"ونصف الصلاة" أي: وضع عنه نصفها، فلا تجب، والمراد: الرباعية (4) لما علم من الشريعة قطعاً، ويؤخذ منه أنه لا يصوم المسافر، ولا يتم لأنَّه تكليف قد أسقطه الله عنه، وقد عارضه أدلة صحة الأمرين.

قوله: "أخرجه النسائي".

قلت: ترجم (5) له باب وضع الصيام عن المسافر والاختلاف فيه عن الأوزاعي، وساق اختلاف طرقه عنه ثم عقد له باباً آخر، وذكر الاختلاف فيه أيضاً.

(1) في "السنن"(2272) بإسناد صحيح.

(2)

انظر: "التقريب"(2/ 65/ رقم 637).

(3)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 612 - 613 - قسم التراجم).

(4)

تقدم في "قصر الصلاة".

(5)

أي: النسائي في "السنن"(4/ 178 الباب رقم 50).

ص: 322

الثامن:

8 -

وعن رجل من بني عبد الله بن كعب بن مالك اسمه أنس بن مالك قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَلَاةِ عَنِ المُسَافِرِ، وَأَرْخَصَ لَهُ فِي الإِفْطَارِ، وَأَرْخَصَ فِيْهِ لِلْمُرْضِعِ وَالحُبْلَى إِذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا". أخرجه أصحاب السنن (1). [حسن]

حديث: (رجل من بني عبد الله بن كعب). اسمه: أنس بن مالك هو حديث منقطع؛ لأنَّ بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنان.

قوله: "وأرخص له في الإفطار" فيه دليل على جواز صوم الفرض في السفر، وتقدم لي عدم صحته فيه ما هو أصح من هذا.

قوله: "وأرخص فيه للمرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما".

ولفظه عند الترمذي (2) عمن ذكر قال: "أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدته يتغدى، فقال: ادْنُ فكل، فقلت: إني صائم. فقال: ادْنُ أحدثك عن الصوم أو الصيام، إنَّ الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم أو الصيام، والله لقد قالهما النبي صلى الله عليه وسلم كليهما أو إحداهما، فيا لهف نفسي ألَاّ أكون طعمت من طعام النَّبي صلى الله عليه وسلم.

هذا لفظه، وقريب منه في "سنن أبي داود"(3)، وليس فيهما التقييد بإذا خافتا على ولديهما لا في "سنن أبي داود"، ولا في سنن الترمذي، ولا في سنن النسائي (4).

(1) أخرجه أبو داود رقم (2408)، والترمذي رقم (715)، وابن ماجه رقم (1667، 3299)، والنسائي رقم (2776، 2315). وهو حديث حسن.

(2)

في "السنن" رقم (715).

(3)

في "السنن" رقم (2408).

(4)

في "السنن"(2776، 2315).

ص: 323

وابن الأثير في "الجامع"(1) ساق تلك الزيادة في رواية أبي داود ولم أجدها وكأنَّها في (2) نسخة منه.

قوله: "أخرجه أصحاب السنن".

قلت: قال الترمذي (3): حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن، ولا نعرف لأنس ابن مالك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث [60 ب] الواحد، والعمل على هذا عند أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: الحامل والمرضع يفطران ويقضيان ويطعمان. وبه يقول سفيان ومالك (4) والشافعي (5) وأحمد (6).

(1)(6/ 408).

(2)

وهو كما قال الشارح.

(3)

في "السنن"(3/ 95).

(4)

انظر: "التسهيل"(3/ 829).

(5)

قال النووي في "المجموع"(6/ 274 - 275): فرع في مذاهب العلماء في الحامل والمرضع إذا خافتا فأفطرتا: "قد ذكرنا أن مذهبنا - أي الشافعية - أنهما إن خافتا على أنفسهما لا غير، أو على أنفسهما وولدهما، أفطرتا وقضتا ولا فدية عليهما بلا خلاف.

وإن أفطرتا للخوف على الولد أفطرتا وقضتا والصحيح وجوب الفدية.

قال ابن المنذر: وللعلماء في ذلك أربعة مذاهب:

قال ابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن جبير: يفطران ويطعمان، ولا قضاء عليهما.

وقال عطاء بن أبي رباح، والحسن، والضحاك، والنخعي، والزهري، وربيعة والأوزاعي، وأبو حنيفة، والثوري، وأبو عبيدة، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يفطران ويقضيان، ولا فدية كالمريض.

وقال الشافعي وأحمد: يفطران ويقضيان ويفديان، وروي ذلك عن مجاهد. وقال مالك: الحامل تفطر وتقضي ولا فدية، والمرضع تفطر وتقضي وتفدي. قال ابن المنذر: وبقول عطاء أقول". اهـ.

(6)

انظر: "المغني"(4/ 393 - 394).

ص: 324

وقال بعضهم: يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما، وإن شاءتا قضتا، ولا إطعام عليهما. انتهى.

التاسع:

9 -

وعن محمد بن كعب قال: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَراً، وَقَدْ رُحِلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ، وَلَبِسَ ثِيَابَ سَفَرِهِ فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَأَكَلَ، فَقُلْتُ: لَهُ سُنَّةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ رَكِبَ. أخرجه الترمذي (1). [صحيح لغيره]

حديث (محمد بن كعب (2)) هو أبو حمزة محمد بن كعب القرظي، مدني، سمع ابن عباس، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وابن مسعود، كان أبوه ممن لم يثبت يوم فريضة فترك.

قوله: "أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً، وقد رُحِّلت له راحلته". وضع عليها الرحل للسفر.

[قوله](3): "ولبس ثياب سفره فدعا بطعام". أي: وهو في منزله لم يكن معه سفراً إلَاّ نيته له.

[قوله](4): "فأكل فقلت: سنة" أي: أكل من يريد السفر قبل تلبسه به. "قال: نعم".

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: ترجم (5) له باب فيمن أكل ثم خرج سفراً.

(1) في "السنن" رقم (799). وهو حديث صحيح لغيره.

(2)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 889 - قسم التراجم). وانظر: "التقريب"(2/ 203 رقم 659).

(3)

سقطت من (أ. ب) وهي من مستلزمات الشرح.

(4)

سقطت من (أ. ب) وهي من مستلزمات الشرح.

(5)

أي: الترمذي في "السنن"(3/ 163 الباب رقم 76).

ص: 325

ثم قال (1) بعد سياقه هذا حديث: حسن، وذكر من رواه فقال: ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثير، مدينيٌّ، ثقة، وهو أخو إسماعيل بن جعفر، وعبد الله بن جعفر هو ابن نجيح، والد علي بن المدينِّي، وكان يحيى بن معين يضعفه.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم. انتهى.

العاشر:

10 -

وعن مالك (2): أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فِي رَمَضَانَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ المَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ. [موقوف ضعيف]

حديث (مالك أنه بلغه). الحديث هو بلاغ وعمل صحابي يحتمل أنَّه كان يرى جواز صوم الفرض في السفر، مع أنه ليس في هذا أنَّه كان يفعل ذلك في صوم الفرض.

الحادي عشر:

11 -

وعن منصور الكلبي: أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ رضي الله عنه: خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ مِنَ الفُسْطَاطِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فِي رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَكَرِهَ آخَرُونَ أَنْ يُفْطِرُوا، فَلمَّا رَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ قَالَ: وَالله لَقَدْ رَأَيْتُ اليَوْمَ أَمْرًا مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَرَاهُ: إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ. اللهمَّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ. أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]

(1) أي: الترمذي في "السنن"(3/ 164).

(2)

(1/ 296 رقم 27)، وهو موقوف ضعيف.

(3)

في "السنن" رقم (2413)، وهو حديث ضعيف.

ص: 326

حديث (منصور الكلبي) لم يذكر ابن الأثير (1) من أحواله شيئاً إلَاّ أنَّه روى عن دحية ومنصور تابعي، قال في "التقريب" (2): منصور بن سعيد أو ابن زيد الكلبي المصري مستور. انتهى.

قوله: "أنَّ دحية (3) " هو بكسر الدال المهملة وفتحها ابن خليفة، بفتح الخاء المعجمة فلامٌ، فمثناة تحتية، ففاء صحابي معروف.

قوله: "خرج من دمشق إلى قرية مقدار ثلاثة أميال". أي: بينهما وبين دمشق، ولفظ أبي داود (4):"إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال في رمضان [61 ب] فأفطروا وأفطر معه ناس كثير". كأنَّه كان رأيه الإفطار في هذه المسافة.

قوله: "فقال: والله لقد رأيت". لفظ أبي داود (5): "فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمراً ما كنت أظن أني أراه، إنَّ قوماً رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يقول ذلك للذين قد صاموا ثم قال: اللهمَّ اقبضني إليك". وهكذا لفظه في "الجامع"(6) لابن الأثير، فيه إخباره بأنَّ هديه صلى الله عليه وسلم وأصحابه الإفطار عند بلوغ هذه المسافة، والمسألة ذات خلاف بلغ أربعة عشر قولاً قد بيناه في شرحنا "سبل السلام (7) على بلوغ المرام".

قوله: "أخرجه أبو داود".

(1) في "تتمة جامع الأصول"(2/ 916 - قسم التراجم).

(2)

(2/ 276 رقم 1382).

(3)

انظر: "التقريب"(1/ 235 رقم 51).

(4)

في "السنن"(2413).

(5)

في "السنن"(2413).

(6)

(6/ 412 رقم 4600).

(7)

(4/ 115 - 116) بتحقيقي.

ص: 327

قلت: قال الحافظ المنذري (1): قال الخطابي (2): ليس إسناده بالقوي، في إسناده رجل ليس بالمشهور، وهو بشير بن منصور الكلبي، فإنَّ رجال الإسناد كلهم ثقات، محتج بهم في الصحيح، سواه وهو مصري، روى عنه أبو الخير اليزني، ولم أجد من رواه سواه، فيكون مجهولاً، ثم قال: والذي رويناه عن دحية الكلبي فكأنَّه ذهب إلى ظاهر الآية في الرخصة في السفر.

وأراد بقوله: "رغبوا عن [هدي] (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وآله وسلم. وأصحابه" في قبول الرخصة، لا في تقدير السفر الذي أفطر فيه. انتهى.

الثاني عشر:

12 -

وعن عبيد بن [جبر](4) قال: كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه فِي سَفِينَةٍ مِنَ الفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَدَفَعَ فَقُرَّبَ غداؤه فَقَالَ: اقْتَرِبْ. قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى البُيُوتَ؟ قَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ. أخرجه أبو داود (5). [صحيح لغيره]

حديث (عبيد بن جبر). هو أبو جبير عبيد بن جبر (6) بن عبد الله القبطي المصري

وهو مصغر عبد، وجبر - بفتح الجيم وسكون الموحدة (7).

(1) في "مختصر السنن"(3/ 293).

(2)

في "معالم السنن"(2/ 801).

(3)

في "المخطوط"(أ. ب)"سنة" وما أثبتناه من معالم السنن".

(4)

في (أ. ب) جبير، وما أثبتناه من مصدري الحديث وهو الصواب.

(5)

في "السنن" رقم (2412). وأخرجه أحمد (6/ 398) بسند ضعيف. وهو حديث صحيح لغيره.

(6)

انظر: "التقريب"(1/ 542 رقم 1537).

(7)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 694 - 695 - قسم التراجم).

ص: 328

قوله: "أبي بصرة" بفتح الموحدة، فصاد مهملة ساكنة، فراء، اسم أبي بصرة (1) حُميل [- بضم الحاء المهملة، وفتح الميم وسكون المثناة التحتية](2) بن بصرة الغفاري - بكسر الغين المعجمة ففاء بعد ألفه راء - نسبة إلى غفار قبيلة من العرب.

قوله: "فقُرِّب غداؤه" أي: بعد خروجه من وطنه، وهو قريب منه، ولذا قال:"قلت: ألست ترى البيوت؟ ". أي: بيوت القرية التي خرج منها.

قوله: "فقال: أترغب عن سنة رسول الله فأكل وأكلت معه".

فيه دليل على أنه إذا فارق منزله، وخرج مسافراً أنَّه يباح له الإفطار، وما هو بأعجب من حديث أنس بن مالك، وأكله (3) في منزله وقال: هو [62 ب] السنة.

واعلم أنَّ لفظه في "سنن أبي داود"(4): "أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر؟ ".

قال جعفر في حديث "فأكل": هذا لفظه يريد بجعفر بن مسافر الذي روى الحديث عنه عبيد بن جبر.

(1) ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(1/ 226 - قسم التراجم).

وانظر: "التقريب"(2/ 395 رقم 22).

(2)

كذا في (أ. ب) والذي في "تتمة جامع الأصول": حميد بن بصرة الغفاري، حميد بضم الحاء المهملة وفتح الميم وسكون الياء تحتها نقطتان.

والذي في "التقريب": جميل بن بصرة.

قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(ص 782 - 783): أبو بصرة الغفاري: اختلف في اسمه، فقيل جميل بن بصرة، وقيل: حميل، وكل ذلك مضبوط محفوظ عنهم، وأصح ذلك جميل وهو جميل بن بصرة بن وقاص بن حبيب بن غفار، روى عنه أبو هريرة.

(3)

انظر: "المغني"(4/ 346)، "المدونة"(1/ 202).

(4)

في "السنن" رقم (2412) وهو حديث صحيح لغيره.

ص: 329

وهكذا ساقه ابن الأثير في "الجامع"(1)؛ إلَاّ أنَّه حذف لفظة: "في السفر".

ثم قال: قال جعفر في حديثه: "فأكل" فقد اتفق أبو داود وابن الأثير على لفظة: "أكل" دون "وأكلت" فكأنَّه سبق قلم من المصنف.

قوله: "أخرجه أبو داود".

الثالث عشر:

13 -

وعن سلمة بن المحبق رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ في السَّفَرِ وَلَهُ حُمُولَةٌ تَأوِيِ بِهِ إِلَى شِبَعٍ فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

"الحُمُولَةُ"(3): بالضم: الأحمال، وبالفتح: الإبل يحمل عليها. أي: من كان صاحب أحمال.

حديث "سلمة بن المحبق (4) " بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة والقاف، وأصحاب الحديث يفتحون (5) الموحدة وفي "القاموس"(6) سلمة بن المحبق كمحدِّث صحابيٌّ.

قوله: "وله حمولة" يأتي تفسيرها.

(1)(6/ 413 رقم 4602).

(2)

في "السنن" رقم (2410، 2411)، وهو حديث ضعيف.

(3)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 436) الحمولة بالضم، الأحمال، يعني أن يكون صاحب أحمال يسافر بها، وأمّا الحمول بلا هاء، فهي: الإبل التي عليها الهوادج، كان فيها نساء أو لم يكن.

(4)

انظر: "التقريب"(1/ 318 رقم 382).

(5)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(1/ 446 - قسم التراجم).

(6)

"القاموس المحيط"(ص 1127).

ص: 330

قوله: "فليصم رمضان حيث أدركه". فيه دليل على وجوب (1) صوم رمضان على المسافر إذا كان معه ما يشبعه للأمر، إلَاّ أنَّه يحمل على الندب لتصريح الآية بجواز الإفطار، أو وجوبه.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال الحافظ المنذري (2): في إسناده عبد الصمد بن حبيب الأزدي العَوْذي البصري. قال يحيى بن معين (3): ليس به بأس، وقال أبو حاتم (4) الرازي: يكتب حديثه، وليس بالمتروك، وقال يحيى: من كبار الضعفاء.

قلت: كأَنَّ له فيه قولان، وقال البخاري (5): لين الحديث، وضعفه أحمد وقال البخاري - أيضاً - عبد الصمد بن حبيب منكر الحديث ذاهب الحديث، ولم يعد البخاري هذا الحديث شيئاً، وقال أبو جعفر العقيلي (6): هذا الخبر لا يتابع عليه ولا يعرف إلَاّ به، انتهى.

وقد فسر "المصنف" الحمولة، وفرق بينها (7) وبين الحمول.

(1) انظر: "المغني"(4/ 346 - 347).

(2)

في "مختصر السنن"(3/ 290).

(3)

ذكره الذهبي في "الميزان"(2/ 619 رقم 5070).

(4)

في "الجرح والتعديل"(6/ 51 رقم 271).

(5)

في "التاريح الكبير"(3/ 2/ 106 رقم 1853).

(6)

في "الضعفاء الكبير"(3/ 83 رقم 1052).

(7)

تقدم ذكره.

ص: 331