المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: في آداب المجلس - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٦

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في صلاة الليل

- ‌(الفصل الرابع): في صلاة الضحى

- ‌(الفصل الخامس): في قيام رمضان

- ‌ صلاة التراويح

- ‌(الفصل السادس): في صلاة العيدين

- ‌(اجتماع العيد والجمعة)

- ‌(الباب الثاني): في النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌(الفصل الأول): في الكسوف

- ‌(الفصل الثاني): في الاستسقاء

- ‌(الفصل الثالث): في صلاة الجنازة

- ‌(الفصل الرابع): في صلوات متفرقة

- ‌[صلاة الاستخارة]

- ‌(صلاة الحاجة)

- ‌صلاة التسبيح

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول: فى فضله وفضل شهر رمضان

- ‌الباب الثاني: في واجبات الصوم وسننه وأحكامه

- ‌فصل في أركان الصوم

- ‌النية

- ‌في نية صوم التطوع

- ‌الإمساك عن المفطرات

- ‌القبلة والمباشرة

- ‌المفطر ناسياً

- ‌زمان الصوم

- ‌عاشوراء

- ‌رجب

- ‌شعبان

- ‌ست من شوال

- ‌عشر ذي الحجة

- ‌أيام الأسبوع

- ‌أيام البيض

- ‌الأيام التي يحرم صومها

- ‌سنن الصوم

- ‌وقت الإفطار

- ‌تعجيل الفطر

- ‌الباب الثالث: في إباحة الفطر وأحكامه

- ‌موجب الإفطار

- ‌في الكفارة

- ‌كتاب الصبر

- ‌كتاب الصدق

- ‌كتاب الصدقة والنفقة

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌النفقة

- ‌الفصل الثاني: في الحث عليها

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الصدقة

- ‌كتاب صلة الرحم

- ‌كتاب الصحبة

- ‌الفصل الأول: فِي حَقِّ الرَّجُل عَلى الزَوْجَةِ

- ‌الفصل الثاني: في حق المرأة على الزوج

- ‌الفصل الثالث: في آداب الصحبة

- ‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

- ‌الفصل الخامس: في صفة الجليس

- ‌الفصل السادس: (في التحابِّ والتوادِّ)

- ‌الفصل السابع: في التعاضد والتناصر

- ‌الفصل الثامن: في الاستئذان

- ‌الفصل التاسع: (في السلام وجوابه)

- ‌الفصل العاشر: في المصافحة

- ‌الفصل الحادي عشر: في العطاس والتثاؤب

- ‌الفصل الثاني عشر: في عيادة المريض وفضلها

- ‌الفصل الثالث عشر: في الركوب والارتداف

- ‌الفصل الرابع عشر: في حفظ الجار

- ‌الفصل الخامس عشر: في الهجران والقطيعة

- ‌الفصل السادس عشر: في تتبع العورة وسترها

- ‌الفصل السابع عشر: في النظر إلى النساء

- ‌الفصل الثامن عشر: في أحاديث متفرقة

- ‌كتاب الصداق

- ‌الفصل الأول: في مقداره

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

الفصل: ‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

وابن الأثير (1) أتى بلفظه هذا، والمصنف زاد فيه:"يا أبا ذر لا يحقرن" وهو بلفظ: "لا يحقرن أحدكم" وحذف منه "فإن لم يجد" وحوّله إلى "ولو أن تلقى أخاك"، وقال:"طلق" وهو "طليق" وقال: "إذا طبخت مرقاً فأكثر ماءها".

ولفظ الترمذي (2) والجامع (3): "إذا اشتريت لحماً أو طبخت مرقاً فأكثر مرقته".

فلا أدري كيف يقع مثل هذا للمصنف؟!.

‌الفصل الرابع: في آداب المجلس

قوله: "الرابع" أي: الفصل الرابع من فصول آداب الصحبة.

الأول: حديث (أبي سعيد الخدري):

1 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ الله: مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ:"إِذَا أَبَيْتُمْ إِلَاّ المَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ". قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسولَ الله؟ قال: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ". أخرجه الشيخان (4) وأبو داود (5). [صحيح]

وزاد (6) في أخرى عن عمر: "وَتُغِيثُوا المَلْهُوفَ، وَتَهْدُوا الضَّالَّ". [حسن]

(1) في "الجامع"(6/ 531 رقم 4738).

(2)

في "السنن" رقم (1833) وهو حديث صحيح.

(3)

(6/ 531).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (2465، 6229)، ومسلم رقم (114، 2121).

(5)

في "السنن" رقم (4815).

وأخرجه أحمد (3/ 36، 47، 61)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (3338).

(6)

أي: أبو داود في "السنن" رقم (4817) وهو حديث حسن.

ص: 502

قوله: "إياكم والجلوس" بالمنصوب (1) محذر منه.

"في الطرقات" جمع طريق، وهو ممر الناس العامة أو الخاصة بأهل حافة.

"قالوا: يا رسول الله! ما لنا بد من مجالسنا" في "الفتح"(2) أنّ القائل بذلك أبو طلحة، وهو مبين في مسلم (3)، يقال: ما له بد من كذا، أي: ما له فراق منه.

"نتحدث" يحدث بعضنا بعضاً.

"فيها" بما فيه مصالح الدين والدنيا، وترويح النفوس في المحادثة بالمباح، فلما قولوا ذلك، دّلهم على الآداب المذكورة.

قال القاضي عياض (4): فيه دليل على أنهم فهموا من أمره لهم ليس للوجوب، وإنما هو للأولى، ولو فهموا أنه للوجوب لم يراجعوه هذه المراجعة، وقد يحتج به من يرى أنّ الأمر ليس للوجوب.

قال الحافظ (5): إن قلت: ويحتمل أن يكونوا رجوا وقوع النسخ تخفيفاً لما شَكَوا من الحاجة إلى ذلك، ويؤيده أنّ في مرسل يحيى بن يعمر "فظنّ القوم أنها عزيمة [121 ب] " انتهى.

قلت: هذا رجاء النسخ (6) قبل الإمكان.

(1) أي: بالنصب على التحذير.

(2)

"فتح الباري"(5/ 113).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(5/ 113).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 11).

(5)

في "الفتح"(11/ 11).

(6)

انظر: "البحر المحيط"(4/ 81)"شرح الكوكب المنير"(3/ 540 - 541)، "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (3/ 53).

ص: 503

قوله: "فإذا أبيتم إلاّ المجلس فأعطوا الطريق حقه".

قوله: "غض البصر" كما أمر الله به في قوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (1) وذلك لأنّ الطريق مظنة مرور النساء الشواب فيتعرضن للغيبة.

"وكف الأذى" عن المارين بأن لا يضيق عليهم الطريق، أو في باب منزل من يتأذى بالقعود عليه أو بتكشف عياله، أو ما يريد التستر به من حاله، قاله القاضي عياض (2)، قال: ويحتمل أن يريد كف الناس بعضهم عن بعض.

قوله: "وردّ السلام" على من سلم عليه من المارين.

قوله: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"؛ لأنّ القعود في الطريق مظنة الأمرين.

قوله: "أخرجه الشيخان وأبو داود".

قوله: "وزاد" أبو داود (3).

في رواية أخرى: "وتغيثوا الملهوف" وله شاهد في الصحيحين (4) من حديث أبي موسى بلفظ: "وتعين ذا الحاجة الملهوف"، وعند ابن حبان (5) من حديث أبي ذر:"وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث".

قوله: "وتهدوا الضال" أي: ترشدوه إلى السبيل، وروى الترمذي (6) من حديث أبي ذر مرفوعاً:"وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة".

(1) سورة النور الآية: 30.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 12).

(3)

في "السنن" رقم (4817). وهو حديث حسن.

(4)

البخاري في "صحيحه" رقم (1445)، ومسلم رقم (1008).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 12).

(6)

في "السنن" رقم (1956). =

ص: 504

وله (1) وللبخاري في "الأدب المفرد"(2) من حديث البراء مرفوعاً: "من منح منيحة أو أهدى زُقاقاً كان له عدل عتاق نسمة".

والمراد: من دل الذي لا يعرفه عليه إذاً.

ونقل الحافظ ابن حجر (3) ما وقع في ذلك من الزيادة في كتب الحديث، ونظمها بقوله:

جمعت آداب من رام الجلوس على الطر

يق من قول خير الخلق إنسانا

افش السلام وأحسن في الكلام وشمت

عاطساً وسلاماً ردَّ إحسانا

في الحمل عاون ومظلوماً أعن وأغث

لهفان واهد سبيلاً واهد حيرانا

بالعرف مُر وانه عن نكر وكف أذى

وغضّ طرفاً وأكثر ذكر مولانا

قال (4): فهذه أربعة عشر أدباً، وذكر (5) من أخرج ما ذكره.

الثاني: حديث (ابن عمر):

2 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْزُنُهُ".

= وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" رقم (991)، وأحمد (5/ 168)، وابن حبان رقم (474) وهو حديث صحيح.

(1)

أي: للترمذي في "السنن" رقم (1957).

(2)

رقم (683) وهو حديث صحيح.

ولفظ الترمذي في "السنن" رقم (1957): "من منح منيحة لبن أو وَرِق أو هدى زقاقاً كان له مثل عتق رقبة".

(3)

في "الفتح"(11/ 11).

(4)

الحافظ في "الفتح"(11/ 11 - 12).

(5)

أي: الحافظ في "الفتح"(11/ 11 - 12).

ص: 505

أخرجه الثلاثة (1) وأبو داود (2). [صحيح]

وأخرجه الخمسة (3) إلا النسائي عن ابن مسعود رضي الله عنه بمعناه. [صحيح]

قوله: "إذا كانوا" أي: أهل المجلس.

"ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث"[112 ب] وذكر علة النهي بقوله: "فإنّ ذلك يحزنه" لأنه يتوهم أنهما إنما طويا عنه الحديث؛ لأنه ليس بأهل للخطاب؛ ولأنه يجوز أنّ ذلك لأمر يعود عليه ضرره، قالوا: وكذا ثلاثة فأكثر بحضرة واحد وهو نهي تحريم عام في سفر، وحضر عند الجمهور (4).

ورخصّه بعض العلماء بالسفر؛ لأنه مظنة الخوف.

وادعى بعضهم أنه منسوخ، وإنما كان أول الإسلام، فلما فشى الإسلام سقط النهي، وكان المنافقون يفعلون ذلك بحضرة المسلمين فيحزنوهم.

وأمّا إذا كان أهل المجلس (5) أربعة فتناجى اثنان دون اثنين فلا يدخل تحت النهي.

(1) أخرجه البخاري رقم (6288)، ومسلم رقم (2183)، ومالك في "الموطأ"(2/ 988 - 989).

(2)

في "السنن" رقم (4852) وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه البخاري رقم (6290)، ومسلم رقم (2184)، وأبو داود رقم (4851)، وابن ماجه رقم (3775) و (3776)، والترمذي رقم (2825). وهو حديث صحيح.

(4)

انظر: "فتح الباري"(11/ 83).

(5)

أخرج البخاري في "صحيحه" رقم (6290) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس، أجل إنَّ ذلك يحزنه".

قال الحافظ في "الفتح"(11/ 83): قوله: "حتى يختلطوا بالناس" أي: يختلط الثلاثة بغيرهم، والغير أعم من أن يكون واحداً أو أكثر فطابقت الترجمة، عند البخاري: باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة، فلا بأس بالمسارة والمناجاة: ويؤخذ منه أنهم إذا كانوا أربعة لم يمتنع تناجي اثنين لإمكان أن يتناجى الاثنان الآخران، وقد ورد =

ص: 506

وعليه دلّ فعل ابن عمر، ففي "الموطأ" (1) عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وابن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه، وليس مع ابن عمر أحد غيري، فدعا ابن عمر رجلاً آخر حتى كنّا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأْخرَا شيئاً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثم ذكر الحديث.

قوله: "أخرجه الثلاثة" في "الجامع"(2) رمز للشيخين (3) والموطأ (4) وأبي داود (5).

قوله: "وأخرجه الخمسة عن ابن مسعود بمعناه" الذي في "الجامع"(6): الرمز على رواية ابن مسعود للبخاري (7) ومسلم (8) وأبي داود (9) والترمذي (10) فقط.

الثالث: حديث (أنس):

3 -

وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ، لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ.

= ذلك صريحاً فيما أخرجه المصنف في "الأدب المفرد"، وأبو داود وصححه ابن حبان من طريق أبي صالح، عن ابن عمر رفعه:"قلت: فإن كانوا أربعة؟ قال: لا يضره".

(1)

(2/ 988 رقم 13) وهو أثر صحيح.

(2)

(6/ 534 رقم 4744).

(3)

البخاري في "صحيحه" رقم (6288)، ومسلم رقم (2183).

(4)

في "الموطأ"(2/ 988 - 989).

(5)

في "السنن" رقم (4852). وهو حديث صحيح وقد تقدم.

(6)

(6/ 535 رقم 4745).

(7)

في "صحيحه" رقم (6280).

(8)

في "صحيحه" رقم (2184).

(9)

في "السنن" رقم (4851).

(10)

في "السنن" رقم (2825). وأخرجه ابن ماجه رقم (3775، 3776). وهو حديث صحيح.

ص: 507

أخرجه الترمذي (1). [صحيح]

قوله: "وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك".

عقد البخاري (2) باباً للقيام فقال: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيّدكم".

قال في "الفتح"(3): هذه الترجمة معقودة لحكم قيام القاعد للداخل، ولم يجزم فيها بحكم (4).

قال ابن بطال (5): في هذا الحديث - يعني حديث: "قوموا إلى سيدكم" - أمر الإمام الأعظم بإكرام الكبير من المسلمين، ومشروعية إكرام أهل الفضل في مجلس الإمام الأعظم، والقيام لغيره من أصحابه، وإلزامه الناس كافة بالقيام إلى الكبير منهم.

قال (6): وقد منع من ذلك قوم واحتجوا بحديث أبي أمامة (7): "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصا، فقمنا [123 ب] إليه فقال: "لا تقوموا كما [تقوم](8) الأعاجم بعضهم لبعض".

وأجاب عنه الطبري (9) بأنه حديث ضعيف (10) مضطرب السند، فيه من لا يعرف.

(1) في "السنن" رقم (2754). وهو حديث صحيح.

(2)

في "صحيحه"(11/ 49 الباب رقم 26 - مع الفتح).

(3)

(11/ 49).

(4)

وتمام العبارة كما في "الفتح": بحكم للاختلاف، بل اختصر على لفظ الخبر كعادته.

(5)

في "شرحه لصحيح البخاري"(9/ 43 - 44).

(6)

أي: ابن بطال في "شرحه لصحيح البخاري"(9/ 43).

(7)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (5230)، وابن ماجه رقم (3836). وهو حديث ضعيف.

(8)

كذا "المخطوط" و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال. والذي في "سنن أبي داود وابن ماجه" يعظم.

(9)

ذكره ابن بطال في "شرحه للبخاري"(9/ 43).

(10)

أي: حديث أبي أمامة، وهو كما قال: حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 508

واحتجوا أيضاً بحديث (1) عبد الله بن بريدة: "أن أباه دخل على معاوية فأخبره أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحبّ أن يتمثل له الرجال قياماً وجبت له النار".

وأجاب عنه الطبري (2) بأنّ الذي فيه نهي من يقام له عن السرور بذلك لا نهي من يقام له إكراماً (3).

وأجاب ابن قتيبة (4): بأنّ معناه: من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما يقام بين يدي ملوك الأعاجم، وليس المراد به نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلَّم عليه.

واعلم أنه نقل في "فتح الباري"(5) في هذه المسألة مقاولة بين النووي وابن الحاج، ولنذكر حاصلها:

[قال البيهقي (6): القيام على وجه البر والإكرام جائز لقيام الأنصار لسعد، وقيام طلحة لكعب، ولا ينبغي لمن يقام له أن يعتقد استحقاقه لذلك، حتى إنْ من ترك القيام له حنق

(1) أخرجه الحاكم من رواية حسين المعلم عن عبيد الله بن بريدة، عن معاوية، فذكره وفيه:"ما من رجل يكون على الناس فيقوم على رأسه الرجال يحب أن يكثر عنده الخصوم فيدخل الجنة". ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 50).

(2)

ذكره ابن بطال في "شرحه لصحيح البخاري"(9/ 43).

(3)

كذا العبارة في (أ. ب) وإليك نصها من "شرح صحيح البخاري" لابن بطال: وذلك أن هذا الخبر إنما ينبئ عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي يقال له بالسرور بما يفعل له من ذلك، لا عن نهيه القائم عن القيام.

(4)

ذكره ابن بطال في "شرحه لصحيح البخاري"(9/ 43 - 44).

(5)

(11/ 51 - 52).

(6)

في "السنن الكبرى"(8/ 167 - 168).

ص: 509

لذلك (1)] (2).

هذا واحتج النووي (3) بقيام طلحة لكعب بن مالك، وأجاب ابن الحاج (4): بأنّ طلحة (5) إنما قام لتهنئته ومصافحته، ولم ينقل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قام له ولا أمر به ولا فعله أحد ممن حضر، وإنما انفرد به طلحة لقوة المودة بينهما على ما جرت به العادة أنّ التهنئة ونحو ذلك تكون على قدر المودة.

قال: ولو حمل فعل طلحة على محل النزاع، يريد القيام للقادم، لزم أن يكون من حضر من المهاجرين قد ترك المندوب.

قلت: لا يخفى أنّ كعباً قادم والقيام له مندوب كما يأتي تسليم ابن الحاج له، وقد ترك القيام من حضره من المهاجرين، فالوجه أنه يجوز تركهم المندوب، فهذا من خاصيته، وهذا كله بعد الجزم بأنه صلى الله عليه وسلم، علم قيام طلحة وأقرّه.

(1) وتمام العبارة: حنق عليه أو عاتبه أو شكاه.

(2)

ما بين الحاصرتين ليست من المقاولة التي ذكرها الحافظ في "الفتح" وليست هي من بدايتها كما يتوهم القارئ.

(3)

في "شرحه لصحيح مسلم"(17/ 96)، وكتاب "الترخيص في الإكرام بالقيام"(ص 29 - 34).

(4)

في "كتاب المدخل" له.

(5)

يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في "صحيحه"(11/ 54) الباب رقم 27 - مع الفتح) وقال ابن مسعود: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفِّي بين كفيه، وقال كعب بن مالك: دخلت المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرولُ حتى صافحني وهنأني.

(وقول كعب): هو طرف من قصة كعب بن مالك الطويل في غزوة تبوك في قصة توبته، أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (4418)، ومسلم رقم (2769)، وأبو داود رقم (2202)، والترمذي رقم (3101)، والنسائي (6/ 152)، وأحمد (3/ 459، 460) من حديث كعب بن مالك.

ص: 510

واحتج من أجاز القيام بحديث: "قوموا إلى سيدكم"، قال مسلم (1): لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثاً أصح من هذا.

واعترض عليه ابن الحاج بأنّ القيام لسعد ليس من محل النزاع، وهو القيام [124 ب] للبر والإكرام، قال: وإنما أمرهم بذلك لينزلوه عن دابته لما كان فيه من المرض.

قال: وعلى تقدير تسليم أنّ القيام كان لما ذكر من البر والإكرام، فديس من محل النزاع، بل لأنه غائب قدم، والقيام للغائب إذا قدم مشروع (2).

واحتج النووي بما أخرجه النسائي (3) من حديث عائشة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى فاطمة ابنته قد أقبلت فأرحب لها ثم قام إليها فقبلها، ثم أخذ بيدها حتى يجلسها في مكانه".

وأخرجه أبو داود (4) والحاكم (5) وصحّحه.

وأجاب عنه ابن الحاج باحتمال أن يكون القيام لها لأجل يجلسها في مكانه إكراماً لها، لا على وجه القيام المتنازع فيه.

قال: ولا سيما ما عرف من ضيق بيوتهم، وقلة الفرش فيها، فكان إرادته إجلاسها في موضعه مستلزماً لقيامه.

قلت: لا يخفى أنّ هذا خلاف ظاهر السياق، فإنها قالت عائشة:"ثم قام إليها" ولم تسق الكلام إلاّ لبيان الإكرام بالقيام، لا أن القيام غير مراد، وإنما هو مستلزم فإنه خلاف السياق.

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 51).

(2)

انظر: "فتح الباري"(11/ 51).

(3)

في "السنن الكبرى" رقم (8311، 9192، 9193).

(4)

في "السنن" رقم (5217).

(5)

في "المستدرك"(3/ 159). وهو حديث صحيح.

ص: 511

واحتج النووي بما أخرجه أبو داود (1): "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً يوماً، فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه، فجلس عليه، ثم جاءت أمه فوضع لها شق ثوبه من الجانب الآخر، فجاء أخوه من الرضاعة فقام فأجلسه بين يديه".

واعترضه ابن الحاج بأنّ هذا القيام لو كان من محل النزاع لكان الوالدان أولى به من الأخ، وإنما قام للأخ إمّا ليوسع له في الرداء، أو في المجلس.

قلت: لا كرامة أنَّ الظاهر مع ابن الحاج، ولكن في غيره من الأدلة غنية عنه.

واحتج النووي (2) بحديث قيامه صلى الله عليه وسلم لجعفر بن أبي طالب لما قدم من الحبشة، وبقيامه صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة إلى المدينة.

وأجاب ابن الحاج بأنهما في غير منازع، إذ قد سلف له أنّ القيام للقادم مشروع، وساق أدلة، وردّها ابن الحاج.

قال النووي (3): وحديث أنس - يريد الذي نحن في شرحه - أقرب ما يحتج به.

قال: والجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أنه خاف عليهم الفتنة إذا أفرطوا في تعظيمه [125 ب] فكره قيامهم له لهذا المعنى كما قال: "لا تطروني"(4) ولا يكره قيام بعضهم لبعض، فإنه قد قام لبعضهم وقاموا لغيره بحضرته، فلم ينكر عليهم، بل أقرهم وأمر به.

(1) في "السنن" رقم (5145) وهو حديث ضعيف.

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(7/ 96)، وكتاب "الترخيص"(ص 28 - 29).

(3)

في كتاب "الترخيص في الإكرام بالقيام"(ص 29 - 32).

(4)

أخرجه البخاري رقم (2462)، (3445)، (4021)، (6829)، (6830)، (7323)، ومسلم رقم (1691)، وأبو داود رقم (4418)، وابن ماجه رقم (2553)، والترمذي في "الشمائل" رقم (323)، وأحمد في "المسند"(1/ 23، 56)، والنسائي في "الكبرى" رقم (7156، 7159، 7160)، وابن حبان رقم (414) =

ص: 512

ثانيهما: أنه كان بينه وبين أصحابه من كمال الأنس وكمال الود والصفاء ما لا يحتمل زيادة بالإكرام بالقيام، فلم يكن في القيام مقصود، وإن فرض للإنسان صاحب بهذه المثابة لم يحتج إلى القيام.

واعترضه ابن الحاج بما فيه طول إلاّ أنه اعتراض ناهض.

ثم ذكر ابن الحاج من المناسبة التي تترتب على استعمال القيام أنّ الشخص لا يتمكن فيه من التفصيل بين من [يحل](1) إكرامه، وبره كأهل الدين والخير والعلم؟ أو يجوز كالمستورين، وبين من لا يجوز كالظالم المعلن بالظلم، أو يكره كمن لا يتصف بالعدالة وله جاه؟

فلولا اعتقاد القيام ما احتاج أحد أن يقوم لمن يحرم إكرامه أو يكره، بل جرّ ذلك إلى ارتكاب النهي لما صار يترتب على الترك من الشر.

وفي الجملة: متى صار ترك القيام يشعر بالاستهانة أو يترتب عليه مفسدة، امتنع وإلى ذلك أشار ابن عبد السلام (2).

ونقل ابن كثير في تفسيره (3) عن بعض المحققين التفصيل فقال: المحذور أن يتخذ ديدناً كعادة الأعاجم كما دلّ عليه حديث أنس، وأمّا إذا كان لقادمٍ من سفر أو لحاكم في محل ولايته فلا بأس.

= عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أُطري عيسى ابن مريم عليه السلام، فإنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله".

(1)

كذا في (أ. ب) والذي في "الفتح" يستحب.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 54).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(11/ 54).

ص: 513

وقال الغزالي (1): القيام على سبيل الإعظام مكروه، وعلى سبيل الإكرام لا يكره.

قال الحافظ ابن حجر (2): وهذا تفصيل حسن. انتهى.

كله مستفاد من "فتح الباري"(3).

قوله: "أخرجه الترمذي" وقال (4): حسن غريب.

الرابع: حديث (أبي أمامة).

4 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا فَقُمْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ:"لَا تَقُومُوا كَما تَقُومُ الأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا". أخرجه أبو داود (5). [ضعيف]

قوله: "فقمنا إليه فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم تعظِّم بعضها بعضاً".

فهو نهي عن القيام للتعظيم لا للبر والإكرام.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: تقدم قريباً أنه ضعيف؛ لأنّ في سنده أبو العَنْبَسِ (6)، مجهول، وأبو غالب (7) مختلف فيه.

(1) في "الإحياء"(1/ 205).

(2)

في "فتح الباري"(11/ 54).

(3)

(11/ 49 - 54).

(4)

في "السنن"(5/ 90).

(5)

في "السنن" رقم (5230) وهو حديث ضعيف.

(6)

أبو العنبس: هو عبد الله بن صهبان الأسدي الكوفي لين الحديث.

انظر: "التقريب"(1/ 424 رقم 389).

(7)

يقال نافع، ويقال: سعيد بن الحزور، قال يحيى بن معين: صالح الحديث، وقال مرة، ليس به بأس، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، إلا فيما يوافق الثقات. وقال النسائي: ضعيف. =

ص: 514

الخامس:

5 -

وعن أبي مِجْلَز قال: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَامِرٍ رضي الله عنهم. فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح]

حديث "أبي مجلز" بكسر الميم وسكون الجيم، آخره زاي، اسمه حميد بن لاحق (3).

قوله: "على ابن الزبير وابن صفوان [فقام ابن عامر] (4) " كأنه خرج من منزله الخاص إلى المنزل الذي يجتمع فيه بالناس.

قوله: "فقال: [اجلس] (5) فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب أن يثمثل". هذا لفظ الترمذي (6) ولفظ أبي داود (7): "يمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار" هذا لفظ أبي داود.

= انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 570)، "ميزان الاعتدال"(1/ 476 رقسم 1799)، "المجروحين"(1/ 267)، "الضعفاء والمتروكين"(ص 262 رقم 696).

(1)

في "السنن" رقم (5229).

(2)

في "السنن" رقم (2756) وقال: هذا حديث حسن. وهو حديث صحيح.

(3)

بل هو لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري، أبو مجلز، ثقة، من كبار الثالثة، مات سنة ست وقيل: تسع ومائة. "التقريب"(2/ 240 رقم 1).

(4)

في (ب) فقاما.

(5)

في (ب) اجلسا.

(6)

في "السنن" رقم (2756)، وفيه:(خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه، فقال: اجلسا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار").

(7)

في "السنن" رقم (5229).

ص: 515

ولفظ الترمذي (1)[126 ب]: "أنه خرج على عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه فقال: اجلسا

" الحديث، إلَاّ أنه قال: "الرِّجال" عوض "الناس" وقال: "يتمثل".

واعلم أنّ للحديث طرقاً أخرى أخرجها البخاري في كتاب "الأدب المفرد"(2) عن أبي مجلز، وأخرجها أبو داود والترمذي، ولفظ أبي مجلز:"خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " وذكر الحديث.

وأمّا الترمذي (3) فأخرجه من رواية سفيان الثوري عن حبيب ولفظه: "خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه فقال: اجلسا .. " ثم ذكر الحديث.

فاختلفت الروايتان.

قال الحافظ ابن حجر (4) في ترجيح رواية غير سفيان الثوري: أنّ سفيان وإن كان من جبال الحفظ إلاّ أنّ العدد الكثير وفيهم مثل شعبة أولى، بكون روايتهم محفوظة من الواحد، وقد اتفقوا على أنّ ابن الزبير لم يقم، وأمَّا إبدال ابن عامر بابن صفوان فسهل لاحتمال الجمع بأن يكونا معاً وقع لهما ذلك.

قال الخطابي (5): معنى الحديث: من أحبّ أن يقام له بأن يلزمهم بالقيام له صفوفاً على طريق الكبر والنخوة.

(1) تقدم نصه.

(2)

رقم (748).

(3)

تقدم نصه وتخريجه.

(4)

في "الفتح"(11/ 50).

(5)

في "معالم السنن"(5/ 390).

ص: 516

ورجّح المنذري (1) الجمع بما جمع به البخاري ابن قتيبة من أنّ القيام المنهي عنه أن يقام له وهو جالس.

قال: وقد ردّ ابن القيم في "حاشية السنن"(2) هذا القول، بأنّ سياق حديث معاوية يدل على خلاف ذلك، وإنما كره القيام له لما خرج تعظيماً له، ولأنّ هذا لا يقال له القيام للرجل، وإنما هو القيام على رأس الرجل وعند الرجل.

قال: والقيام ينقسم إلى ثلاث مراتب:

قيام على رأس الرجل وهو فعل الجبابرة.

وقيام إليه عند قدومه ولا بأس به.

وقيام له عند رؤيته وهو المتنازع فيه. انتهى.

قلت: قوله: "عند قدومه" محتمل لقدومه من محل بعيد، أو خروجه من منزله الخاص إلى المحل الذي أعده لمن يصل إليه، فقصة معاوية دلت أنه فهم أن الحديث الذي رواه يشمل القيام لمن خرج من منزله الخاص؛ لأنه لا يقال: أنه قادم بل خارج من منزله.

وحديث قيامه صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها لأنها قادمة من منزلها.

قال الحافظ ابن حجر (3): وورد في خصوص [127 ب] القيام على رأس الكبير الجالس ما أخرجه الطبراني في "الأوسط"(4) عن أنس: "إنما هلك من كان قبلكم بأنهم عظموا ملوكهم بأن قاموا وهم قعود".

(1) انظر: "مختصر السنن"(8/ 82 - 83).

(2)

(8/ 85 - مختصر السنن).

(3)

في "الفتح"(11/ 50).

(4)

رقم (6680). =

ص: 517

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".

قلت: قد بينا لك ما في لفظيهما من الاختلاف كما عرفت، ثم لا يخفى أنّ حديث معاوية فيمن أحبّ قيام الناس، لا فيمن قام، وكأنه استدل به أنّ القيام ذريعة إلى محبة ذلك.

السادس: حديث (ابن عمر رضي الله عنه).

6 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ رَجُلًا مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلكِنَّ تَوَسَّعُوا وَتَفسَّحُوا يَفْتَحِ الله لَكُمْ". وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا قَامَ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ. أخرجه الخمسة (1) إلا النسائي. [صحيح]

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقيمن أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه". فيه نهي عن أن يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ليجلس فيه، وهو عام لكل أحد، ولكل مجلس في أي محل في منزل أو سوق أو مسجد، بل إذا ضاق المحل الذي يريد القعود فيه، قال للجالسين: تفسحوا، كما أمر الله، فأما لو قام له القاعد وآثره بمجلسه فلا يدخل تحت الحديث، لكن رواية ابن عمر كما ذكر.

= وأخرج مسلم في "صحيحه" رقم (413) من حديث جابر وفيه: "إن كنتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهو قعود".

(1)

أخرجه البخاري رقم (911، 6269)، (6270)، ومسلم رقم (27، 28/ 2177)، وأبو داود رقم (4828)، والترمذي رقم (2750، 2751).

وأخرجه الحميدي رقم (664)، وابن أبي شيبة (8/ 584)، والدارمي (2/ 281)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (1140) و (1153)، وابن خزيمة رقم (1822)، وابن حبان رقم (586)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 232)، وفي "المعرفة" رقم (6618)، وفي "الآداب" رقم (303)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (3332).

وهو حديث صحيح.

ص: 518

"وكان إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه". كما ساقه المصنف في حديث ابن عمر.

وذكر ابن الأثير (1): أنَّ في رواية لأبي داود (2): "أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له رجل آخر من مجلسه، فذهب ليجلس فيه، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وكذا رواه أبو داود (3) عن أبي بكرة:"أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك".

قوله: "أخرجه [الستة] (4) إلاّ النسائي".

السابع:

7 -

وعن وهب بن حذيفة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ لحِاجَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ. أخرجه الترمذي (5) وصححه. [صحيح]

حديث (وهب بن حذيفة)(6) ويقال: حذافة الغفاري، ويقال: المزني، صحابي من أهل الصفة، عاش إلى خلافة معاوية، قاله الكاشغري.

قوله: "إذا خرج الرجل لحاجته" أي: حاجة.

(1) في "الجامع"(6/ 537).

(2)

في "السنن" رقم (4828) وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن" رقم (4827) وهو حديث ضعيف.

(4)

كذا في (ب) والذي تقدم: الخمسة وهو الصواب.

(5)

رقم (2751)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وأخرجه أحمد (3/ 422)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (1595)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (1278)، والطبراني في "الكبير"(ج 22 رقم 359) من طرق.

وهو حديث صحيح.

(6)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول" (2/ 967 - قسم التراجم".

وقال ابن حجر في "التقريب"(2/ 338 رقم 110)، وهب بن حذيفة، ويقال: حذافة الغفاري، صحابي من أهل الصفة، عاش إلى خلافة معاوية.

ص: 519

"ثم عاد فهو أحق بمجلسه" الذي خرج منه، سواء كان في مسجد أو سوق أو منزل، فقد ثبت له الحق بقعوده فيه أولاً.

قوله: "أخرجه الترمذي وصححه".

الثامن: حديث (جابر بن سمرة).

8 -

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كُنَّا إِنَّا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي. أخرجه أبو داود (1). [حسن]

قوله: "جلس أحدنا حيث ينتهي" أي: حيث يجد موقفاً يقف فيه من دون تخطيه لأحد أو إخراجه من موقفه.

قوله: "أخرجه أبو داود".

التاسع: حديث (عمرو بن شعيب).

9 -

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلا بِإِذْنِهِمَا". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3)، وعنده:"أَنْ يُفَرِّقَ بينَ اثنينِ". [حسن]

قوله: "لا يحل لرجل أن يجلس بين اثنن إلاّ بإذنهما"[128 ب] هذا لفظ "لا يحل" للترمذي (4)، ولفظ أبي داود (5):"لا يجلس بين اثنين إلاّ بإذنهما" كما في "الجامع"(6)، وذلك لأنه

(1) في "السنن" رقم (4825). وأخرجه الترمذي رقم (2753)، وهو حديث حسن.

(2)

في "السنن" رقم (4843) و (4844)

(3)

في "السنن" رقم (2752). وهو حديث حسن.

(4)

في "السنن" رقم (2752) ولأبي داود رقم (4844). وهو حديث حسن.

(5)

في "السنن" رقم (4843) وهو حديث حسن.

(6)

(6/ 539).

ص: 520

قد استحق كل واحد منهما موقفه، فالقاعد بينهما يزحزح كل واحد من بعض موقفه، ولا يحل له إلاّ أن يأذنا له جاز، ولو أذن أحدهما دون الآخر لم يحل له إذ لا بد من استغراقه بعض موقف الآخر.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".

"وعنده" أي: الترمذي "أن يفرق بين اثنين" لفظ ابن الأثير (1): وأخرج الترمذي الثانية وهي قوله: "لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلاّ بإذنهما"، وقدمنا لفظ الترمذي بلفظ:"لا يحل"، وليس من لفظ أبي داود كما قاله المصنف، ثم رأيت في لفظ لأبي داود (2):"لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما".

العاشر: حديث (أبي سعيد الخدري).

10 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ المَجَالِسِ أَوْسَعُهَا". أخرجه أبو داود (3). [صحيح]

قوله: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير المجالس أوسعها"؛ لأنَّ المجلس الضيق كاسمه يؤثر الضيق، ويحتمل أنّ المراد به: ما يفقد فيه الإنسان المجلس المعد للجلوس، وهذا الأوضح.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي [الموالي](4)، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبي سعيد.

(1) في "الجامع"(6/ 539).

(2)

في "السنن" رقم (4844) وهو حديث حسن.

(3)

في "السنن" رقم (4820) وهو حديث صحيح.

(4)

كذا في المخطوط (أ. ب) وفي "التقريب" والذي في "سنن أبي داود": (الموال).

ص: 521

ثم قال بعد إخراجه: قال أبو داود (1): هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري. انتهى.

قال الكاشغري: عبد الرحمن بن أبي عمرة بفتح العين آخره هاء، مختلف فيه. انتهى.

وفي "التقريب"(2): يقال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن أبي حاتم (3): ليس له صحبة. قلت: لا يضر ذلك؛ لأنه رواه عن أبي سعيد.

الحادي عشر:

11 -

وعن أبِي مِجْلز: أَنَّ رَجُلاً قَعَدَ وَسْطَ الحَلْقَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ بنُ اليمانِ رضي الله عنه: مَلْعُونٌ عَلَى لِسَان مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَنْ جَلَسَ وَسْطَ حَلْقَة. أخرجه أبو داود (4) والترمذي (5). [ضعيف]

حديث: (أبي مجلز) تقدم ضبطه وأنّ اسمه لاحق بن حميد.

"أنّ رجلاً جلس" لفظ "الجامع"(6): "قعد".

"وسط الحلقة" هي بسكون اللام في الأشهر، وهي كل مستدير خالي الوسط.

"ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم" لفظ "الجامع": "أو لعن الله على لسان محمد" كذا رواه مالك والمصنف جزم بأحد اللفظين.

"من جلس وسط الحلقة" ووجه اللعن أنّ القاعد كذلك يؤذي من حول الحلقة بالاستدبار لبعض.

(1) في "السنن"(5/ 162).

(2)

(1/ 493 رقم 1066).

(3)

ذكره ابن حجر في "التقريب"(1/ 493).

(4)

في "السنن" رقم (4826).

(5)

في "السنن" رقم (2753). وهو حديث ضعيف.

(6)

(6/ 540).

ص: 522

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: في "الجامع"(1): "أخرجه الترمذي" وفي رواية [129 ب]"أبي داود مختصراً: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة". انتهى. وبه تعرف رواية المصنف.

قال الترمذي (2) بعد إخراجه: حسن صحيح.

الثاني عشر: حديث (جابر بن سمرة).

12 -

وعن جابر بن سُمرة رضي الله عنه قال: دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ فَرَآهُمْ حِلَقَا. فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ". أخرجه مسلم (3) وأبو داود (4). [صحيح]

"قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرآهم حلقاً" لفظ "الجامع"(5): "وهم حلق"، وهو لفظ أبي داود، وهو بفتح الحاء واللام جمع حلقة بسكونها.

"فقال: ما لي أراكم عزين" بكسر العين المهملة فزاي فمثناة تحتية فنون، في "القاموس" (6): العِزة كِعدة، العصبة من الناس، جمعه عزون، وقد بيّن في النحو وجه جمعه جمع السلامة (7) مع عدم كمال شروطه فيه، ووجه كراهته صلى الله عليه وسلم لتفرقهم حلقاً لأنَّ التفرق بالأبدان

(1)(6/ 539 - 540).

(2)

في "السنن"(5/ 90).

(3)

في "صحيحه" رقم (430).

(4)

في "السنن" رقم (4823). وهو حديث صحيح.

(5)

(6/ 540 رقم 4757).

(6)

"القاموس المحيط"(ص 1690).

قال الراغب في "مفرداته"(ص 565) عزين: جماعات في تفرقةٍ واحدتها عزة، وأصله من: عزوته فاعتزى: أي: نسبته فانتسب، فكأنهم الجماعة المنتسب بعضهم إلى بعض إما في الولادة، أو في المصاهرة.

(7)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 203): وفيه: "مالي أراكم عزين" جمع عزة، وهي الحلقة المجتمعة من الناس، وأصلها عِزوة، فحذفت الواو وجمعت جمع السلامة على غير قياس، كِثُبين وبُرِين. في جمعِ ثُبّه وبُرَة.

ص: 523

لأن التفرق قد ينشأ عنه التفرق بالقلوب والاختلاف، والمراد لله سبحانه، وله صلى الله عليه وسلم اتفاق قلوب المؤمنين والائتلاف.

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود" زاد أبو داود (1): حدثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فُضيلٍ، عن الأعمش بهذا: قال: كأنّهُ يُحب الجماعة.

الثالث عشر:

13 -

وعن عمرو بن الشريد عن أبيه رضي الله عنه قال: مَرَّ بِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وأَنَا جَالِسٌ، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي، وَاتَّكَأْتُ عَلَى اليَةِ يَدِي فَقَالَ:"أَتَقْعُدُ قِعْدةَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟ ". أخرجه أبو داود (2). [بإسناد رجاله ثقات]

حديث "عمرو بن الشريد عن أبيه" صحابي معروف كان اسمه (3) مالكاً، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم الشريد؛ لأنه قتل قتيلاً من قومه ولحق بمكة فأسلم. قاله ابن الأثير (4).

"قال: مرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جالس وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأتُ على إليتها" أي: اللحمة التي في أصل الإبهام، ولفظ أبي داود:"اليَةِ يدي"، وهو لفظ "الجامع"(5).

(1) في "السنن" رقم (4824) وهو أثر صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (4848) بإسناد رجاله ثقات.

(3)

انظر: "التقريب"(1/ 350 رقم 60) حيث قال: الشريد: الثقفي، صحابي، شهد بيعة الرضوان، قيل: كان اسمه مالكاً.

(4)

في "تتمة جامع الأصول" (2/ 722 - قسم التراجم" حيث قال: عمرو بن الشريد: هو عمرو بن الشريد ابن سويد الثقفي، تابعي، عداده في أهل الطائف، سمع ابن عباس، وأباه، وأبا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وانظر: "التقريب"(2/ 72 رقم 706).

(5)

(6/ 541 رقم 4760).

ص: 524

"فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟ " المراد بهم: اليهود، فكراهيته صلى الله عليه وسلم للتشبه بهم.

قوله: "أخرجه أبو داود".

الرابع عشر: (حديث أبي الدرداء):

14 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا جَلَسَ جَلَسْنَا حَوْلَهُ، وَكَانَ إِذَا قَامَ وَأَرَادَ لَنَا الرُّجُوعَ نَزَعَ نَعْلَيْهِ أَوْ بَعْضَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَيَعْرِفُ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ فَيَثْبُتُونَ. أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلسنا حوله من عن يمينه ويساره، وكان إذا قام وأراد الرجوع إلى مجلسه نزع نعليه أو بعض ما كان عليه" فيترك ذلك عندهم.

"فيعرف ذلك" أي: إرادته الرجوع.

"فيثبتون" في مجلسهم [130 ب] حتى يرجع، وفيه أنه ينبغي لمن عنده قوم قعود وقام من بينهم لحاجة أن ينبههم على رجوعه لينتظروه.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال المنذري (2): فيه تمام بن نجيح الأسدي (3). انتهى.

(1) في "السنن" رقم (4854)، وهو حديث ضعيف.

(2)

في "مختصره"(7/ 300).

(3)

ثم قال المنذري في "مختصره": قال يحيى بن معين: ثقة، وقال ابن عدي: غير ثقة، وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه، وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث ذاهب.

وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً، يروي أشياء موضوعة عن الثقات، كأنه المتعمِّد لها، وانتقد عليه أحاديث هذا من جملتها.

انظر: "الميزان"(1/ 359 رقم 1341)، "الجرح والتعديل"(2/ 445 رقم 1788).

ص: 525

وفي "التقريب"(1): تمام بن نجيح، ونسخة ابن يحيى الأسدي الدمشقي نزيل حلب، ضعيف.

الخامس عشر: حديث (أبي هريرة):

15 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كانَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ".

وفي رواية: "فِي الفَيْءِ فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ فَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ، وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ". أخرجه أبو داود (2). [حسن]

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم في الشمس"، وفي رواية:"في الفيء" لفظ "الجامع"(3): "إذا كان أحدكم في الفيء" وفي رواية: "في الشمس". ولفظ أبي داود (4): "إذا كان أحدكم في الشمس". وقال مخلد: "في الفيء".

"فقلص" بزنة قعد، بقاف آخره صاد مهملة، في "القاموس" (5): قلص عني الظل، انقبض. "عنه الظل فصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم" حتى يقعد في ظل خالص أو شمس كذلك.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: ترجم له (6): باب في الجلوس بين الظل والشمس، وساقه بسنده.

(1)(1/ 113 رقم 7).

(2)

في "السنن" رقم (4821) وهو حديث حسن.

(3)

(6/ 542 رقم 4763).

(4)

في "السنن" رقم (4821) وهو كما قال الشارح.

(5)

"القاموس المحيط"(ص 810).

(6)

أي: أبو داود في "السنن"(5/ 162 الباب رقم 15).

ص: 526

قال المنذري (1): فيه مجهول. انتهى، وذلك أنه قال أبو داود (2) - في سنده - عن محمد بن المنكدر. قال: حدثني من سمع أبا هريرة .. الحديث.

السادس عشر:

16 -

وعن قيس عن أبيه: أنَّهُ جَاءَ وَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَامَ فِي الشَّمْسِ، فَأَمَرَ بِهِ فَتَحَوَلَ إِلَى الظِّلِّ. أخرجه أبو داود (3). [صحيح]

حديث: (قيس عن أبيه) هكذا في "الجامع"(4)، وفي "سنن أبي داود" (5): عن أبيه عن جده أنه جاء .. الحديث، فالذي جاء (6) جد قيس لا أبوه كما يفيده ما في "الجامع" وهنا.

قوله: "فأمره فتحول إلى الظل" هذا ليس أنه كان بعضه في الظل وبعضه في الشمس، بل فيه أنه لا ينبغي له البقاء في الشمس.

وقوله: "فتحول" هكذا هنا بزنة تفعل، وأنه الذي تحول، لكن لفظ أبي داود (7) وابن الأثير (8):"فأمره فَحُوِّل" بزنة فعل مبني للمجهول، وأنّه حوله غيره.

قوله: "أخرجه أبو داود".

(1) في "مختصر السنن"(7/ 182).

(2)

في "السنن" رقم (4821) وهو حديث حسن.

(3)

في "السنن" رقم (4822) وهو حديث صحيح.

(4)

(6/ 542 رقم 4764).

(5)

في "السنن" رقم (4822) حيث قال: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثني قيس، عن أبيه، أنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

(6)

ليس الأمر كذلك، انظر:"التعليقة المتقدمة" وانظر: "جامع الأصول"(6/ 542 رقم 4764).

(7)

في "السنن" رقم (4822).

(8)

في "الجامع"(6/ 542 رقم 4764)، وهو كما قال الشارح.

ص: 527